منتدى «المبادرة الخضراء» في «كوب28»: السعودية تمضي في تنفيذ طموحاتها المناخية

وزير الطاقة: نوسِّع جهودنا الإقليمية والدولية لتحقيق الأهداف العالمية

وزير الطاقة في كلمة له في افتتاح منتدى «مبادرة السعودية الخضراء» (موقع وزارة الطاقة على «إكس»)
وزير الطاقة في كلمة له في افتتاح منتدى «مبادرة السعودية الخضراء» (موقع وزارة الطاقة على «إكس»)
TT
20

منتدى «المبادرة الخضراء» في «كوب28»: السعودية تمضي في تنفيذ طموحاتها المناخية

وزير الطاقة في كلمة له في افتتاح منتدى «مبادرة السعودية الخضراء» (موقع وزارة الطاقة على «إكس»)
وزير الطاقة في كلمة له في افتتاح منتدى «مبادرة السعودية الخضراء» (موقع وزارة الطاقة على «إكس»)

كشف السعودية عن مساعيها لطرح مشاريع طاقة متجددة بقدرة 20 غيغاوات عام 2024، وذلك بعدما ضاعفت إنتاجها من الطاقة المتجددة 4 مرات من 700 ميغاوات إلى 2.8 غيغاوات حتى الآن، في الوقت الذي أظهرت فيه «مبادرة السعودية الخضراء» التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مساعي البلاد لتحقيق طموحاتها المناخية.

وأوضح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، خلال خلال كلمة له في افتتاح النسخة الثالثة من منتدى «مبادرة السعودية الخضراء 2023»، التي جرى تنظيمها على هامش منتدى «كوب28» في مدينة دبي، أن بلاده التزمت ضمن المبادرة تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول 2030.

وأضاف الأمير عبد العزيز بن سلمان: «عندما دعا المجتمع الدولي إلى زيادة الطموح المناخي، تقدمت المملكة وأطلقت مبادرة السعودية الخضراء، بصفتها ركيزة أساسية لتحقيق طموحات المملكة المناخية، ونعمل على توسيع جهودنا إقليمياً ودولياً، من خلال مبادرة الشرق الأوسط الأخضر؛ لتحقيق أهداف المناخ العالمية».

وأوضح أنه خلال المنتدى السابق (كوب27) الذي عُقد في مدينة شرم الشيخ بمصر، و«كوب28» في دبي، أظهرت السعودية عملها الجادّ لتحقيق تلك الطموحات بشأن الطاقة المتجددة، إذ ضاعفت ارتباطاتها في هذا القطاع من 700 ميغاوات، في العام الماضي، إلى 2.8 غيغاوات، وهناك مشاريع بقدرات تتجاوز 8 غيغاواط قيد الإنشاء في السعودية، وأخرى بنحو 13 غيغاواط بلغت مراحل مختلفة من التطوير.

وتابع وزير الطاقة: «نخطط لتقديم عطاءات في 20 غيغاوات خلال 2024، كجزء من التزامنا لتسريع مشاريع الطاقة المتجددة»، موضحاً أن السعودية أطلقت مشروع المسح الجغرافي، بدءاً من العام المقبل، وهو من المشاريع القليلة التي تنفَّذ على الصعيد الوطني بهذا الحجم الواسع، وأكثر من 1200 محطة قياس.

الهيدروجين الأخضر

وشدد على أن السعودية تهدف إلى أن تصبح مصدراً رئيسياً للهيدروجين الأخضر عالمياً، إذ إن مشروع «نيوم» أكمل مرحلته الأولى، وحقق استثمارات بـ8.5 مليار دولار، موضحاً أن المشروع سينتج 1.2 مليون طن سنوياً من الأمونيا الخضراء، لافتاً إلى أن المملكة تُطور شراكات دولية لتطوير مزيد من مشاريع الهيدروجين الأخضر في البلاد، بالإضافة إلى حلول التنقل الهيدروجيني، التي من بينها القطارات.

وقال الأمير عبد العزيز بن سلمان: «لدعم طموحنا لتصدير الكهرباء والهيدروجين النظيف والأخضر، وقّعنا مذكرة تفاهم للبوابة الاقتصادية بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، خلال اجتماعات مجموعة العشرين في الهند، وهذا سيكون ممكِّناً أساسياً للتصدير، وهذا الممر يشمل الكهرباء وخطوط النقل وأنابيب الهيدروجين، وسنزوِّد الطاقة النظيفة على نطاق واسع بتكلفة متدنية وبشكل معتمد»، لافتاً إلى أن أعمال البلاد متزامنة ومتقاربة مع أعمال الكربون الدائري بالتحول الطاقوي، التي صدَّقت عليها «مجموعة العشرين».

وأوضح أن أعمال السعودية هي مثال يُحتذى به من كل الحلول التكنولوجية التي تتماشى مع اتفاقية باريس، مؤكداً أن السعودية أعلنت، في القمة السعودية - الأفريقية التي أُقيمت مؤخراً في الرياض، تخصيص 50 مليار دولار، و«هذا سيساعد البنى التحتية المرِنة، وتعزيز الأمور المناخية، والتكيف في القارة الأفريقية، مباشرةً عبر الشركاء السعوديين؛ لضمان التطبيق المناسب للمشاريع».

وتابع وزير الطاقة: «هناك مبادرة كبيرة أخرى تُروّج لها المملكة هي حلول الوقود النظيف للطبخ، ومنذ 2021 ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر السعودية تطبِّق المشاريع في الدول الآسيوية والأفريقية».

وعن كيفية تعزيز المملكة التعاون الدولي في مجال المناخ، قال: «إننا نعمل على تعزيز الابتكار، واستخدام مجموعة واسعة من التقنيات لجنْي فوائد الرخاء الاقتصادي، وتأمين الوصول إلى الطاقة بأسعار معقولة في مستقبل أكثر استدامة للجميع، مع معالجة التحديات الأساسية لتغير المناخ».

188 مليار دولار

من جهته، قال وزير الدولة للشؤون الخارجية والمبعوث لشؤون المناخ بالسعودية عادل الجبير، إنه من المهم أن تكون هناك محادثات لا إملاءات بشأن التغير المناخي، مضيفاً خلال مشاركته في الجلسات الحوارية المصاحبة لفعاليات إطلاق منتدى «مبادرة السعودية الخضراء 2023»، في دبي، أن نقاش التغير المناخي يجب أن يتضمن وجهات النظر المعنية كافة.

وذكر أن السعودية خصصت 188 مليار دولار حتى الآن لمواجهة التغير المناخي، موضحاً أن المملكة تعمل على مشاريع متعددة لمكافحة التغير المناخي، منها احتجاز الكربون.

التصفير الكربوني

من جهته، قال محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي ياسر الرميان، إن الصندوق أجرى تقييماً كاملاً لمستوى الانبعاثات المتعلقة بمختلف أنشطته لنصل إلى التصفير الكربوني في 2050.

وأضاف في جلسة حوارية في المبادرة أن صندوق الاستثمارات العامة من أول الصناديق السيادية عالمياً التي أصدرت صكوكاً خضراء وكانت قيمتها 8.5 مليار دولار، واستثمر الصندوق في شركة مثل «أكواباور» وهي من كبرى الشركات المستثمرة في الطاقة المتجددة حول العالم.

وقال محافظ «صندوق الاستثمارات العامة» السعودي، ياسر الرميان، إن 600 مليون شخص حول العالم محرومون من الطاقة، مضيفاً: «إننا نحاول الالتزام بدورنا، وعلى الآخرين القيام بأمر مماثل». ورأى أن «الحل هو التحول التدريجي نحو الطاقة المتجددة».

وأضاف: «هناك أمر آخر نريد أن نصل إليه على هذا الجانب البيئي هو أيضاً تقليص أسعار إنتاج الطاقة خصوصاً تكلفة الوات-ساعة من الطاقة الشمسية من سنت واحد إلى 0.76 سنت».

وتابع: «نحن واقعيون في توقعاتنا ولا نستطيع القول إن العالم سيتوقف عن استخدام الطاقة، ولكن السؤال هو: كيف نُنتجها بطريقة أفضل للبيئة وفق معايير أفضل لتحقيق تقليص الكربون؟».

وذكر أن «(أرامكو) ستكون من أكبر المستثمرين في إنتاج الهيدروجين الأزرق، مما يقلل الانبعاثات الكربونية، وحبس الكربون أيضاً من الأساليب التي تساعد على هذا التقليص، ونريد أن نصل إلى التصفير الكربوني بأسرع وقت ممكن، وقد استثمرت (أرامكو) في الطاقة المتجددة عبر شركة الطاقة الشمسية (سدير سولار)، وسنستمر في الاستثمار عبر صندوق الاستثمارات العامة وغيرها من الاستثمارات في الطاقة المتجددة».

وقال: «علينا أن نكون عمليين أكثر ومثاليين أقل في تطلعاتنا، وهذه فلسفتنا في (أرامكو)»، موضحاً أن انبعاثات «أرامكو» من الكربون هي الأقل في قطاع الطاقة عالمياً.

وتابع: «سنواصل العمل مع شركائنا على تقليل تكلفة الطاقة المتجددة، وبحلول الربع الأول من عام 2024 سنعمل على تصميم خطة للتوصل لصافي صفر انبعاثات».

وزاد: «نحن في السعودية سواء في (أرامكو) أو في الشركات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، نحاول أن نلتزم ونؤدي واجبنا في تحول الطاقة، وعلينا أن نسأل الآخرين حول العالم أن يفعلوا أمراً مشابهاً بدلاً من التحدث عن المسألة فقط في المنتديات، وأن يقوموا بعمل جدي ويراقبوا ما يحدث في أرض الواقع»، موضحاً «أن (أرامكو) تقود جهود وقف حرق الغاز المصاحب عالمياً».

السيارات الكهربائية

إلى ذلك قال وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي صالح الجاسر، إن بلاده تعمل على عدة اتجاهات لتقليل الانبعاثات الكربونية في قطاع النقل، إلى جانب المبادرات الحكومية الأخرى في هذا المجال.

وأضاف الجاسر أن تلك المبادرات تشمل زيادة الاستثمارات بقطاع السيارات الكهربائية، وتسريع خطة تشغيل أول قطار في المنطقة يعمل بالهيدروجين، مشيراً إلى أن تكلفة النقل باستخدام الطاقة البديلة تشهد تراجعاً بشكل متسارع، وهو ما يشجع على التحول لتلك الأنواع من الطاقة، في سبيل خطة تقليص الانبعاثات الكربونية.

43 مليون شجرة

إلى ذلك، أعلن خلال منتدى «مبادرة السعودية الخضراء»، أن المبادرة نجحت منذ إطلاقها عام 2021 في زراعة أكثر من 43 مليون شجرة، واستصلاح 94 ألف هكتار من الأراضي في مختلف أنحاء البلاد، بما يعادل مساحة 146 ألف ملعب كرة قدم تقريباً.

السندات الخضراء

وقال وزير المالية السعودي ‫محمد الجدعان، إن التقنية هي العامل الحاسم لتحقيق تحوّل الطاقة المطلوب، مشيراً إلى أن الاستثمار في التقنية المطلوبة لاحتجاز الكربون وإعادة تدويره أمر أساسي، داعياً إلى وجود حوافز استثمارية للتحول نحو ممارسات حماية البيئة.

ولفت إلى أن السعودية بلغت تريليون دولار في السندات الخضراء خلال سنوات قليلة، مشيراً إلى أن هذه الخطوة شيء كبير من المستثمرين، الذين يرغبون في أن تكون هذه الخطوة دافعاً إلى التغير في المجتمع وذات أثر بيئي إيجابي.

وأكد الجدعان خلال مشاركته أن التمويل يجب أن يوفر المحفزات للتغيير والإصلاح والكفاءة؛ مما يحقق الأثر، وقال: «إذا ركزنا على التكنولوجيا سنحقق أكثر بكثير مما حققناه السنوات الماضية في مجالات المناخ والتمويل الأخضر والسندات الخضراء والاستثمار المؤثر، مشدداً على أن منح الدعم لشركات إنتاج طاقة نظيفة غير مستدامة يضرّ الاقتصاد، على حد وصفه.

تطوير القطاع السياحي

من جهته، سلّط وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب، الضوء على جهود بلاده لتطوير القطاع السياحي من خلال إطلاق الكثير من المشاريع النوعية، بما في ذلك مشروع المطار الجديد في العاصمة، الرياض، المصمَّم لاستيعاب ما يصل إلى 120 مليون مسافر بحلول عام 2030، متطرقاً إلى مساهمة قطاع السياحة في انبعاثات الكربون، ومؤكداً ضرورة تبنّي ممارسات السياحة المستدامة لضمان بناء مستقبل أكثر استدامة.

وبيَّن إلى أن قطاع السياحة يُسهم بطبيعة الحال ليس فقط في الاقتصاد، بل في الانبعاثات الكربونية؛ حيث الطائرات والفنادق ووكالات السياحة والسفر كلها تسهم بشكل مباشر وغير مباشر في رفع الانبعاثات.

وأضاف الخطيب: «نعمل وفق (رؤية 2030) التي وضعها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ونسبة إسهام قطاع السياحة في الناتج المجلي بالمملكة يرتفع تدريجياً، ونتوقع أن تصل المساهمة إلى 10 في المائة بحلول 2030، الآن وصلنا إلى 8 في المائة، وهذه الزيادة مطّردة».

وأشار الخطيب إلى أن من الوجهات السياحية لدى المملكة شاطئ البحر الأحمر الممتد الطويل، والجبال في الجنوب والمدن، مضيفاً: «علينا أن نستثمر في بناء مرافق في تلك الأماكن، في عام 2019 جاء إلى المملكة 10 ملايين سائح، وهذا العام نتوقع أن نستقبل 26 مليون سائح، ونتوقع بحلول عام 2030 أن نصل إلى 70 مليون سائح، ونتطلع أن نكون في طليعة الدول التي تمثل إحدى أهم 5 وجهات سياحية في العالم بحلول عام 2030».

الاستدامة فرصة

وقال وزير الاستثمار خالد الفالح، إن بلاده أنشأت مجمعاً كبيراً لوسائل النقل والمركبات الكهربائية بالكامل، والتزمت المملكة على مدى الوقت إنفاق ملايين الدولارات لتحويل المركبات في السوق السعودية إلى مركبات كهربائية، مما يتطلب بناء شبكة متكاملة لشحن المركبات، موضحاً أن ذلك مشروع كبير يمثل المسؤولية حيال البيئة.

وتابع: «لقد وضعنا سياسات ذات معايير صارمة من وزارة الطاقة تحاول دائماً أن تطبِّق هذه المعايير على شركة (أرامكو) لتكون لديها أقل انبعاثات حول العالم»، وأردف: «لدينا الآن أقل مستوى للانبعاثات الكربونية، الحكومات توفر البنى التحتية من شبكات نقل وموانئ ووجود التكنولوجيا الرقمية التي تشهد المملكة تقدماً فيها، ننحن ننظر إلى الاستدامة على أنها فرصة في السعودية، ونستهدف الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية، من خلال إنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق».

وأضاف وزير الطاقة: «لدينا استثمارات في الطاقة المتجددة خارج المملكة، من خلال استثمارات شركة (أكواباور) لديها، التي تقدَّر بـنحو 20 مليار دولار في مجال الطاقة المتجددة».

وزاد: «الواقع يحتم استمرار استهلاك النفط، وما نفعله هو توفير الحلول الأفضل... هناك 8 مليارات نسمة في العالم، ويجب أن تكون هناك عدالة اجتماعية وعدالة في الاستدامة... الاستدامة الاقتصادية من الأمور المهمة، وهنا يأتي دور الاستثمار لتقليل آثار التغير المناخي من خلال توفير التمويل والاستثمار المستدام لها».

وفي جانب آخر، شدد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم، أن بلاده لديها أنظف طاقة منتجَة عالمياً، من خلال أكبر مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، موضحاً أن الإرادة السياسية متوفرة للتحول في قطاع الطاقة.


مقالات ذات صلة

قرود وغوريلا وفهود «ورقية» من أفريقيا إلى القطب الشمالي

يوميات الشرق علَّ الصرخة تصل (أ.ب)

قرود وغوريلا وفهود «ورقية» من أفريقيا إلى القطب الشمالي

هذه الحيوانات ستُجبر على مغادرة موائلها الطبيعية بسبب الاحتباس الحراري، وستنزح نحو الشمال، حيث تمرُّ عبر مدن عدّة في طريقها وتنضم إليها حيوانات أخرى.

«الشرق الأوسط» (كينشاسا)
علوم جزيرة العرب مرت بحقبات خضراء في الأزمان الماضية

دراسة علمية: جزيرة العرب ظلت يانعة لفترات طويلة

تكاد شبه الجزيرة العربية اليوم تكون صحراء قاحلة، لكنها كانت خضراء وخصبة مرات عديدة خلال الثمانية ملايين سنة الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مواطنون يحتمون من الشمس في الهند (أ.ف.ب)

درجات الحرارة العالمية تسجل مستويات قياسية في شهر مارس

بقيت درجات الحرارة العالمية عند مستويات مرتفعة تاريخياً في مارس، ما يشكّل استمراراً لقرابة عامَيْن من الحرّ غير المسبوق الذي يشهده الكوكب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ مواطنة أميركية تنظر إلى نهر ليكينغ وهو يرتفع ويبدأ في إغراق قبو منزلها في فالموث بولاية كنتاكي (أ.ف.ب)

فيضانات مفاجئة وأعاصير تضرب أجزاء من أميركا... ووقوع قتلى (صور وفيديو)

ضربت موجة أخرى من الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة أمس (السبت) أجزاء من الجنوب والغرب الأوسط للولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (تينيسي )
يوميات الشرق التوازن يختلّ بنفوقها (أ.ب)

نفوق صادم لمئات ملايين النحل في أميركا

تشهد صناعة تربية النحل في الولايات المتحدة أزمة بسبب النفوق الصادم وغير المبرَّر لمئات الملايين منها خلال الأشهر الـ8 الماضية.

«الشرق الأوسط» (تكساس)

​الرسوم تعصف بآفاق النمو... البنك الدولي يخفض توقعاته لمنطقة الشرق الأوسط

رئيس البنك الدولي أجاي بانغا يتحدث خلال فعاليات اجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)
رئيس البنك الدولي أجاي بانغا يتحدث خلال فعاليات اجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)
TT
20

​الرسوم تعصف بآفاق النمو... البنك الدولي يخفض توقعاته لمنطقة الشرق الأوسط

رئيس البنك الدولي أجاي بانغا يتحدث خلال فعاليات اجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)
رئيس البنك الدولي أجاي بانغا يتحدث خلال فعاليات اجتماعات الربيع في واشنطن (أ.ف.ب)

خفّض البنك الدولي توقعاته بشكل حاد لنمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى ما نسبته 2.6 في المائة و3.7 في المائة في عامي 2025 و2026 على التوالي للمرة الثانية هذا العام، من 3.4 في المائة و4.1 في المائة في توقعات يناير (كانون الثاني)، خفضاً من 3.8 في المائة لهذا العام في توقعاته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 (من دون تعديل توقعات العام المقبل)، وذلك في ضوء تراجع متوقع لآفاق الاقتصاد العالمي جراء تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية، والتعريفات المضادة لها.

وكان صندوق النقد الدولي قدّم، يوم الثلاثاء، نظرة متشائمة بشأن نمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعامين الحالي والمقبل، وتوقع نموها بنسبة 2.6 في المائة في العام الحالي و3.4 في المائة في العام المقبل، مما يمثل خفضاً بنحو 0.9 نقطة مئوية، و0.5 نقطة مئوية على التوالي مقارنة بتقديراته السابقة في بداية العام.

وقال البنك في مرصده الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا تحت عنوان: «كيف يمكن للقطاع الخاص تعزيز النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، الذي أطلقه خلال اجتماعات الربيع المنعقدة حالياً في واشنطن بينه وبين الصندوق النقد الدولي، إن هذه التوقعات يكتنفها كل من الصراع، والمناخ، والصدمات المتطرفة، وتقلبات أسعار النفط، والتطورات الجيوسياسية العالمية الآخذة في التغير، موضحاً أن حالة عدم اليقين هذه تتفاقم بسبب الآثار غير المباشرة المحتملة للتباطؤ العالمي وتقلبات أسعار الفائدة على النمو العالمي وديناميكيات التضخم.

ويشير التقرير كذلك إلى أن الصراع يمكن أن يقوض قوة من التقدم الاقتصادي، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية طويلة الأمد.

وقد نمت المنطقة بنسبة متواضعة بلغت 1.9 في المائة في عام 2024، بتراجع طفيف من توقعاته السابقة البالغة 2 في المائة، وفق التقرير. ومع ذلك، من المتوقع أن يكون الانتعاش في البلدان المستوردة للنفط مدفوعاً بزيادة الاستهلاك، في ظل تراجع معدلات التضخم، إلى أن تعافي القطاع الزراعي في بعض الاقتصادات لا يزال يواجه درجة عالية من عدم اليقين، مدفوعة بتقلبات الطقس.

وفود تستعد للدخول إلى مبنى صندوق النقد الدولي حيث تعقد اجتماعات الربيع (أ.ب)
وفود تستعد للدخول إلى مبنى صندوق النقد الدولي حيث تعقد اجتماعات الربيع (أ.ب)

التضخم

يقول التقرير إنه خلال عام 2024 استمرت الضغوط التضخمية في الاعتدال في المنطقة، متتبعة اتجاهات التضخم في بقية العالم. لكنه يشير إلى أن حالة عدم اليقين المحيطة بالسياسة التجارية قد تؤدي إلى إعادة إشعال الضغوط التضخمية في المنطقة.

وتشير تقديرات البنك إلى أن التضخم في المنطقة بلغ 2.2 في المائة عام 2024، لكنه يتوقع ارتفاعه إلى 2.4 في المائة خلال 2025 ليعود فيتراجع إلى 2.3 في المائة خلال 2026.

دول الخليج

بالنسبة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، التي تشمل البحرين والكويت وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فيتوقع البنك الدولي أن يرتفع نمو ناتجها المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 3.2 في المائة في عام 2025، ثم إلى 4.5 في المائة في عام 2026، بتراجع هذا العام عن توقعات أكتوبر 4.1 في المائة، فيما رفع توقعاته للعام المقبل إلى 4.5 في المائة من 4.4 في المائة.

ومن المتوقع أن تدعم معدلات النمو انتعاش إنتاج النفط وجهود التنويع الاقتصادي في القطاعات غير النفطية، لا سيما في دول مثل عُمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. كما أنه من المتوقع أن يتعافى الاقتصاد بفضل التراجع التدريجي عن تخفيضات إنتاج النفط التي حددتها «أوبك بلس»، وهو ما من المتوقع أن يعزز النشاط الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط. وبالإضافة إلى ذلك، بحسب التقرير، لا تزال المبادرات المحددة التي تهدف إلى تنويع الاقتصادات بعيداً عن الاعتماد على النفط تشكل مسار النمو، خصوصاً في السعودية والإمارات، حيث تتوسع القطاعات غير النفطية.

وبالنسبة للتضخم في دول الخليج، فيتوقع التقرير أن يبلغ ما نسبته 2.4 في المائة في 2025 ارتفاعاً من توقعات أكتوبر بواقع 2 في المائة، ليعود فيتراجع إلى 2.3 في المائة خلال 2026.

لكن التقرير يرى أنه على الرغم من التوقعات الإيجابية، فإنه لا تزال دول مجلس التعاون الخليجي تواجه مخاطر ناجمة عن تقلبات أسعار النفط العالمية، والاضطرابات التجارية المحتملة، والبيئة الاقتصادية العالمية غير المؤكدة التي قد تضعف آفاق التعافي. كما تشمل التحديات الأخرى الحاجة إلى الاستمرار في الاستثمار برأس المال البشري والبنية الأساسية لضمان قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات والتكيف مع الظروف المتغيرة.

العاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)
العاصمة السعودية الرياض (أ.ف.ب)

دور القطاع الخاص

ويستكشف التقرير الدور الحيوي للقطاع الخاص في دفع عجلة النمو، ويؤكد على قدرة الشركات على خلق فرص العمل وتحفيز الابتكار. وفي المقابل، يشير التقرير إلى أن غياب قطاع خاص مزدهر يعيق النمو القوي في المنطقة.

ويخلص التقرير إلى أن القطاع الخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يفتقر إلى الديناميكية، فقد شهد نمو الإنتاجية العمالية تراجعاً كبيراً في معظم أنحاء المنطقة. إن القليل من الشركات تستثمر وتبتكر، ولا يوجد سوى القليل من الشركات القادرة على المنافسة على المستوى الدولي، والقليل منها مدرج في قائمة الشركات الرائدة، علاوة على ذلك، لا يزال هناك قطاع رسمي صغير عالق، وقطاع غير رسمي كبير. ولا يشارك سوى عدد قليل من النساء في القطاع الخاص من حيث الإنتاجية.

وأشار أوسمان ديون، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أن «المنطقة لطالما عانت من نقص رأس المال البشري. وتستبعد النساء إلى حد كبير من سوق العمل. ويمكن للشركات التي ستوظف بدورها مزيداً من النساء أن تجتذب مزيداً من المواهب من القيادات النسائية».

لقاء في واشنطن بين وزير المالية السعودي محمد الجدعان ونائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أوسمان ديون (منصة إكس)
لقاء في واشنطن بين وزير المالية السعودي محمد الجدعان ونائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أوسمان ديون (منصة إكس)

وأضاف: «سد الفجوة بين الجنسين في التشغيل من شأنه أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في نصيب الفرد من الدخل بنحو 50 في المائة بأي اقتصاد من اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».

وتلعب الحكومات والمؤسسات أدواراً تكميلية في تطوير قطاع الأعمال. ويمكن للحكومات، بالتشاور مع القطاع الخاص، تعزيز المنافسة في الأسواق، وتحسين بيئة الأعمال، والاستثمار في البنية التحتية والبيانات لتعزيز أداء الشركات.

وقالت روبرتا غاتي، رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي إن «وجود قطاع خاص ديناميكي يعد أمراً ضرورياً لإطلاق العنان للنمو المستدام والازدهار في المنطقة. ولتحقيق هذه الإمكانات التنافسية، يجب على الحكومات في جميع أنحاء المنطقة أن تتبنى دورها بوصفها ميسراً».

وأكد التقرير أن مستقبلاً أكثر إشراقاً للقطاع الخاص في المنطقة قريب المنال إذا أعادت الحكومات التفكير في دورها، وتسخير المواهب غير المستغلة من رواد الأعمال والعاملين، وبالاستثمار الفعال، وإذا قامت الشركات ببناء قدراتها بنفسها عن طريق تحسين ممارساتها الإدارية. ومن الممكن أن يؤدي تسخير المواهب والعمالة إلى تعزيز النمو.