ترمب يتراجع عن الإدلاء بشهادته في محاكمة الاحتيال المالي

استطلاعات الرأي تظهر تقدمه بفارق كبير عن كل منافسيه الجمهوريين رغم مشاكله القضائية

ترمب لدى مثوله في المحكمة بنيويورك في 7 ديسمبر الحالي (أ.ب)
ترمب لدى مثوله في المحكمة بنيويورك في 7 ديسمبر الحالي (أ.ب)
TT

ترمب يتراجع عن الإدلاء بشهادته في محاكمة الاحتيال المالي

ترمب لدى مثوله في المحكمة بنيويورك في 7 ديسمبر الحالي (أ.ب)
ترمب لدى مثوله في المحكمة بنيويورك في 7 ديسمبر الحالي (أ.ب)

تراجع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عن الإدلاء بشهادته في قضية الاحتيال المالي في نيويورك، والتي كانت مقررة صباح الاثنين، وقال مساء الأحد إنه لن يشهد مرة أخرى في محاكمته، ونشر على وسائل التواصل الاجتماعي أنه أدلى الشهر الماضي بشهادته بنجاح كبير وحاسم، ولا يرى حاجة للقيام بذلك مرة أخرى.

وفي منشورين بأحرف كبيرة على منصته للتواصل الاجتماعي، قال ترمب إنه شهد بالفعل «بنجاح وبشكل قاطع» بأن أفعاله كانت قانونية، وليس لديه ما يضيفه في محاكمة وصفها بالفاسدة. وأضاف «لقد شهدت بالفعل على كل شيء وليس لدي ما أقوله سوى أن هذا تدخل كامل وشامل في الانتخابات من حملة بايدن».

ومن المقرر أن يعرض محامو ترمب دفاعهم الأخير، الاثنين، في المحاكمة التي بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتدور القضية حول البيانات المالية التي قدمها ترمب للمقرضين، للحصول على قروض بمئات الملايين من الدولارات بفائدة منخفضة، وبيانات مالية أخرى للحصول على تخفيضات ضرائبية.

رسم فني لترمب بالمحكمة العليا بنيويورك في 7 ديسمبر الحالي (رويترز)

وقالت المدعية العامة، ليتشيا جيمس، التي أقامت الدعوى، إن ترمب وأبناءه ومحاسبيه تآمروا لتضخيم صافي ثروة ترمب بمليارات الدولارات لحضّ البنوك على إقراضه الأموال بشروط أكثر ملاءمة. وأشارت أوراق الدعوى القضائية إلى أن ترمب بالغ في قيمة ناطحات السحاب وملاعب الغولف والعقارات، بما في ذلك مقر إقامته في مارالاغو في بالم بيتش بولاية فلوريدا.

أسباب التراجع

وجاء تراجع ترمب عن الإدلاء بشهادته في «تغير غير معهود» ومفاجئ من ترمب، الذي حرص خلال الشهرين الماضيين على حضور المحاكمة وانتقاد القاضي وموظفي المحكمة، ووصف القضية بأنها مدفوعة سياسيا لتهديد إمبراطوريته التجارية.

جو بايدن ودونالد ترمب في أولى المناظرات الرئاسية بينهما في كليفلاند في 29 سبتمبر 2020 (أ.ب)

وجاء تراجع ترمب عن الإدلاء بشهادته بناء على نصيحة فريق محاميه، حيث كان يصر على الشهادة للمرة الأخيرة قبل انتهاء المحاكمة لتفنيد الاتهامات، لكنه استجاب لنصائح المحامين بالتراجع عن الشهادة لئلا يضطر للإجابة عن استجوابات المدعي العام وفريق المحامين العامين، ما قد يضعف موقفه. وأبدى محامو ترمب مخاوفهم من إدلاء ترمب بشهادته مرة أخرى خاصة مع احتمالات انتقاده للقاضي وخروجه على النص، وقد سبق وطالب القاضي آرثر إنجورون محامي ترمب بـ«السيطرة على موكلهم» ومنعه من إلقاء خطابات سياسية من منصة الشهادة داخل المحكمة.

وقد سبق للقاضي (الذي تم انتخابه بوصفه ديمقراطيا) أن فرض عقوبات على ترمب مرتين لانتهاكه أمر منع النشر الذي يمنعه من التعليق على موظفي المحكمة.

وقد أدلى ترمب بشهادته قبل أكثر من شهر، عندما استجوبه محامو المدعي العام في نيويورك حول ما يعرفه عن تقييمات أصوله، وحصوله على قروض بمئات الملايين من الدولارات على مدى عشر سنوات قبل صعوده السياسي لمنصب رئيس الولايات المتحدة.

المرشحان الجمهوريان رون ديسانتوس ونيكي هيلي خلال مناظرة في 6 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

وأكد ترمب بقوة في شهادته أن التقييميات المالية سليمة، ونفى تضليل المقرضين، وألقى بالمسؤولية في بياناته المالية على فريق المحاسبين لديه، وأشار إلى أنه كان يطلب منهم أحيانًا إجراء تعديلات على التقييمات التي كان يعتقد أنها منخفضة أو مرتفعة جداً، وأكد أنه لم يتخلف قط عن سداد القروض.

لكن القاضي آرثر إنجورون، الذي يرأس المحكمة، أصدر قراره بالفعل بأن ترمب والمتهمين معه، انتهكوا قانون الاحتيال الحكومي من خلال إخفاء التقييمات العقارية، وتجاهل القيود على استخدام الأراضي، وتحريف قيمة الممتلكات النقدية والاعتماد على مقاييس استثمارية زائفة. ويتبقى أن يعلن القاضي حكمه بالغرامة المالية التي يقررها على ترمب وإمبراطوريته العقارية، حيث يقوم بحسابات لتحديد مكاسب ترمب غير المشروعة، التي حققها من خلال التقييمات العقارية غير الدقيقة، والمزايا التي حصل عليها من قروض وتخفيضات للضرائب.

وطالبت المدعية العامة ليتشيا جيمس بالحكم بغرامة تصل إلى 250 مليون دولار، كما طالبت بمنع ترمب من ممارسة الأعمال التجارية في نيويورك.

ترمب يتقدم على كل منافسيه

على الرغم من العواقب الوخيمة للحكم المحتمل على إمبراطورية ترمب التجارية، فإن قضية نيويورك إلى جانب القضايا القانونية الأخرى التي يواجهها، بما في ذلك اثنتان تتعلقان بمحاولته إلغاء انتخابات عام 2020، جعلته أقوى وهو يسعى للعودة إلى البيت الأبيض.

وقد احتشد الناخبون الجمهوريون والمسؤولون المنتخبون وكذلك منافسوه الأساسيون في الحزب الجمهوري حول مزاعمه المتعلقة بالاضطهاد السياسي. ويقول المحللون إن ترمب تمكن من جمع ملايين الدولارات لحملته الانتخابية، وحقق تقدماً لا يمكن التغلب عليه تقريباً في استطلاعات الرأي.

وأظهر استطلاع جديد أجرته صحيفة «وول ستريت جورنال» حصول ترمب على 59 في المائة من الأصوات على المستوى الوطني ليكون مرشح الحزب الجمهوري، وهو أعلى بكثير من 15 في المائة التي حصلت عليها سفيرة الأمم المتحدة السابقة وحاكمة ولاية كارولاينا الجنوبية السابقة نيكي هيلي و14 في المائة لحاكم فلوريدا رون ديسانتوس. لا يوجد مرشح جمهوري آخر استطاع تحقيق هذا التقدم الكبير في استطلاعات رأي الناخبين. ويتمتع ترمب أيضاً بتقدم كبير في ولايات التصويت الأولى المبكرة، وذلك قبل أقل من خمسة أسابيع فقط من الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري المقرر إجراؤها في ولاية أيوا في 15 يناير (كانون الثاني).

وأظهر استطلاع أجرته «إن بي سي نيوز» و«ميدياكوم أيوا» و«دي موين ريجستر» ارتفاع نسبة أعضاء الحزب الجمهوري، الذين يعتقدون أن ترمب قادر على هزيمة الرئيس جو بايدن، على الرغم من التحديات القانونية، من 65 في المائة في استطلاع أكتوبر الماضي إلى 73 في المائة الآن. وانخفضت نسبة الناخبين الذين يقولون إن التحديات القانونية التي يواجهها ترمب ستجعل من المستحيل فوزه في الانتخابات ضد جو بايدن من 32 في المائة في أكتوبر الماضي إلى 24 في المائة.

ومن المعروف أن ولاية أيوا تحمل الكثير من المفاجآت. ولكن مع بقاء خمسة أسابيع حتى انعقاد المؤتمرات الحزبية، يبدو ترمب أقوى، وليس أضعف، في هذه الولاية، كما وجد الاستطلاع أن ترمب يتمتع بأعلى تصنيف تفضيل بين المرشحين الرئاسيين في الحزب الجمهوري لعام 2024.

صورة مركبة لترمب وبايدن (أ.ب)

ترمب يتقدم على بايدن

وأظهر استطلاع للرأي لشبكة «سي إن إن» تقدم ترمب على بايدن في اثنتين من الولايات الحاسمة في المعركة الانتخابية، هما ولايتا ميتشيغان وجورجيا. وقال الاستطلاع الذي نشر نتائجه الاثنين إن أغلبية واسعة من الناخبين في الولايتين لديهم آراء سلبية حول الأداء الوظيفي للرئيس الحالي ومواقفه السياسية.

ففي ولاية جورجيا، التي فاز بها بايدن بهامش ضيق للغاية في عام 2020، يقول الناخبون المسجلون إنهم يفضلون ترمب (49 في المائة) على بايدن (44 في المائة) للرئاسة. وفي ميشيغان، التي فاز بها بايدن بهامش أوسع، حصل ترمب على دعم بنسبة 50 في المائة مقابل 40 في المائة لبايدن، حيث قال 10 في المائة إنهم لن يدعموا أياً من المرشحين حتى بعد سؤالهم عن الاتجاه الذي يميلون إليه. وفي كل من ميشيغان وجورجيا، فإن نسبة الناخبين الذين يقولون إنهم لن يدعموا أياً من المرشحين هي على الأقل كبيرة مثل الهامش بين بايدن وترمب.

ويواجه بايدن تحديات كبيرة في كلتا الولايتين، حيث يحمل الناخبون انطباعات منخفضة عن أداء بايدن بوصفه رئيسا ومواقفه السياسية، حيث يوافق 35 في المائة فقط في ميشيغان على أداء بايدن، وتصل النسبة إلى 39 في المائة في جورجيا. وتقول الأغلبية في كلتا الولايتين إن سياساته أدت إلى تفاقم الظروف الاقتصادية في البلاد (54 في المائة في جورجيا، و56 في المائة في ميشيغان).

وتشير معظم الاستطلاعات إلى أن المباراة الانتخابية المقبلة ستكون بين اثنين من ساكني البيت الأبيض، ترمب وبايدن، لكنها تحمل في طياتها أيضا تحديات محتملة في الحملة الانتخابية الطويلة المقبلة. وتعتمد ميزة ترمب على افتراض أنه قادر على الحفاظ على الدعم بين مجموعة متقلبة ومنفصلة سياسيا وإقناعهم بالتصويت فعليا، في حين سيحتاج بايدن إلى استعادة دعم المؤيدين السابقين الساخطين الذين لا يبدون حماسا كبيرا بشأن محاولته إعادة انتخابه.


مقالات ذات صلة

المستشار الألماني «منفتح» على مناقشة موعد تنظيم انتخابات مبكرة

أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ب)

المستشار الألماني «منفتح» على مناقشة موعد تنظيم انتخابات مبكرة

صرّح المستشار الألماني أنه منفتح على مناقشة موعد تنظيم انتخابات مبكرة، في وقت يواجه ضغوطات لتسريع المسار الآيل إلى استحقاق انتخابي بعد انهيار ائتلافه الحكومي.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري آنذاك دونالد ترمب يلوح بيده خلال فعالية انتخابية بساحة دورتون في رالي بولاية نورث كارولينا  - الولايات المتحدة الأميركية 4 نوفمبر 2024 (رويترز)

6 أسباب أدت إلى فوز ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية

أشار تحليل لـ«وكالة الأنباء الألمانية» أن العامل الشخصي والمال والتبعيات والخوف وأسباباً إضافية أخرى، قادت إلى فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ كامالا هاريس (أ.ب)

الولاء لبايدن أم كثرة انتقاد ترمب... لماذا خسرت هاريس الانتخابات؟

تساءل الكثير من المواطنين الديمقراطيين عن أسباب الهزيمة الساحقة لهاريس في سباق بدا للجميع أنه متقارب بشكل كبير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أضاف ماسك وحده 26.5 مليار دولار إلى ثروته (أ.ب)

مكاسب قياسية لأغنى 10 أشخاص في العالم بسبب فوز ترمب

ارتفعت ثروات أغنى 10 أشخاص في العالم بشكل قياسي مع فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، أمس (الأربعاء).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس المنتخب دونالد ترمب أثناء توجيه شكره لسوزي وايلز (رويترز) play-circle 02:04

سوزي وايلز «الطفلة الجليدية»... من تكون مستشارة ترمب المفضلة؟

حرص الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، أثناء إعلان فوزه بالانتخابات على تقديم الشكر لمستشارته التي تولت تنظيم حملته الانتخابية سوزي وايلز.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يُدشّن تعيينات فريقه الانتقالي

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومديرة حملته الانتخابية سوزي وايلز بعد إعلان انتصار ترمب بالانتخابات في فلوريدا (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومديرة حملته الانتخابية سوزي وايلز بعد إعلان انتصار ترمب بالانتخابات في فلوريدا (أ.ب)
TT

ترمب يُدشّن تعيينات فريقه الانتقالي

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومديرة حملته الانتخابية سوزي وايلز بعد إعلان انتصار ترمب بالانتخابات في فلوريدا (أ.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومديرة حملته الانتخابية سوزي وايلز بعد إعلان انتصار ترمب بالانتخابات في فلوريدا (أ.ب)

بإعلانه تعيين مديرة حملته الانتخابية لنحو 4 سنوات، سوزي وايلز، في منصب كبيرة موظفي البيت الأبيض، أطلق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عملية اختيار الأشخاص الذين سيتولون المراكز العليا في إدارته.

وقال ترمب في بيان، ليل الخميس، إن وايلز (67 عاماً)، التي باتت أول امرأة تتسلم هذا المنصب، «ستجعل بلدنا فخوراً».

أوروبياً، ومنذ فوز ترمب، تتجه الأنظار إلى أوكرانيا وما قد تحمله خطّة الرئيس المنتخب لوقف حربها مع روسيا. وبينما لم يصدر ترمب حتى الساعة تعليقات جديدة حول رؤيته لمستقبل تلك الحرب، فإن ما أُشيع حول تفاصيل خطّته المحتملة لإحلال السلام أربك كييف.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن 3 من أعضاء فريق ترمب، أن خطته تقترح إقامة منطقة عازلة بعمق 1300 كيلومتر، بين روسيا وأوكرانيا، تُشرف عليها بريطانيا وكذلك الأوروبيون، من دون مساهمة الولايات المتحدة فيها أو تمويلها. كما تقترح تثبيت خط المواجهة الحالي حيث هو الآن، وموافقة أوكرانيا على تأجيل طموحها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي لمدة 20 عاماً.