أوستن: هجمات الحوثيين المتهورة مشكلة دولية تتطلب رداً دولياً

TT

أوستن: هجمات الحوثيين المتهورة مشكلة دولية تتطلب رداً دولياً

يكثف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر وهددوا باستهداف جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل (رويترز)
يكثف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر وهددوا باستهداف جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل (رويترز)

أطلقت الولايات المتحدة، الثلاثاء، عملية متعددة الجنسيات لتأمين التجارة في البحر الأحمر؛ إذ أجبرت هجمات الحوثيين اليمنيين المدعومين من إيران شركات شحن كبرى على تغيير مسار سفنها، ما يثير مخاوف من استمرار العقبات أمام التجارة العالمية.

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم الثلاثاء، إن هجمات الحوثيين «المتهورة» تمثل مشكلة دولية وبالتالي تتطلب ردا دوليا. وأضاف أوستن عبر منصة إكس أن التحالف البحري الجديد الذي تم الإعلان عن تشيكله أمس «سينظم دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن». وأضاف «سنعمل معا على حماية أعالي البحار وتعزيز الأمن والرخاء الإقليميين». وقال البنتاغون في وقت سابق اليوم إن الحوثيين نفذوا أكثر من 100 هجوم بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية على عشر سفن تجارية. وعقد أوستن، بحسب بيان للبنتاغون، خلال جولة بالشرق الأوسط اجتماعا افتراضيا ضم وزراء ومسؤولي دفاع كبارا من 43 بلدا بالإضافة إلى مسؤولين من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وأبلغهم بأن هجمات الحوثيين أثّرت بالفعل على الاقتصاد العالمي وستستمر في تهديد الشحن التجاري إذا لم يعالج المجتمع الدولي القضية بشكل جماعي.

وتطلق جماعة الحوثي التي تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في اليمن بعد حرب مستمرة منذ سنوات، طائرات مسيرة وصواريخ على سفن دولية تبحر في البحر الأحمر منذ الشهر الماضي، وهي هجمات تقول الحركة إنها جاءت رداً على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة الذي تديره حركة «حماس».

ورصد تقرير لـ«رويترز» أن التجارة العالمية بدأت تتأثر سلباً هذا الأسبوع بالهجمات، ما أدى إلى تعطيل طريق تجارية رئيسية تربط أوروبا وأميركا الشمالية بآسيا عبر قناة السويس.

وعلقت شركة النفط الكبرى «بي بي» كل عمليات النقل عبر البحر الأحمر، وبدأت كبرى شركات الشحن مثل «ميرسك» في تغيير مسار الشحنات التي تمر عادة عبر قناة السويس لتدور حول رأس الرجاء الصالح في الجزء الجنوبي من أفريقيا.

ويضيف المسار الجديد حول أفريقيا أياماً إلى زمن الرحلة، ويتسبب في ارتفاع التكاليف. وزاد عدد الشركات التي تتجنب المرور من البحر الأحمر، الثلاثاء.

واندلعت هذه الأزمة بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»، وهي الأحدث في الشرق الأوسط التي تضع الولايات المتحدة وحلفاءها في مواجهة إيران والفصائل العربية التابعة لها في المنطقة.

وقتل مسلحو «حماس» 1200 إسرائيلي في هجوم عبر الحدود في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) ما دفع إسرائيل لشن هجوم عسكري أسفر عن مقتل أكثر من 19 ألف فلسطيني في غزة.

ويطلق وكلاء إيران، ومنهم الحوثيون و«حزب الله» اللبناني، صواريخ على إسرائيل منذ بدء الصراع.

وفي الوقت نفسه، يكثف الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر، وهددوا باستهداف جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل، وحذروا شركات الشحن من التعامل مع الموانئ الإسرائيلية.

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الذي يزور البحرين التي تستضيف مقر قيادة الأسطول الأميركي في الشرق الأوسط، إن الدول المشاركة في العملية تضم بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشل وإسبانيا.

وستقوم المجموعة المعروفة في معظم وسائل الإعلام باسم «قوة العمل» بتسيير دوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

وقال أوستن في بيان: «هذا تحدٍّ دولي يتطلب عملاً جماعياً» معلناً عن إطلاق مبادرة «حارس الازدهار». ودعا الدول الأخرى إلى المساهمة، وندد «بأفعال الحوثيين المتهورة».

لكن لم يتضح بعد عدد الدول الأخرى التي ترغب في القيام بما فعلته السفن الحربية الأميركية في الأيام القليلة الماضية، إذ أسقطت صواريخ وطائرات مسيّرة تابعة للحوثيين، وتوجهت سريعاً لمساعدة السفن التجارية التي تتعرض لهجوم.

وقال دبلوماسي من إحدى الدول الأوروبية المشاركة في قوة العمل إن فكرة العملية تتمثل في إسقاط سفن الدول المشاركة الصواريخ والطائرات المسيّرة، ومرافقة السفن التجارية عبر البحر الأحمر.

وقلل مسؤول في الجيش الأميركي، رفض الكشف عن هويته، من فكرة أن السفن البحرية سترافق السفن التجارية بسبب وجود مئات السفن التي تسلك هذه الطريق يومياً، لكنه قال إن العملية الأميركية ستضع السفن في مناطق يمكن أن تحقق فيها أكبر فائدة أمنية.

التأثير في التجارة العالمية

وقد قررت شركة «بي بي» تعليق كل عمليات النقل عبر البحر الأحمر، وقالت مجموعة ناقلات النفط «فرونت لاين» إن سفنها ستتجنب المرور عبر الممر المائي، ما يشير إلى توسع الأزمة لتشمل شحنات الطاقة.

وارتفعت أسعار النفط الخام بسبب هذه المخاوف، الاثنين.

وواصلت شركات الشحن تغيير مسارها، الثلاثاء. وقالت شركة «ميرسك» الدنماركية، التي علقت عمليات الشحن في البحر الأحمر، إن سفنها ستبحر حول أفريقيا حتى إشعار آخر.

وأضافت «ميرسك» في بيان أن هذه العملية تمثل تطوراً «إيجابياً»، لكنها أوضحت أنها تسعى للحصول على مزيد من التفاصيل حول سبل تنفيذ مهامها.

وقالت الشركة في بيان: «مع زيادة عدد السفن المتضررة في المنطقة بصورة سريعة، سيكون من الضروري للتحالف الإسراع في المضي قدماً من أجل تقليل التأثير السلبي المباشر في التجارة العالمية».

وأعلنت شركات دولية أنها تضع خططاً للطوارئ، وقالت شركة «إلكترولوكس» السويدية إنها شكلت فرقة عمل لإيجاد طرق بديلة، أو تحديد عمليات التسليم ذات الأولوية إذا لزم الأمر.

ولا تزال كثير من السفن الأخرى تبحر في البحر الأحمر. وأظهرت بيانات «إل إس إي جي» وجود حراس مسلحين على متن سفن عدة تبحر الآن.

وقالت مصادر في القطاع إن تأثير الأزمة في التجارة العالمية يعتمد على مدة استمرارها، لكن أقساط التأمين والمسارات الأطول ستكون من بين الأعباء الفورية.

وقال عدد من صانعي السياسات الاقتصادية إنه من السابق لأوانه تقييم الأثر المالي الأوسع، لكن القلق الرئيسي يكمن في ما إذا كانت هذه الاضطرابات ستصبح خطيرة بما يكفي لإشعال جولة جديدة من التضخم العالمي، في الوقت الذي بدأت فيه البنوك المركزية أخيراً في التغلب على ضغوط الأسعار بعد جائحة «كوفيد - 19».

ويمر نحو 12 بالمائة من حركة الشحن العالمية عبر قناة السويس، وهي أقصر طريق ملاحية بين أوروبا وآسيا، لتعبر بعد ذلك أيضاً البحر الأحمر قبالة اليمن.

وفي العادة، تبحر نحو 11800 رحلة شهرياً عبر قناة السويس، نحو 393 رحلة يومياً، وفقاً لتحليل أجرته «رويترز» لبيانات من شركة أبحاث سلسلة التوريد «بروجيكت 44».

استمرار الهجمات

قال أوستن، الاثنين، إن إيران تقف وراء هجمات الحوثيين. وتنفي إيران تورطها لكنها تقول إنها تدعم حلفاءها الحوثيين.

وقال الدبلوماسي الأوروبي الذي رفض كشف هويته إن قوة العمل تهدف إلى إرسال رسالة قوية إلى إيران ووكلائها، وأضاف: «لا شك أن الحوثيين يتصرفون نيابة عن إيران».

وأكد الحوثيون أن المبادرة الأمنية التي تقودها الولايات المتحدة لن تردعهم.

وقالت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، الثلاثاء، إنها تلقت معلومات عن محاولة محتملة لاعتلاء سفينة على مسافة 71 ميلاً بحرياً غرب مدينة عدن الساحلية باليمن، مضيفة أن الهجوم لم ينجح، وأن جميع أفراد الطاقم بخير.


مقالات ذات صلة

مقتل سائح وإصابة آخر في هجوم لسمكة قرش بمصر

شمال افريقيا علماء الأحياء البحرية وجدوا أن لدى أسماك القرش مستويات عالية من الكوكايين في عضلاتها وكبدها (أرشيفية - رويترز)

مقتل سائح وإصابة آخر في هجوم لسمكة قرش بمصر

قالت وزارة البيئة المصرية إن سائحاً لقي حتفه وأُصيب آخر في هجوم سمكة قرش بمنتجع مرسى علم المطل على البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

تزامناً مع تأكيد دعمها وحدة الصومال وسيادته، أعلنت القاهرة رفضها وجود أي طرف «غير مشاطئ» في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».