الفيلم السعودي «جرس إنذار»... فهم جديد لماهية الكارثة

المخرج لـ«الشرق الأوسط»: أحد مشاهد الحريق أتعبتي نفسياً

الممثلة خيرية أبو لبن في مشهد بالفيلم (الصورة من «نتفليكس»)
الممثلة خيرية أبو لبن في مشهد بالفيلم (الصورة من «نتفليكس»)
TT

الفيلم السعودي «جرس إنذار»... فهم جديد لماهية الكارثة

الممثلة خيرية أبو لبن في مشهد بالفيلم (الصورة من «نتفليكس»)
الممثلة خيرية أبو لبن في مشهد بالفيلم (الصورة من «نتفليكس»)

يتذكر كثير من السعوديين الأحداث المؤلمة المصاحبة لحريق «المدرسة المتوسطة الـ31 للبنات» في مكة المكرمة عام 2002، وكذلك حريق مدرسة «براعم الوطن للبنات» في مدينة جدة عام 2011، وهما أشهر كارثتين ارتبطتا بحرائق المدارس في البلاد، اللتين استُلهمت من أحداثهما مشاهد الفيلم السعودي الجديد «جرس إنذار»، الذي سيُعرض للمرة الأولى على منصة «نتفليكس» يوم الخميس، 18 يناير (كانون الأول).

الفيلم الذي تدور أحداثه داخل مدرسة للبنات في مدينة جدة، يصوّر في بدايته الفوارق الاجتماعية والفكرية بين الأسر، ويتناول المناوشات اليومية بين المعلمات والطالبات، مثله مثل أي يوم دراسي عادي قبل أن تقع الكارثة، التي بدأت باندلاع الحريق في الطابق الأرضي للمدرسة، حينها فقط تتسارع الأحداث التي تنقل شخصيات الفيلم إلى سياق مختلف.

المخرج خالد فهد (خاص الشرق الأوسط)

قصة سينمائية جديدة

يتحدث المخرج السعودي خالد فهد لـ«الشرق الأوسط» عن فيلمه الطويل «جرس إنذار»، الذي يأتي بعد عرض فيلمه «طريق الوادي» في صالات السينما في شهر يوليو (تموز) الماضي، قائلاً: «الخطوة الثانية لأي مخرج دائماً تكون محسوبة وحذرة، وتبدأ من اختيار النص، وفي (جرس إنذار) فور قراءتي القصة شعرت بأنها لامستني كثيراً، ورأيت فيها كثيراً من النماذج المألوفة في المجتمع، وبقصص مختلفة».

وبسؤاله عن مدى صعوبة تصوير ما يحدث داخل مدارس البنات ذات الأسوار المغلقة، يجيب: «الجميل في القصة أنها لا تتناول مدارس البنات بشكل عام، بل قصص طالبات ومعلمات داخل المدرسة، وكما نعلم فإن لكل مدرسة قصصاً مختلفة عن قصص المدرسة التي تجاورها». وعن مدى تشابه الفيلم مع الأحداث الحقيقة التي أُستلهم منها، يقول: «صحيح أننا استلهمنا القصة من أحداث واقعية قديمة، ولكن لم نركز على ذلك، بل تناولنا قصة سينمائية جديدة ومختلفة».

يسترجع الفيلم أحداث حريق شهير بإحدى مدارس البنات (الصورة من «نتفليكس»)

أصعب المشاهد: الفتاة العالقة

الفيلم الذي جرى تصويره في مدينة جدة، حمل إعلانه الترويجي (التريلر) مشاهد قاسية للحريق الذي اندلع في المدرسة، ومحاولات الفتيات الخروج من المبنى المشتعل. وبسؤال خالد فهد عن أصعب مشاهد الفيلم، يقول: «بالتأكد كانت مشاهد الحريق قاسية، لكن أكثر مشهد آلمني، هو حين علقت فتاة وسط الحريق، هذا المشهد أثر بي كثيراً خلال كتابته وإخراجه، وخلال تصويره أتعبني نفسياً، ولم أستطع إكمال العمل لبقية اليوم».

ولأن الفيلم مليء بالوجوه الجديدة، خصوصاً الطالبات صغيرات السن، حيث يضم مشهد الطابور الصباحي وحده نحو 250 فتاة، من هنا جاء السؤال عن صعوبة تعامل المخرج مع هذا التحدي، يقول خالد: «تجربتي الأولى في فيلم (طريق الوادي) أصقلتني كثيراً من حيث التعامل مع الوجوه الجديدة وصغار السن، فكان أشبه بالتمرين، عرفت بعده ما الذي أحتاجه، وكيف أستطيع تقديم الممثلات الصغيرات بشكل مختلف، خصوصاً أنني أطمح لتقديم جيل جديد من الممثلين على الساحة السعودية».

يلقي الفيلم الضوء على ما يدور داخل مدارس البنات من صراعات (الصورة من «نتفليكس»)

ماهية الكارثة

وعمّا أراد إيصاله للمشاهد من خلال هذا الفيلم، يقول: «أردت أن أُثير التساؤل حول ماهية الكارثة، هل هي الحريق؟ أم أن الكارثة تكمن في علاقاتنا حين تصبح على المحك؟ أو حين لا نستطيع أن نتعامل مع بعضنا بعضاً؟ أو حين نفقد الثقة فيما بيننا؟... لذا أعتقد بأن هذا الفيلم يعيد صياغة معنى الكارثة». ويتفق حديث المخرج مع الصراعات والمفاجآت التي يحملها الفيلم، حيث يكتشف كل شخص أنه لم يفهم الآخر بشكلٍ جيد.

ولأن «جرس إنذار» يأتي في وقت تشهد فيه الأفلام السعودية اهتماماً كبيراً، كان لا بد من السؤال عن شدة المنافسة، ليجيب خالد فهد: «كل فيلم سعودي له لون مختلف، وشريحة مستهدفة تختلف عن الأخرى، وأعتقد بأن (جرس إنذار) قادر على شد فئة مختلفة من الجمهور». يشار إلى أن الفيلم من إنتاج استوديوهات «Ideation»، ويشارك فيه نخبة من النجوم الناشئين والمعروفين؛ من بينهم الشيماء طيّب، وخيرية أبو لبن، وأضواء فهد، ودارين البايض، وعائشة الرفاعي.


مقالات ذات صلة

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في «ميقا استوديو» بالرياض، لتقدم رحلة استثنائية للزوار عبر الزمن، في محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، تشمل أعمالاً فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين.

ويجوب مهرجان «بين ثقافتين» في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف في هذه النسخة ثقافة العراق ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعاً ثقافياً أنيقاً وإبداعاً في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف»، وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين. ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصوراً لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافيةً من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين.

وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفنين السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

فيما يستعرض قسم «درب الوصل» مجالاتٍ مُنوَّعةً من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، إذ يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافتين، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح.

بينما تقدم منطقة المطاعم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءاً من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة، بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».