قالت الهيئة المغربية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها (مؤسسة دستورية)، إن نسبة كبيرة من المواطنين ترى أن المغرب يبذل جهداً كبيراً أو كافياً في مكافحة الفساد، «لكن هذه المجهودات تبقى غير فعالة».
جاء ذلك في سياق تقديم نتائج بحث وطني حول الفساد، تضمنه تقرير سنوي لهيئة محاربة الرشوة في المغرب خلال سنة 2022، جرى تقديمه، اليوم الأربعاء، في مدينة الرباط.
وحسب التقرير، فإن البحث الوطني استهدف فئتين من المستجوبين: الفئة الأولى تضم المواطنين، بمن فيهم المغاربة المقيمون بالخارج، بينما تهم الفئة الثانية المقاولات. ورصد الاستطلاع بخصوص المغاربة المقيمين والقاطنين بالخارج انطباعاً سلبياً حول ظاهرة الفساد، حيث تبين من خلال أبرز المعطيات أن الفساد يحتل المرتبة السادسة من بين الانشغالات الرئيسية لدى المواطنين المقيمين، والمرتبة الثالثة بالنسبة للمغاربة القاطنين بالخارج.
أما من حيث مستوى انتشار الفساد، فإن المواطنين على الصعيد الوطني يرون أن مستوى انتشاره يبقى مرتفعاً، وتختلف حدة انتشاره حسب القطاعات، حيث يبقى قطاع الصحة الأكثر عرضة للفساد، تليه الأحزاب السياسية فالحكومة ثم البرلمان والنقابات.
وتعرف بعض المجالات مستوى انتشار واسع للفساد، كالتوظيف والتعيينات وتطور المسار المهني في القطاع العام، وفي الإعانات الاجتماعية العمومية للسكان، وفي الحصول على الرخص، والرخص الاستثنائية.
وفيما يتعلق بتجارب المواطنين مع حالات الفساد، فقد صرح مواطن واحد من بين أربعة بأنه سبق أن تعرض هو، أو شخص من أسرته على الأقل، لإحدى حالات الفساد خلال الفترة المرجعية للبحث. وشمل ذلك قطاعات مختلفة، من بينها الدرك والنقل والشرطة، والصحة في القطاع العام، والعدالة، والإسكان والتعمير، والعقار في القطاع الخاص، والقيادات والباشويات (سلطات محلية).
وفيما يخص أسباب الفساد، تمحورت الأجوبة حول الرغبة في الثراء السريع، وبطء الإجراءات، وانعدام روح المواطنة، وضعف الوازع الأخلاقي، وتعقيد الإجراءات، وضعف الأجور، والفقر وانعدام الرقابة والمحاسبة، وغياب العقوبات، في حين انصرف الإدراك إلى اعتبار اللامساواة الاجتماعية، وإفقار الدولة واللامساواة في توزيع الثروات، وتراجع القدرة الشرائية والفقر، آثاراً ضارة لتفشي الفساد.
وأشارت نتائج الاستطلاع إلى أن تقديم شكاوى بشأن الفساد يبقى ضعيفاً جداً، على خلفية التهوين من الفساد وانتشاره، وعدم جدوى تقديم شكوى أو تبليغ، والخوف من الانتقام المحتمل.
أما المقاولات المستجوبة، التي شملها البحث، فصرحت بأن ثلاثة مجالات هي الأكثر تضرراً من الفساد، حسبها. ويتعلق الأمر بمنح التراخيص والمأذونيات والرخص الاستثنائية بنسبة 57 في المائة، والصفقات والمشتريات العمومية بنسبة 51 في المائة، والتوظيف والتعيين والترقية في القطاع الخاص بنسبة 50 في المائة. فيما يعتقد 40 في المائة من المواطنين القاطنين، و21 في المائة من المغاربة المقيمين بالخارج، أن الفساد ارتفع في المغرب خلال العامين الماضيين.
في المقابل، يعتقد 25 في المائة من المواطنين القاطنين بالبلاد، و44 في المائة من المغاربة المقيمين بالخارج، أن مستوى الفساد انخفض خلال العامين الماضيين. بينما تعتقد 45 في المائة من المقاولات أن الفساد تزايد خلال العامين الماضيين في المغرب، فيما تعتقد 27 في المائة منها أنه انخفض.
ويرى المواطنون أن تطبيق القوانين المتعلقة بمحاربة الفساد، وتربية وتوعية المواطنين حوله، وتعزيز المراقبة والتفتيش، وتسهيل التبليغ على أعمال الفساد، وحماية المبلغين والشهود، هي أهم الإجراءات الكفيلة بمكافحة الفساد بشكل فعال في المغرب. وقد أظهر مؤشر مدركات الفساد أن المغرب حصل على درجة 38 في المائة في المؤشر.
وحسب تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، فإن ذلك يعني تراجع المغرب بخمس 5 نقط خلال السنوات الأربع الأخيرة. وجاء في التقرير أنه تكرس مسلسل التراجع في هذا المؤشر، والذي انطلق منذ 2018 حين حصل على درجة 43 في المائة، ليتراجع بدرجتين سنة 2019 بحصوله على 41 في المائة، ثم بدرجة واحدة سنة 2020 بحصوله على 40 في المائة، قبل أن يتراجع بدرجة أخرى سنة 2021 بحصوله على معدل 39 في المائة.