ماكرون يشكك في إمكان تحقيق هدف إسرائيل من الحرب على غزة

الرئيس الفرنسي إلى قطر لبحث هدنة جديدة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال مؤتمر صحافي في قمة المناخ 2 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال مؤتمر صحافي في قمة المناخ 2 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT
20

ماكرون يشكك في إمكان تحقيق هدف إسرائيل من الحرب على غزة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال مؤتمر صحافي في قمة المناخ 2 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدث خلال مؤتمر صحافي في قمة المناخ 2 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيتوجه إلى قطر، في محاولة للعمل على هدنة جديدة بين إسرائيل و«حماس» قد تفضي إلى وقف إطلاق النار. ومن المقرر أن يجري زيارة خاطفة، مساء السبت، إلى الدوحة، التي تقود مفاوضات الهدنة والإفراج عن الرهائن، حيث يتناول العشاء مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

ودعا ماكرون في مؤتمر صحافي في دبي، حيث يشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 28)، يوم السبت، إلى «مضاعفة الجهود للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار» في قطاع غزة الذي يتعرّض مجدّداً للقصف الإسرائيلي عقب انتهاء الهدنة مع حركة «حماس».

وأضاف ماكرون، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية»: «من الواضح جداً أن استئناف القتال في قطاع غزة هو موضوع مثير للقلق، وقد شكّل محور العديد من النقاشات». وحذر ماكرون، إسرائيل، من أن «القضاء على (حماس) بالكامل» سيؤدي إلى «10 سنوات» من الحرب. وعدَّ أن «هذا الوضع يتطلب مضاعفة الجهود للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وللإفراج عن جميع الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى (حماس)، وتزويد سكان غزة بالمساعدات التي يحتاجون إليها بشكل عاجل، ولجعل إسرائيل واثقة من استعادة أمنها».

دخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة يوم السبت (أ.ف.ب)
دخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة يوم السبت (أ.ف.ب)

لهجة مشددة

وكان الرئيس الفرنسي يأمل في البناء على «ديناميكيات» الهدنة بين إسرائيل و«حماس» للترويج لمواقف بلاده وبدء رسم مشهد ما بعد الحرب، لكنّ وصوله إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المنعقد في دبي تزامن مع استئناف القتال في غزة. من ثم شدد لهجته على نحو غير معهود إزاء استراتيجية إسرائيل المعلنة «للقضاء» على حركة «حماس»، خلال زيارة جسّدت الصعوبة التي يواجهها الرئيس الفرنسي، لإيجاد طريقة للتأثير على هذه الأزمة الدولية الكبرى.

وتساءل مراقبون: هل محتوى محادثاته على هامش قمة الأمم المتحدة للمناخ مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ وعدد من القادة العرب، هو الذي دفعه إلى تشديد لهجته على نحو لم يسبق له مثيل منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وفي تصريح أدلى به بعد الهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة «حماس» في 7 أكتوبر داخل إسرائيل، دافع بنفسه عن حق إسرائيل في «القضاء» على «حماس»، ولكن بشرط تجنب المدنيين، لكنه الآن يشكك علناً في «هدف» الحرب التي تخوضها إسرائيل في غزة.

ورداً على سؤال في مؤتمر صحافي، قال ماكرون: «ماذا يعني القضاء على (حماس) بالكامل؟ هل يعتقد أحد أن هذا ممكن؟... إذا كان الأمر كذلك، فإن الحرب ستستمر عشر سنوات». وأضاف: «لذا يجب توضيح هذا الهدف» من جانب «السلطات الإسرائيلية»، محذراً من «حرب لا تنتهي».

أطفال من غزة يحاولون الحصول على الغذاء (رويترز)
أطفال من غزة يحاولون الحصول على الغذاء (رويترز)

استياء الرأي العام

وبينما استأنف الجيش الإسرائيلي قصف قطاع غزة بعد أسبوع من الهدنة، أصر ماكرون على أنه من الضروري «مضاعفة الجهود لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار»؛ لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، و«إطلاق سراح جميع الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى (حماس)»، ومن بينهم أربعة فرنسيين على الأرجح.

وشدد ماكرون على أن «الرد الصحيح على منظمة إرهابية ليس في القضاء على منطقة بأكملها أو قصف البنى التحتية بأكملها»، مؤكداً أن «الأمن المستدام» لا يمكن ضمانه لإسرائيل إذا «كان ذلك على حساب أرواح الفلسطينيين ومن ثم إثارة استياء الرأي العام في المنطقة ككل».

وكان يُفترض أن يقوم ماكرون بجولة أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، لكن في نهاية المطاف اعتبر الإليزيه أن حضور عدد كبير من المعنيين بالنزاع بين إسرائيل و«حماس» إلى دبي، سيجعل من المؤتمر لقاءً مناخياً دبلوماسياً في آن.

طفل فلسطيني يتلقى العلاج بأحد مستشفيات غزة (أ.ب)
طفل فلسطيني يتلقى العلاج بأحد مستشفيات غزة (أ.ب)

إحباط التوقعات

لكن التوقعات من الزيارة أُحبطت جزئياً؛ إذ لم يتسنَّ عقد اجتماع بين ماكرون وعدد من القادة العرب في الوقت نفسه، علماً أن الرئيس الفرنسي كان يأمل بذلك، لأن لقاءً من هذا النوع يتيح له إيصال رسالته بشكل أقوى.

أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، فلم يحضرا إلى دبي. ولا يتضمن برنامج ماكرون زيارة إلى تل أبيب أو رام الله.

ترى أنييس لوفالوا، من معهد الأبحاث والدراسات بشأن البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، أن «فرنسا وماكرون، غير قادرَين على إيجاد مكانتهما فعلياً في هذه الأزمة». وتشير إلى أن ماكرون فقد بعضاً من مصداقيته عندما أطلق نهاية أكتوبر من القدس، من دون أن يمهد الطريق لذلك، فكرة ضمّ دول عربية إلى تحالف دولي لمحاربة (حماس). وأشارت إلى أنه، وبعد تعرضه لانتقادات بسبب انحيازه الواضح لصالح إسرائيل، قد تكون دعوته إلى «التوقف» عن قصف المدنيين قد أدت إلى توتير علاقته مع نتنياهو. وتعد الباحثة أن البحث عن التوازن «بناءً على ردود الفعل» يربك استراتيجيته.

السيسي وماكرون توافقا خلال لقاء في دبي على أهمية إيجاد حلول عاجلة لحرب غزة (الرئاسة المصرية)
السيسي وماكرون توافقا خلال لقاء في دبي على أهمية إيجاد حلول عاجلة لحرب غزة (الرئاسة المصرية)

ماكرون يواجه صعوبتين

على الجانب الإسرائيلي، لا يخفي دبلوماسيون فرنسيون قلقهم إزاء العمليات العسكرية التي تستهدف أيضاً مناطق جنوب قطاع غزة، خلافاً لتعهّد تل أبيب بأن تكون هذه مناطق «آمنة» للمدنيين. وفي موازاة ذلك، تبحث فرنسا عن صيغة لتعزيز السلطة الفلسطينية المتعثرة حتى تتمكن عندما يحين الوقت من إدارة شؤون غزة.

لكن في كلتا الحالتين، لا تملك باريس وسائل ضغط. أما بالنسبة لحلّ الدولتين الذي دافعت عنه بشدة، فلا أحد يرى فعلياً الطريق التي تؤدي إلى تحقيقه. وتؤكد لوفالوا أن «إيمانويل ماكرون لا يستطيع تحقيق ذلك بمفرده». وتضيف: «في المقابل، لدى أوروبا وسائل تأثير قوية، وهناك ورقة حقيقية بيد أوروبا يمكن أن تطرحها»، معربةً عن أسفها لعدم استخدامها في هذه المرحلة.


مقالات ذات صلة

50 يوماً على العملية الإسرائيلية في الضفة... ماذا تغير؟

شؤون إقليمية مركبات عسكرية إسرائيلية تسير على طول الطريق في أثناء عملية عسكرية إسرائيلية في مدينة جنين بالضفة الغربية يوم الثلاثاء play-circle 07:11

50 يوماً على العملية الإسرائيلية في الضفة... ماذا تغير؟

رغم مرور 50 يوماً على تحويل إسرائيل الضفة الغربية لساحة حرب حقيقية، وتنفيذها عمليات إخلاء ومداهمات واسعة في المخيمات.

كفاح زبون (رام الله)
خاص «أجهزة بحجم الدودة»... إسرائيل تتجسس بشكل جديد على غزة

خاص «أجهزة بحجم الدودة»... إسرائيل تتجسس بشكل جديد على غزة

كثَّفت إسرائيل خلال الفترة القليلة الماضية بشكل «غير عادي» من عملياتها الاستخباراتية في غزة، وفق ما كشفت مصادر من الفصائل الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط».

«الشرق الأوسط» (غزة)
خاص مقاتلون من «كتائب عز الدين القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» في خان يونس فبراير الماضي (إ.ب.أ) play-circle 03:03

خاص مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: لم نلتزم مع أي طرف بنزع سلاحنا

وصفت مصادر مطلعة من حركة «حماس»، محادثات أجرتها مع ممثلين للإدارة الأميركية مؤخراً، بأنها «إيجابية»، لكنها ما زالت في حاجة إلى مزيد من الوقت حتى تنجح.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مستقبلاً الرئيس السوري أحمد الشرع بحضور ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله في عمّان يوم 26 فبراير الماضي (الديوان الملكي الأردني - رويترز)

تحليل إخباري الأردن يستضيف دول جوار سوريا بحثاً عن تأمين مصالحه الحيوية

تستضيف عمّان الأحد اجتماعاً لدول الجوار السوري لبحث آليات التعاون في مجالات محاربة الإرهاب وتهريب المخدرات والسلاح.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي نتنياهو وسموتريتش خلال اجتماع حكومي بتل أبيب في يناير 2024 (رويترز)

اليسار اليهودي الأميركي يعتبر أهداف نتنياهو الحربية «وهمية»

هاجم المدير العام لفرع حركة يهودية أميركية سياسة الحكومة الإسرائيلية، واتهمها بتخريب جهود تهدئة الأوضاع بالمنطقة.

نظير مجلي (تل أبيب)

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
TT
20

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)

ناقشت اللجنة الوزارية الخماسية بشأن غزة، الأربعاء، مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، خطة إعادة إعمار القطاع التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس (آذار) الحالي.

جاء ذلك خلال اجتماع استضافته الدوحة، بمشاركة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والدكتور أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، والدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، وخليفة المرر وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبحث المشاركون تطورات الأوضاع في غزة، واتفقوا على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن الخطة كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)

وأكد الوزراء العرب أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وجدَّدوا تأكيد الحرص على استمرار الحوار لتعزيز التهدئة، والعمل المشترك من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وسبق الاجتماع لقاء للوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني، في الدوحة، بحثوا خلاله «سبل الترويج وحشد التمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما في ظل استضافة مصر للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وبحضور الدول والجهات المانحة»، بحسب الخارجية المصرية.

من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)
من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)

كان الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، الجمعة الماضي، قد أكد دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أعقبت «اجتماع جدة»، إن الخطة أصبحت عربية - إسلامية، بعد تبنّي واعتماد «الوزاري الإسلامي» جميع مخرجات «قمة القاهرة»، مؤكداً السعي في الخطوة المقبلة لدعمها دولياً، عبر تبنيها من قِبل الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية؛ كاليابان وروسيا والصين وغيرها، للعمل على تنفيذها.

بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)

وأشار الوزير المصري إلى تواصله مع الأطراف الدولية بما فيها الجانب الأميركي، وقال إنه تحدّث «بشكل مسهب» مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط عن الخطة بمراحلها وجداولها الزمنية وتكاليفها المالية. وأضاف أن ويتكوف تحدث عن عناصر جاذبة حولها، وحسن نية وراءها.

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، في بداية اجتماع بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: «لن يطرد أحد أحداً من غزة».

من جهته، دعا رئيس الوزراء الآيرلندي خلال لقائه ترمب، إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «نريد السلام، نريد إطلاق سراح الرهائن»، مضيفاً: «يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، ويجب إدخال المساعدات إلى غزة».