حذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، مرة أخرى، من توسع نطاق الحرب مع تجدد الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، قائلاً إن المنطقة ستدخل مرحلة جديدة «عبر قوى المقاومة»، في إشارة إلى الجماعات المسلحة الموالية لإيران.
وجاء تحذير عبداللهيان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العماني بدر البوسعيدي، الذي وصل إلى طهران، مساء الأحد، حيث ناقشا تطورات الأوضاع في قطاع غزة، وسط تكهنات بشأن احتمال إحياء الوساطة العمانية في الملف النووي الإيراني.
وقال عبداللهيان إن المرحلة الجديدة من الهجمات الإسرائيلية على غزة «بدأت بحضور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في الاجتماع الوزاري للكيان الصهيوني». وأضاف: «على أميركا أن تتحمل تبعات هذا السلوك المنافق في دعم إسرائيل». وقال أيضاً: «نتابع التطورات في فلسطين منذ 50 يوماً لإعادة الاستقرار ووقف جرائم النظام الإسرائيلي». وتابع: «أميركا تتحدث عن توصية إسرائيل بعدم القتل لكن عملياً أعطت الضوء الأخضر للإبادة».
وعاد عبداللهيان لتكرار تحذيراته من توسع الحرب، دون أن يشير إلى هجمات شنتها جماعات موالية لإيران في العراق واليمن ضد قواعد أميركية وسفن حربية وتجارية.
وقال: «لقد سمعنا أمس من قادة المقاومة أنه في حال استمرار الهجمات الإسرائيلية، ستدخل المنطقة مرحلة جديدة عبر المقاومة». وأضاف: «توسع الحرب وارد جداً، نحذر. يجب وقف قتل الأطفال والنساء قبل فوات الأوان».
وقال أيضاً: «لم ترغب إيران أبداً في توسع الحرب في المنطقة، لكن تم تحذير دعاة الحرب في المنطقة بشدة بوقف دعمهم للمجرمين الإسرائيليين قبل فوات الأوان».
وادعى عبداللهيان أن «بعض الوثائق التي تم ضبطها في عملية (طوفان الأقصى) تثبت فرضية نقل جميع أهالي قطاع غزة، أو سكان الضفة الغربية إلى الأردن».
من جهة أخرى، دعا عبداللهيان، مصر، إلى فتح معبر رفح. وقال: «نأمل من إخواننا في مصر إحباط المؤامرة الإسرائيلية عبر فتح معبر رفح».
يذكر أن مصر تفتح بالفعل المعبر لدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وعبور المصابين للعلاج بالمستشفيات المصرية.
النووي على الطاولة
وفي وقت سابق، ذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن مناقشة أهم القضايا ذات الاهتمام وتطوير التعاون المشترك، وأهم القضايا الإقليمية، منها الأوضاع المزرية في غزة، وضرورة وقف إطلاق النار، وإرسال المساعدات الإنسانية لشعب غزة، على جدول أعمال لقاء الوزيرين.
وعشية زيارته إلى طهران، تواصل البوسعيدي ونظيره الإيراني عبر الهاتف. وقال عبداللهيان إن «عودة إسرائيل لارتكاب جرائم الحرب ضد أهالي غزة تدل على عدم اكتراثهم بمطالب المجتمع الدولي والرأي العام العالمي».
من جهته، قال البوسعيدي إن اشتعال الحرب من جديد وتوسيعها في المنطقة هو مدعاة للأسف، مشدداً على ضرورة إرساء هدنة مستدامة وإرسال المساعدات الإنسانية بصورة واسعة وتحرك مؤثر للمجتمع الدولي بهذا الصدد.
تأتي زيارة الوفد الدبلوماسي العماني إلى طهران بعد نحو أسبوع من عقد اجتماع لجنة عسكرية بين مسؤولين عسكريين من البلدين في العاصمة الإيرانية، قبل أن تجرى مناورات بحرية مشتركة بينهما في خليج عمان.
وتوقعت وسائل إعلام إيرانية أن تكون زيارة البوسعيدي إلى طهران في سياق تبادل الرسائل بين المسؤولين الإيرانيين والأميركيين من أجل منع توسع التوتر في المنطقة.
وأشارت صحيفة «دنياي اقتصاد» إلى توقعات «أضعف» بأن يكون الوزير العماني يحمل رسالة حول كسر جمود مفاوضات إحياء الاتفاق النووي، بعدما توصل الطرفان إلى تفاهمات قبل حرب غزة لخفض التصعيد، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم بدرجات عالية، وتبادل السجناء والأموال الإيرانية المجمدة في دول مختلفة.
وتحدث مسؤولون إيرانيون خلال الشهرين الماضيين عن ترحيبهم بمبادرة مطروحة من سلطان عمان، السلطان هيثم بن طارق، لكنهم قالوا إن المبادرة ليست اتفاقاً جديداً ولا خطةً جديدةً، إنما مبادرة عملية لتقارب وجهات النظر بين واشنطن وطهران، وعودة جميع الأطراف إلى الاتفاق بصيغة 2015.
والأسبوع الماضي، قال مدير الوكالة الدولية، رافائيل غروسي، في تصريحات صحافية، إن إيران والقوى الكبرى بحاجة إلى التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاق نووي جديد.
بوريل يحض طهران على التعاون البناء
وكان الاتفاق النووي جزءاً من الاتفاق الهاتفي بين عبداللهيان ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي يلعب دور الوسيط الأساسي في تنفيذ الاتفاق النووي.
وذكرت الخارجية الإيرانية، السبت، أن عبداللهيان دعا بوريل إلى وقف الهجمات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة وإتاحة إرسال المساعدات الإنسانية «في أسرع وقت ممكن». وكرر الوزير الإيراني تحذيرات سابقة من تهجير الفلسطينيين من أرضهم، معيداً جذور الأزمة الحالية إلى «الاحتلال والاعتداءات» الإسرائيلية. وحذر من إمكانية توسيع رقعة الحرب في المنطقة.
إلى جانب الوضع في غزة، تناول عبداللهيان وبوريل تعاون إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية. ونقل البيان عن عبداللهيان قوله إن بلاده ستواصل التعاون في الإطار التقني. وحض بوريل، عبداللهيان، على «التعاون البناء» مع الوكالة الدولية، حسب ما ورد في البيان الإيراني.
في غضون ذلك، دافع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي عن مواقف بلاده في حرب غزة. وقال خلال مؤتمر حول تنفيذ الدستور: «دعمنا لغزة وفلسطين يرتكز على الدستور الذي يعتبر دعم المظلومين من واجبات الحكومة الإسلامية».
وقال: «لهذا السبب منذ انتصار الثورة (1979) واحد من مبادئنا وأسسنا في السياسة الخارجية دعم الشعب الفلسطيني (...)». وأضاف: «هذا الأصل لا يزال قائماً، ولم تؤثر التغييرات في السياسة العالمية ورغبات البعض في المنطقة على هذا المبدأ في سياستنا الخارجية».
وتابع رئيسي: «لا شك لدينا أن دماء أكثر من 6 آلاف طفل على يد الصهاينة ستؤدي إلى انهيار هذا الكيان المزيف».
كان رئيسي قد تلقى اتصالاً هاتفياً، مساء السبت، من رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، تناول الأوضاع في قطاع غزة.
ونقل بيان للرئاسة الإيرانية عن رئيسي قوله إن «دولاً مختلفة، بما في ذلك اليابان، يمكن أن تجري استفتاءً شعبياً للوقوف على مستوى الدعم لحق الشع9ب الفلسطيني». وأضاف: «اليوم تحليل أغلب المسؤولين والقادة في العالم أن قضية الشعب الفلسطيني بحاجة إلى تحليل دقيق لما جرى على هذا الشعب طيلة 75 عاماً، وهذا ليس عملاً معقداً وصعباً».