لماذا اتجه «فيسبوك» لدعم الأخبار عبر «الاشتراكات المدفوعة»؟

شعار «فيسبوك» (رويترز)
شعار «فيسبوك» (رويترز)
TT

لماذا اتجه «فيسبوك» لدعم الأخبار عبر «الاشتراكات المدفوعة»؟

شعار «فيسبوك» (رويترز)
شعار «فيسبوك» (رويترز)

بعد سنتين من تراجع تطبيق «فيسبوك» عن دعم الأخبار وتقليص عوائد الإعلانات، يبدو أن «ميتا»، الشركة الأم المالكة للتطبيق، تبحث عن موطئ قدم في صناعة الأخبار يضمن «دورها كوسيط فاعل في تحقيق الأرباح». وفي هذا الصدد اتجه تطبيق «فيسبوك» إلى «دعم بيع الاشتراكات المدفوعة لبعض الأخبار على نحو محدود».

ولقد كشفت منصة «بولمان ويكلي نيوز» البريطانية (أسست عام 1857 وتوقفت عن إصدار النسخة الورقية عام 2018) عن أنها نجحت في الدفع بنظام الاشتراك المدفوع على «بعض» الأخبار التي اتسمت بالتفرد، معتمدة على نظام الاشتراكات الذي بات يدعمه «فيسبوك» من دون تحصيل رسوم مقابل الخدمة، مما حقق للمنصة أرباحاً تتوقع زيادتها في المرحلة المقبلة. ومن جانبها، أوضحت شركة «ميتا» على موقعها الرسمي تفاصيل نظام «الاشتراكات المدفوعة» الذي توفره الآن للناشرين. وذكرت أن الناشر «سيتلقى دفعات الاشتراك مرة واحدة شهرياً بعد تجاوز الحد الأدنى للرصيد وهو 100 دولار». وأكدت أن «المنصة لن تشارك الناشرين في الربح على الأقل حتى نهاية 2024».

بعض الخبراء يروا أن دعم «فيسبوك» للترويج عن الاشتراكات المدفوعة لن يدوم بالمجان طويلاً، لا سيما بعد سلسلة خلافات كانت قد نشبت بين «فيسبوك» والناشرين وصلت إلى حد المساءلات القانونية. ويرى عبد الكريم الزياني، أستاذ الصحافة الرقمية في جامعة أم القيوين بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن «فيسبوك لن يتخلى عن الأخبار ضمن خدماته، وذلك لتلبية احتياجات المستخدم المتنوعة». وأردف أن «فيسبوك يبحث الآن عن صيغة جديدة لجني الأرباح من صناع الأخبار، أما المجانية الراهنة فما هي إلا مرحلة جذب واختبار، لا سيما بعدما ذهبت غرف الأخبار للبحث عن بدائل للترويج والاستثمار بالأخبار بعيداً عن قيود (فيسبوك)». وتابع: «ودعم الاشتراكات المدفوعة ما هو إلا محاولة لطرح صيغة تسمح بتقاسم الأرباح مع صُناع الأخبار، وقد تتبعها صيغ أخرى لاحقاً».

جدير بالذكر، أنه في أبريل (نيسان) الماضي، نشرت شركة الاستشارات الاقتصادية «نيرا» تقريراً لصالح شركة «ميتا»، أشار إلى أن الأخبار «تمثل أقل من 3 في المائة فقط من المحتوى المتداول على (فيسبوك)»، الأمر الذي عدَّته الشركة دوراً اقتصادياً محدوداً في إجمالي ما تقدّمه للمستخدم، كما أعربت الشركة عن تراجع نية الدفع مقابل نشر الأخبار إلى النسبة «صفر». ومن جانب آخر، وفقاً لتقرير الأخبار الرقمية الصادر عن معهد «رويترز» العام الحالي، يظل «فيسبوك» منصة التواصل الاجتماعي «الأكثر استخداماً للأخبار على الرغم من انخفاض هذه النسبة عن الذروة التي بلغت 28 في المائة».

غير أن الزياني يدحض هذه الفكرة. وهو يرى أن الأخبار خدمة أصيلة على المنصة، ويدلّل على ذلك بالقول: «إذا كانت الأخبار لا تشكل أهمية لصُناع القرار في شركة ميتا، لما كان لها أن تبذل جهداً في طرح صيغ للتعاطي معها وتحقيق الأرباح». غير أن الزياني رهن دعم الأخبار من قبل «فيسبوك» بابتكار نماذج عصرية لمشاركة الأخبار، موضحاً أن «الأخبار ليس لها فرص على (فيسبوك) إذا كانت ستعرض على النحو السابق، أي عنوان يصحبه رابط، في حين أن الشريكين (فيسبوك) والناشرين بحاجة إلى تطوير برمجيات العرض، لا سيما أن المستخدم يعزف الآن عن الشكل التقليدي للخبر، وبات بحاجة إلى منتج يحقق تفاعليةً ومتعةً».

من جهته، أوضح المالك الحالي لمنصة «بولمان ويكلي نيوز»، دنكان ويليامز، أن منصته «حققت استفادة متعددة الأوجه من (فيسبوك)». وقال لشبكة «سي بي سي» الكندية: «لقد حققت المنصة أرباحاً من خلال مجموعة الخدمات، جاء في مقدمتها الترويج للاشتراكات المدفوعة على بعض الأخبار، بالإضافة إلى الإعلانات والنشرات الإخبارية الإلكترونية على (فيسبوك)، كما ساعدتنا المنصة في الوصول إلى شركاء لتقديم محتوى إعلاني».

وفي هذه الثناء، أشار تقرير نُشر على الموقع الرسمي لـ«مشروع الصحافة الخيرية» في المملكة المتحدة، العام الماضي، إلى أن «فيسبوك كان أهم خدمة وسائط اجتماعية على الإطلاق... وساهم بشكل بارز في الحصول على معلومات إخبارية محلية، وأن الصفحات والمجموعات المحلية سدّت فجوة في العديد من المجتمعات».

في الواقع، يثمّن الزياني دور «فيسبوك» في نشر الأخبار والوصول إلى المتلقي، إلا أنه «يستبعد أن يكون نموذج الاشتراكات المدفوعة بين الخيارات الراهنة بالنسبة للمتلقي العربي». ويشرح أن «المتلقي العربي ربما مازال غير مُهيئ للدفع مقابل الأخبار»، ويبرّر ذلك بأن المتلقي «يعتبر خدمة الأخبار والمعلومات مسؤولية الجهات المعنية. لذلك من الصعب أن يدفع لها رسوماً، حتى وإن كانت محدودة، لكن تغيير نمط الأخبار لتصبح أكثر تفرداً وتفاعلاً ربما يُغير نظرته في المستقبل القريب».

ما يستحق الإشارة هنا أن «فيسبوك» قدّم الاشتراكات - المعروفة سابقاً باسم اشتراكات المعجبين - لأول مرة في عام 2018. غير أنها لم تشهد رواجاً بين ناشري الأخبار، ولكن هذه المرة وضع «فيسبوك» شروطاً لدعم الاشتراكات المدفوعة. ووفق بيان التطبيق: «يجب أن يحظى الناشر بمتابعة من قبل 10 آلاف متابع أو 250 مشاهدة على الأقل، كما يجب أيضاً أن يكون قد وصل إلى 50 ألف مشاركة منشورة أو 180 ألف دقيقة مشاهدة في آخر 60 يوماً، كما وضع التوافق مع سياسات المنصة شرطاً لدعم الاشتراكات المدفوعة على الأخبار».

هنا تشير الدكتورة سارة نصر، أستاذة الإعلام السياسي والرقمي في مصر، خلال حوار مع «الشرق الأوسط»، إلى رغبة «فيسبوك» في اللحاق بمنافسه الأول حالياً «تيك توك»، ولا سيما فيما يخص جذب جيل «زي»، وجعل أولوية دعم الأخبار تتراجع، لصالح الترفيه والمقاطع المصورة والتفاعلية. وتابعت سارة نصر: «كانت هناك فرص لظهور الأخبار يمكن صياغتها من خلال مقاطع فيديو قصيرة (ريلز) لتحقق الهدف منها في قالب وسياق مناسب لتوجهات (فيسبوك) المستقبلية».

بيد أنها تصف خدمة الأخبار المدفوعة على «فيسبوك» بـ«التوجه الجيد». وتضيف أن «فيسبوك يبحث عن بديل للتمويل، وربما يحقق ذلك هضم المتلقي فكرة الدفع مقابل الخدمة... وهنا يجب على صُناع الأخبار والصحافيين تقديم خدمة إخبارية ممتعة مدعومة بكل عناصر النجاح كي تؤتي ثمارها».

أما عن تطوير الأخبار. فترى سارة نصر «وجوب أن يحدد الناشرون بدقة الجمهور المستهدف وخصائصه الديموغرافية، وذلك من أجل تقديم محتوى جذاب يقع في دائرة اهتماماته». وتضيف: «أيضاً أنماط العرض لن تكون كالسابق، إذ نتوقع أن الجمهور سيدفع مقابل الخدمة التي كان يحصل عليها مجاناً، وإلا فأين القيمة المضافة؟» ومن ثم تُرجع سارة نصر «النماذج التي حققت نجاحاً في الحصول على رسوم مقابل الأخبار إلى تحقيق الجودة والتفرد والاستمرارية... وعلى صُناع الأخبار تقديم الخبر بشكل يخلق فضول المتابعة والإمتاع».



استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)
TT

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

نوع من «التجنيد الإجباري» فرضته هذه الحالة على المحطات التلفزيونية وموظفيها ومراسليها، فغالبيتهم يمضون نحو 20 ساعة من يومهم في ممارسة مهامهم. وبعضهم يَصِلون ليلهم بنهارهم في نقل مباشر وموضوعي، وآخرون يضعون دمهم على كفّ يدهم وهم يتنقلون بين مناطق وطرقات تتعرّض للقصف. أما رؤساء التحرير ومقدِّمو البرامج الحوارية اليومية، فهم عندما يحوزون على ساعات راحة قليلة، أو يوم إجازة، فإنهم يشعرون كما السمك خارج المياه. ومن باب مواقعهم ومسؤولياتهم الإعلامية، تراهم يفضلون البقاء في قلب الحرب، وفي مراكز عملهم؛ كي يرووا عطشهم وشهيّتهم للقيام بمهامهم.

المشهدية الإعلامية برمّتها اختلفت هذه عن سابقاتها. فهي محفوفة بالمخاطر ومليئة بالصدمات والمفاجآت من أحداث سياسية وميدانية، وبالتالي، تحقن العاملين تلقائياً بما يشبه بهرمون «الأدرينالين». فكيف تماهت تلك المحطات مع الحدث الأبرز اليوم في الشرق الأوسط؟

الدكتورة سهير هاشم (إنستغرام)

لم نتفاجأ بالحرب

يصف وليد عبود، رئيس تحرير الأخبار في تلفزيون «إم تي في» المحلي، لـ«الشرق الأوسط»، حالة الإعلام اللبناني اليوم بـ«الاستثنائية». ويضيف: «إنها كذلك لأننا في لبنان وليس عندنا محطات إخبارية. وهي، بالتالي، غير مهيأة بالمطلق للانخراط ببث مباشر يستغرق ما بين 18 و20 ساعة في اليوم. بيد أن خبراتنا المتراكمة في المجال الإعلامي أسهمت في تكيّفنا مع الحدث. وما شهدناه في حراك 17 أكتوبر (تشرين الأول) الشعبي، وفي انفجار مرفأ بيروت، يندرج تحت (الاستنفار الإعلامي) ذاته الذي نعيشه اليوم».

هذا «المراس» - كما يسميه عبود - «زوّد الفريق الإخباري بالخبرة، فدخل المواكبة الإعلامية للحرب براحة أكبر، وصار يعرف الأدوات اللازمة لهذا النوع من المراحل». وتابع: «لم نتفاجأ باندلاع الحرب بعد 11 شهراً من المناوشات والقتال في جنوب لبنان، ضمن ما عرف بحرب المساندة. لقد توقعنا توسعها كما غيرنا من محللين سياسيين. ومن كان يتابع إعلام إسرائيل لا بد أن يستشفّ منه هذا الأمر».

جورج صليبي (إنستغرام)

المشهد سوريالي

«يختلف تماماً مشهد الحرب الدائرة في لبنان اليوم عن سابقاته». بهذه الكلمات استهل الإعلامي جورج صليبي، مقدّم البرامج السياسية ونشرات الأخبار في محطة «الجديد» كلامه لـ«الشرق الأوسط». وأردف من ثم: «ما نشهده اليوم يشبه ما يحصل في الأفلام العلمية. كنا عندما نشاهدها في الصالات السينمائية نقول إنها نوع من الخيال، ولا يمكنها أن تتحقق. الحقيقة أن المشهد سوريالي بامتياز حتى إننا لم نستوعب بسرعة ما يحصل على الأرض... انفجارات متتالية وعمليات اغتيال ودمار شامل... أحداث متسارعة تفوق التصور، وجميعها وضعتنا للحظات بحالة صدمة. ومن هناك انطلقنا بمشوار إعلامي مرهق وصعب».

وليد عبود (إنستغرام)

المحطات وضغوط تنظيم المهام

وبالفعل، منذ توسع الحرب الحالية، يتابع اللبنانيون أخبارها أولاً بأول عبر محطات التلفزيون... فيتسمّرون أمام الشاشة الصغيرة، يقلّبون بين القنوات للتزوّد بكل جديد.

وصحيحٌ أن غالبية اللبنانيين يفضّلون محطة على أخرى، لكن هذه القناعة عندهم تتبدّل في ظروف الحرب. وهذا الأمر ولّد تنافساً بين تلك المحطات؛ كي تحقق أكبر نسبة متابعة، فراحت تستضيف محللين سياسيين ورؤساء أحزاب وإعلاميين وغيرهم؛ كي تخرج بأفكار عن آرائهم حول هذه الحرب والنتيجة التي يتوقعونها منها. وفي الوقت نفسه، وضعت المحطات جميع إمكاناتها بمراسلين يتابعون المستجدات على مدار الساعات، فيُطلعون المشاهد على آخر الأخبار؛ من خرق الطيران الحربي المعادي جدار الصوت، إلى الانفجارات وجرائم الاغتيال لحظة بلحظة. وفي المقابل، يُمسك المتفرجون بالـ«ريموت كونترول»، وكأنه سلاحهم الوحيد في هذه المعركة التنافسية، ويتوقفون عند خبر عاجل أو صورة ومقطع فيديو تمرره محطة تلفزيونية قبل غيرها.

كثيرون تساءلوا: كيف استطاعت تلك المحطات تأمين هذا الكمّ من المراسلين على جميع الأراضي اللبنانية بين ليلة وضحاها؟

يقول وليد عبود: «هؤلاء المراسلون لطالما أطلوا عبر الشاشة في الأزمنة العادية. ولكن المشاهد عادة لا يعيرهم الاهتمام الكبير. ولكن في زمن الحرب تبدّلت هذه المعادلة وتكرار إطلالاتهم وضعهم أكثر أمام الضوء».

ولكن، ما المبدأ العام الذي تُلزم به المحطات مراسليها؟ هنا يوضح عبود في سياق حديثه أن «سلامة المراسل والمصور تبقى المبدأ الأساسي في هذه المعادلة. نحن نوصيهم بضرورة تقديم سلامتهم على أي أمر آخر، كما أن جميعهم خضعوا لتدريبات وتوجيهات وتعليمات في هذا الشأن... وينبغي عليهم الالتزام بها».

من ناحيته، يشير صليبي إلى أن المراسلين يبذلون الجهد الأكبر في هذه الحرب. ويوضح: «عملهم مرهق ومتعب ومحفوف بالمخاطر. لذلك نخاف على سلامتهم بشكل كبير».

محمد فرحات (إنستغرام)

«إنها مرحلة التحديات»

وبمناسبة الكلام عن المراسلين، يُعد إدمون ساسين، مراسل قناة «إل بي سي آي»، من الأقدم والأشهر في هذه المحطة. وهو لا يتوانى عن التنقل خلال يوم واحد بين جنوب لبنان وشماله. ويصف مهمّته خلال المرحلة الراهنة بـ«الأكثر خطراً». ويشرح من ثم قائلاً: «لم تعُد هناك خطوط حمراء أو نقاط قتال محددة في هذه الحرب. لذا تحمل مهمتنا التحدّي بشكل عام. وهي محفوفة بخطر كبير، لا سيما أن العدو الإسرائيلي لا يفرّق بين طريق ومبنى ومركز حزب وغيره، ويمكنه بين لحظة وأخرى أن يختار أهدافه ويفاجئ الجميع... وهذا ما وضع الفرق الصحافية في خطر دائم، ونحن علينا بالتالي تأمين المعلومة من قلب الحدث بدقة».

وفق ساسين، فإن أصعب المعلومات هي تلك المتعلقة بالتوغّل البرّي للجيش الإسرائيلي، «فحينها لا يمكن للمراسل معرفة ما يجري بشكل سليم وصحيح على الأرض... ولذا نتّكل أحياناً على مصادر لبنانية من جهة (حزب الله)، و(اليونيفيل) (القوات الدولية العاملة بجنوب لبنان) والجيش اللبناني والدفاع المدني، أو أشخاص عاشوا اللحظة. ومع هذا، يبقى نقل الخبر الدقيق مهمة صعبة جداً. ويشمل ما أقوله أخبار الكمائن والأسر، بينما نحن في المقابل نفتقر إلى القدرة على معرفة هذه الأخبار، ولذا نتوخى الحذر بنقلها».

«لبنان يستأهل التضحية»

في هذه الأثناء، يتكلم مراسل تلفزيون «الجديد» محمد فرحات «بصلابة»، عندما يُسأل عن مهمّته الخطرة اليوم.

محمد كان من بين الفريق الإعلامي الذي تعرّض لقصف مباشر في مركز إقامته في بلدة حاصبيا، وخسر يومذاك زملاء له ولامس الموت عن قرب لولا العناية الإلهية، كما يقول. ويتابع: «لقد أُصبت بحالة إنكار للمخاطر التي أتعرّض لها. في تلك اللحظة عشت كابوساً لم أستوعبه في البداية. وعندما فتحت عيني سألت نفسي لبرهة: أين أنا؟»، ويضيف فرحات: «تجربتي الإعلامية ككل في هذه الحرب كانت مفيدة جداً لي على الصعيدين: الشخصي والمهني. من الصعب أن أُشفى من جروح هذه الحرب، ولكني لم أستسلم أو أفكر يوماً بمغادرة الساحة. فلبنان يستأهل منا التضحية».

العلاج النفسي الجماعي ضرورة

أخيراً، في هذه الحرب لا إجازات ولا أيام عطل وراحة. كل الإعلاميين في مراكز عملهم بحالة استنفار. ولكن ماذا بعد انتهاء الحرب؟ وهل سيحملون منها جراحاً لا تُشفى؟

تردّ الاختصاصية النفسية الدكتورة سهير هاشم بالقول: «الإعلاميون يتعرضون لضغوط جمّة، وفي الطليعة منهم المراسلون. هؤلاء قد لا يستطيعون اليوم كشف تأثيرها السلبي على صحتهم النفسية، ولكن عند انتهاء الحرب قد يكون الأمر فادحاً. وهو ما يستوجب الدعم والمساندة بصورة مستمرة من مالكي المحطات التي يعملون بها». وأضافت الدكتورة هاشم: «ثمة ضرورة لإخضاعهم لجلسات علاج نفسية، والأفضل أن تكون جماعية؛ لأن العلاج الموسمي غير كافٍ في حالات مماثلة، خلالها يستطيعون أن يساندوا ويتفهموا بعضهم البعض بشكل أفضل».