سودانيون يخشون حرباً أهلية مدمرة مع زيادة الاستنفار وتسليح المدنيين

سودانيون يلوحون بالأسلحة ويرددون الشعارات وهم يقودون سياراتهم في أحد الشوارع للتعبير عن دعمهم للجيش في مدينة القضارف في السودان (أ.ف.ب)
سودانيون يلوحون بالأسلحة ويرددون الشعارات وهم يقودون سياراتهم في أحد الشوارع للتعبير عن دعمهم للجيش في مدينة القضارف في السودان (أ.ف.ب)
TT
20

سودانيون يخشون حرباً أهلية مدمرة مع زيادة الاستنفار وتسليح المدنيين

سودانيون يلوحون بالأسلحة ويرددون الشعارات وهم يقودون سياراتهم في أحد الشوارع للتعبير عن دعمهم للجيش في مدينة القضارف في السودان (أ.ف.ب)
سودانيون يلوحون بالأسلحة ويرددون الشعارات وهم يقودون سياراتهم في أحد الشوارع للتعبير عن دعمهم للجيش في مدينة القضارف في السودان (أ.ف.ب)

مع اتساع دائرة التسليح والاستنفار للانضمام إلى صفوف القوات المسلحة السودانية، في جميع المدن الخاضعة لسيطرة الجيش، في إطار ما تُعرف بـ«المقاومة الشعبية»، تزداد مخاوف سودانيين من اندلاع حرب أهلية.

وقال أيمن الزين الذي التحق بمعسكر للتجنيد في ولاية نهر النيل شمال البلاد، إنه حصل على قطعة سلاح، وبدأ التدّرب على إطلاق النار للدفاع عن أهالي المنطقة؛ خصوصاً النساء والأطفال، مما سمّاها «انتهاكات» قوات «الدعم السريع»، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

تصاعد الدخان جراء اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في الخرطوم (أرشيفية- أ.ف.ب)
تصاعد الدخان جراء اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في الخرطوم (أرشيفية- أ.ف.ب)

وأضاف: «نحن الآن جاهزون ومستعدون لأي احتمالات إذا تقدَّم المتمردون إلى منطقتنا؛ وسندافع عن أنفسنا وأعراضنا بكل ما أوتينا من قوة».

وتنشط ما تُعرف بـ«المقاومة الشعبية» في حشد الأهالي وتدريبهم على حمل السلاح في مناطق سيطرة الجيش؛ حيث انضم إلى صفوفها آلاف في ولايتي نهر النيل والشمالية شمال السودان، وفي سنار والقضارف وكسلا وبورتسودان في الشرق، وفي النيل الأبيض وسط البلاد، للمشاركة مع القوات المسلحة في معركتها ضد قوات «الدعم السريع».

وقال الزين: «معظم سكان مدينة شندي (في ولاية نهر النيل) استجابوا لنداء الوطن... الجميع يحملون سلاحهم طوال اليوم، حتى في الأسواق والمحال التجارية. نتوقع هجوم (الدعم السريع) في أي لحظة؛ خصوصاً بعد تمكنهم من دخول مدينة ود مدني بسهولة ودون مقاومة تذكر».

وشهدت مناطق متفرقة من ضواحي العاصمة الخرطوم غارات مكثفة للطيران الحربي للجيش السوداني أمس (السبت)، استهدفت مواقع سيطرة قوات «الدعم السريع».

وقال موقع «راديو دبنقا» الإخباري السوداني: «حلقت الطائرات المُسيَّرة والحربية بأحياء الخرطوم شرق وجنوب الحزام التي استهدفها الطيران بالبراميل المتفجرة... وردت قوات (الدعم السريع) بالمضادات الأرضية، بجانب استخدام مدافع (الهاون) التي استهدفت محيط القيادة العامة وسلاح الإشارة».

سيناريو ود مدني

ويشير الزين إلى أنه قرر حمل السلاح والدفاع عن أهالي منطقته، خشية تكرار سيناريو مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان التي سيطرت عليها قوات «الدعم السريع» الشهر الماضي، عقب انسحاب الجيش منها.

وكانت قوات «الدعم السريع» قد سيطرت على ولاية الجزيرة قبل أيام، وأحكمت قبضتها على 4 من أصل 5 ولايات في إقليم دارفور الواقع غرب السودان، بما في ذلك فِرق ومقرات الجيش، إلى جانب سيطرتها على أجزاء واسعة من الخرطوم وإقليم كردفان.

الحرب السودانية طالت مناطق عدة من البلاد (رويترز)
الحرب السودانية طالت مناطق عدة من البلاد (رويترز)

وأعلن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان ترحيبه بالمقاومة الشعبية، قائلاً: «سنسلّحهم؛ وأي سلاح عندنا سنعطيه لهم؛ لكن يجب أن يُقنَّن ويُسجَّل عند القوات النظامية، حتى لا يُحدث مشكلة مستقبلاً».

وقال البرهان في كلمة أمام قوات الجيش، في قاعدة جبيت العسكرية شرق السودان، يوم الجمعة: «أي منطقة بها مواجهة أو متوقع أن يذهب إليها العدو لينهب بيوتها، سنعطيهم السلاح، وكان عندهم سلاح يجيبوه (فليحضروه). السودان الآن في معركة يكون أو لا يكون، والشعب في تحدٍّ: أن يعيش بكرامة أو تحت العبودية والاستعمار».

قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان توعد بمواصلة القتال (أ.ف.ب)
قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان توعد بمواصلة القتال (أ.ف.ب)

وأضاف: «الشعب السوداني يقف مع القوات المسلحة، ويريد أن يتسلح ويقاتل ليحمي البلد مع الجيش... الشباب الذين انضموا إلى المقاومة الشعبية، نقول لهم: تعالوا وقاتلوا مع الجيش؛ وأي شخص يستطيع حمل السلاح فليأتِ».

وفي كلمة مصورة نشرها عبر حسابه على منصة «إكس» يوم الاثنين الماضي، في ذكرى استقلال السودان، قال قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) إن قواته «مصممة وقادرة على ملاحقة الانقلابيين المستنفرين الذين يدقون طبول الحرب، أينما وجدوا في بلادنا».

وأضاف: «بعد 9 أشهر من الانتصارات العسكرية المتواصلة، وهزيمة العدو في الخرطوم ودارفور وكردفان والجزيرة، يجب عليهم الإقرار علناً بأنهم قد خسروا هذه الحرب وفشلوا فيها؛ وعليهم التوقف عن الاستنفار والقتال وتدمير البلاد، والتمهيد لإنهاء الحرب وبدء العملية السياسية».

وكانت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، بقيادة رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك، وقوات «الدعم السريع» قد وقَّعتا اتفاقاً في أديس أبابا يوم الثلاثاء الماضي، من أجل إنهاء الحرب عبر التفاوض بين طرفي القتال والقوى المدنية.

وقالت «تقدم» في بيان عقب توقيع إعلان أديس أبابا، إن «الدعم السريع» أعلن استعداده التام لوقف غير مشروط للقتال عبر التفاوض المباشر مع القوات المسلحة؛ ووصفت ذلك بأنه «فرصة حقيقية للسلام»، قائلة إنها ستسعى لاغتنامها عبر «تكثيف التواصل مع قيادة القوات المسلحة، لحثها على الجلوس لاجتماع عاجل».

غير أن البرهان أكد في كلمته أمام قوات الجيش بقاعدة جبيت رفضه لاتفاق أديس أبابا، قائلاً: «نقول للسياسيين الذين وقَّعوا اتفاقاً مع (الدعم السريع)... أنتم مخطئون... اتفقتم مع جهة متمردة... مع جهة نعتبرها خارجة عن القانون، والعالم يعدها جماعة إرهابية».

تحذيرات من حرب أهلية

ويُحذّر البعض من أن تسليح المدنيين قد يقود إلى حرب أهلية تُدخل البلاد في فوضى يصعب احتواؤها.

من بين هؤلاء إبراهيم عبد المحمود، وهو موظف سوداني؛ حيث قال في حوار أجرته معه «وكالة أنباء العالم العربي»: «ليس هناك أدنى شك في أن عمليات تسليح المدنيين ستقود إلى حرب أهلية تقضي على الأخضر واليابس».

ويرى عبد المحمود أن قيادات جماعة «الإخوان المسلمين» تقف وراء دعوات تسليح المدنيين «لجر البلاد إلى الفوضى»، حسب وصفه.

وقال: «(كتيبة البراء بن مالك) -وهي إحدى كتائب (الإخوان المسلمين) التي تساند الجيش- بمثابة تغيير جلد لعناصر النظام السابق؛ حيث تتخفى خلف المقاومة الشعبية... وهي خطرة جداً على أمن وسلامة البلد».

أما مرتضى أحمد الذي نزح من الخرطوم إلى مدينة سنار جنوب شرقي البلاد، ومنها إلى بورتسودان شرقاً، فقد عبَّر عن خيبة أمله الشديدة بعد كلمة قائد الجيش الأخيرة، لما تضمنته في رأيه من «مؤشرات سالبة» تجاه عملية السلام.

وقال مرتضى: «بدأت أتحسس جواز سفري تأهباً لمغادرة البلاد، بعد أن كنت متشبثاً بأمل وقف الحرب».

واعتبر أحمد أن مضمون خطاب البرهان واللهجة التي تحدث بها يوحيان باستمرار الحرب لسنوات قادمة؛ خصوصاً بعد تأكيده على مسألة تسليح المواطنين، وانخراطهم فيما تسمى «المقاومة الشعبية»، وهي «مزيد من صب الزيت على النار، ومن شأنها رفع وتيرة العنف في البلاد»، حسب قوله.

جنود من الجيش السوداني خلال دورية في ولاية القضارف بشرق البلاد (أ.ف.ب)
جنود من الجيش السوداني خلال دورية في ولاية القضارف بشرق البلاد (أ.ف.ب)

وأضاف: «يريد قادة الجيش أن يُقحِموا المواطنين في صراع عسكري هم ليسوا طرفاً فيه؛ وما يجري الآن من استنفار وتسليح للمدنيين، نخشى أن يتسبب في حرب أهلية شاملة، ويجب أن يتوقف هذا الأمر».

واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) من العام الماضي، بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين بسبب خلافات حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً.

وأدى القتال إلى نزوح أكثر من 7.2 مليون شخص داخل السودان وخارجه، ومقتل نحو 12 ألف شخص، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

بابا الفاتيكان يُندد بـ«الكارثة الإنسانية المروعة» في جنوب السودان

أوروبا نساء يبعن بضائعهن في سوق نزارا المفتوح جنوب السودان 15 فبراير (أ.ب)

بابا الفاتيكان يُندد بـ«الكارثة الإنسانية المروعة» في جنوب السودان

جدَّد بابا الفاتيكان فرنسيس، الأحد، دعوته للسلام في أوكرانيا وفلسطين وإسرائيل ولبنان وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار وجنوب السودان.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
شمال افريقيا البرهان (أ.ف.ب)

البرهان: لا تراجع عن هزيمة وسحق قوات «الدعم السريع»

قال رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان اليوم (السبت)، إنه لا تراجع عن هزيمة وسحق قوات «الدعم السريع»

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني في مدينة أم درمان (أرشيفية - رويترز)

الجيش السوداني يسترد منطقة استراتيجية في أم درمان

أعلن الجيش السوداني، يوم السبت، استرداد واحد من أكبر معاقل «قوات الدعم السريع» الرئيسية في غرب مدينة أم درمان، وهي منطقة «سوق ليبيا».

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا جنود سودانيون يصلون إلى منطقة استعادها الجيش السوداني مؤخراً من مجموعة «قوات الدعم السريع» (أ.ب) play-circle

الجيش السوداني يُسيطر على منطقة سوق ليبيا في أم درمان

أعلن المتحدث باسم الجيش السوداني نبيل علي، السبت، أن القوات المسلحة نجحت في بسط سيطرتها على منطقة سوق ليبيا.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا نائبة المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مينيون هيوستن (الشرق الأوسط) play-circle 00:42

مسؤولة أميركية لـ«الشرق الأوسط»: أولويتنا في السودان وقف القتال

أكدت الإدارة الأميركية أنها لا تزال منخرطة جداً في السودان، ولن تتخذ طرفاً في النزاع الدائر حالياً في البلاد، وتدعم الشعب السوداني وطموحاته نحو حكومة مدنية.

رنا أبتر (واشنطن)

مصريون ناجون من سجون «الدعم السريع» في السودان يروون معاناتهم: «كنا ننتظر الموت»

المصري محمد شعبان خلال حواره مع «وكالة الصحافة الفرنسية» (أ.ف.ب)
المصري محمد شعبان خلال حواره مع «وكالة الصحافة الفرنسية» (أ.ف.ب)
TT
20

مصريون ناجون من سجون «الدعم السريع» في السودان يروون معاناتهم: «كنا ننتظر الموت»

المصري محمد شعبان خلال حواره مع «وكالة الصحافة الفرنسية» (أ.ف.ب)
المصري محمد شعبان خلال حواره مع «وكالة الصحافة الفرنسية» (أ.ف.ب)

على مدى ما يقرب من عامين، نُقل عماد معوض مرات كثيرة من مكان احتجاز إلى آخر في السودان؛ حيث اعتقلته «قوات الدعم السريع» مع عدد آخر من المصريين بتهمة «التجسس»، وكان يخشى في كل مرة أن يكون اليوم الذي يمر عليه هو الأخير في حياته.

أمضى التاجر المصري -البالغ 44 عاماً- سنوات في بيع الأجهزة المنزلية في السودان، قبل أن يقتحم مقاتلون من «قوات الدعم السريع» منزله في الخرطوم في يونيو (حزيران) 2023، ويعتقلوه مع 6 مصريين آخرين.

ويقول معوض لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، من منزله في كفر أبو شنب، وهي قرية هادئة بمحافظة الفيوم المصرية جنوب غربي القاهرة: «اتهمونا بأننا جواسيس».

وتتهم «قوات الدعم السريع»، التي تخوض نزاعاً مدمّراً مع الجيش السوداني منذ أبريل (نيسان) 2023، مصر بالتدخل في الحرب عبر دعم الجيش، الأمر الذي تنفيه القاهرة.

ويتذكَّر معوض كيف فتَّش العناصر الذين اعتقلوه هاتفه ومنزله، قائلاً: «كنّا مجرد تجار، لكن بالنسبة لهم، كل مصري كان موضع شك».

ورغم عدم العثور على أي أمر مريب لديهم، عُصبت أعين أفراد المجموعة، وتم اقتيادهم في شاحنة إلى مركز احتجاز في الخرطوم.

كان قد مضى شهران على بدء الحرب، وكان مئات الآلاف من سكان السودان قد فروا إلى الحدود المصرية بحثاً عن الأمان.

ويقول معوض: «لم يكن ممكناً لي أن أسافر بسبب كمية البضائع التي كانت لديَّ، والتي كان يمكن أن تُسرق»، كما كانت هناك «ديون» يتعيَّن سدادها، و«اضطررنا لحراسة بضاعتنا مهما كانت الظروف».

«هياكل»

في مبنى جامعي حُوِّل إلى سجن في حي الرياض بالعاصمة السودانية، احتُجز معوض مع 8 مصريين آخرين في زنزانة مساحتها 3 أمتار في 3 أمتار من دون أي نوافذ.

ويوضح معوض أن الزنازين الأخرى كانت تضم ما بين 20 و50 معتقلاً، بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 6 سنوات، ورجال مسنّون، بعضهم في التسعينات من العمر.

ويقول أحمد عزيز، وهو تاجر مصري آخر، كان محتجزاً مع معوض: إن الطعام الذي كان يُقدَّم للمعتقلين «لم يكن أكلاً».

ويوضح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كانوا يُحضرون لنا ماءً ساخناً ممزوجاً بالدقيق، عبارة عن عجينة لا طعم لها».

وكانت المياه إما مالحة وملوثة من إحدى الآبار وإما مليئة بالرواسب من نهر النيل، ما أدَّى إلى تفشي الأمراض بين السجناء الذين لم يتمكَّن بعضهم من الصمود في هذه الظروف، فماتوا.

ويقول عزيز إنه عندما كان يُصاب سجين بالمرض، ما كان عليه سوى «انتظار الموت».

ووفقاً لمعوض: «بدأت أجسام المساجين تفقد مناعتها، وأصبحوا مجرد (هياكل)»، مشيراً إلى أن 5 مساجين، «أحياناً أكثر وأحياناً أقل بقليل، كانوا يموتون يومياً».

وكانت تترك الجثث غالباً لتتعفّن في الزنازين لأيام، في حين يرقد المعتقلون بجانبها.

ويروي معوض: «لم يكونوا يغسلون الجثث»، وهي عادة إسلامية مهمة لإكرام الموتى قبل دفنهم. وكان عناصر «قوات الدعم السريع» «يلفونها ويلقون بها في الصحراء».

تجريد من الإنسانية

وفق الأمم المتحدة، اعتقل عشرات الآلاف في السودان في سجون «قوات الدعم السريع» أو الجيش السوداني، وفق تقرير صدر في وقت سابق من هذا الشهر.

ومنذ بدء الحرب قبل سنتين، وثّق النشطاء عمليات اعتقال وتعذيب طالت عمال إغاثة في الخطوط الأمامية أو ناشطين حقوقيين أو مدنيين بصورة عشوائية.

وأفاد تقرير الأمم المتحدة بأن «قوات الدعم السريع» حوَّلت مباني سكنية ومراكز للشرطة ومدارس إلى سجون سرية. وخُطف كثيرون من الشوارع، ويتعرض المعتقلون للضرب والجلد والصعق بالكهرباء أو يجبرون على القيام بأعمال شاقة.

كما اتهم التقرير الجيش بممارسة التعذيب، بما يشمل الضرب المبرح والصدمات الكهربائية.

ولم يستجب الجيش ولا «قوات الدعم السريع» لطلبات «وكالة الصحافة الفرنسية» بالتعليق.

وقالت الأمم المتحدة إن سجن سوبا، التابع لـ«قوات الدعم السريع» في جنوب الخرطوم، ربما كان يضم أكثر من 6000 معتقل بحلول منتصف عام 2024.

ويصف عزيز الذي احتُجز هناك لمدة شهر، كابوساً حقيقياً عاشه في هذا المعتقل.

ويقول: «لم تكن هناك مراحيض، مجرد دلاء داخل الزنزانة تُترك هناك طوال اليوم».

ويضيف: «لا يُمكن أن يمرّ أسبوعان من دون أن تُصاب بالمرض»، وقد انتشرت الحمى على نطاق واسع بين السجناء، ما أثار مخاوف من انتشار الكوليرا والملاريا. وليلاً، كانت أسراب الحشرات تزحف على السجناء.

ويقول عزيز: «لم يكن هناك ما يجعلك تشعر بأنك إنسان».

ويوضح محمد شعبان، وهو تاجر مصري آخر، أن حراس «قوات الدعم السريع» في سجن سوبا اعتادوا إهانة السجناء وضربهم بالخراطيم والعصي والسياط.

ويقول شعبان، البالغ 43 عاماً، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كانوا يجردوننا من ملابسنا...»، ثم يستهدفون السجناء «ضرباً وإهانة وشتماً».

«إفلات تام من العقاب»

ويرى الباحث السوداني في منظمة «هيومن رايتس ووتش» محمد عثمان، إنه في حين «يتمتع الجيش بإطار قانوني على الأقل، فإن (قوات الدعم السريع) تعمل في ظل إفلات تام من العقاب».

ويوضح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن القوات شبه العسكرية «تدير منشآت سرية يُؤخذ إليها الناس، وغالباً ما لا يُعثر عليهم مجدداً».

ورغم محنتهم، كان معوض وعزيز وشعبان من بين المحظوظين، إذ أُطلق سراحهم بعد 20 شهراً من الأسر بنتيجة ما يعتقدون أنها عملية استخباراتية مشتركة بين مصر والسلطات السودانية الموالية للجيش.

وعادوا إلى ديارهم في مصر، وهم يكافحون للتعافي جسدياً ونفسياً: «لكن علينا أن نحاول طي الصفحة والمضي قدماً»، حسب شعبان، الذي يقول: «علينا أن نحاول النسيان».