صدام حسين حاضر في انتخاب رئيس البرلمان العراقي

«التواصل الاجتماعي» يستعيد مقابلات أرشيفية لمرشحين «مدحوا» حزب البعث المحظور

البرلمان العراقي يعمل بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)
البرلمان العراقي يعمل بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)
TT

صدام حسين حاضر في انتخاب رئيس البرلمان العراقي

البرلمان العراقي يعمل بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)
البرلمان العراقي يعمل بلا رئيس منذ أكتوبر الماضي بعد إقالة الحلبوسي (إعلام المجلس)

في ساعة متأخرة من ليل الجمعة، وقبل ساعات من الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس البرلمان العراقي، تحوّل النقاش السياسي حول حظوظ المرشحين إلى جدل عن علاقتهم برئيس النظام السابق صدام حسين.

وتفاعل عراقيون في مواقع التواصل الاجتماعي مع مقطع فيديو قديم يظهر فيه رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني، أحد المتنافسين على المنصب عن تحالف «العزم»، وهو «يمدح» رئيس النظام السابق، وقال: «لا زعيم لسنة العراق بعد صدام حسين».

وقبل ذلك، أعاد مدونون نشر مقطع فيديو آخر لمرشح حزب «تقدم» شعلان الكريم، يعود إلى عام 2013 خلال الاحتجاجات التي شهدتها محافظة الأنبار (غرب)، والتي كانت تُعرف بـ«اعتصام الخيم».

وفي هذا الفيديو الأرشيفي، تلا الكريم آيات قرآنية، وقال إنه «يترحم» على رئيس النظام السابق صدام حسين.

وتحول استخدام هذه المواد المرئية، خلال السنوات الماضية، إلى ما يشبه العادة السياسية خلال مواسم الانتخابات والتنافس على المواقع الحكومة والتشريعية بهدف «التسقيط»، لكنها تصاعدت في السنوات الأخيرة بين القوى السنية العراقية.

وحظر الدستور العراقي الدائم عام 2005، «حزب البعث»، في وقت أصدر فيه البرلمان العراقي عام 2016 قانوناً يجرم الانتماء لـ«حزب البعث»، والترويج له، ويعاقب من يقوم بذلك.

وطُرح اسم المشهداني (حزب العزم) والكريم (حزب تقدم)، إلى جانب سالم العيساوي (حزب السيادة)، وجميعهم من أحزاب سنية، أبرز المرشحين لمنصب رئيس البرلمان خلفاً للرئيس المقال محمد الحلبوسي.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، يعمل مجلس النواب العراقي بلا رئيس، بعدما قررت المحكمة الاتحادية إنهاء عضوية الحلبوسي بتهمة التزوير.

وقد تعكس هذه المؤشرات المتفاعلة في الرأي العام المحلي رسائل عن صعود حظوظ المرشح سالم العيساوي، الذي يحظى بدعم رجل الأعمال والسياسي خميس الخنجر، الذي يصغر عمراً المرشحين الآخرين، المشهداني (76 عاماً) والكريم (57 عاماً).

النائب سالم العيساوي ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني في لقاء صيف 2023 (منصة إكس)

ويعد العيساوي من السياسيين الصاعدين الذين لم ينخرطوا كثيراً في حملات التنافس بين القوى السنية والشيعية، لكن حزبه «السيادة» تعرض كثيراً إلى حملات مضادة مماثلة، بينها اقتطاع مقابلات تلفزيونية لزعيمه خميس الخنجر خلال فترة اجتياح «داعش» لمناطق شاسعة من البلاد عام 2014، كان وصف فيها مسلحي التنظيم بـ«الثوار».

ويميل مراقبون إلى الاعتقاد بأن الخنجر تمكن من «تجاوز» هذه الحملات، وانخرط في تحالفات سياسية مع قوى سنية وشيعية جعلته يصمد في الحياة السياسية العراقية، وساعدته على تحقيق مقاعد وازنة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لكن مسألة فوزه برئاسة البرلمان لا تزال محل شك.

«تشويه الحقائق»

ورداً على «حملات الرأي العام»، قال النائب شعلان الكريم، في بيان صحافي، إن «مواقع التواصل الاجتماعي تناولت مقطع فيديو للنائب بعد إعادة اقتطاعه وفبكرته، لاتهام النائب بالترويج لـ(حزب البعث) المحظور ورموزه».

ووصف المرشح لمنصب رئيس البرلمان نشر هذا الفيديو بأنه «ممارسة غير نظيفة وغير محترمة».

وقال الكريم: «لقد أعيد نشر هذا الفيديو عام 2014، بالتزامن مع الانتخابات التشريعية حينها، واستخدم مادةً لشكوى رفعت ضدي، انتهت بقرار استبعادي من المنافسة من قبل هيئة المساءلة والعدالة».

النائب شعلان الكريم (منصة إكس)

وتابع الكريم: «قدمت حينها طعناً بالقرار، وقبلت اعتراضي الهيئة القضائية التمييزية التي تأكدت من أن الفيديو مقتطع لأغراض التشويه».

ويعتقد الكريم أن «إعادة نشر الفيديو هذه الأيام محاولة لمنعه من القيام بدوره النيابي بالشكل المطلوب»، وحذر من جهات تريد إعادة أجواء الاحتقان والانقسام المجتمعي.

من جانبه، لم يعلق المرشح الثاني محمود المشهداني على الجدل الذي يرافق تصريحاته القديمة بشأن «حزب البعث» ورئيس النظام السابق.

وحتى قبل موعد انعقاد جلسة انتخاب رئيس البرلمان، مساء اليوم (السبت)، فشلت الأحزاب السنية العراقية في التوصل إلى مرشح توافقي، فيما تحاول «قوى الإطار التنسيقي» الشيعية استغلال هذا الانقسام لانتخاب مرشح مقرب منها.


مقالات ذات صلة

جمال مصطفى: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم يرف لهم جفن

خاص صدام مع ابنته حلا في صورة غير مؤرخة (غيتي) play-circle 01:12

جمال مصطفى: مشوا تباعاً إلى حبل المشنقة ولم يرف لهم جفن

يروي جمال مصطفى السلطان، في الحلقة الثانية من المقابلة الخاصة معه، كيف تلقت أسرة صدام حسين نبأ إعدامه، وقصة زواجه من حلا، كريمة صدام الصغرى، وأكلاته المفضلة.

غسان شربل
شؤون إقليمية إيرانية تمرّ أمام لوحة إعلانية مناهضة لإسرائيل كُتب عليها بالعبرية: «في الدم الذي سفكتَه ستغرق» (إ.ب.أ)

ما المتوقع عراقياً في استراتيجية إيران؟

ثمة من يعتقد أن إيران ستركز اهتمامها في مناطق نفوذها في العراق بالتزامن مع تهديدات إسرائيلية بشن هجمات على فصائل عراقية

المحلل العسكري
خاص عائلة صدام وتبدو حلا إلى يساره (أ.ف.ب) play-circle 03:44

خاص جمال مصطفى: عرفنا في المعتقل بإعدام الرئيس ونقل جثته للتشفي

ليس بسيطاً أن تكون صهر صدام حسين، وسكرتيره الثاني، وابن عشيرته، وليس بسيطاً أن تُسجن من عام 2003 وحتى 2021... فماذا لدى جمال مصطفى السلطان ليقوله؟

غسان شربل
المشرق العربي جانب من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز)

العراق لمجلس الأمن: إسرائيل تخلق مزاعم وذرائع لتوسيع رقعة الصراع

قالت وزارة الخارجية العراقية إن بغداد وجهت رسائل لمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية و«التعاون الإسلامي» بشأن «التهديدات» الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الضابط الأميركي كيفين بيرغنير يعلن للصحافيين في بغداد اعتقال علي موسى دقدوق 2 يوليو (تموز) 2007 (أ.ف.ب - غيتي)

تقرير: مقتل القيادي بـ«حزب الله» علي موسى دقدوق بغارة إسرائيلية في سوريا

قال مسؤول دفاعي أميركي إن قائداً كبيراً بـ«حزب الله» اللبناني كان قد ساعد في التخطيط لإحدى أجرأ وأعقد الهجمات ضد القوات الأميركية خلال حرب العراق، قُتل بسوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
TT

أطفال لبنان عرضة للقتل والصدمات النفسية

طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)
طفل يراقب ماذا يحصل حوله بينما تحاول عناصر أمنية طرد النازحين من فندق قديم بمنطقة الحمرا في بيروت (رويترز)

أصبح خبر مقتل أطفال في لبنان بشكل يومي في غارات تنفذها إسرائيل بحجة أنها تستهدف عناصر ومقرات وأماكن وجود «حزب الله»، خبراً عادياً يمر مرور الكرام، حتى بعد تحذير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من أن أكثر من ثلاثة أطفال يقتلون يومياً، ومن أن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان، في غضون شهرين نتيجة الحرب المستمرة منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وتتعاطى إسرائيل مع مقتل الأطفال والمدنيين على أنه «خسائر جانبية»، فتراها في حال حصلت على معلومات عن وجود شخصية معينة من «حزب الله»، في مبنى معين، تُقدم على نسف المبنى كله، غير آبهة بالمدنيين والأطفال الموجودين فيه.

اضطرابات نفسية

وفي مواقف أدلى بها مؤخراً، استهجن المتحدث باسم «اليونيسف»، جيمس إلدر، من أنه «رغم مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فإن اتجاهاً مقلقاً يبرز ويظهر أنه يجري التعامل دون مبالاة مع هذه الوفيات من جانب هؤلاء القادرين على وقف هذا العنف».

وبحسب المنظمة الدولية فإن «مئات الآلاف من الأطفال أصبحوا بلا مأوى في لبنان، كما أن علامات الاضطراب النفسي أصبحت مقلقة وواضحة بشكل متزايد».

وتشير الدكتورة باسكال مراد، اختصاصية علم النفس والاجتماع، إلى أن «مغادرة مئات الآلاف من الأطفال منازلهم، وتهجير وتشريد قسم كبير منهم؛ يجعلهم يفتقدون للأمان. كما أن فقدانهم أفراداً من عائلاتهم أمام أعينهم، ومعايشتهم الخطر والدمار والقتل اليومي؛ يترك لا شك تداعيات نفسية كبيرة عليهم يفترض الالتفات لمعالجتها بأقرب وقت».

رجل يخلي طفله من مكان قريب من موقع استهداف إسرائيلي لمنطقة رأس النبع في بيروت (رويترز)

وتشدد باسكال مراد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «من أبرز التحديات عند الأطفال راهناً هي تعليمهم كيفية إدارة انفعالاتهم الصعبة، مثل الخوف والقلق والغضب. فهذه الإدارة إذا لم تتحقق، فسيعاني الأطفال في المستقبل من مشاكل نفسية إذا لم تعالج الصدمات التي يعايشونها»، لافتة إلى أنه «لا يجب أن ننسى أيضاً الآثار الصحية للحرب على الأطفال، خصوصاً التلوث الناتج عن التفجيرات والأسلحة المستعملة، إضافة إلى أنهم سيكونون أكثر عرضة للأمراض والفيروسات في مراكز الإيواء».

ويعاني آلاف النازحين الموجودون في مراكز الإيواء، والعدد الأكبر منهم من الأطفال، من البرد وغياب مستلزمات التدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما يفتقرون للملابس الملائمة بعد هربهم من منازلهم من دون التمكن من جمع أغراضهم.

التعليم بطعم الحرب

كما أنه رغم الخطة التي وضعتها وزارة التربية بدعم من «اليونيسف» لإعادة نحو 387 ألف طفل في لبنان تدريجياً إلى 326 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين ابتداء من مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، فإن العام الدراسي لا يسير بشكل طبيعي عند كل طلاب لبنان، بحيث يدرس قسم كبير منهم على وقع الغارات وخرق الطيران الإسرائيلي لجدار الصوت في كل المحافظات كما يجري التدريس على وقع هدير الطائرات المسيرة التي تملأ الأجواء اللبنانية.

وتقول إحدى معلمات صفوف الروضة في مدرسة تقع بمنطقة الحازمية المتاخمة للضاحية الجنوبية لبيروت، التي تتعرض لقصف دائم: «نقول للأطفال إن دوي الانفجارات هو صوت رعد نتيجة حلول فصل الشتاء، ونعمد لوضع أغانٍ تهدئ من روعهم. القسم الأكبر منهم اعتاد الوضع، في حين بعضهم الآخر يجهش بالبكاء كل مرة».

وتشير المعلمة الأربعينية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة الأكبر نواجهها مع الأهالي الذين يتهافتون عند كل غارة لسحب أبنائهم من الصفوف، ما يجعل الوضع التعليمي غير طبيعي على الإطلاق».

وتشدد الناشطة السياسية والدكتورة في علم النفس بالجامعة اللبنانية في بيروت، منى فياض، على أنه «أياً كانت الظروف، لا يمكن وقف التعليم ويفترض على وزارة التربية أن تؤمن التعليم للجميع حتى ولو في خيم».

وعدّت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض التلاميذ الذين لا يستطيعون التوجه إلى المدرسة نتيجة الحرب لا شك سيتأثرون نفسياً إذا رأوا تلاميذ آخرين يداومون بشكل يومي، لكن هذه التأثيرات محصورة بأعمار كبيرة معينة بحيث سيشعر هؤلاء بعقدة نقص وإهمال، وانعدام العناية، لكن الخطورة الحقيقية هي على مستقبل الأجيال، ففي العالم العربي نحو 75 مليون أمّي نتيجة الحروب واللجوء، وكل حرب جديدة ترفع الأعداد مئات الآلاف. من هنا الخطورة على مستقبل العالم العربي ومستقبل لبنان الذي كانت لديه نسبة كبيرة من المتعلمين منتشرة في كل أنحاء العالم بمستويات وخبرات ممتازة».

أطفال فروا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان يحضرون ورشة رسم داخل أحد مراكز الإيواء في بيروت (أ.ف.ب)

وتتحدث منى فياض عن «خشية حقيقية من أن يؤدي التسرب المدرسي إلى الانحراف»، مشددة على وجوب القيام بـ«حملات على المؤثرين للضغط والتصدي لسيناريو مثل هذا، وتأمين التعليم للجميع أياً كانت الظروف القائمة».