هل كتب رئيس الوحدة الليبية «شهادة وفاة» اجتماع «الخمسة الكبار»؟

بعد الإعلان عن تمسكه بالسلطة لحين إجراء الانتخابات

رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة (منصة حكومتنا)
رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة (منصة حكومتنا)
TT

هل كتب رئيس الوحدة الليبية «شهادة وفاة» اجتماع «الخمسة الكبار»؟

رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة (منصة حكومتنا)
رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة (منصة حكومتنا)

يشعر كثير من الليبيين أن مبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي، التي أطلقها منذ شهر تقريباً لدعوة الأطراف الرئيسية لاجتماع يناقش الخلافات المتعلقة بقانوني الانتخابات، قد أجهضت قبل أن تولد، وذلك بسبب تمسك أغلب هذه الأطراف بمواقفهم الرافضة للمشاركة فيه إلا إذا تم إقصاء خصومها من حضوره. وتعمق هذا الشعور أكثر بعد التصريحات التي أطلقها رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، والتي أكد فيها أنه «لن يترك منصبه إلا لمن يختاره الليبيون عبر الانتخابات».

واعتبرت عضو مجلس النواب الليبي، ربيعة أبو راص، أن تصريحات الدبيبة «كتبت شهادة الوفاة للمبادرة الأممية، لأنه لم يعد هناك بالأساس ما يتم التفاوض حوله»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن الدبيبة «يرفض بذلك أي حديث عن تشكيل حكومة بديلة لحكومته، لتضطلع بمهمة الإشراف على إجراء الانتخابات، وبالمقابل يتمسك مجلس النواب بما أقره من قوانين انتخابية، ويرفض أي نقاش حولها، وبالتالي لم يعد هناك جدول أعمال يمكن للأطراف الخمسة التفاوض حوله»، موضحة أن ردود فعل أغلب تلك الأطراف على الدعوة الأممية اتسمت بالتعنت وإصرار كل طرف على إقصاء الآخر، مشيرة إلى أن تصريحات الدبيبة «جاءت ردَّ فعل على استمرار دعوات لإقصائه من المشاركة في الاجتماع».

من اجتماع سابق لباتيلي مع حفتر وصالح في بنغازي (الجيش الوطني)

ولم تستبعد أبو راص أن يقبل المجتمع الدولي ما طرحه الدبيبة باستمرار حكومته لحين إجراء الانتخابات، لكن ربما مع إجراء تعديلات عليها، مرجعة ذلك «لتركيز بعض العواصم الغربية على ملف الانتخابات، مقارنة بملف تشكيل حكومة جديدة».

ووجه باتيلي في الـ23 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي دعوة لكل من رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، والدبيبة، وقائد الجيش الوطني، خليفة حفتر، للاجتماع بهدف مناقشة القضايا الخلافية التي تعوق إجراء الانتخابات.

أما عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، فانتقد صمت البعثة الأممية على تصريحات الدبيبة؛ لأنها تنسف من وجهة نظره «مستقبل أي عملية تفاوض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «صمت البعثة واكتفاءها بتكرار تحميل مسؤولية إطالة أمد الانسداد السياسي للأطراف الرئيسية، يعزز ما يستشعره كثيرون بانحيازها للدبيبة، ومحاولة الإبقاء على حكومته لحين إجراء الانتخابات»، مشيراً إلى مطالبة مجلسه بضرورة وجود حكومة جديدة مصغرة للإشراف على إجراء الانتخابات، والتنصيص على ذلك ببنود القوانين الانتخابية التي تم إقرارها أخيراً. وتساءل: «كيف نطمئن لحياد حكومة الدبيبة بالإشراف على العملية الانتخابية ونحن نعلم مسبقاً أنه قد يشارك في السباق الرئاسي؟».

وأرجع الدبيبة أسباب رفضه للقوانين، التي أعدتها اللجنة المشتركة (6+6)، والتي أقر مجلس النواب نسختها النهائية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بكونها «مفصلة على مقاس أشخاص بعينهم»، على حد قوله.

محمد المنفي في لقاء سابق مع عبد الحميد الدبيبة لبحث ملف الانتخابات (الوحدة)

بالمقابل، رأى المحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، أن تصريحات الدبيبة لا تتعارض مع أجندة المبادرة الأممية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه منذ البداية تم الإعلان بأن اجتماع باتيلي «يروم جمع الأطراف الرئيسية الخمسة للتفاوض، وإيجاد تسوية سياسية تقود للتوافق حول القوانين الانتخابية، وإيجاد حكومة موحدة تشرف على إجراء الانتخابات، وليس شرطاً أن تكون الأخيرة حكومة جديدة تمدد عمر المرحلة الانتقالية الراهنة، وأعتقد أن هذا ما يذهب له الموقف الأميركي أيضاً».

وأضاف الكبير موضحاً أنه «يمكن التوصل لصيغة يتم بها دمج الحكومتين المتنازعتين على السلطة، أو إجراء تعديلات على حكومة الدبيبة، لا الاستجابة لرغبة بعض الأطراف، وأولهم عقيلة صالح، في الإطاحة بحكومة الدبيبة وتشكيل حكومة جديدة». وانتهى المحلل السياسي إلى أنه «إذا لم يكن الطريق واضحاً نحو الانتخابات، وبضمانات بخروج كل الأجسام من المشهد السياسي، فلن تكون هناك انتخابات».

عبد الله باتيلي في لقاء سابق مع المشير خليفة حفتر لبحث المشاكل التي تعوق إجراء الانتخابات الليبية (البعثة)

وكان الدبيبة قد تطرق في إطار رفضه للقوانين الانتخابية إلى مشروع الدستور الليبي، الذي أعدته الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور عام 2017، متسائلاً عن عدم قيام البرلمان بطرحه للاستفتاء الشعبي. وهو التساؤل الذي عدته عضوة الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي، نادية عمران، «الحل الواقعي لضمان إجراء الانتخابات في أسرع وقت». ورأت عمران أن «كل الأطراف المتصدرة للمشهد لا تسعى للحل وتتمسك بالسلطة... والجميع يتحدث عن أساس دستوري قوي وقوانين انتخابية متوافق عليها، لكنهم يسعون في الوقت ذاته لعرقلة أي مسار يقود للانتخابات؛ لأن الكل أدمن السلطة أو بات يقتات من الصراع عليها».

المبعوث الأممي خلال لقاء مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي لبحث ملف الانتخابات

وشددت عمران على أن أي إطار قانوني منظم للانتخابات لا يصدر عن لجنة منتخبة من الشعب، كما هو حال هيئتها، «سيواجه بالفشل»، مشيرة في هذا الصدد «لعدم قدرة أغلب المبادرات والوثائق، التي رعتها البعثة الأممية طيلة السنوات الستة الماضية على إيصال الليبيين للانتخابات». كما رأت أن «نقاط الخلاف باتت محصورة ومعروفة للجميع، والحل ليس بتفاوض الخمسة الكبار برعاية البعثة، التي تعبر تصريحات رئيسها باتيلي عن فشلها المبكر، وإنما الحل في طرح مشروع الدستور للاستفتاء للقبول به، أو رفضه».


مقالات ذات صلة

أمازيغ ليبيا يتظاهرون رفضاً لـ«عسكرة» يفرن

شمال افريقيا خوري في فعاليات سابقة بحضور ليبيات (البعثة الأممية)

أمازيغ ليبيا يتظاهرون رفضاً لـ«عسكرة» يفرن

طردت مدينة ليبية بغرب البلاد قوة عسكرية موالية للواء منفصل عن سلطات طرابلس، رفضاً لما أسمته محاولة «عسكرتها».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يتوسط تبون والمنفي خلال قمة تونس في أبريل الماضي (الرئاسة التونسية)

ليبيا: تحديات أمنية واقتصادية أمام القمة المغاربية «المصغرة»

فيما لم يحدد موعد عقدها في العاصمة الليبية، إلا أن أجندة أعمال القمة المغاربية «المصغرة» يتوقع أن تضم قضايا تتعلق بأمن الحدود والأوضاع الاقتصادية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من حملة تحصين الماشية ضد الحمى القلاعية بجنوب ليبيا (الحكومة بشرق ليبيا)

ليبيا: تحركات حكومية لمواجهة ازدياد «الحمى القلاعية»

يطالب مربو الماشية في مدينة مصراتة، غرب البلاد، السلطات بسرعة التحرك لتدارك «الكارثة» التي حلّت بهم وقضت على سبل عيشهم، بعد تزايد فيروس «الحمى القلاعية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة خلال الاحتفال بعيد «التحرير» (الوحدة)

ليبيا: تعهدات في ذكرى إسقاط القذافي بعدم العودة لحكم الفرد

قال عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، إن المرحلة المقبلة تتطلب «حزماً وقوة» في مواجهة كل من يسعى لتعطيل مسيرة الحرية والاستقرار.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا إردوغان في لقاء سابق مع عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي وعبد الله اللافي النائب بالمجلس الرئاسي (مكتب صالح)

ليبيا تؤكد مشاركة الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب

أدانت السلطات الليبية في شرق البلاد وغربها «الهجوم الإرهابي»، الذي استهدف مقر الشركة التركية لصناعات الطيران والفضاء (توساش)، وخلَّف 4 قتلى وجرح 14 شخصاً.


مسؤول أممي يدعو إلى مزيد من الاهتمام بـ «الأزمة المنسية» في السودان

علم السودان على مدفع رشاش لجنود قوات الدعم السريع (أرشيفية – رويترز)
علم السودان على مدفع رشاش لجنود قوات الدعم السريع (أرشيفية – رويترز)
TT

مسؤول أممي يدعو إلى مزيد من الاهتمام بـ «الأزمة المنسية» في السودان

علم السودان على مدفع رشاش لجنود قوات الدعم السريع (أرشيفية – رويترز)
علم السودان على مدفع رشاش لجنود قوات الدعم السريع (أرشيفية – رويترز)

دعا مسؤول بارز في الأمم المتحدة، الجمعة، إلى مزيد من الاهتمام الدولي بـ «الأزمة المنسية» في السودان، حيث دفعت الحرب المستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام الدولة الإفريقية إلى حافة المجاعة.
جاء النداء الذي وجهه تيد شيبان، نائب مدير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في الوقت الذي قامت فيه قوات الدعم السريع شبه العسكرية باجتياح قرى وبلدات في ولاية الجزيرة وسط السودان.

وقال شيبان، إن الحرب التي اندلعت في أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، خلقت «واحدة من أشد الأزمات في الذاكرة الحية»، حيث أجبرت أكثر من 14 مليون شخص على الفرار من منازلهم، مما جعل السودان يشهد أكبر أزمة نزوح في العالم.

وأضاف في مقابلة مع وكالة «أسوشيتد برس» للأنباء: «لم نشهد قط منذ جيل كامل هذه الأنواع من الأرقام»، في إشارة إلى النازحين، بالإضافة إلى 8.5 مليون شخص يواجهون مستويات خطيرة من انعدام الأمن الغذائي، و775 ألفاً آخرين يواجهون ظروفا شبيهة بالمجاعة.

وتابع شيبان: «لقد تفككت البلاد بأكملها... ومع ذلك، يتم نسيان الدولة والأزمة».