وثائق عن عهد كلينتون رفعت عنها السرية تتحاشى الأمن والسياسة الخارجية

واشنطن طالبت الأمم المتحدة بالتشدد في تفتيش قصور صدام.. والملفات تركز على دور هيلاري

باحثة مرتبطة بشبكة «إن بي سي» الإخبارية تدقق في الوثائق بعد الإفراج عنها في مكتبة كلينتون الرئاسية بليتل روك (أركنساس) مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
باحثة مرتبطة بشبكة «إن بي سي» الإخبارية تدقق في الوثائق بعد الإفراج عنها في مكتبة كلينتون الرئاسية بليتل روك (أركنساس) مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

وثائق عن عهد كلينتون رفعت عنها السرية تتحاشى الأمن والسياسة الخارجية

باحثة مرتبطة بشبكة «إن بي سي» الإخبارية تدقق في الوثائق بعد الإفراج عنها في مكتبة كلينتون الرئاسية بليتل روك (أركنساس) مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
باحثة مرتبطة بشبكة «إن بي سي» الإخبارية تدقق في الوثائق بعد الإفراج عنها في مكتبة كلينتون الرئاسية بليتل روك (أركنساس) مساء أول من أمس (أ.ف.ب)

أفرجت السلطات الأميركية عن مجموعة كبيرة من الملفات التي توثق لعهد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، إلا أنها لم تشمل سوى عدد قليل من الوثائق المرتبطة بالسياسة الخارجية مثل واحدة عن العراق، كما لم تشمل وثائق تتعلق بالجوانب الأمنية وتنظيم القاعدة.
وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن مشاورات سبقت الكشف عن الوثائق بين جهاز الأرشيف الوطني ومكتبة كلينتون الرئاسية والبيت الأبيض، لأنه، حسب قانون كشف وثائق البيت الأبيض، يجب حدوث توافق بين الرئيس صاحب الوثائق والرئيس الموجود في البيت الأبيض، مسبقا. ولأسباب أمنية، اتفق كلينتون والرئيس باراك أوباما على عدم نشر وثائق تتعلق بتنظيم القاعدة وأسامة بن لادن خلال سنوات كلينتون الثمانية (1993 - 2001)، ووثائق أخرى أمنية عن الشرق الأوسط. غير أن بعض وثائق بن لادن كان أشير إليها في تقرير اللجنة التي حققت في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) ، ومنها أن الاستخبارات الأميركية كانت تراقب بن لادن عندما كان في الخرطوم في منتصف تسعينات القرن الماضي، قبل أن ينتقل إلى أفغانستان، ويؤسس منظمة القاعدة.
وتفيد الوثيقة المتعلقة بالعراق والتي تحمل عنوان «نقاط نقاش»، بأنه يتعين على الولايات المتحدة أن تتشدد مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وأن اتفاقية إنهاء حرب الخليج، تنص على ضرورة السماح بتفتيش قصور صدام و«أماكن أخرى حساسة لم تفتش بعد». وأضافت الوثيقة «بسبب سجل صدام السيئ، لا بد من التأكد من أنه يلتزم بتنفيذ ما يجب أن ينفذ». وفي إشارة لاقتراح من الأمم المتحدة بضرورة مرافقة دبلوماسيين للمفتشين بسبب شكوك صدام في التجسس على قصوره، اشترط البيت الأبيض «أن يكون المفتشون أحرارا في تفتيش أي مكان يريدون تفتيشه، وأن يكون التفتيش متشددا». وتقول الوثيقة إن «قواتنا في الخليج تظل على أهبة الاستعداد بينما نحن نريد أن نعرف ما إذا كان صدام سينفذ التزاماته». وتتابع «سنظل نربط بين الدبلوماسية والقوة». واعترفت الوثيقة أن «عملية عسكرية لن تتمكن من تدمير كل أسلحة الدمار الشامل التي يملكها صدام، لكنها ستجعله أضعف مما هو الآن». ونشر «جهاز الأرشيف الوطني» أكثر من 3500 صفحة من المذكرات الداخلية والملاحظات وغيرها من الوثائق ونشرها على موقع مكتبة رئاسة كلينتون. وبدا التركيز، في الوثائق، منصبا على دور السيدة الأولى السابقة هيلاري كلينتون المرشحة لخوض سباق الرئاسة في 2016.
ومن بين مجموعة الوثائق سجلات من المؤتمرات الصحافية ووثائق تتعلق بمحاولات هيلاري كلينتون الفاشلة لإصلاح النظام الصحي في مطلع التسعينات خلال الولاية الأولى لزوجها. كما تضم السجلات وثائق أمن قومي وملاحظات تتحدث عن تحديات رئيسة للسياسة الخارجية في فترة شهدت اضطرابات في هايتي، والاستجابة البطيئة للفظائع التي ارتكبت في رواندا، والهجمات الإرهابية التي سبقت هجمات 11 سبتمبر 2001.
إلا أن أصدقاء وخصوم هيلاري سواء بسواء سيبحثون في هذه الملفات عن مؤشرات على دورها في رئاسة زوجها وكيف يمكن أن تؤثر المعلومات الجديدة على سمعتها وسط توقعات بترشحها لسباق الرئاسة في 2016.
وكشفت وثائق عن اجتماع جرى قبل 20 عاما بين السيدة الأولى السابقة التي قادت فريقا لإصلاح نظام الرعاية الاجتماعية، وقادة الكونغرس الديمقراطيين، عن صعوبات تشبه ما يواجهه حاليا الرئيس باراك أوباما في طرح مثل هذه المبادرة المثيرة للجدل. وتعكس الوثيقة التي تحمل تاريخ 9 سبتمبر 1993 الجدل الحالي حول نظام أوباما الصحي الذي أطلق عليه «أوباما كير» الذي ينص على شراء معظم الأميركيين تأمينا صحيا، والذي تمكن من تمريره في الكونغرس في 2010 دون دعم الجمهوريين. وجاء في الوثيقة أن كلينتون قالت أمام أعضاء الكونغرس «قد تكون هذه حقيقة غير سارة لبعضنا من الديمقراطيين، ولكن لن نربح النقاش بالتحدث عن غير المشمولين بتأمين صحي».
واستغل منتقدو كلينتون هذه المادة، إذ أبرزت اللجنة الجمهورية القومية تلك الفقرة وتنبأت بواحدة من أكبر المشكلات في نظام «أوباما كير»، أي مشروع الرئيس بتمكين جميع الأميركيين من الحصول على الرعاية الصحية بموجب القانون الجديد.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.