حكومة الأرجنتين تُخفض قيمة البيزو أكثر من 50 % والإنفاق على الاقتصاد

صندوق النقد الدولي رحب بـ«الإجراءات الجريئة» الهادفة إلى تحسين المالية العامة

وزير الاقتصاد الأرجنتيني يظهر على شاشة التلفزيون خلال إعلان الحكومة الإجراءات الاقتصادية الجديدة (أ.ف.ب)
وزير الاقتصاد الأرجنتيني يظهر على شاشة التلفزيون خلال إعلان الحكومة الإجراءات الاقتصادية الجديدة (أ.ف.ب)
TT

حكومة الأرجنتين تُخفض قيمة البيزو أكثر من 50 % والإنفاق على الاقتصاد

وزير الاقتصاد الأرجنتيني يظهر على شاشة التلفزيون خلال إعلان الحكومة الإجراءات الاقتصادية الجديدة (أ.ف.ب)
وزير الاقتصاد الأرجنتيني يظهر على شاشة التلفزيون خلال إعلان الحكومة الإجراءات الاقتصادية الجديدة (أ.ف.ب)

تعتزم الحكومة الجديدة في الأرجنتين خفض قيمة البيزو بمقدار النصف تقريباً، وخفض الإنفاق العام، وخفض دعم الطاقة والنقل في الوقت الذي تكافح فيه لاحتواء الأزمة الاقتصادية والتضخم المتصاعد.

وقدم وزير الاقتصاد لويس كابوتو، ملخصاً للإجراءات في رسالة متلفزة يوم الثلاثاء، تحدث فيها بإسهاب عن الوضع السيئ في الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية لكنه لم يقدم سوى القليل من التفاصيل.

وقال كابوتو في خطابه: «إذا واصلنا العمل كما نحن، فسوف نواجه تضخماً مفرطاً».

ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار أكثر من 200 في المائة في هذا العام التقويمي. وأضاف: «من بين الأعوام الـ123 الماضية، عانت الأرجنتين عجزاً مالياً في 113 عاماً... لقد جئنا لحل إدمان العجز المالي».

ويمثل هذا البث أول إعلان رئيسي من حكومة خافيير مايلي، منذ أن تولى الرئيس منصبه يوم الأحد. ووعد مايلي، الذي يطلق على نفسه اسم «الرأسمالي الفوضوي» والمحلل التلفزيوني السابق، بأخذ «منشار كهربائي» إلى دولة الأرجنتين كجزء من العلاج بالصدمة المتطرفة.

وقال كابوتو إن الحكومة الجديدة سترفع سعر الصرف الرسمي إلى 800 مقابل الدولار من مستويات أقل بقليل من 400 الأسبوع الماضي. وتوقعت المصارف انخفاضاً حاداً في قيمة العملة، لكنَّ المستوى الرسمي الجديد للدولار لا يزال أقل بكثير من سعر السوق السوداء البالغ 1045، يوم الثلاثاء.

وقال الوزير إن تحويلات الموازنة الفيدرالية إلى المحافظات ستُخفض إلى الحد الأدنى وستوقَف جميع مشاريع الأشغال العامة الجديدة. وكرر: «لم يعد هناك مال».

كما أعلن كابوتو زيادة مؤقتة في الضرائب على الواردات، لكنه وعد بإلغاء النظام الحالي للتصاريح الحكومية للواردات. وسوف تُلغى ضرائب التصدير، التي يكرهها اللوبي الزراعي القوي في الأرجنتين، بمجرد انتهاء حالة الطوارئ الاقتصادية.

وللتعويض عن تأثير التخفيضات على أكثر من 40 في المائة من الأرجنتينيين الذين يعيشون في فقر، قال كابوتو إن قيمة البطاقة الغذائية التي تقدمها الحكومة سترتفع بنسبة 50 في المائة وستتضاعف إعانات الأطفال. وسيجري تجميد موازنة أحد أكبر برامج الرعاية الاجتماعية في الأرجنتين، «بوتنسيار تراباغو»، عند مستويات عام 2023.

وسرعان ما رحب صندوق النقد الدولي، المستحقّ على الأرجنتين بمبلغ 43 مليار دولار، بهذه الحزمة. وقال الصندوق الذي يتخذ من واشنطن مقراً له: «تهدف هذه الإجراءات الأولية الجريئة إلى تحسين المالية العامة بشكل كبير بطريقة تحمي الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع وتعزز نظام الصرف الأجنبي».

وقال نيكولاس دوجوفني، الذي شغل منصب وزير الاقتصاد في الفترة من 2017 إلى 2019 خلال حكومة يمين الوسط موريسيو ماكري، إن إعلان كابوتو «يفتقر إلى الكثير من التفاصيل»، لكنّ خطط السياسة الأخرى التي نشرتها وسائل الإعلام المحلية ليل الثلاثاء -بما في ذلك عكس القرار السابق «إلغاء الحكومة الأخير لضريبة الدخل»- تشير إلى أن الحزمة ستكون «عملية للغاية» و«بشكل عام إيجابية»، وفق ما نقلت عنه صحيفة «فاينانشيال تايمز».

في التعليقات على قرار حكومة الأرجنتين، قال «مورغان ستانلي»: أولاً وقبل كل شيء، حقيقة أن التعديل المالي يعتمد بطريقة مناسبة على تحصيل ضرائب أعلى قد تثير بعض الشكوك، خصوصاً بسبب الطبيعة المؤقتة لبعض الضرائب وكذلك الحاجة إلى موافقة الكونغرس... ثانياً، لا يزال التصحيح الضخم لخفض الإنفاق الحقيقي بحاجة إلى التقييم من خلال منظور التسامح الاجتماعي. وقد تكون هناك حاجة إلى تصحيح جديد لسعر الصرف للانتقال أخيراً إلى نظام سعر صرف موحد، دون قيود على الحساب الرأسمالي والمالي بخلاف القيود الكلية».

أما «غولدمان ساكس»، فقال: «إن انطباعنا الأول عن هذا الإعلان إيجابي. فالإسراف المالي هو السبب الجذري لمشكلات الاقتصاد الكلّي في الأرجنتين، والتحرك بسرعة في التصحيح المالي أمر بالغ الأهمية». لكنه أضاف: «ومع ذلك، فإننا نقرّ بأن بعض السياسات المعلنة لا تزال غامضة ويفتقر الكثير منها إلى تفاصيل».


مقالات ذات صلة

بفضل صادرات التكنولوجيا لأميركا... تايوان ترفع توقعات النمو وتثبّت الفائدة

الاقتصاد سفن حاويات في ميناء كيلونغ بتايوان (رويترز)

بفضل صادرات التكنولوجيا لأميركا... تايوان ترفع توقعات النمو وتثبّت الفائدة

رفع البنك المركزي التايواني يوم الخميس توقعاته للنمو الاقتصادي لعام 2025، مدفوعاً بازدهار صادرات السلع التقنية إلى الولايات المتحدة، ما أسهم في فائض تجاري كبير.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد غروب الشمس على شاطئ بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

اليابان تعزز حضورها الطاقي في أميركا بصفقة تبلغ 1.3 مليار دولار

أعلنت «جابكس» اليابانية عن قرارها الاستحواذ الكامل على شركة «في آر آي إتش» الأميركية، في صفقة تبلغ قيمتها نحو 1.3 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (طوكيو - واشنطن)
الاقتصاد تُعرَض السبائك والعملات الذهبية بمتجر «بيرد وشركاه» في هاتون غاردن (رويترز)

الذهب نحو «الرقم التاريخي».. توقعات ببلوغ الأونصة 5 آلاف دولار في 2026

حقَّق الذهب أكبر قفزة له منذ أزمة النفط عام 1979 خلال عام 2025، حيث تضاعفت الأسعار خلال العامين الماضيين، وهو أداء كان من الممكن أن يُنذر سابقاً بتصحيح كبير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي النرويجي في أوسلو (رويترز)

«المركزي النرويجي» يُبقي الفائدة ثابتة ويتوقع خفضها في 2026

أبقى البنك المركزي النرويجي يوم الخميس سعر الفائدة الرئيسي عند 4 في المائة، وهو ما جاء متوافقاً مع التوقعات.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي السويدي في استوكهولم (رويترز)

«المركزي السويدي» يثبت الفائدة عند 1.75 % ويتبنى نهج التريث

أبقى البنك المركزي السويدي سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 1.75 في المائة يوم الخميس، مؤكداً توقعه استمراره عند هذا المستوى لبعض الوقت.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم )

«سنتر3» و«هيوماين» تعلنان عن مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاواط في السعودية

الوتيد رئيس «إس تي سي» وطارق أمين رئيس «هيومان» خلال توقيع الاتفاقية بحضور الأمير محمد بن خالد الفيصل رئيس مجلس «إس تي سي» ويزيد الحميد نائب محافظ الاستثمارات العامة (الشرق الأوسط)
الوتيد رئيس «إس تي سي» وطارق أمين رئيس «هيومان» خلال توقيع الاتفاقية بحضور الأمير محمد بن خالد الفيصل رئيس مجلس «إس تي سي» ويزيد الحميد نائب محافظ الاستثمارات العامة (الشرق الأوسط)
TT

«سنتر3» و«هيوماين» تعلنان عن مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاواط في السعودية

الوتيد رئيس «إس تي سي» وطارق أمين رئيس «هيومان» خلال توقيع الاتفاقية بحضور الأمير محمد بن خالد الفيصل رئيس مجلس «إس تي سي» ويزيد الحميد نائب محافظ الاستثمارات العامة (الشرق الأوسط)
الوتيد رئيس «إس تي سي» وطارق أمين رئيس «هيومان» خلال توقيع الاتفاقية بحضور الأمير محمد بن خالد الفيصل رئيس مجلس «إس تي سي» ويزيد الحميد نائب محافظ الاستثمارات العامة (الشرق الأوسط)

أعلنت شركة «سنتر3» التابعة لمجموعة «إس تي سي»، وشركة «هيوماين» إطلاق مشروع مشترك استراتيجي؛ لبناء مراكز بيانات مخصصة للذكاء الاصطناعي في السعودية.

وبموجب الشراكة، سيجري تطوير وتشغيل بنية تحتية متقدمة بسعة تشغيلية عالية تصل إلى 1 غيغاواط من الأحمال المطلوبة لتشغيل مراكز البيانات، بطاقة استيعابية تبدأ من 250 ميغاواط.

ووفقاً لبيان، يجمع المشروع بين خبرات «سنتر3» في تشغيل مراكز البيانات، وتعزيز قدرات الربط الإقليمي، وبين التوجهات الاستراتيجية لـ«هيوماين» في تطوير قدرات ذكاء اصطناعي متكاملة، بما يمهّد لإنشاء بنية تحتية عالية السعة، وزمن استجابة منخفض يواكب متطلبات عصر الذكاء الاصطناعي.

وقال المهندس عليان الوتيد، الرئيس التنفيذي لمجموعة «stc»، إن المشروع المشترك «يؤكد التزامنا الراسخ بتمكين المستقبل الرقمي في المنطقة»، مشيراً إلى أن توحيد قدرات «هيوماين» في الذكاء الاصطناعي، مع خبرات «سنتر3» في تشغيل مراكز البيانات المتقدمة يهدف إلى «ترسيخ أسس بنية تحتية متطورة قادرة على استضافة الأحمال العالية المطلوبة لتشغيل مراكز البيانات».

من جانبه، قال طارق أمين، الرئيس التنفيذي لشركة «هيوماين»، إن الذكاء الاصطناعي يتطلب «خدمات حوسبة مرنة وفعالة»، موضحاً أن المشروع المشترك سيعمل على تصميم بنية تحتية متقدمة قادرة على استيعاب الأحمال العالية المطلوبة لتشغيل مراكز البيانات، ومواكبة الاحتياجات المستقبلية.

بدوره، أكد فهد الهاجري، الرئيس التنفيذي لشركة «سنتر3»، أن الشراكة تستهدف تحويل الرؤية إلى واقع ملموس عبر توظيف شبكة الشركة الواسعة من مراكز البيانات والمنصات المتصلة وخبراتها التشغيلية، لتوفير بنية تحتية موثوقة ومتطورة تضمن استمرارية وكفاءة عمليات حوسبة الذكاء الاصطناعي المتقدمة. وعدّ المشروع «خطوة مهمة» في توسيع البنية التحتية بما يدعم متطلبات المنطقة في هذا المجال.

وأشار البيان إلى أن هذا التحالف الاستراتيجي يأتي في سياق الإسهام في تحقيق مستهدفات «رؤية السعودية 2030»، عبر توطين الأصول الرقمية، ودعم تطوير منظومة سيادية للذكاء الاصطناعي، إلى جانب إنشاء منصة متكاملة لتطوير ونشر النماذج اللغوية الكبيرة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي الأساسية.


بفضل صادرات التكنولوجيا لأميركا... تايوان ترفع توقعات النمو وتثبّت الفائدة

سفن حاويات في ميناء كيلونغ بتايوان (رويترز)
سفن حاويات في ميناء كيلونغ بتايوان (رويترز)
TT

بفضل صادرات التكنولوجيا لأميركا... تايوان ترفع توقعات النمو وتثبّت الفائدة

سفن حاويات في ميناء كيلونغ بتايوان (رويترز)
سفن حاويات في ميناء كيلونغ بتايوان (رويترز)

رفع البنك المركزي التايواني يوم الخميس توقعاته للنمو الاقتصادي لعام 2025، مدفوعاً بازدهار صادرات السلع التقنية إلى الولايات المتحدة، ما أسهم في فائض تجاري كبير، مع إبقاء سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير.

ويعكس هذا النمو الدور المحوري لتايوان بوصفها منتجاً رئيسياً لأشباه الموصلات المتقدمة، التي تُغذي ثورة الذكاء الاصطناعي لشركات مثل «إنفيديا»، مما عزز الاقتصاد المحلي بشكل كبير هذا العام.

وأبقى البنك المركزي سعر الفائدة المرجعي دون تغيير عند 2 في المائة خلال اجتماعه الفصلي، في قرار بالإجماع يتوافق مع توقعات جميع الاقتصاديين الثلاثين المشاركين في استطلاع «رويترز».

وفي خطوة بارزة، رفع البنك توقعاته للنمو الاقتصادي لعام 2025 إلى 7.31 في المائة، مقارنة بتقديره السابق البالغ 4.55 في المائة في سبتمبر (أيلول)، فيما يتوقع تباطؤ النمو إلى 3.67 في المائة في 2026، وهو أعلى من التوقعات السابقة البالغة 2.68 في المائة.

وقال محافظ البنك، يانغ تشين لونغ، للصحافيين: «كان الطلب الأميركي على السلع التايوانية، بما في ذلك رقائق (تي إس إم سي)، السبب الرئيسي وراء الأداء الاقتصادي القوي هذا العام»، مشيراً إلى أن هذه الرقائق تُعد من الركائز الأساسية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي.

وبلغ الفائض التجاري مع الولايات المتحدة حتى الآن هذا العام 143.8 مليار دولار، أي أكثر من ضعف الفائض المسجل في العام الماضي البالغ 64.7 مليار دولار، معظمه من السلع عالية التقنية، وهو ما وصفه يانغ بأنه «وضع غريب للغاية».

وأكد يانغ عقب اجتماع تحديد أسعار الفائدة الفصلي: «السياسة النقدية الحالية مناسبة»، مضيفاً أن التضخم سيظل «ضمن الحدود المقبولة» خلال العام المقبل.

وأشار البنك إلى انخفاض توقعاته لمؤشر أسعار المستهلكين لهذا العام إلى 1.66 في المائة، بعد أن كانت 1.75 في المائة في سبتمبر (أيلول)، مع توقعات بمزيد من التباطؤ ليصل إلى 1.63 في المائة في 2026.

ونما اقتصاد تايوان بنسبة 4.59 في المائة في 2024، مدعوماً بصادرات قوية، لا سيما الطلب المرتفع على تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات، أبرزها الرسوم الجمركية الأميركية والمخاطر الجيوسياسية. وتخضع بعض السلع التايوانية لرسوم جمركية بنسبة 20 في المائة، ضمن السياسات التي اتخذها الرئيس ترمب على الواردات العالمية، رغم أن تايبيه تواصل محادثاتها مع واشنطن للتوصل إلى اتفاق أفضل، ولم تُفرض الرسوم حتى الآن على أشباه الموصلات.

وجاء قرار البنك المركزي التايواني بشأن أسعار الفائدة بعد خفض مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي أسعار الفائدة الأسبوع الماضي، في خطوة شهدت انقساماً واسعاً بين صانعي السياسة، لكنه أشار إلى أن تكاليف الاقتراض من غير المرجح أن تنخفض أكثر في المدى القريب.


اليابان تعزز حضورها الطاقي في أميركا بصفقة تبلغ 1.3 مليار دولار

غروب الشمس على شاطئ بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
غروب الشمس على شاطئ بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
TT

اليابان تعزز حضورها الطاقي في أميركا بصفقة تبلغ 1.3 مليار دولار

غروب الشمس على شاطئ بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
غروب الشمس على شاطئ بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

تواصل اليابان تكثيف تحركاتها الاستراتيجية في قطاع الطاقة، عبر استثمارات مباشرة في الولايات المتحدة، وتوسيع شراكاتها الحكومية، بالتوازي مع حرصها على تأمين إمدادات الغاز الطبيعي المسال من روسيا، في مزيج يعكس أولوية الأمن الطاقي في سياساتها الاقتصادية والجيوسياسية.

وأعلنت شركة «جابان بتروليم إكسبلوريشن» (جابكس)، الخميس، عن قرارها الاستحواذ الكامل على شركة «في آر آي إتش» الأميركية، المالكة لأصول نفط وغاز صخريين في ولايتي كولورادو ووايومنغ، في صفقة تبلغ قيمتها نحو 1.3 مليار دولار.

وأوضحت الشركة اليابانية أنها ستشتري كامل الحصص من شركة «فيرداد ريسورسيز فيدر»، مع تمويل الصفقة من مواردها الذاتية والاقتراض، على أن تُستكمل الإجراءات بحلول نهاية فبراير (شباط) 2026. وتنتج الأصول المستحوذ عليها حالياً نحو 35 ألف برميل مكافئ نفط يومياً من النفط والغاز الصخريين، وتسعى «جابكس» إلى رفع الإنتاج إلى نحو 50 ألف برميل يومياً بحلول عام 2030، في إطار استراتيجية توسعية طويلة الأمد.

أهداف استراتيجية

وتأتي الصفقة في سياق توجه أوسع للشركات اليابانية نحو تعزيز وجودها في سوق الطاقة الأميركية، سواء عبر الاستحواذات أو اتفاقيات الشراء طويلة الأجل، في ظل سعي طوكيو إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على مناطق جيوسياسية مضطربة.

كما تتقاطع هذه التحركات مع ضغوط سياسية أميركية، إذ دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب حلفاء بلاده، ومنهم اليابان، إلى زيادة مشترياتهم من الطاقة الأميركية، ضمن مساعٍ لتعزيز الصادرات الأميركية وتقليص العجز التجاري... إضافة إلى استهداف تقليص مشتريات الطاقة الروسية.

وحسب بيانات رسمية، بلغت مشتريات اليابان المعلنة من الغاز الطبيعي المسال الأميركي هذا العام ما لا يقل عن 8.5 مليون طن سنوياً، مقارنة بإجمالي واردات بلغت نحو 66 مليون طن في عام 2024.

حزمة استثمارية ضخمة

وفي السياق نفسه، أعلنت الحكومة اليابانية أن لجنة المشاورات الخاصة بحزمة استثمارية يابانية موجهة إلى الولايات المتحدة بقيمة 550 مليار دولار عقدت اجتماعاً افتراضياً لمناقشة مشاريع محتملة ضمن هذه المبادرة. وشارك في الاجتماع ممثلون عن وزارتي التجارة والطاقة الأميركيتين، إلى جانب وزارات الخارجية والمالية والصناعة اليابانية، إضافة إلى بنك اليابان للتعاون الدولي وهيئة تأمين الصادرات والاستثمار.

وأكد الجانبان التزامهما بمواصلة التعاون الوثيق لتطوير مشاريع مشتركة، في خطوة تعكس توجهاً رسمياً لربط الاستثمارات اليابانية الكبرى بالأهداف الاقتصادية والاستراتيجية الأميركية.

استثناء تفرضه الضرورات

وفي المقابل، لا تزال اليابان متمسكة بالحفاظ على إمداداتها من الغاز الطبيعي المسال الروسي، وتحديداً من مشروع «سخالين-2»، رغم العقوبات الغربية المفروضة على روسيا منذ غزوها أوكرانيا.

وأعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، تمديد الإعفاء الذي يسمح ببيع النفط من مشروع «سخالين-2» حتى 18 يونيو (حزيران) 2026، وهو قرار بالغ الأهمية لليابان التي تحصل على نحو 9 في المائة من وارداتها من الغاز الطبيعي المسال من هذا المشروع.

وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، مينورو كيهارا، إن تأمين الغاز الطبيعي المسال من الخارج، بما في ذلك من «سخالين-2»، «ضروري للغاية لأمن الطاقة الياباني»، مؤكداً استمرار التنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لضمان عدم تعطل الإمدادات.

معادلة صعبة

وتكشف هذه التحركات عن معادلة معقدة تحاول اليابان إدارتها من جهة تعزيز الاعتماد على الولايات المتحدة كشريك طاقي واستثماري استراتيجي، ومن جهة أخرى، الحفاظ على تدفقات الطاقة الروسية التي يصعب الاستغناء عنها في المدى المتوسط.

وكانت رئيسة الوزراء اليابانية، ساناي تاكايتشي، قد أبلغت الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال لقاء سابق في طوكيو، أن وقف استيراد الغاز الروسي سيكون بالغ الصعوبة، محذّرة من أن انسحاب اليابان سيصب في مصلحة الصين وروسيا معاً. وتعتمد اليابان على الواردات لتلبية نحو 70 في المائة من احتياجاتها من الطاقة، ما يجعلها شديدة الحساسية لتقلبات الأسواق والأزمات الجيوسياسية. وبينما تسعى الحكومة والشركات إلى بناء شبكة إمدادات أكثر تنوعاً واستقراراً، تظل الاستثمارات الأميركية والمرونة في التعامل مع العقوبات عناصر أساسية في هذه الاستراتيجية.

وفي ظل تصاعد المنافسة العالمية على مصادر الطاقة، يبدو أن طوكيو تراهن على مزيج من الاستحواذات، والتحالفات، والاستثناءات المدروسة لضمان أمنها الطاقي في السنوات المقبلة.