السعودية وفرنسا تعمّقان العلاقات الاقتصادية عبر اتفاقيات جديدة

الهيئة الملكية للجبيل وينبع تخصص أرضًا لصالح شركة «إيرليكيد» لإنشاء شبكة غاز الهيدروجين

وزير التجارة والصناعة السعودي ووزير الدولة الفرنسي لشؤون النقل خلال منتدى فرص الاعمال السعودي الفرنسي في الرياض (واس)
وزير التجارة والصناعة السعودي ووزير الدولة الفرنسي لشؤون النقل خلال منتدى فرص الاعمال السعودي الفرنسي في الرياض (واس)
TT

السعودية وفرنسا تعمّقان العلاقات الاقتصادية عبر اتفاقيات جديدة

وزير التجارة والصناعة السعودي ووزير الدولة الفرنسي لشؤون النقل خلال منتدى فرص الاعمال السعودي الفرنسي في الرياض (واس)
وزير التجارة والصناعة السعودي ووزير الدولة الفرنسي لشؤون النقل خلال منتدى فرص الاعمال السعودي الفرنسي في الرياض (واس)

في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون في مجال الطاقة النووية، أبرمت شركة «أريفا» الفرنسية مجموعة من الاتفاقيات مع شركات سعودية في مجال الطاقة النووية، وذلك في وقت ستعمل فيه الشركة الفرنسية على تدريب الشباب السعوديين في مجال الطاقة النووية.
وفي الإطار ذاته، خصصت الهيئة الملكية للجبيل وينبع السعودية أرضًا لصالح شركة «إيرليكيد» العربية المحدودة لإنشاء شبكة غاز الهيدروجين في مدينة الجبيل الصناعية. جاء ذلك خلال مراسم توقيع اتفاقية التخصيص على هامش منتدى فرص الأعمال السعودي الفرنسي، الذي اختتم أعماله في الرياض أمس.
وفي بداية الجلسة العامة الأولى من المنتدى، أمس، كشف الرئيس التنفيذي لشركة «أريفا» فيليب فارين عن إبرامهم اتفاقيات مع شركات سعودية في مجال الطاقة النووية، واستقطابهم شبابا سعوديين للتدريب في الشركة، فضلا عن توقيع خمس اتفاقيات تعاون مع جامعات سعودية. وأضاف فارين أن «الطاقة النووية لها أهمية كبيرة، ليس في جانب إيجاد الوظائف فحسب؛ وإنما في بناء أسس التنمية المستدامة، خاصة أن الطاقة هي العمود الفقري لأي بلد، وأهم ركائز التنمية الاقتصادية»، مبينا أن الدول يجب أن توفر مصدر طاقة بسعر معقول، ويتم تزويد المصانع والشركات والمساكن بها، للنهوض بالتنمية المستدامة».
وبيّن الرئيس التنفيذي لـ«أريفا» أن فرنسا عملت على توطين قطاع الطاقة منذ وقت مبكر، وعملت على بناء المحطات النووية منذ 40 عاما، مما أسهم في توفير 220 ألف وظيفة، وتوفير 23 مليار يورو كقيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وهي مصدر أساسي للطاقة في المنازل والصناعات، مضيفا أن «فرنسا عملت على تصدير الطاقة النووية للدول الشريكة، مثل الصين، حيث بدأت هذه الشراكة في الثمانينيات»، واصفا إياها بأنها «شراكة طويلة الأجل لصناعة الطاقة النووية».
وحول الشراكة النووية، قال فارين إن «الطاقة النووية ضرورية للنمو الاقتصادي المستدام في السعودية، وتعزيز العلاقات السعودية - الفرنسية»، مؤكدا أن السعودية لديها الموارد المطلوبة لهذا النجاح في مجال الطاقة؛، إذ ستوفر كل احتياجات الطاقة في البلاد.
من جهته، كشف الرئيس التنفيذي لتطوير فرص الاستثمار بالهيئة العامة للاستثمار المهندس فيصل بافرط عن وجود 194 مشروعا بالسعودية تشارك فيها أو تمتلكها شركات فرنسية، بإجمالي رأسمال قدره نحو 75 مليار ريال. وقال بافرط: «تطمح هيئة الاستثمار السعودية إلى مضاعفة حجم هذه الاستثمارات في ظل ما تقدمه السعودية من حوافز استثمارية متنوعة، وما تتمتع به من مناخ استثماري جاذب للاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء».
وأوضح بافرط، في معرض حديثه عن المقومات الاقتصادية والاستثمارية في السعودية، أن «الاقتصاد السعودي هو الأكبر في المنطقة، مما أهل السعودية لتكون أحد أكبر 20 اقتصادا في العالم، وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي من نحو 328 مليار دولار في عام 2005 إلى نحو 752 مليار في عام 2014، محققا نسبة نمو بلغت 129 في المائة، وهي أعلى نسبة نمو بين دول مجموعة العشرين التي تضم أقوى الاقتصادات العالمية. كما أن السعودية من أقل دول العالم في نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي. ومع ضخامة الاقتصاد السعودي، والفرص الاستثمارية التي يوفرها، فإن السعودية توفر العديد من التسهيلات والحوافز للمستثمرين، وترحب كل الترحيب باستثمارات الشركات الرائدة، التي تسهم في نقل التقنية وتعزيز الابتكار».
من جانبها، تحدثت السفيرة الفرنسية للاستثمار الدولي والرئيسة التنفيذية لشركة «بيزنس فرانس»، مورييل بينيكو، عن البيئة الاستثمارية في فرنسا، والحوافز التي يحظى بها المستثمر هناك، محددة عشرة أسباب تدعو للاستثمار في بلادها. ودعت المستثمرين السعوديين إلى زيارة فرنسا، والاستفادة من الفرص الاستثمارية.
كما تحدث مدير المالية في البنك السعودي الفرنسي، جوليان مايز، عن تجربة البنك في مجال تعزيز النمو المستدام، ومسيرته على مدى سنوات في السعودية، والذي يعمل في الإطار التنظيمي للهيئة العامة للاستثمار ومؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، متطرقا إلى أسباب نجاح البنك السعودي الفرنسي، ومن بينها استخدامه المعايير والمقاييس الدولية في كل المجالات، وعلى رأسها الأمان التقني، وهو الجانب الذي أولاه البنك اهتماما كبيرا، فضلا عن البنية التحتية، والتسهيلات التمويلية التي يقدمها البنك للبيئة الاستثمارية في السعودية.
تلت ذلك كلمة للمهندس خالد السالم رئيس البرنامج الوطني لتطوير التجمعات الصناعية، الذي بيّن أن البرنامج هو بالأساس مبادرة حكومية تأسست كي تقود تنمية وتطوير أربعة قطاعات صناعية سريعة النمو، هي صناعة السيارات وأجزائها، وصناعة التعدين، وصناعة الطاقة الشمسية، وصناعة البلاستيك ومواد التغليف.
وفي الشأن ذاته، استعرضت الجلسة العامة الثانية المصاحبة لفعاليات منتدى الأعمال السعودي الفرنسي، أمس، عددا من فرص الاستثمار داخل السعودية، وذلك في مجالات المدن الذكية والمستدامة والكهرباء، والاستثمار داخل المدن الصناعية السعودية.
وبدأت الجلسة بكلمة للرئيس التنفيذي لشركة «EDF» الفرنسية جان برنارد ليفي، عرّف خلالها المدينة الذكية بأنها تعني الدمج بين الاستراتيجية ورفاهية المواطنين والتنمية الاقتصادية، مبينا أن المدن الذكية تهدف إلى الاستمتاع وتقليل المخاطر والأضرار، مشددا على أن الحياة في المدن الذكية تتميز بتخفيض نسبة الكربون وترشيد استهلاك الطاقة حتى تكون مدنا جذابة للناس.
من جهته، أوضح نائب الرئيس التنفيذي لشركة «شنايدر» الكهربائية الفرنسية، فريدريك أبال، في كلمته، أن شركته تشارك في تنمية المدن الذكية وشبكات الكهرباء داخل السعودية، لافتا إلى أن لديها حلولا للنهوض بالمدن الذكية وشبكات الكهرباء داخل السعودية خلال الفترة المقبلة.
من جانبه، استعرض المهندس زياد شيحة، الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء، في كلمته، التطور الذي طرأ على استهلاك الكهرباء والخدمات المقدمة للعملاء داخل السعودية خلال السنوات الماضية، مبينا أن عدد العملاء تخطى هذا العام نصف مليون عميل، مقارنة بالعام الماضي والذي لم يتجاوز عدد العملاء فيه 480 ألف عميل، مؤكدا على أن هذه الزيادة تفتح الباب أمام الاستثمارات في هذا المجال داخل بلاده.
وأشار شيحة إلى أن السعودية تتجه إلى تركيب العدادات الذكية، الأمر الذي سيتطلب شركات عالمية للاستفادة منها في هذا المجال، لافتا إلى أن حجم الاستثمارات بالمشروعات هذا العام سوف يصل لـ70 مليار ريال (18.6 مليار دولار)، في حين أن حجم الاستثمارات في السابق كان لا يتجاوز 50 مليارا (13.3 مليار دولار).
وفي ورقتها في المنتدى، قدمت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن»، أمام عدد من المستثمرين في منتدى الأعمال السعودي الفرنسي، عرضا بأهم النشطات الاستثمارية الصناعية في 34 مدينة صناعية منتشرة في جميع أنحاء السعودية، والخدمات اللوجيستية التي تقدمها للمستثمرين، وتسهيل التنقل لهم عبر المدن بالقطارات، وتوفير سكن عائلي لهم داخل المدن الصناعية.
وكشف مدير إدارة تطوير الأعمال بـ«مدن» المهندس طارق الشهيب عن أن نسبة نمو أعداد المدن الصناعية سنويا في السعودية زادت لتكون من مدينة صناعية واحدة كل سنتين ونصف السنة إلى أن وصلت في المتوسط إلى 3 مدن صناعية سنويا، وذلك بعد أن تولت «مدن» تطوير القطاع الصناعي.



«طيران الرياض» و«آي بي إم» ينجزان أول ناقل جوي في العالم «مؤسَّس بالذكاء الاصطناعي»

إحدى طائرات «طيران الرياض (الشركة)
إحدى طائرات «طيران الرياض (الشركة)
TT

«طيران الرياض» و«آي بي إم» ينجزان أول ناقل جوي في العالم «مؤسَّس بالذكاء الاصطناعي»

إحدى طائرات «طيران الرياض (الشركة)
إحدى طائرات «طيران الرياض (الشركة)

يشهد قطاع الطيران في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة تحولاً سريعاً، مدفوعاً بتوسيع خطوط الطيران، واعتماد تقنيات رقمية متقدمة، وزيادة الاعتماد على التحليلات الذكية لتحسين تجربة المسافرين وكفاءة التشغيل.

ومع تنامي المنافسة بين شركات الطيران الإقليمية والدولية، باتت الابتكارات الرقمية عاملاً حاسماً للتميز واستقطاب العملاء.

وتركز السعودية وفق رؤيتها 2030 على تعزيز الربط الجوي، وتنويع الاقتصاد، واستثمار التكنولوجيا الحديثة في القطاع، مما مهَّد الطريق لتطبيقات مبتكرة مثل أتمتة الخدمات، التحول الرقمي للموظفين، وتحليل البيانات في الوقت الفعلي لاتخاذ قرارات تشغيلية أكثر ذكاءً.

في هذا الإطار، أعلنت شركة «طيران الرياض» - إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة - بالتعاون مع «آي بي إم» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تأسيس أول شركة وطنية جديدة مبنية بالكامل على الذكاء الاصطناعي منذ اليوم الأول، مما يمثل نموذجاً جديداً لشركات الطيران المستقبلية.

هذه الخطوة تمثل تجسيداً عملياً لرؤية المملكة 2030 لتعزيز الربط الجوي وتنويع الاقتصاد عبر استثمار التكنولوجيا، وتتجاوز مجرد التحول الرقمي لتصل إلى بناء هيكل تشغيلي وإداري من الصفر، متحرر من عبء الأنظمة القديمة.

فمن خلال هذه الشراكة، التي جمعت أكثر من 60 شريكاً تقنياً عبر 59 مسار عمل، تسعى «طيران الرياض» إلى وضع معيار عالمي جديد، ليس فقط في الكفاءة التشغيلية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي التوليدي ومنصة watsonx Orchestrate، ولكن أيضاً في تقديم تجربة مسافرين وموظفين فائقة التخصيص، تمهيداً لبدء أولى رحلاتها التجارية مطلع عام 2026، وتحقيق هدفها الطموح بربط المملكة بأكثر من 100 وجهة دولية بحلول عام 2030.

بناء شركة جديدة من الصفر

وأكد المدير المالي لـ«طيران الرياض»، آدم بوقديدة، لـ«الشرق الأوسط»، أن الهدف من وراء ذلك كان بناء شركة وطنية حديثة بالكامل، وقال: «بدأنا من الصفر، لتكون (طيران الرياض) أول شركة طيران تُبنى على منصات ذكاء اصطناعي تحدد مستقبل القطاع، مع الحفاظ على البعد الإنساني في تجربة الموظف والضيف».

وأضاف: «لقد كانت أهم التحديات تطوير كل الأنظمة من الصفر، وتنسيق 59 مسار عمل وأكثر من 60 شريكاً لضمان التكامل بين جميع العمليات، مع ترسيخ الذكاء الاصطناعي في جميع طبقات التشغيل».

المدير المالي لـ«طيران الرياض» آدم بوقديدة

تحسين التجربة

توفر البنية التحتية الرقمية للموظفين بيئة عمل موحدة تُبسّط المهام وتعزز اتخاذ القرارات المبنية على البيانات، بينما يتيح الذكاء الاصطناعي للطاقم تقديم خدمات مخصصة واستباقية للضيوف، بدءاً من الحجز وحتى الوصول وما بعده، وفق بوقديدة.

وتشمل هذه التجربة مساعداً رقمياً افتراضياً يقدم اقتراحات شخصية لكل ضيف، مثل حجز السيارات، وحجوزات الفعاليات والمطاعم، مما يعزز تجربة سفر أكثر سلاسة وكفاءة.

وأشار بوقديدة إلى أن النظام الرقمي يعزز أيضاً الكفاءة التشغيلية من خلال جمع وتحليل البيانات التشغيلية والمالية والتجارية في الوقت الفعلي، ما يسمح بتحسين الربحية وإدارة التكاليف بشكل أكثر ذكاءً، ويسهم في رفع مستوى الربط الجوي للمملكة عالمياً.

الذكاء الاصطناعي

من جهته، قال نائب الرئيس الأول لشركة «آي بي إم» للاستشارات، محمد علي، لـ«الشرق الأوسط» إن دمج الذكاء الاصطناعي في صميم العمليات يجعل «طيران الرياض» نموذجاً لشركة قابلة للتكيف، حيث تتكامل التكنولوجيا والضيافة الإنسانية في كل رحلة.

وأضاف أن استخدام منصات تابعة لـ«آي بي إم» مكّن «طيران الرياض» من تقديم تجربة متكاملة للموظفين والمسافرين، مع بيانات لحظية لتحسين الأداء التشغيلي.

نائب الرئيس الأول لشركة «آي بي إم» للاستشارات محمد علي

وشرح علي دور منصة watsonx Orchestrate قائلاً، إنها تُعد عنصراً أساسياً في تعزيز تقنيات «طيران الرياض»، «إذ تمكّن هذه التقنية بيئة عمل رقمية شخصية تمنح الموظفين وصولاً سلساً إلى أدوات الموارد البشرية والخدمات الذاتية، كما تعزز قدرات أفراد الطاقم عبر إظهار البيانات بشكل لحظي وتقديم اقتراحات استباقية لأفضل الإجراءات، مثل تنبيه الموظفين لتقديم خدمات المسار السريع للعملاء المتأخرين».

وتابع: «أما بالنسبة للمسافرين، فستوفر المنصة تجربة رقمية شخصية من الطراز الأول؛ إذ تخطط (طيران الرياض) لإطلاق مساعد افتراضي رقمي مدعوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي، يقدم فرصاً مصممة خصيصاً لخدمات إضافية وتجارب متنوعة مثل استئجار السيارات وحجز الفعاليات والمطاعم».

خطط التوسع والمستقبل

وتخطط «طيران الرياض» لتغطية أكثر من 100 وجهة عالمية بحلول عام 2030، مع تسلُّم طائرات فائقة المدى للوصول إلى ملايين المسافرين حول العالم.

وأوضح بوقديدة لـ«الشرق الأوسط» أن إشراك المواهب السعودية في بناء الشركة يعكس التزام المملكة بتوطين الابتكار الرقمي وتعزيز مهارات القوى العاملة الوطنية، مما يخلق فرص عمل ويحفز الاستثمار في التكنولوجيا داخل قطاع الطيران.

يضع إطلاق «طيران الرياض» المبنية على الذكاء الاصطناعي معياراً جديداً لشركات الطيران العالمية، ويُظهر كيف يمكن للتقنيات الرقمية إعادة تشكيل تجربة السفر، وتحسين الكفاءة التشغيلية، وتعزيز التوسع الدولي، مع تقديم تجربة شخصية وسلسة للمسافرين، ونموذج أكثر ذكاءً ومرونة للسوق.


ضغوط الانكماش تتفاقم في الصين رغم فورة التضخم 

آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

ضغوط الانكماش تتفاقم في الصين رغم فورة التضخم 

آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المعدة للتصدير في ميناء نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)

تواصل الصين مواجهة ضغوط انكماشية قوية على الرغم من تسجيل التضخم الاستهلاكي أعلى مستوى له في 21 شهراً خلال نوفمبر (تشرين الثاني)، في تطور يكشف تباين أداء مكونات الاقتصاد وضعف الطلب المحلي، ويؤكد الحاجة إلى مزيد من تدابير التحفيز خلال العام المقبل.

فقد أظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.7 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر، مقارنة بـ0.2 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، وهي زيادة تتماشى مع توقعات الاقتصاديين.

وجاء هذا الارتفاع مدفوعاً بشكل رئيسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.2 في المائة بعد هبوطها العميق في الشهر السابق. ورغم هذا التحسن الظاهري، استقر التضخم الأساسي - الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة - عند 1.2 في المائة، في إشارة إلى استمرار ضعف الطلب المحلي. كما انخفض المؤشر على أساس شهري بنسبة 0.1 في المائة مقابل توقعات بارتفاعه، ما يعزز القلق من محدودية القوة الشرائية للمستهلكين.

أسعار المنتجين تعمّق الضغوط

وبالتوازي، تتعمّق الضغوط الانكماشية من جانب الإنتاج؛ إذ تراجع مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 2.2 في المائة في نوفمبر، مقارنة بانخفاض 2.1 في المائة في أكتوبر، وهو ما تجاوز التوقعات. ويأتي هذا التراجع امتداداً لانكماش مستمر منذ ثلاث سنوات أعاق قدرة المصانع على تحقيق أرباح مستقرة، رغم جهود الحكومة للحد من فائض الطاقة الإنتاجية وتقليص المنافسة الشديدة بين الشركات. وقال زافيير وونغ، محلل الأسواق في شركة «إي تورو»: «تشير أحدث البيانات إلى اقتصاد يزداد دفئاً على السطح، لكنه لا يزال يعاني ضغوطاً انكماشية عميقة في الأساس». وأضاف: «المصنّعون يواصلون خفض الأسعار لتصريف المخزون، ما يعكس هشاشة الطلب المحلي».

اختلالات بنيوية

ورغم أن الاقتصاد الصيني البالغ حجمه 19 تريليون دولار يسير على المسار الصحيح لتحقيق هدف النمو الحكومي البالغ «نحو 5 في المائة»، فإن الاختلالات الاقتصادية تزداد حدة. فقد أدى ضعف ثقة المستهلك والحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى تقليص الطلب، بينما لجأت الشركات إلى خفض الأسعار لجذب المشترين.

وتُظهر بيانات «باين آند كومباني» أن إنفاق الأسر على السلع الاستهلاكية سريعة التداول ارتفع بنسبة 1.3 في المائة منذ بداية العام، ولكنه مدفوع بانخفاض متوسط أسعار البيع بنسبة 2.4 في المائة، ما يعكس تنافساً سعرياً شديداً يعكس استمرار الضغوط الانكماشية. ويرى المحللون أن السلطات الصينية بحاجة إلى دعم القطاع العقاري المتعثر، ومعالجة بطالة الشباب، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي لتحفيز الإنفاق المحلي وتحقيق نمو مستدام.

وعلى المدى القريب، يتوقع مراقبون إطلاق «موجة دعم سياسي» جديدة لتعزيز الثقة وزيادة الطلب. وكان المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني قد تعهد هذا الأسبوع بتوسيع الطلب المحلي وتعزيز السياسات الاقتصادية الفعالة في 2026. في إطار خطة خماسية تركّز على إعادة هيكلة النمو نحو الاستهلاك الأسري. وتقول لين سونغ، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى في «آي إن جي»: «التركيز على انطلاقة قوية لعام 2026 يعني أننا قد نرى موجة جديدة من التحفيز في الأشهر الأولى من العام المقبل»، متوقعة خفض أسعار الفائدة بمقدار 20 نقطة أساس خلال العام.

ومع استمرار ضعف الطلب، يرجح معظم المحللين امتداد الاتجاه الانكماشي إلى العام المقبل، ما يستدعي حزمة سياسات اقتصادية أكثر فاعلية لمعالجة جذور المشكلة، ودفع الاقتصاد نحو توازن أفضل بين العرض والطلب.

وبينما يساعد الدعم الحكومي وصلابة الصادرات في إبقاء النمو ضمن المستهدفات، فإن المؤشرات الحالية تؤكد أن الطريق لا يزال طويلاً قبل أن يتجاوز الاقتصاد الصيني ضغوط الانكماش الراهنة.


أميركا تُجري أول مزاد للنفط والغاز في خليج المكسيك منذ 2023

منصة «سينتيناريو» النفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك قبالة سواحل فيراكروز (رويترز)
منصة «سينتيناريو» النفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك قبالة سواحل فيراكروز (رويترز)
TT

أميركا تُجري أول مزاد للنفط والغاز في خليج المكسيك منذ 2023

منصة «سينتيناريو» النفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك قبالة سواحل فيراكروز (رويترز)
منصة «سينتيناريو» النفطية في المياه العميقة بخليج المكسيك قبالة سواحل فيراكروز (رويترز)

تُجري إدارة ترمب، الأربعاء، أول مزاد حكومي لحقوق التنقيب عن النفط والغاز في خليج المكسيك منذ عام 2023، في اختبار حاسم لمدى إقبال قطاع النفط والغاز على مساحات التنقيب البحرية، في وقت تسعى الولايات المتحدة إلى زيادة إنتاجها المحلي من الوقود الأحفوري.

ويُعدّ هذا المزاد الأول من بين 30 مزاداً فرضها قانون خفض الضرائب والإنفاق الذي وقّعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليصبح قانوناً نافذاً في يوليو (تموز). وتُمثّل خطط إدارته لتأجير المساحات البحرية تحولاً كبيراً عن خطط سلفه، الرئيس جو بايدن، الذي كان قد خطط لعدد محدود تاريخياً من مزادات النفط والغاز، في إطار جهوده للتحوّل عن الوقود الأحفوري ومواجهة تغيّر المناخ.

وقد عرض مكتب إدارة طاقة المحيطات الأميركي 81.2 مليون فدان في الخليج بنسبة 12.5 في المائة ​​بوصفه رسوم امتياز، وهي أدنى نسبة يسمح بها قانون ترمب الضريبي الجديد.

سابقاً، وبموجب قانون بايدن لخفض التضخم لعام 2022، كان يُلزم شركات النفط بدفع حد أدنى قدره 16.66 في المائة بوصفها عائدات لوزارة الخزانة الأميركية والولايات وغيرها من الصناديق الفيدرالية.

وخفّض قانون ترمب هذه النسبة لتشجيع مشاركة القطاع في عمليات بيع عقود التأجير. وانخفضت أسعار النفط الخام الأميركي بنحو 20 في المائة هذا العام، ما قد يحد من استثمارات شركات الحفر، على الرغم من أنه من المتوقع أن تُسهم الابتكارات التكنولوجية في مجال الحفر بأعماق البحار في تعزيز إنتاج خليج المكسيك.

ويمثل الإنتاج البحري نحو 15 في المائة من الإنتاج الأميركي، ولكنه تراجع مقارنةً بحقول النفط الصخري البرية في السنوات الأخيرة بسبب طول المدة الزمنية وارتفاع التكاليف الأولية.

ووفقاً لوثيقة تتضمن إحصاءات ما قبل البيع على موقع مكتب إدارة الطاقة البحرية، قدمت 26 شركة ما مجموعه 219 عرضاً على مساحة 1.02 مليون فدان، أي ما يُعادل 1.3 في المائة تقريباً من المساحة المعروضة.

استقطبت آخر عملية بيع في منطقة الخليج عام 2023، 352 عرضاً من 26 شركة، تغطي مساحة 1.73 مليون فدان.

وحققت العملية عائدات بلغت 382 مليون دولار، وهو أعلى مبلغ تحققه أي عملية بيع لعقود إيجار الأراضي البحرية الفيدرالية منذ عام 2015.