لماذا يحب الأطفال الصغار التكرار؟

يفيد النمو ويصقل المهارات

لماذا يحب الأطفال الصغار التكرار؟
TT

لماذا يحب الأطفال الصغار التكرار؟

لماذا يحب الأطفال الصغار التكرار؟

يندهش معظم البالغين، من دون شك، من تكرار الأطفال الصغار لفعل الأشياء نفسها مرات عديدة بالمتعة ذاتها. ودائماً ما يكون السؤال المنطقي: لماذا يحب الأطفال تكرار الأمور نفسها من دون الشعور بالملل، مثل مشاهدة فيديو معين لعدة مرات، أو قراءة القصة المصورة نفسها، أو الضحك مراراً على تعبير الوجه الثابت نفسه، واللعب باللعبة المحببة له نفسها، وحتى تناول الطعام نفسه ورفض تجربة طعام آخر؟، ورغم أن هذا السلوك يمكن أن يكون محيراً للأمهات فإنه يُعد سلوكاً طبيعياً تماماً في المرحلة العمرية للأطفال الصغار toddlers، بل يصبح مفيداً للنمو أيضاً.

التكرار والتعلّم

أوضحت الدراسات المختلفة التي ناقشت هذه الظاهرة أن الأطفال يفضلون التكرار Repetition للعديد من الأسباب، أولها: لأنه مألوف لهم، وبالتالي يجعلهم يشعرون بالراحة لأن الإجراءات الروتينية اليومية تساعدهم على فهم معالم البيئة المحيطة بهم، والتأقلم على ردود الأفعال المختلفة، وهو الأمر الذي يجعلهم يشعرون بالأمان. وعلى سبيل المثال، فإن الطفل الذي يعرف أن وقت اللعب دائماً يكون بعد وجبة الإفطار يقبل على تناولها بشهية، لأنه في انتظار التمتع بوقت اللعب، بجانب أن كل مرة يتم فيها غناء الأغنية نفسها، أو نطق الكلمة نفسها يتم ذلك بطريقة جديدة.

التكرار جزء أساسي من عملية التعلم learning process في بداية الحياة. وهذا يشمل تكرار العبارات والأغاني والكلمات ذات النغم المعين rhymes، مثل قراءة الكتاب نفسه، ولعب الألعاب نفسها؛ ما يساعد الأطفال على تطوير خلايا المخ وخلق توصيلات عصبية جديدة neural circuits تساعدهم في اكتساب قدرات إدراكية جديدة.

وتبعاً للأبحاث، يصبح الأطفال أكثر عرضة لإضافة كلمات جديدة إلى مفرداتهم عندما يسمعونها في القصة نفسها عدة مرات؛ لأنه منذ الأسابيع الأخيرة للحمل، وحتى السنوات القليلة الأولى من حياة الطفل، يقوم المخ بإنتاج العديد من الروابط العصبية التي تربط الخلايا العصبية بعضها البعض. والخبرة التي تأتي من تكرار الفعل نفسه تعزز هذه الروابط.

يؤدي تكرار الفعل نفسه مهما كان بسيطاً إلى إتقانه وصقل المهارات اللازمة له. وعلى سبيل المثال، فإن الطفل الذي يستطيع صعود درجة واحدة فقط في السلم ويظل يكررها باستمرار يستطيع تجاوزها بعد ذلك بسهولة دون أن يتعرض للوقوع أو عدم الاتزان، فضلاً عن تقوية عضلات الساق لتكرار الصعود والهبوط.

في مرحلة ما قبل دخول المدرسة، يشبه الأطفال العلماء في الاعتماد على نتيجة التجربة حتى يحصلوا على نتيجة نهائية. وعلى سبيل المثال، حينما يقوم الطفل بإلقاء حبوب الطعام التي يتناولها أسفل المنضدة ويقوم حيوان أليف موجود في المنزل (كلب) بتناول هذه الحبوب من على الأرض، ثم في النهاية يقوم بإلقاء الملعقة نفسها فيبتعد عنها الكلب. وعند تكرار هذا الموقف مرة أخرى، يعرف الطفل مسبقاً أن الكلب لن يقوم بتناول الملعقة، وسوف يبتعد عنها، وهو الأمر الذي يجعل الطفل سعيداً، لأنه نجح في توقع أمر معين، وهو الأمر الذي يرفع من ثقته في نفسه.

مخاوف وخبرات جديدة

الأطفال في بداية حياتهم دائماً محاطون بالعديد من الأشياء الجديدة التي لا يفهمونها، ولم يسبق لهم رؤيتها من قبل، مما يجعلهم يشعرون بارتباك وخوف، سواء كانت هذه الأشياء أشخاصاً من الأقارب والمحيطين بالعائلة، سواء أكانوا صغاراً أو كباراً أم أماكن جديدة تشعرهم بالرهبة. وكذلك، فإنهم يتعرضون طوال الوقت لخبرات جديدة بما يفوق قدرتهم على الاستيعاب. ولذلك؛ يكون تكرار رد الفعل نفسه نوعاً من الدفاع النفسي للطفل، ومحاولة حمايته من التشتت الذهني، ويكون بمثابة الحفاظ على معلومات معينة حتى تستقر في الذاكرة.

يساعد الأطفال على تطوير خلايا المخ وخلق توصيلات عصبية جديدة

في أحد البرامج التلفزيونية الموجهة للأطفال الصغار، وجد فريق العمل المسؤول عن البرنامج أن أداء الأطفال كان أفضل عندما لعبوا العرض نفسه لمدة خمسة أيام متتالية؛ وذلك لأن التكرار ساعدهم على تفهم طبيعة أدوارهم أكثر رغم عدم إدراكهم الكامل لكل أبعاد العمل بالتأكيد. ولكن إعادة الأداء نفسه جعلتهم أفضل تماماً، كما يحدث للبالغين في حالة قراءة القصة نفسها مرة أخرى، حتى يستطيع الإلمام بجوانب أكثر.

يعد التكرار أيضاً من أهم الطرق التي يمكننا من خلالها تعلم مهارات أساسية معينة، مثل المهارات الحركية الدقيقة، وتكرار التصرف الحركي نفسه لعدد كبير جداً من المرات، وأيضاً اكتساب قدرات لغوية واسعة من خلال إجادة عدة كلمات عند تكرارها وتعلم القراءة بشكل بدائي، من خلال مطالعة الصور والكلمات ذاتهما، مما يجعلها ثابتة في الذاكرة، وبالنسبة للأطفال الأكبر عمراً يتعلمون البدء في الكتابة.

ينصح الخبراء الآباء بضرورة أن يتمتع النشاط أو الشيء الذي يرغب الطفل في تكراره باستمرار بمستوى مناسب من التعقيد، وذلك حتى يستفيد الطفل من عملية الإعادة؛ بمعنى أن تحتاج إلى قليل من التفكير والتنبؤ، ولكن لا تكون معقدة جداً بالشكل الذي يُشعر الطفل بالعجز والإحباط.

وتُعد هذه المساحة هي أفضل مساحة لتطوير مهارات فكرية جديدة، وتسمى بمنطقة النمو القريبة Zone of Proximal Development. وأفضل مثال لتلك الأشياء هو الكتب وأغاني الأطفال؛ لأنها تنقل الطفل من مرحلة التجربة إلى الفهم، ثم إلى طرح الأسئلة، ثم البدء في التنبؤ بالأحداث المستقبلية في القصة أو الأغنية، ما يجعلها وسيلة تعليم متعددة المهام.

وتختفي ظاهرة التكرار في الأغلب تدريجياً مع تقدم الطفل في العمر وبداية دخوله المدرسة، حيث تبدأ علاقاته الاجتماعية بالآخرين، ويرغب في ممارسة تجارب مختلفة. أما في حالة استمرار تكرار فعل الأشياء نفسها، فيجب حينها عرض الطفل على طبيب لاستبعاد إصابة الطفل بالتوحد.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

صحتك الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)

الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

يعاني كثير من الأشخاص من قلق شديد، مصحوب بأعراض تتراوح بين تسارع الأفكار والأرق، وصولاً إلى نوبات الهلع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أحماض أوميغا 3 الموجودة في  السردين تساعد في المحافظة على مستويات السكر في الدم (بيكسباي)

دور السردين في المحافظة على مستويات السكر في الدم

تعرف الفوائد الصحية للسردين والأسماك الدهنية على نطاق واسع، فمحتواها العالي من الدهون غير المشبعة يُساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم بحوث التوحُّد تؤكِّد الجذور الجينية القوية وتنفي أي علاقة باللقاحات

بحوث التوحُّد تؤكِّد الجذور الجينية القوية وتنفي أي علاقة باللقاحات

عوامل جينية وبيئية تزيد خطر الإصابة به

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
صحتك حبات من الفول السوداني وهو من فئة البقوليات (أرشيفية - رويترز)

كيف تساهم البقوليات في تعزيز الزنك بالجسم؟

تُعدّ البقوليات، مثل العدس والحمص والفول، من المصادر الجيدة للزنك. فكيف تساهم في تعزيزه في جسم الإنسان؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك الموز مصدر غني بالبوتاسيوم الذي يلعب دوراً رئيسياً في تنظيم ضغط الدم (بكسلز)

اكتشف كيف يساعد الموز على خفض ضغط الدم

ارتفاع ضغط الدم من الحالات الصحية الشائعة التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
TT

الأمعاء الصحية تساعد في إدارة القلق... كيف؟

الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)
الأفراد الذين يواجهون القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء (بيكسلز)

يعاني كثير من الأشخاص من قلق شديد، مصحوب بأعراض تتراوح بين تسارع الأفكار والأرق، وصولاً إلى نوبات الهلع. وبينما تُعتبر العلاجات النفسية وتغييرات نمط الحياة، وأحياناً الأدوية، عناصر أساسية في إدارة القلق، فإن صحة الأمعاء تُعدُّ جانباً غالباً ما يُغفل عنه.

وتزداد الأدلة التي تُشير إلى أن توازن البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة الأخرى في الأمعاء -المعروفة باسم الميكروبيوم المعوي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالصحة النفسية، ولا سيما حالات القلق والاكتئاب، وفقاً لموقع «هيلث لاين».

وعلى سبيل المثال، أظهرت البحوث أن الأفراد الذين يعانون من القلق غالباً ما يُعانون من انخفاض في تنوع الميكروبات، واختلال في توازن بكتيريا الأمعاء.

وعندما يختل توازن الأمعاء، قد يُساهم ذلك في حدوث التهاب، ويُعطِّل إنتاج النواقل العصبية المنظمة للمزاج، مثل السيروتونين. لذا، فإن دعم صحة الأمعاء قد يُساعد في تخفيف أعراض القلق وتحسين الصحة النفسية العامة.

وفيما يلي بعض الطرق المُستندة إلى الأدلة لتحسين صحة الأمعاء، والتي قد تُساعد أيضاً في دعم التوازن العاطفي:

اختر الأطعمة الكاملة المفيدة للأمعاء

يلعب النظام الغذائي دوراً رئيسياً في صحة ميكروبيوم الأمعاء. فالأطعمة المُصنَّعة بكثرة، والسكريات المُضافة، والدهون المُشبعة، تُغذي البكتيريا الضارة، وتُعزز الالتهابات، وهما عاملان قد يُؤثران سلباً على الصحة النفسية.

فحاول استبدال الأطعمة الكاملة بالأطعمة فائقة المعالجة، والغنية بالسكريات والدهون.

وتشمل هذه الأطعمة:

الأطعمة الغنية بالألياف: البروكلي، والكرنب، والشوفان، والبازلاء، والأفوكادو، والكمثرى، والموز، والتوت، فهي غنية بالألياف التي تُساعد على الهضم الصحي.

الأطعمة الغنية بأحماض «أوميغا 3» الدهنية: سمك السلمون، والماكريل، والجوز، وبذور الشيا، وبذور الكتان، فهي غنية بأحماض «أوميغا 3» التي قد تُساعد على تقليل الالتهابات وتحسين الهضم.

تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك والبريبيوتيك

يعتمد توازن ميكروبيوم الأمعاء على كلٍّ من البروبيوتيك (البكتيريا النافعة) والبريبيوتيك (الألياف التي تغذيها). ويمكن أن يساعد تناول مزيج من كليهما في دعم التنوع الميكروبي، المرتبط بصحة عقلية وهضمية أفضل.

من طرق إدخال البروبيوتيك والبريبيوتيك في نظامك الغذائي ما يلي:

أطعمة غنية بالبروبيوتيك: مخلل الملفوف، والكفير، والكيمتشي، والكومبوتشا، وخل التفاح، والكفاس، والزبادي عالي الجودة.

أطعمة غنية بالبريبيوتيك: الجيكاما، والهليون، وجذر الهندباء البرية، وأوراق الهندباء، والبصل، والثوم، والكراث.

مارِس عادات هضم صحية

لا يقتصر دعم الهضم على ما تأكله فحسب؛ بل تلعب العادات اليومية دوراً أساسياً في صحة الأمعاء والصحة النفسية.

حافظ على رطوبة جسمك: يساعد الماء على تحريك الطعام عبر الجهاز الهضمي، ويدعم امتصاص العناصر الغذائية.

تناول الطعام بوعي: تناول الطعام ببطء وفي جو هادئ يُحسِّن الهضم ويُخفف التوتر.

مارس الرياضة بانتظام: النشاط البدني يدعم انتظام حركة الأمعاء ووظائفها.

احصل على قسط كافٍ من النوم: قلة النوم تُخلُّ بتوازن البكتيريا النافعة في الأمعاء، وتزيد من القلق. احرص على النوم من 7 إلى 9 ساعات كل ليلة.


دور السردين في المحافظة على مستويات السكر في الدم

أحماض أوميغا 3 الموجودة في  السردين تساعد في المحافظة على مستويات السكر في الدم (بيكسباي)
أحماض أوميغا 3 الموجودة في السردين تساعد في المحافظة على مستويات السكر في الدم (بيكسباي)
TT

دور السردين في المحافظة على مستويات السكر في الدم

أحماض أوميغا 3 الموجودة في  السردين تساعد في المحافظة على مستويات السكر في الدم (بيكسباي)
أحماض أوميغا 3 الموجودة في السردين تساعد في المحافظة على مستويات السكر في الدم (بيكسباي)

تعرف الفوائد الصحية للسردين والأسماك الدهنية على نطاق واسع، فمحتواها العالي من الدهون غير المشبعة يُساعد على تنظيم مستويات الكولسترول والوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية. لكن فوائدها لا تتوقف عند هذا الحد، حيث تساعد عناصر غذائية مثل التورين، وأوميغا 3، والكالسيوم، وفيتامين د، الموجودة في السردين على الوقاية من الأمراض.

كما يُحسّن تناول السردين مؤشرات صحية أخرى، مثل تنظيم الكولسترول وخفض الدهون الثلاثية وضغط الدم.

ويساعد السردين في المحافظة على مستويات السكر في الدم لاحتوائه على بروتين عالي الجودة وأحماض أوميغا 3 الدهنية، التي تساهم في تحسين حساسية الإنسولين وتقليل الالتهابات المرتبطة بارتفاع السكر.

ما السردين؟

السردين هو سمك زيتي صغير الحجم يمكن تناوله طازجاً أو معلباً سواء في الزيت أو صلصة الطماطم. ينتمي السردين إلى عائلة الرنجة، وهو معروف باحتوائه على نسبة عالية من البيوفا (PUFA)، بالإضافة إلى مستويات الكالسيوم والحديد والمغنسيوم والبوتاسيوم والفوسفور وفيتامين «د» وفيتامين «ب 12».

تحتوي كل 100 غرام من السردين المطبوخ على نحو 382 ملغم من الكالسيوم، أي ما يعادل 38 في المائة من الكمية اليومية الموصى بها. كما أنه يحتوي أيضاً على 2.9 ملغم من الحديد، و490 ملغم من الفوسفور، و8.9 ميكروغرام من فيتامين «ب 12»، وكلها تدعم صحة العظام وتكوين خلايا الدم الحمراء ووظائف القلب والأوعية الدموية.

السردين والسكري

أُجريت الدراسة على مجموعة من المشاركين الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر. ومع ذلك، يدّعي الباحثون إمكانية تعميم النتائج على فئات عمرية أخرى. حيث كشفت دراسة أجرتها ديانا دياز ريزولو، المحاضرة والباحثة في كلية العلوم الصحية بجامعة كاتالونيا المفتوحة أن الاستهلاك المنتظم للسردين يُساعد على الوقاية من داء السكري من النوع الثاني، حيث تُساعد العناصر الغذائية الموجودة بكميات كبيرة في السردين، مثل التورين وأوميغا 3 والكالسيوم وفيتامين د، على الوقاية من داء السكري.

وأوضحت د. ريزولو قائلةً: «لا يقتصر الأمر على كون السردين ميسور التكلفة ويسهل الحصول عليه، بل إنه آمن ويُساعد على الوقاية من الإصابة بداء السكري من النوع الثاني. ومن السهل التوصية بهذا الطعام خلال الفحوصات الطبية، وهو مقبول على نطاق واسع بين الناس».

علبتان من السردين أسبوعياً

شملت الدراسة 152 مريضاً من كبار السن (65 عاماً فأكثر) تم تشخيص إصابتهم بمقدمات السكري (مستويات سكر الدم بين 100 و124 ملغم/ديسيلتر) وخضع جميع المرضى لبرنامج غذائي يهدف إلى تقليل خطر إصابتهم بالمرض، ولكن المجموعة التي تلقت التدخل الغذائي فقط هي التي أضافت 200 غرام من السردين إلى نظامها الغذائي أسبوعياً (علبتان من السردين في زيت الزيتون). ولتسهيل هذا الاستهلاك، تلقى المشاركون في الدراسة قائمة بوصفات تتضمن السردين المعلب. ونُصح المشاركون بتناول السردين كاملاً، دون إزالة العظام، لأنها غنية بالكالسيوم وفيتامين د.

من بين المجموعة التي لم تتناول السردين، كان 27 في المائة من أفرادها معرضين لخطر الإصابة بداء السكري (تم قياس ذلك باستخدام استبيان FINDRISC). وبعد عام، انخفضت هذه النسبة إلى 22 في المائة. من بين المجموعة التي تناولت السردين ضمن نظامها الغذائي، كان 37 في المائة من أفرادها معرضين لخطر الإصابة بداء السكري عند بداية الدراسة. وبعد عام، انخفضت هذه النسبة إلى 8 في المائة فقط. كما لوحظ تحسن في مؤشرات حيوية هامة أخرى، مثل انخفاض مؤشر مقاومة الإنسولين (HOMA-IR)، وارتفاع مستوى الكولسترول الجيد (HDL)، وزيادة هرمونات تسريع تكسير الغلوكوز (الأديبونكتين)، وانخفاض مستوى الدهون الثلاثية وضغط الدم، وغيرها.

أُجريت الدراسة على مشاركين تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر، نظراً لارتفاع معدل الإصابة بداء السكري لدى كبار السن مقارنةً بالشباب. وصرح الدكتور ريزولو قائلاً: «مع التقدم في السن، قد تساعد الأنظمة الغذائية المقيدة (من حيث السعرات الحرارية أو المجموعات الغذائية) في الوقاية من داء السكري».

دور الغذاء الوقائي وليس المكملات الغذائية

إن أطعمة مثل السردين - الغنية بالتورين، وأوميغا 3، والكالسيوم، وفيتامين د - لها تأثير وقائي واضح ضد الإصابة بداء السكري، ولا يعني ذلك أن تناول المكملات الغذائية وحدها سيؤدي إلى نفس التأثير. وأوضحت ريزولو: «يمكن للعناصر الغذائية أن تلعب دوراً أساسياً في الوقاية من العديد من الأمراض وعلاجها، ولكن تأثيرها عادةً ما يكون ناتجاً عن التآزر بينها وبين الطعام الذي تحتوي عليه. لذا، يتمتع السردين بعنصر وقائي لأنه غني بالعناصر الغذائية المذكورة، بينما لا تُجدي العناصر الغذائية المتناولة بشكل منفرد على شكل مكملات غذائية نفعاً بنفس القدر».

.


لا وجود لجرعة آمنة من المخدرات... للمراهقين

المخدرات لها آثار شديدة السلبية على النمو الطبيعي للمخ لدى المراهقين (رويترز)
المخدرات لها آثار شديدة السلبية على النمو الطبيعي للمخ لدى المراهقين (رويترز)
TT

لا وجود لجرعة آمنة من المخدرات... للمراهقين

المخدرات لها آثار شديدة السلبية على النمو الطبيعي للمخ لدى المراهقين (رويترز)
المخدرات لها آثار شديدة السلبية على النمو الطبيعي للمخ لدى المراهقين (رويترز)

أظهرت دراسة نفسية حديثة أجراها دكتور ريان سلطان، الأستاذ المساعد في الطب النفسي السريري بكلية فاجيلوس للأطباء والجراحين Vagelos College of Physicians and Surgeons بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة، أن تعاطي الماريغوانا مرة أو مرتين فقط شهرياً يرتبط بتراجع الأداء الدراسي، وتراجع الصحة النفسية لدى المراهقين. وكلما زاد تعاطي المراهقين لها، زادت احتمالية معاناتهم من مشكلات نفسية، واجتماعية، وأكاديمية أخرى.

أكدت الدراسة، التي نُشرت في الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي، في مجلة طب الأطفال «Pediatrics»، أن المخدرات بأنواعها المختلفة لا تزال شديدة الخطورة على الصحة، خاصة للمراهقين (رغم إباحتها قانونياً)، ولا توجد جرعة مهما كانت صغيرة آمنة، سواء على المستوى النفسي، أو العضوي، خاصة على المدى البعيد.

مخدرات قليلة... واكتئاب وقلق

قام الباحثون بتتبع بيانات أُخذت من مسح وطني شامل لأكثر من 160 ألف طالب وطالبة في المراحل الإعدادية، والثانوية في الولايات المتحدة. وتم إجراء المسح في الفترة بين عامي 2018 و2022، وأظهرت النتائج وجود نسبة من الطلاب بلغت أكثر من ربع المشاركين يتعاطون القنب (الاسم العلمي للنبات المخدر) بشكل متباعد، وأفادت نسبة أقل من 20 في المائة بتعاطيهم له بشكل شهري، بينما ذكرت نسب أقل بكثير أنهم يتعاطونه أسبوعياً، أو بشكل شبه يومي.

أظهرت النتائج أن المراهقين الذين تعاطوا القنب مرة أو مرتين شهرياً كانوا الأكثر شكوى من أعراض شبيهة بالاكتئاب، والقلق، والسلوك الاندفاعي مقارنة بمن امتنعوا عن تعاطيه. وكان المتعاطون بشكل شبه يومي أكثر عرضة بأربع مرات للحصول على درجات متدنية، وكثيراً ما كانوا منقطعين عن الأنشطة المدرسية. وكانت هذه الأعراض أكثر وضوحاً في الطلاب الأصغر عمراً.

انتشار تعاطي الماريغوانا

تأتي أهمية هذه الدراسة الجديدة مع حدوث تغيرات في أنماط تعاطي المخدرات بين المراهقين في الولايات المتحدة، فبينما انخفض تعاطي العديد من المواد المخدرة إلى مستويات قياسية بين المراهقين، تبقى الماريغوانا استثناءً، وعلى وجه التقريب يتعاطى واحد من كل خمسة طلاب في المرحلة الثانوية الماريغوانا حالياً، وتتعاطاها نسبة من طلاب المدارس الثانوية تقارب 6 في المائة بشكل يومي، وهو معدل ازداد خلال العقد الماضي.

أعرب العلماء عن شعورهم بقلق بالغ لزيادة تعاطي الماريغوانا، لأن منتجات القنب الحالية تحتوي على كمية من مادة THC (المادة الفعالة المسببة للنشوة)، تقارب ضعفين إلى ثلاثة أضعاف نفس المادة مقارنة بالماضي، مما يجعلها أكثر فاعلية، وخطورة، وقد أظهرت دراسات سابقة أن تعاطي القنب خلال فترة المراهقة (في المرحلة التي لا يزال المخ فيها في طور تكوين الروابط العصبية الأساسية) ربما تكون له آثار طويلة الأمد على القدرات الإدراكية.

تأثيرات سلبية على المخ

أوضحت الدراسة أن المخدرات لها آثار شديدة السلبية على النمو الطبيعي للمخ لدى المراهقين، لأن المراكز المسؤولة عن التحكم في العواطف، وضبط النفس، والشعور بالمكافأة لا تزال غير ناضجة بشكل كامل، لذلك يؤدي التعاطي (حتى بشكل عرضي) إلى عواقب عصبية ونفسية وخيمة ربما لا تظهر بنفس القدر في البالغين.

نصائح صحية

نصحت الدراسة المراهقين بضرورة إدراك أن كلمة (طبيعي) لا تعني كلمة (آمن)، وحذرتهم من خطورة الإقدام على تجربة تعاطي المخدرات (حتى لو بشكل متباعد جداً)، وفي المقابل طلبت الدراسة من الآباء مراقبة العلامات التحذيرية التي تشير إلى تعاطي أولادهم للمخدرات، مثل تراجع الأداء الأكاديمي، والتقلبات الحادة للمزاج، وفقدان الاهتمام بالهوايات، والميل إلى العنف، وفي حالة وجود هذه العلامات يجب اللجوء للمعونة الطبية المتخصصة.

حقائق

1 من 5

طلاب في المرحلة الثانوية في الولايات المتحدة تقريباً يتعاطى الماريجوانا حالياً