قصف تركي على القامشلي يودي بحياة 6 أشخاص بينهم امرأة وعمال

أحزاب كردية تدعو «التحالف» وروسيا لردع الهجمات التركية

دخان كثيف يتصاعد من حريق مشتعل في صهريج بحقل العودة النفطي قرب القحطانية شمال شرقي سوريا الأحد (أ.ف.ب)
دخان كثيف يتصاعد من حريق مشتعل في صهريج بحقل العودة النفطي قرب القحطانية شمال شرقي سوريا الأحد (أ.ف.ب)
TT

قصف تركي على القامشلي يودي بحياة 6 أشخاص بينهم امرأة وعمال

دخان كثيف يتصاعد من حريق مشتعل في صهريج بحقل العودة النفطي قرب القحطانية شمال شرقي سوريا الأحد (أ.ف.ب)
دخان كثيف يتصاعد من حريق مشتعل في صهريج بحقل العودة النفطي قرب القحطانية شمال شرقي سوريا الأحد (أ.ف.ب)

قصفت طائرات تركية «مسيّرة» صباح الاثنين، عدة مواقع في مدينتي القامشلي بمحافظة الحسكة وعين العرب «كوباني» بريف حلب الشرقي، واستهدفت الضربات منطقة صناعية في حي العلايا المجاور لسجن مركزي يضم محتجزي عناصر «تنظيم داعش».

وأفاد مسؤول كردي بأن القصف أخرج شركة الكهرباء في قرية بانا «شكفتيه» بريف ناحية المالكية عن العمل، ما تسبب في قطع التيار الكهربائي عن محطات القامشلي وعامودا والدرباسية، المحاذية للحدود التركية.

وقال القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، مظلوم عبدي، إن العالم والمنطقة بينما يستعدون لاستقبال عام جديد، «تستهدف تركيا عبر سياساتها العدوانية أمن شعبنا واستقرار مناطقنا»، فيما أدان 33 حزباً سياسياً عبر بيان مشترك القصف التركي الذي تسبب في خسائر مالية كبيرة وحرمان سكان المنطقة من الخدمات، ودعوا قوات التحالف الدولية وروسيا الاتحادية إلى اتخاذ مواقف واضحة حيال الهجمات التركية.

ونقل سكان وشهود عيان ومصدر طبي في مدينة القامشلي، أن حصيلة القصف التركي بلغت 6 مدنيين فارقوا الحياة، وإصابة 9 آخرين، واستهدف القصف مواقع خدمية بينها شركة كهرباء بالقرب من محطة «سادكوب» لتوزيع الغاز والمازوت، فيما طال القصف مؤسسة الإسمنت التابعة للإدارة ومحطة القطار ومطبعة مدنية ومجمعاً زراعياً، كما قُصفت منشأة صناعية ومحيط مقبرة «دليل صاروخان» على الحزام الشمالي.

عربات المطافئ في القامشلي شمال شرقي سوريا تواجه أضرار استهداف طائرة مسيّرة تركية لمعمل الإنشاءات الاثنين (المرصد السوري)

ومن المواقع المدنية المستهدفة مطبعة «سيماف» الخاصة، حيث سقط ثلاثة مدنيين بينهم فتاة وإصابة آخرين. وأكد الفنان سامر كالو الذي كان موجوداً لحظة الاستهداف في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أنها كانت «لحظة لا توصف من شدة الأصوات، ولم أع ما يجري لشدة الضربة، إلا بعد دقائق، حيث لحقت أضرار كبيرة بالمطبعة جراء اندلاع النيران، وأسعفنا 4 عاملين بينهم فتاة لمشافي المدينة». وفارق 3 عمال حياتهم قبل وصولهم إلى المشافي.

ونقل طاهر حصاف، أن قريبه رياض حمو (52 عاما)، وبيريفان زبير وريناس وهما بمنتصف الثلاثينات، فارقوا الحياة على الفور قبل وصولهم إلى مشافي المدينة.

دخان كثيف يتصاعد من حريق مشتعل في صهريج منشأة حقل العودة النفطي قرب القحطانية شمال شرقي سوريا في 24 ديسمبر بعد غارة تركية (أ.ف.ب)

وذكر مصدر طبي من مشفى «نافذ» الخاص، أنه مع مشفى «الشهيد خبات» بالقامشلي، تم استقبال مصابيْنِ اثنين جراء القصف التركي صباحاً على مطحنة بالقرب من الصوامع في حي العنترية (الجهة الشرقية للمدينة)، و«حالة أحدهما غير مستقرة بعد استخراج شظايا من رأسه وكتفه، فيما الحالة الثانية لا تزال في غرفة العناية المشددة تتلقى العلاج».

مليون سوري من دون كهرباء

وطال القصف التركي محطة «كرديم للكهرباء» بريف القحطانية في ريف القامشلي الشرقي، ومصرف البلدة الزراعي، ومعملاً للبلاستيك، وسط سماع لأصوات الطيران الحربي في سماء المنطقة المحاذية للحدود التركية شمالاً. كما استهدفت الضربات معمل «روهلات» لصناعة الزيتون، وصالة «كرم» للأفراح في مركز بلدة عامودا دون ورود معلومات عن ضحايا مدنيين أو حجم الخسائر المادية.

وتسببت الضربات التركية في إخراج شركة الكهرباء في قرية بانا «شكفتيه» بريف ناحية المالكية أقصى شمال شرقي سوريا، وتضررت الأبراج الحاملة، واحترقت غرفة الكنترول التي تمد المنطقة بالكهرباء، وتغذي المحطة مدن وبلدات القحطانية وتل كوجر، وتل حميس، وتل علو، وريف القامشلي الشمالي والجنوبي، إضافة لمحطتي عامودا والدرباسية، ويقدر عدد السكان بنحو مليون شخص.

وقال أكرم سليمان رئيس مكتب الطاقة في «مقاطعة الجزيرة»، أي محافظة الحسكة، وهي إحدى التسميات الإدارية التابعة للإدارة «الذاتية لإقليم شمال شرقي» سوريا، إن المنطقة هشة وبنيتها التحتية ضعيفة ومتهالكة جراء استمرار الحرب السورية وتوسع نطاق الهجمات التركية. وتابع في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الضربات ضاعفت مشاكل توفير خدمات الكهرباء ومياه الشرب والمحروقات والغاز، فالقصف الأخير يزيد من معاناة سكان المنطقة واستهداف هذه المنشآت الحيوية جريمة حرب بحق الشعب السوري».

محطة السعيدة للنفط والغاز

وتتعرض هذه المناطق على مدار اليومين الماضيين لسلسلة غارات تركية جوية استهدفت مواقع حدودية؛ وشملت محطات للنفط والطاقة ومنشآت مدنية، وطالت حقل العودة النفطي بريف القحطانية، ويعد من أكبر الحقول النفطية بالمنطقة، ومحطة سعيدة النفطية، وكذلك شركة الكهرباء في قرية «بانا شكفتيه» بريف المالكية، وتخضع هذه المناطق لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من تحالف دولي، تقوده الولايات المتحدة الأميركية.

هذا واستنكر القائد العام لقوات «قسد» مظلوم عبدي تكرار استهداف تركيا البنى التحتية وسبل العيش والخدمات لسكان المنطقة للمرة الثالثة في غضون سنة، ونشر تغريدة على حسابه الشخصي بموقع «إكس»: «هي سياسة تجويع واحتلال ترتقي لجرائم حرب تنتهجها الدولة التركية تستهدف أمن شعبنا واستقرار المنطقة»، وأضاف أن العالم في الوقت الذي يستعد فيه لاستقبال عام جديد يحمل إليهم السلام والطمأنينة، «ورغم جهودنا المستمرة مع الحلفاء قوات التحالف الدولية لتحقيق الاستقرار، تصر أنقرة على سياساتها العدوانية غير المبررة وتصدير مشاكلها الداخلية».

سياسياً، أعرب 33 حزباً سياسياً تنضوي في «الإدارة الذاتية» في بيان مشترك إدانتها للقصف التركي على شمال سوريا، وجاء في البيان: «تسببت الهجمات في خسائر كبيرة وتداعيات على السكان، فضلاً عن حالة هلع ورعب»، ودعت هذه الجهات قوات التحالف الدولي وروسيا الاتحادية لعدم التساهل مع الهجمات التركية واتخاذ موقف واضح تجاهها، «إذ تهدد الهجمات بنسف جهود قوات (قسد) بمحاربة (تنظيم داعش) الإرهابي».


مقالات ذات صلة

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة جوية للقصف التركي على مواقع «قسد» في شمال سوريا (وزارة الدفاع التركية)

تركيا تصعد هجماتها على «قسد» شمال وشرق سوريا

واصلت القوات التركية تصعيد ضرباتها لمواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال وشرق سوريا، وسط حديث متصاعد في أنقرة عن احتمالات القيام بعملية عسكرية جديدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
TT

ميقاتي: استهداف إسرائيل الجيش اللبناني رسالة دموية

جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)
جانب من الأضرار التي أصابت مركز الجيش اللبناني في منطقة العامرية في قضاء صور إثر استهدافه بقصف إسرائيلي مباشر (أ.ف.ب)

رأى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن استهداف إسرائيل مركزاً للجيش اللبناني في الجنوب، يمثل رسالة دموية مباشرة برفض مساعي التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وأعلنت قيادة الجيش اللبناني، الأحد، «استشهاد أحد العسكريين وإصابة 18 بينهم مصابون بجروح بليغة نتيجة استهداف العدو الإسرائيلي مركز الجيش في العامرية على طريق القليلة - صور، كما تعرّض المركز لأضرار جسيمة».

وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) أفادت باستهداف حاجز للجيش في العامرية أدى إلى إصابة أكثر من 8 عسكريين، بينهم حالتان حرجتان، مشيرة إلى أن سيارات الإسعاف و«الصليب الأحمر» وكشافة الرسالة للإسعاف الصحي هُرعت إلى المكان، وعملت على نقل الجرحى إلى المستشفيات في صور.

عدوان مباشر

وفي تعليق منه على ما حدث رأى ميقاتي أن «استهداف العدو الإسرائيلي بشكل مباشر مركزاً للجيش في الجنوب وسقوط شهداء وجرحى يمثل رسالة دموية مباشرة برفض كل المساعي والاتصالات الجارية للتوصل إلى وقف النار، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، وتنفيذ القرار الدولي رقم 1701»، مؤكداً أن «هذا العدوان المباشر يضاف إلى سلسلة الاعتداءات المتكررة للجيش وللمدنيين اللبنانيين، وهو أمر برسم المجتمع الدولي الساكت على ما يجري في حق لبنان».

ورأى أن «رسائل العدو الإسرائيلي الرافض لأي حل مستمرة، وكما انقلب على النداء الأميركي - الفرنسي لوقف إطلاق النار في سبتمبر (أيلول) الفائت، ها هو مجدداً يكتب بالدم اللبناني رفضاً وقحاً للحل الذي يجري التداول بشأنه».

وأضاف قائلاً: «إن الحكومة التي عبّرت عن التزامها تطبيق القرار الدولي رقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، تدعو دول العالم والمؤسسات الدولية المعنية إلى تحمّل مسؤولياتها في هذا الصدد».

أدى استهداف الجيش في صور جنوب لبنان إلى أضرار جسيمة في المركز والآليات العسكرية (أ.ف.ب)

ويتعرض الجيش اللبناني منذ بدء الحرب على لبنان لاستهدافات إسرائيلية متواصلة؛ ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوفهم، بحيث وصل عدد القتلى إلى 44 عسكرياً، بينهم 19 قُتلوا في مراكز عملهم و25 في منازلهم مع عائلاتهم.

ويأتي ذلك في ظل الحديث الجدي اليوم حول دور الجيش اللبناني في المرحلة المقبلة والوعود التي يطلقها المسؤولون اللبنانيون لناحية تطبيق القرار 1701، وزيادة عدد الجنود والضباط عند الحدود اللبنانية إلى 10 آلاف.

استهداف متكرر

وتضع مصادر أمنية الاستهدافات المتكررة للجيش اللبناني في خانة الرسائل لمنع وجود العسكريين عند الحدود اللبنانية، وهو ما يقوم به الجيش الإسرائيلي مع قوات الـ«يونيفيل» بحيث يريد فرض منطقة آمنة مهجورة ومحروقة.

وينتشر اليوم نحو 4500 عنصر من الجيش في منطقة جنوب الليطاني، كانت مهمتهم بشكل أساسي مراقبة تطبيق القرار 1701 والخروق التي تحصل، وكان قد أعيد انتشارهم بالتراجع ما بين 3 و4 كيلومترات، عند بدء التصعيد الإسرائيلي عبر إعادة تموضعهم في مراكز خلفية محصنة ومجهزة للدفاع إذا ما حدث أي تقدم للجيش الإسرائيلي»، وفق ما يؤكد مصدر أمني.