العراق: «الإطار التنسيقي» يتدارك «مفاجأة» الحلبوسي بتحالف «الأغلبية المطلقة»

المفوضية تلمح إلى «تغيير ممكن» في النتائج بعد فرز «بقية الصناديق»

«خلل تقني» أجبر المفوضية على إعادة فرز ألفي صندوق انتخابي (أ.ف.ب)
«خلل تقني» أجبر المفوضية على إعادة فرز ألفي صندوق انتخابي (أ.ف.ب)
TT

العراق: «الإطار التنسيقي» يتدارك «مفاجأة» الحلبوسي بتحالف «الأغلبية المطلقة»

«خلل تقني» أجبر المفوضية على إعادة فرز ألفي صندوق انتخابي (أ.ف.ب)
«خلل تقني» أجبر المفوضية على إعادة فرز ألفي صندوق انتخابي (أ.ف.ب)

تتوقَّع أحزاب عراقية الحصول على مقاعد أكثر في مجالس المحافظات، بعد انطلاق عملية العد والفرز لما تبقى من صناديق الاقتراع، بإشراف مراقبين محليين ودوليين، وفقاً لمفوضية الانتخابات.

وأعلنت السلطات، الثلاثاء الماضي، نتائج أولية، تمثل نحو 94 في المائة من الصناديق، شملت تفوقاً لحزب «تقدم» الذي يتزعمه محمد الحلبوسي، ولقوى من «الإطار التنسيقي». ورغم أن القوى السنية فازت بعدد وازن من المقاعد في مجالس المحافظات، فإن هذه النتائج دفعت القوى الشيعية إلى التحالف لترجيح كفتها خلال مفاوضات تشكيل الحكومات المحلية، لا سيما في بغداد.

وقال عضو الفريق الإعلامي للمفوضية، حسن هادي، إن «عملية العد والفرز اليدوي تجري الآن بإشراف مراقبين محليين ودوليين، وعبر وجبتَي عمل صباحية ومسائية، وهناك 250 موظفاً ينجزون الأعمال في جانبي الكرخ والرصافة في بغداد». وأوضح هادي أن العملية «ستنتهي خلال 3 أيام فقط، وسنكون قادرين على إعلان النتائج النهائية».

وعلى الأغلب، فإن الصناديق المتبقية تعود إلى يوم الاقتراع الخاص، وغالبيتها لمنتسبي الأجهزة الأمنية من الجيش والشرطة و«الحشد الشعبي»، وهي أصوات سترجِّح كفَّة الأحزاب الشيعية في عدد من المحافظات.

ولا يعرف الموظف الإعلامي في مفوضية الانتخابات إن كانت الأصوات المتبقية، التي يجري فرزها، ستؤثر كثيراً على النتائج الأولية المعلنة، لكنه أكد أن «الأرقام النهائية ستُعلَن خلال أيام».

وتلقت قوى سياسية تصريحات المفوضية بشيء من التفاؤل، لأنها تأمل في تخفيف تأثير النتائج الأولية، خصوصاً في بغداد، وأن تحصل على مقاعد إضافية تساعدها على التفاوض بشكل أقوى لحسم مناصب المحافظين.

ودعت المفوضية المراقبين ووكلاء الأحزاب والإعلام إلى «متابعة عمليات العد والفرز اليدوي لأكثر من ألف صندوق انتخابي تعرَّضت لخلل فني، ولم ترسل النتائج الخاصة بها إلكترونياً». ووفقاً لبيانات مفوضية الانتخابات، فإن أكثر من ألف صندوق انتخابي تعرضت لخلل فني منعها من إرسال بياناتها إلكترونياً، وتم تشميعها ونقلها إلى مراكز العد والفرز اليدوي، وفقاً لقانون الانتخابات.

عشرات الموظفين يعملون على فرز صناديق انتخابية في مقر المفوضية ببغداد (أ.ف.ب)

أغلبية الإطار «المطلقة»

مساء الأربعاء، وكما كان متوقَّعاً، تحرك «الإطار التنسيقي» للتقليل من تداعيات المفاجأة التي حققها حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي في بغداد، وقرر تشكيل كتلة تحمل اسم «الإطار» للتفاوض في جميع المحافظات على تشكيل الحكومات المحلية.

وترى القوى الشيعية أن غياب التيار الصدري، ومقاطعة جمهوره لهذه الانتخابات، حجّم من نفوذها لصالح الحلبوسي وقوى أخرى. وقال «الإطار التنسيقي»، في بيان صحافي، إنه «يشكر العراقيين الذين شاركوا في الانتخابات وأسهموا بشكل فاعل في اختيار ممثليهم»، كما «أثنى على دور الحكومة المركزية في تنظيم وإنجاح الاقتراع».

وأعلن «الإطار التنسيقي» عن تشكيل كتلة تجمع قواه الفائزة في جميع المحافظات «للإسراع بتشكيل المجالس المحلية لتقديم الخدمات استمراراً واستكمالاً لجهود الحكومة الاتحادية». ويحاول «الإطار التنسيقي» ضمان الأغلبية المطلقة (النصف زائد واحد) في العاصمة بغداد، لمنع الحلبوسي ومَن يتحالف معه من التنافس وانتزاع منصب المحافظ.

ومع ذلك، فإن الحلبوسي سيحقق مكاسب سياسية من نفوذه الجديد في بغداد، وقد يضطر «الإطار التنسيقي» إلى تقديم تنازلات سياسية للتعامل مع حزب «تقدم» داخل مجلس المحافظة.

بالطريقة نفسها، يحاول «الإطار التنسيقي» الحصول على منصب محافظ البصرة، والتخلص من خصمهم السياسي، المحافظ الحالي أسعد العيداني. وتمكَّن المحافظ من تحقيق المركز الأول في محافظة البصرة، بعدما صوَّت له أكثر من 250 ألف ناخب، متقدماً على أقرب منافسيه: «تحالف نبني» (نحو 113 ألف صوت) و«ائتلاف دولة القانون» (نحو 61 ألف صوت). ووفقاً للنتائج الأولية، فإن العيداني يستطيع البقاء في منصبه، نظراً لأنه يضمن (حتى الآن) الأغلبية المطلقة.

وتترقب الكتل الفائزة حسم الطعون والشكاوى والتصديق على النتائج لتبدأ تحالفاتها رسمياً لاختيار رئيس المجلس والمحافظ، لكن هذا الوقت لن يطول كثيراً، خصوصاً أن مفوضية الانتخابات لم تتلقَّ شكاوى «حمراء» يمكنها التأثير كثيراً على النتائج.


مقالات ذات صلة

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

الاقتصاد السوداني ملتقياً ممثلي 24 شركة بريطانية كبرى خلال زيارته المملكة المتحدة (وكالة الأنباء العراقية)

السوداني: 63 مليار دولار حجم الاستثمارات العربية والأجنبية بالعراق خلال عامين

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الأربعاء، أن العلاقة بين العراق وبريطانيا شهدت مشاريع حقيقية بقيمة 1.5 مليار دولار خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (لندن - بغداد)
الاقتصاد أثناء توقيع مذكرة التفاهم بين الجانب العراقي و«بي بي» بحضور وزير النفط حيان عبد الغني (وكالة الأنباء العراقية)

العراق يوقِّع مذكرة تفاهم مع «بي بي» لتقييم إمكانية إعادة تطوير حقل كركوك والحقول المجاورة

وقَّع العراق مذكرة تفاهم مع شركة «بريتيش بتروليوم» (بي بي) البريطانية، لتقييم إمكانية إعادة التطوير المتكامل لحقل كركوك والحقول المجاورة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال استقباله السوداني في لندن يوم 14 يناير 2025 (أ.ب)

اتفاق بريطاني ــ عراقي على مكافحة تهريب البشر

اتفق العراق والمملكة المتحدة على معالجة الهجرة غير الشرعية، وإعادة الذين لا يملكون حق الوجود في الأراضي البريطانية ضمن اتفاقية شراكة وصفتها بغداد بـ«التاريخية».

«الشرق الأوسط» (لندن) حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق (إكس)

صراع داخل «الإطار التنسيقي» يفضي إلى إقالة محافظ عراقي

صوّت مجلس محافظة ذي قار الجنوبية، الثلاثاء، بالأغلبية على إقالة المحافظ مرتضى الإبراهيمي، في تطور عدّه مراقبون مؤشراً على الانقسام داخل «الإطار التنسيقي».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال جلسة لمجلس الوزراء (رويترز) play-circle 01:44

رئيس وزراء العراق: سأوقِّع شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إنه سيوقِّع اتفاق شراكة استراتيجية واتفاقاً أمنياً مع بريطانيا بعد توجُّهه إلى هناك في زيارة رسمية، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

المقابر الجماعية «ملاذ» لسوريين أضناهم البحث عن مفقوديهم

أشخاص يبحثون عن جثث في خندق يُعتقد أنه يُستخدم مقبرةً جماعية على مشارف دمشق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
أشخاص يبحثون عن جثث في خندق يُعتقد أنه يُستخدم مقبرةً جماعية على مشارف دمشق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

المقابر الجماعية «ملاذ» لسوريين أضناهم البحث عن مفقوديهم

أشخاص يبحثون عن جثث في خندق يُعتقد أنه يُستخدم مقبرةً جماعية على مشارف دمشق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
أشخاص يبحثون عن جثث في خندق يُعتقد أنه يُستخدم مقبرةً جماعية على مشارف دمشق في ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

لم يفقد الثمانيني السوري عبد الرحمن عذب، الأمل بالعثور على دليل يحدد مصير ابنه المفقود منذ إحدى عشرة سنة؛ فحص وجوه من يغادرون السجون حتى فرغت، وبحث بلا كلل في المشافي. أخيراً لم يجد الرجل ملاذاً سوى تتبع المواقع التي يُعتقد أنها تضم مقابر جماعية، على ما في ذلك من ألم لأب مكلوم دفن ثلاثة من أبنائه، ويعيش راهناً على أمل العثور على رابعهم أو حتى مواراته الثرى.

وتُقدر أعداد «المفقودين والمعتقلين تعسفياً» منذ عام 2011 وحتى نهاية العام الماضي، بنحو 136614 شخصاً وفق ما توثق «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، التي تقول إن هناك 113 ألف مفقود مصيرهم لا يزال مجهولاً بعد إفراغ السجون.

ومأساة عائلة عذب عمرها من عمر الحراك الثوري في سوريا، إذ يقول الأب إنه كان لديه «6 أبناء من الذكور، وبنتان»، ويضيف بأسى: «كانوا 4 مهندسين ومعلمتين، وفي بداية الثورة خرجوا في المظاهرات ضد النظام وأنا خرجت معهم، لكن النظام قتل ثلاثة من أبنائي وأعادهم إلى جثامين ممزقة في أكياس سوداء، آخر عام 2011، دفنتهم وأقمت العزاء، ورضيت بقضاء الله، واعتبرتهم فداء لسوريا: كنت مطمئناً إلى أنهم في مكان آمن».

لكن بعد وفاة أولاده الثلاثة بعامين، اختفى ابنه الرابع في دمشق، وغادر المتبقون البلاد.

ملاحقة المقابر

يقول عذب لـ«الشرق الأوسط» إنه في رحلة للبحث عن ابنه يلاحق وأفراد عائلته مواقع المقابر الجماعية التي يُكشف عنها في سوريا خلال الشهر الأخير.

وفي الرابع من الشهر الحالي، أفادت مواقع محلية سورية، أن الأهالي عثروا على مقبرة جماعية بمحيط الفرقة التاسعة في مدينة الصنمين في الريف الشمالي من محافظة درعا في جنوب سوريا، وسبق ذلك الاكتشاف بأسبوعين، تقريباً، الإعلان عن اكتشاف مقبرة جماعية في «مزرعة الكويتي» على أطراف ريف درعا الأوسط، «وكانت المنطقة تحت سيطرة ميليشيا تابعة لفرع الأمن العسكري، وتم استخراج 31 جثة، بينها نساء وطفل».

وكان فريق من منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أعلن أنه زار موقعاً في حي التضامن جنوب دمشق يومي 11 و12 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ووجد «أعداداً كبيرة من الرفات البشرية في موقع مجزرة وقعت في أبريل (نيسان) 2013 وأخرى مبعثرة في أنحاء الحي المحيط».

لا خبرات أو معلومات

وتمثل مشكلة العبث وغياب الخبرات الاحترافية في التعامل مع المقابر، أزمة رئيسية في مسار البحث عن المفقودين، فمن بين المقابر التي تم العثور عليها في درعا، تعرضت مقبرة «الصنمين» للعبث برفات الجثث والملابس رغم توصيات الدفاع المدني بضرورة الحفاظ على الموقع. ونجت 31 جثة مجهولة الهوية عُثر عليها في «مزرعة الكويتي» من العبث، ونُقلت إلى مقبرة الشهداء الواقعة على طريق الشيخ مسكين – إزرع.

قبل وصول عذب وعائلته إلى مأساة تتبع المقابر، بحثوا في سجني صيدنايا، وعدرا، وغيرهما من المعتقلات، يروي الرجل: «نبشنا الأوراق والوثائق وقوائم الأسماء والمشافي في دمشق، وسألنا الناشطين في مجال المعتقلين... كنا كمن يبحث عن إبرة في كوم». ويشكو من الفوضى و«تضارب المعلومات، وضياع الأوراق».

أبواب سجن صيدنايا الحديدية فُتحت لإطلاق سراح جميع المساجين (إ.ب.أ)

وفي ظل غياب المعلومات، راجت على نحو واسع على منصات مواقع التواصل، خاصة بعد الإعلان عن إفراغ السجون، أنباء عن رصد مقابر جماعية في مناطق متفرقة من البلاد بلغ عددها تقريباً 15 مقبرة تركزت في درعا، وريف دمشق، وحلب.

ولا تحيط الفوضى فقط بعملية البحث عن المفقودين، إذ تطول كذلك الأرقام المتداولة عمن تضمهم المقابر، فبينما قدر حقوقيون وجود مئات الآلاف من الجثث، تذهب إفادات إلى عشرات الآلاف.

ولعل الأرقام الوحيدة الموثقة راهناً بملف المقابر الجماعية تلك التي عثر عليها في حلب وبلغ عددها خمس مقابر، وكان يتم الدفن فيها عبر «مكتب دفن الموتى» التابع لحكومة النظام المخلوع، الذي بدأ منذ عام 2012 بإرسال جثث القتلى في المعتقلات والسجون بحلب مرّمزة بالأرقام إلى المشفى العسكري ليتسلمها مكتب دفن الموتى، بحسب تصريحات لمدير المكتب، الذي كشف عن دفن ثمانية آلاف جثة في مقبرة خان العسل غرب حلب، ونحو ألف وخمسمائة جثة في مقبرة حلب الجديدة، وألف ومائتي جثة في مقبرة نقارين بمدينة حلب.

مقبرة القطيفة

وتبرز مقبرة القطيفة (40 كيلو متراً شمال دمشق) بوصفها واحداً من الأمثلة على تضارب المعلومات، فهي تضم «أكثر من مائة ألف جثة» بحسب «المنظمة السورية للطوارئ» التي قالت إن تقديرها «متحفظ». ولعل موقع «القطيفة» هو ما عزز التقديرات بشأن حجم ما تضمه من الجثث، إذ تمتد على مساحة شاسعة بالقرب من مقر قيادة «الفرقة الثالثة» التابعة لقوات النظام السابق.

معاناة أخرى لذوي المفقودين، تمثلها عالية (60 عاماً) التي تنتمي لريف دير الزور، جاءت السيدة إلى دمشق بحثاً عن ابنها الطالب في الجامعة الذي اختفى عام 2014، عند حاجز القطيفة على طريق حمص ـ دمشق.

مدينة دير الزور شرق سوريا (رويترز)

تقول الأم لـ«الشرق الأوسط»: «لست متأكدة من اختفائه عند القطيفة، لكننا فقدنا الاتصال معه قبل وصوله إلى هذا الحاجز، وقد بحثنا عنه طويلاً دون جدوى، وعندما فتحت المعتقلات والسجون بعد سقوط النظام شعرت أنني سأعثر عليه، لكن بلا فائدة».

تواصل السيدة: «بعد التأكد من عدم وجوده في المعتقلات والمشافي، مشيت كل شوارع الشام وكل مكان قيل إن فيه معتقلين ولم أجده، هو أصغر أبنائي وأريد ضمه إلى قلبي»، وتتابع: «إذا لم يكن حياً أريد رفاته لأبني له قبراً أزوره».