عقيدة عسكرية محدثة في بيلاروسيا تحدد الأعداء والحلفاء وتلوح باستخدام «النووي»

أوكرانيا وسعت هجماتها داخل مناطق روسية

عناصر حرس الحدود البولندية يجوبون جدار الشريط على الحدود البيلاروسية (أ.ب)
عناصر حرس الحدود البولندية يجوبون جدار الشريط على الحدود البيلاروسية (أ.ب)
TT

عقيدة عسكرية محدثة في بيلاروسيا تحدد الأعداء والحلفاء وتلوح باستخدام «النووي»

عناصر حرس الحدود البولندية يجوبون جدار الشريط على الحدود البيلاروسية (أ.ب)
عناصر حرس الحدود البولندية يجوبون جدار الشريط على الحدود البيلاروسية (أ.ب)

أطلقت بيلاروسيا الحليف الأقرب لموسكو في الحرب الأوكرانية نسخة محدثة من العقيدة العسكرية للبلاد، حددت للمرة الأولى ما وُصف بأنه معسكر «أعداء» يشكلون مصادر تهديد محتمل على سيادة البلاد واستقرارها، واشتملت على وضع مجالات تحرك لمواجهة «المخاطر الجديدة»، مع توزيع تكليفات محددة لأجهزة الدولة لمواجهة أي تطورات طارئة. ونصت الوثيقة التي ناقشها، الثلاثاء، مجلس الأمن القومي البيلاروسي على توضيح التزامات مينسك تجاه «الحلفاء». كما وضعت، للمرة الأولى في تاريخ البلاد، إشارات إلى حالات استخدام السلاح النووي التكتيكي.

وقدم وزير الدفاع البيلاروسي فيكتور خرينين عرضاً وافياً عن مضمون الوثيقة أمام مجلس الأمن القومي، وقال إن مسوَّدة العقيدة العسكرية المحدثة التي ينتظر أن تعرض خلال أيام على البرلمان لإقرارها بصيغتها النهائية «توضحُ بجلاءٍ الدولَ التي تنطلق منها التهديدات، والتزامات الجمهورية حيال حلفائها، وموقفها حيال ظروف استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، فضلاً عن أن الوثيقة أعادت تقسيم أنواع الصراعات المحتملة وتدابير الرد على التهديدات».

وأوضح أن بين البنود الجديدة في العقيدة «الإشارة بوضوح إلى مصادر التهديدات العسكرية لبيلاروسيا».

كما لفت إلى أن النسخة المحدثة للعقيدة العسكرية عززت الترابط مع مفهوم الأمن القومي للبلاد، موضحاً أنه «لمواجهة التحديات الحالية للأمن العسكري، صِيغَ خط التهديدات للأمن العسكري بشكل واضح. وبناءً على ذلك، صُغنا التدابير التي ستتخذها الدولة عندما تنشأ المخاطر والتحديات والتهديدات، وحددنا خطوات واضحة ومهام محددة يجب على أجهزة الدولة القيام بها في إطار الرد على التهديدات المحتملة».

وزاد أن العقيدة «حددت بوضوح مجالات تحرك بيلاروسيا بشأن استخدام الأسلحة النووية التكتيكية المتمركزة على أراضينا».

ووفقاً للوزير فقد ظهر فصل جديد في مسوّدة العقيدة العسكرية المحدثة، «يحدد التزامات بيلاروسيا تجاه حلفائها» في إشارة مباشرة إلى روسيا والصراع في أوكرانيا. وقال إنه خلال تحديث العقيدة أُخذ في الحسبان أيضاً تجربة كازاخستان التي «نجت من محاولة انقلاب».

قادة دول «منظمة الأمن الجماعي» خلال قمتهم في مينسك (أ.ف.ب)

وقال وزير الدفاع إن النسخة الجديدة من العقيدة العسكرية ابتعدت عن التدرج القديم للصراعات العسكرية المحيطة ببيلاروسيا، الذي كان يحددها في صراعات إقليمية أو محلية أو غير ذلك، لتغدو الصراعات التي قد تواجهها مينسك منقسمة إلى «صراعات بين الدول أو صراعات بين تحالفات»، وهذا البند حمل أيضاً إشارة إلى التحالف مع موسكو في المواجهة القائمة حالياً مع الغرب.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو (رويترز)

وقال الوزير إن الوثيقة اشتملت كذلك على بند جديد يقسم التهديدات المحتملة إلى «خارجية وداخلية»، ووضعت «آليات للرد السريع على التهديدات الداخلية محددة بوضوح من أجل احتوائها ومنع تفاقمها». وتعد هذه المرة الأولى التي تنص فيها وثيقة رسمية على تضمين العقيدة العسكرية للجيش مهام داخلية.

اللافت أن الإعلان عن العقيدة الجديدة تزامن مع تنشيط الحديث في بيلاروسيا عن أن العلاقات الدولية تميل أكثر نحو الرهان على القوة العسكرية.

وهو أمر تطرق إليه الرئيس ألكسندر لوكاشينكو خلال الاجتماع وقال إن «القوة العسكرية أصبحت الحجة الرئيسية في بناء العلاقات بين الدول».

مصافحة بين رئيسي الصين وبيلاروسيا في بكين (إ.ب.أ)

وزاد أن المواجهة المشتعلة حالياً في منطقة الشرق الأوسط دلت بوضوح على ذلك، وأضاف: «يرجى ملاحظة أن التهديدات باستخدام الأسلحة النووية صدرت على الفور تقريباً بعد تصاعد الصراع. وكما هي الحال عادة، لم تتبع التصريحات حول التلويح باستخدام النووي أي ردات فعل من جانب الغرب المتحضر».

وحذر لوكاشينكو من أن العالم يقترب من «أحداث جسيمة»، وزاد: «نسير اليوم في وضع صعب جداً على طبقة من الجليد الرقيق. خطوة خاطئة واحدة يمكن أن تغرقه»، ولفت إلى أن «هذا العام سيكون صعباً جداً».

وفي غضون ذلك، وعلى مقربة من الحدود البيلاروسية الأوكرانية، بدا أن الوضع الميداني يزداد تدهوراً على خلفية تواصل الهجمات التي تشنها كييف على مناطق داخل العمق الروسي، وهو أمر كان لوكاشينكو قد أشار إليه من خلال الحديث عن «تفاقم التدهور الأمني على حدودنا».

خلال المحادثات بين رئيسي الصين وبيلاروسيا مع مساعديهما ببكين في ديسمبر الماضي (إ.ب.أ)

وبدا، الثلاثاء، أن كييف وسعت نطاق ضرباتها الصاروخية وهجمات المسيرات على مناطق روسية. وبعد مرور يوم من هجمات واسعة استهدفت مدينة كورسك الروسية (قريبة الحدود البيلاروسية الأوكرانية) شنت أوكرانيا هجوماً قوياً بمسيرات على مدينة فورونيج في جنوب روسيا، وأعلنت المدينة حالة الطوارئ، الثلاثاء، وقال مسؤولون إن الهجوم أسفر عن تضرر مبانٍ عدة وإصابة طفلة.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو (رويترز)

وذكرت وزارة الدفاع الروسية على «تلغرام» أن أنظمة الدفاع الجوي دمرت 5 طائرات مسيّرة، واعترضت 3 طائرات أخرى، الليلة الماضية، فوق منطقة فورونيج على الحدود مع أوكرانيا. كما شنت 4 مسيّرات هجوماً جديداً على منطقة بيلغورود القريبة من الحدود أيضاً والتي كانت قد تعرضت لوابل من الهجمات المكثفة خلال الأسبوعين الأخيرين.





وتمتلك روسيا قاعدة جوية بالقرب من مدينة فورونيج، حيث تتمركز بعض الطائرات الحربية من طراز «سوخوي 34»، وفق وسائل إعلام روسية، وغالباً ما تستخدم روسيا الطائرات القاذفة للقنابل خلال ضرباتها الجوية على أوكرانيا.

الآباء يودعون أطفالهم الذين يغادرون بالحافلة إلى معسكرات الترفيه في منطقة فورونيج المجاورة نتيجة القصف الأوكراني في بيلغورود (رويترز)

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: «منعنا محاولات لنظام كييف لتنفيذ هجمات إرهابية بواسطة مسيّرات جوية خلال الليل». وأضاف المصدر نفسه: «دمرنا 5 مسيّرات أوكرانية، واعترضنا 3 أخرى فوق منطقة فورونيج، و4 أخرى فوق منطقة بيلغورود». وكثرت الهجمات بواسطة مسيّرات داخل الأراضي الروسية بعيداً عن الجبهة الأوكرانية منذ الصيف عندما باشرت كييف هجوماً مضاداً لم يحقق أهدافه. وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول) قصفت أوكرانيا بشكل غير مسبوق بيلغورود الواقعة على مسافة 50 كيلومتراً من الحدود؛ ما أدى إلى مقتل 25 شخصاً.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

الولايات المتحدة​ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
أوروبا المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وارد.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
أوروبا مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز) play-circle

تحليل إخباري انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

يتعاظم القلق الأوروبي من النهج الأميركي في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو. فالتسارع عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة.

إيلي يوسف (واشنطن)

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
TT

قلق أوروبي من «تسرع» أميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا

المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)
المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز)

كشفت تقارير مضمون مكالمة حسّاسة جمعت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عن حجم القلق الأوروبي من النهج الأميركي الجديد في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو.

التسارع الأميركي الملحوظ، خصوصاً بعد زيارة المبعوثَين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر إلى موسكو من دون تنسيق مسبق مع الحلفاء، عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة، قبل تثبيت أي التزامات أمنية صلبة تمنع روسيا من استغلال ثغرات مستقبلية، حسب المحادثة التي نشرتها صحيفة «دير شبيغل» الألمانية ولم تكن بروتوكوليةً.

وحذَّر ميرتس مما وصفه بـ«ألعاب» واشنطن، ومن «احتمال خيانة واشنطن لكييف»، في حين أشار ماكرون إلى احتمال أن تتعرَّض كييف لضغط غير مباشر لقبول تسويات حدودية قبل الاتفاق على منظومة ردع حقيقية.


المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
TT

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)
مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مامي ماندياي نيانغ، اليوم (الجمعة)، أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو أمر «وارد».

وقال مامي ماندياي نيانغ، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»: «اختبرنا هذا الأمر في قضية كوني. إنها فعلاً آلية معقدة. لكننا جربناها، وأدركنا أنها ممكنة ومفيدة».

وكان يشير إلى جلسة «تأكيد الاتهامات» التي عقدت غيابيّاً في وقت سابق هذا العام بحقّ المتمرد الأوغندي الفارّ جوزيف كوني.


موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
TT

موسكو: مسيّرة تضرب برجاً في الشيشان واندلاع حريق

مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)
مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان ضربته مسيرة اليوم (الإعلام الروسي)

ضربت مسيّرة، اليوم (الجمعة)، مبنى يضم مكاتب حكومية في جمهورية الشيشان الروسية، ما أدى إلى اندلاع حريق امتد على عدة طوابق، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن الإعلام الرسمي الروسي وتسجيلات مصوّرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتستهدف أوكرانيا على نحو متكرر الجمهورية الروسية الواقعة في القوقاز، لكن نادراً ما تصل مسيّراتها إلى المناطق الحضرية، وخصوصاً وسط العاصمة غروزني، حيث وقعت الحادثة الجمعة.

وندّد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، في رسالة عبر تطبيق تلغرام، بـ«هذا النوع من التصرّفات»، معتبراً أنّه «ليس أكثر من محاولة لتخويف السكان المدنيين وخلق وهم الضغط».

وأكد أنّ «الأهم بالنسبة إلينا، أنّ أحداً لم يُصب»، متهماً كييف بـ«التعويض عن ضعفها عبر تنفيذ ضربات على البنى التحتية المدنية».

ولم تؤكد السلطات المحلية ولا تلك الفيدرالية الروسية الانفجار، لكن شبكة «آر تي» الرسمية نقلت عن مصدر في أجهزة إنفاذ القانون قوله إن مسيّرة أوكرانية نفّذت الهجوم. ولم يتم الإعلان عن سقوط أي ضحايا.

وأغلقت وكالة الطيران الروسية «روسافياتسيا» مطار غروزني، في وقت سابق الجمعة، على خلفية مخاوف أمنية استمرت بضع ساعات، بحسب ما أعلنت على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأظهرت عدة تسجيلات مصورة على شبكات التواصل الدخان يتصاعد من برج زجاجي، حيث تهشمت النوافذ في 5 طوابق.

ويعدّ القيام بأي عمل صحافي في الشيشان، التي تصفها بعض المجموعات الحقوقية بأنها «دولة داخل الدولة»، أمراً شبه مستحيل نتيجة القيود التي تفرضها السلطات.

وذكرت وسائل إعلام روسية أن المبنى يضم مجلس الأمن الشيشاني، ويبعد نحو 800 متر من مقر إقامة قديروف، كما يقع بجانب الفرع المحلي لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي.

ودعم قديروف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، وأرسل آلاف الجنود الشيشانيين للقتال فيها.