الأحزاب الكردية تسعى لاحتواء أزمة السليمانية وحلبجة

حزب بارزاني يسلم عددًا من مقراته لقوات الشرطة

الأحزاب الكردية تسعى لاحتواء أزمة السليمانية وحلبجة
TT

الأحزاب الكردية تسعى لاحتواء أزمة السليمانية وحلبجة

الأحزاب الكردية تسعى لاحتواء أزمة السليمانية وحلبجة

استمرت أمس المظاهرات وأعمال الشغب في المدن والبلدات التابعة لمحافظتي السليمانية وحلبجة، وواصل المتظاهرون هجماتهم على مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني في تلك المناطق، فيما أعلن مجلس قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني، تسليم عدد من مقراته لقوات الشرطة في محافظة السليمانية للحيلولة دون توتر أكبر.
وقال المتحدث الرسمي لمجلس قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في محافظة السليمانية، فارس نورولي، لـ«الشرق الأوسط»: «سلمنا عددا من مقراتنا لقوات الشرطة من أجل الحيلولة دون استهدافها من المتظاهرين الموجهين من قبل حركة التغيير، ومن منطلق الشعور بالمسؤولية والحيلولة دون تعميق الجراح، وحقنا للدماء، قررنا جمع هذه المقرات في مكان واحد». وأضاف نورولي: «حُرِقَ حتى الآن ستة من مقراتنا في أقضية كلار وحلبجة الجديدة وقلعة دزة، والهجمات ما زالت مستمرة على مقراتنا في المناطق الأخرى التابعة لحلبجة والسليمانية، وقتل اثنان من كوادرنا وأصيب تسعة آخرون بجروح»، مشددا بالقول: «الحزب الديمقراطي الكردستاني لم يكن جلادا في هذا الموضوع بل كان الضحية».
بدوره، قال القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني فريد أسسرد: «محاولات الأطراف السياسية في الإقليم كانت متواصلة منذ اللحظة الأولى للأزمة من أجل ألا تتطور، لكن عندما تطورت بدأت المحاولات من أجل احتوائها، وأول خطوة لاحتوائها كانت بإعلان محافظ السليمانية عطلة رسمية في المحافظة لثلاثة أيام، من أجل إعطاء فرصة للسيطرة على الوضع، وبان تأثير هذه الخطوة من اليوم (أمس) حيث تقلصت حدة الاحتجاجات»، مضيفا بالقول: «أتصور أن تبدأ الاجتماعات بين قيادات الأطراف الكردستانية مرة أخرى، من أجل التوصل إلى حل لهذه الأزمة، حل يعيد الثقة بينها، وأن تكون فيها محاولة للاستجابة لمطالب المتظاهرين، لأن المشكلة في الأساس تعود إلى أن حكومة الإقليم لم تستطع توفير رواتب موظفي ومعلمي الإقليم، لذا يجب أن تحرك الحكومة كل جهودها لتنفيذ هذا المطلب».
وفي قضاء كلار الذي يقع جنوب مدينة السليمانية، تواصلت أمس لليوم الثاني على التوالي أعمال العنف، حيث هاجم المتظاهرون مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأنزلوا الأعلام عن كل المقرات الحزبية في المدينة، ومن ثم دخلت قوات الشرطة إلى هذه المقرات. ويتألف المتظاهرون من صبية تتراوح أعمارهم ما بين 10 أعوام و20 عاما، وقتل خلال أعمال العنف التي شهدها الإقليم حتى الآن خمسة أشخاص، اثنان منهم من كوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني، أما الثلاثة الآخرون فكانوا ضمن المتظاهرين، وأصيب أكثر من مائة شخص.
من جهته، قال عضو الهيئة الرئاسية لحزب كادحي كردستان، بلين عبد الله: «الأوضاع التي شهدتها محافظة السليمانية والمناطق التابعة لها، والمتمثلة بالهجوم على المقرات الحزبية، حيث خرجت المظاهرات السلمية المطالبة بإيجاد حل للأزمة الاقتصادية عن مسارها، وتسببت في نشوء وضع متدهور، فمهاجمة المقرات الحزبية بعيدة عن مطالبات المواطنين، على الرغم من أن الأطراف السياسية وحكومة الإقليم الآن تحاول السيطرة على الوضع، من أجل إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه. وقد تسببت هذه الأوضاع في إثارة قلق مواطني الإقليم، لأن كردستان تخوض حربا ضروسا ضد مسلحي (داعش)، بالإضافة إلى المعادلات السياسية الصعبة التي تشهدها المنطقة، التي تتطلب منا أن نكون متحدين، وفي الوقت ذاته مطالبات المواطنين هي مطالبات مشروعة إذا كانت في إطار المظاهرات المدنية، وما سمح بها القانون». وعن إمكانية عودة الإقليم إلى نظام الإدارتين، بين عبد الله بالقول: «لن يستطيع أي شخص مرة أخرى إعادة تلك التجربة المرة، وليس من السهل أن يتجرأ أي طرف على توجيه الوضع نحو تلك التجربة، وبالعكس أرى أن الأوضاع تتجه نحو الهدوء، والجهود بين الأطراف السياسية في المناطق التي تشهد مظاهرات متواصلة لتهدئة الوضع».
في غضون ذلك، طلبت وزارة البيشمركة في حكومة إقليم كردستان، أمس، من المتظاهرين الابتعاد عن العنف. وجاء في بيان لها: «ندعو جميع المواطنين والأطراف السياسية إلى المطالبة بحقوقهم بالطرق القانونية المشروعة، والابتعاد عن حرق أو تدمير المؤسسات والأماكن العامة والمقرات الخاصة بالأطراف السياسية أو الخاصة بحكومة إقليم كردستان، وهكذا سنواصل الدفاع عن أرض كردستان وشعبه بكل شجاعة وحزم».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.