«المربى» انتقلت إلى الهند من آسيا الوسطى عبر المغول

اسمها عربي وقوامها السكر والتوابل وماء الورد

فاكهة وسكر وتوابل تساوي المربى في الهند (شاترستوك)
فاكهة وسكر وتوابل تساوي المربى في الهند (شاترستوك)
TT
20

«المربى» انتقلت إلى الهند من آسيا الوسطى عبر المغول

فاكهة وسكر وتوابل تساوي المربى في الهند (شاترستوك)
فاكهة وسكر وتوابل تساوي المربى في الهند (شاترستوك)

في المطبخ الهندي، هناك كنز من الوصفات التقليدية التي تجمع بين النكهات والمكونات بطرق فريدة وممتعة. إحدى جواهر المطبخ الهندي هي المربى، الكلمة المشتقة من اللغة العربية. المربى، هي أحد الأطعمة الفائقة التي تُصنع من خلال حفظ الفواكه أو الخضراوات في الشراب السكري. عندما تقترن بالحلاوة الطبيعية للعسل، فإنها تخلق طعماً رائعاً للغاية يثير براعم التذوق. تأتي المربى بشعبية هائلة في الكثير من مناطق جنوب القوقاز وآسيا الوسطى وجنوب آسيا والشرق الأوسط، والمربى عادة ما تُجهز بالفواكه والسكر والتوابل.

المربى تعتمد على السكر والفاكهة (شاترستوك)
المربى تعتمد على السكر والفاكهة (شاترستوك)

الفواكه والخضراوات الشائعة التي تستخدم في صناعة المربى هي التفاح والمشمش والتوت الهندي والمانغو والجزر والبرقوق والتين والسفرجل والبطيخ الشتوي وحتى الخيزران.

تحتل المربى موضعاً مميزاً في الثقافة الهندية. وغالباً ما تُقدم كبادرة حُسن ضيافة للضيوف، وهي طعام شهير خلال المناسبات الاحتفالية. كما أن إعداد المربى يعد تقليداً عريقاً تتوارثه الأجيال، ويعكس تراث الطهي الغني للبلاد.

فاكهة مجففة مع السكر والتوابل (شاترستوك)
فاكهة مجففة مع السكر والتوابل (شاترستوك)

تجد المربى مكانها تقريباً في كل مطبخ هندي، مع إرثٍ غني يفسر رحلتها مباشرة من مطابخ العرب إلى موائد الطعام في الهند.

ما هي المربى؟

إيجازاً للقول، فإن المربى عبارة عن طعام محفوظ حلو المذاق ومصنوع في المقام الأول من الفواكه والخضراوات المنقوعة في التوابل والسكريات.

تقدم المربى في الهند للاحتفاء بالضيوف (شاترستوك)
تقدم المربى في الهند للاحتفاء بالضيوف (شاترستوك)

تُضاف التوابل والمنكهات مثل ماء الورد كلمسة نهائية. والنتيجة النهائية، سواءً قُدمت جافة أو مع شراب، هي طعم لذيذ يقع في مكانٍ ما بين المربى والحلوى. في حين أن اختيار الفواكه يمكن أن يتراوح بين التفاح والأناناس ويمكن أن يمتد إلى الخضراوات مثل الجزر، فإن الأنواع الأكثر شعبية من المربى هي المانغو والتوت الهندي.

يقول ديراج ماثور، رئيس الطهاة في فندق «راديسون بلو»، دلهي: «أهم شيءٍ يجب أخذه في الحسبان عند صنع المربى هو نسبة السكر والخل، ثم إضافة التوابل مثل الكالونجي (بذور البصل)، وصلصة مُوتي (بذور الشمر) والدلتشيني (القرفة). كما ينبغي أيضاً إبقاء المربى مغموسة في شراب السكر أو العسل في حاوية محكمة الغلق، بعد إبقائها في ضوء الشمس لمدة ثلاثة أيام».

فاكهة وسكر وتوابل تساوي المربى في الهند (شاترستوك)
فاكهة وسكر وتوابل تساوي المربى في الهند (شاترستوك)

تعقب رحلة المربى

أساس وصفة المربى هو السكر، وبالتالي، لتتبع تاريخ الطبق، من الضروري أن نفهم من أين بدأت معالجة السكر أول الأمر.

تقول القصة إن شبه القارة الهندية المكان الأول؛ حيث أنتج السكر لأول مرة من القصب. اكتُشف الضغط على نبات قصب السكر لاستخراج العصارة ثم البلورة من خلال الغلي نحو عام 350 ميلادية، في حين كانت سلالة غوبتا لا تزال في الحكم.

ومنذ ذلك الحين، وبعد تأمين السكر، كانت التجارة والصادرات هي التي أدت في النهاية إلى أن تصبح المربى سمةً شعبية.

يقول التاريخ إنه عندما غزا الحاكم الفارسي داريوس الهند، أخذ قصب السكر إلى بلاد فارس، حيث شوهدت أولى حالات صنع المربى.

عندما وجد العرب في بلاد فارس هذا الفن، بدأوا في استكشافه وتحديد الطرق الأخرى التي يُمكنهم استخدامها لطهي الأشياء بالسكر، وبالتالي الحفاظ عليها لفترة طويلة. كانوا يسمون الفاكهة المحفوظة «أنبيجات»، وفي نهاية المطاف، أصبحوا يطلقون عليها «مربى».

ومع ذلك، فإن الطبق له ارتباط بالمغول ووصولهم إلى شبه القارة الهندية.

يحتوي كتاب «حوليات مطبخ الخلفاء» من القرن العاشر، الذي كتبه ابن سيار الوراق، على فصل عن إعداد المربيات والجواريشنات، ووصفات للمربى المصنوعة من الزنجبيل والتمر والخيار المضلع والليمون.

يُقال إنه عندما أتى المغول إلى الهند سنة 1526 من أجزاء مختلفة من آسيا الوسطى، إلى جانب جلب ثقافتهم وتراثهم، جلبوا أيضاً طبق المربى الحلو، الذي سرعان ما صار رمزاً للملكية، إذ إن شبه القارة الهندية كان لها فاكهتها وتوابلها الخاصة، وكانت المنتجات المحلية تُستعمل طبيعياً لصنع هذه الأطعمة المحفوظة.

أنوثي فيشال هي كاتبة صحافية وكاتبة عن الغذاء تقول: «من الأمثلة التي تسلط الضوء على ذلك، عندما دعا دولت خان لودهي، حاكم لاهور، بابور، لمقاتلة إبراهيم لودهي، سلطان دلهي، وأرسل دولت خان إلى بابور جرةً من المانغو نصف الناضجة المحفوظة في الشراب، لم يقبل بابور هذه المبادرة فحسب، وإنما امتدح الصحن أيضاً»، وتذكر مقتطفاتٍ من أرشيف التاريخ تقول: «إنها غير ناضجة، فهي تصنع بهارات ممتازة، لكنها محفوظة جيداً في الشراب أيضاً».

تُذكر المربى في مقتطفات من كتابات الطبيب والرحالة الفرنسي فرانسيس بيرنير، الذي أمضى ما يقرب من عقدٍ من الزمان في الهند، وتحديداً البنغال، إذ يقول: «من بين الفواكه الأخرى، يحتفظون بالأترج الكبير، كما هو الحال في أوروبا، بجذور دقيقة معينة يبلغ طولها طول نبات السارساباريلا. والأمبا، والأناناس، ثمرتان شائعتان من ثمار الهند، وكذلك برقوق الميروبالان الصغير الممتاز، والليمون والزنجبيل».

الهند التي لا تبالي بتاريخ منشأ المربى، تُحبها للغاية. أفضل جزءٍ منها أن طعمها ليس الشيء الوحيد الذي يجعلها رائجة في كل بيت. وفقاً لأيورفيدا، حيث إن التوت الهندي غني بالفيتامينات (إيه، وسي، وإي) وهو جرعة صحية في كل ملعقة.

طريقة إعداد المربى هي أن محتوى الألياف من الفواكه أو الخضراوات المستخدمة لا يزال سليماً، ما يجعله مساعداً رائعاً في عملية الهضم. وعند مزجه بالسكر والعسل، يقال إنه يساعد على تخفيف التهاب المعدة.

يقدم الشيف الشهير عالمياً سانجيف كابور وصفةً أشهر وأصح لمربى التوت الهندي، ويقول: «إن التوت الهندي، الذي يعد الآن طعاماً فائقاً، غني بفيتامين (سي) ويحتوي على ألياف لمكافحة أمراض الجهاز الهضمي، ومجموعة من المعادن الشحيحة التي تعد عناصر غذائية لا تُقدر بثمن. في طب الأيورفيدا (الطب الهندي القديم)، تجلب الفواكه الكثير من الفوائد للنساء الحوامل كمصدرٍ للتغذية. من الواضح أن صناعة المربى من التوت الهندي (الأملا) كانت طريقة لجعل الفاكهة أكثر استساغة».

المكونات:

التوت الهندي (الأملا) أو عنب الثعلب - 1 كيلوغرام

السكر / العسل - نصف كيلوغرام

بذور الهيل الخضراء المطحونة - 1 ملعقة صغيرة

الزعفران - 1 ملعقة صغيرة

اللوز مقشراً ومقطعاً - 10 :15 لوزة

الطريقة:

الخطوة 1: ضع التوت الهندي في مقلاة، وأضف كوبين من الماء، وقم بالتغطية والطهي على نارٍ منخفضة لمدة تتراوح بين 10 و15 دقيقة حتى يصبح التوت طرياً وتنخفض كمية الماء إلى النصف.

الخطوة 2: إزالة البذور ووضعها جانباً.

الخطوة 3: تسخين السكر مع 6 أكواب من الماء في مقلاة سميكة القاع، وإعداد شراب السكر حتى يكون خفيف القوام.

الخطوة 4: أضف التوت المطهي مع سائل الطهي واستمر في التقليب.

الخطوة 5: أضف بذور الهيل الخضراء المطحونة والزعفران، واستمر في الطهي من دون تغطية على حرارة منخفضة حتى يصبح المزيج سميكاً وشفافاً.

الخطوة 6: يجب أن يكون الشراب الآن سميك القوام. أضف اللوز وقلب برفق. اترك الخليط ليبرد ثم خزنه في جِرارٍ محكمة الغلق.

الواقع أن بعض تقاليد المربى التي ما زلنا نجدها في البلاد، مثل حلوى الزنجبيل في أندرا براديش، تُذكرنا إلى حدٍّ كبير بحلوى آسيا الوسطى. ومع ذلك، كان لشبه القارة الهندية الفواكه والتوابل الخاصة بها، وكان من الطبيعي أن تُستخدم المنتجات المحلية في صنع هذه الأطعمة المحفوظة.

ربما تكون مربى التفاح من ولاية هيماشال في جبال الهيمالايا، والمانغو من غوجارات هي المربيات الثلاث الأكثر شعبية في الهند.

مربى الخيزران (الغريبة) لها فوائد صحية هائلة. وهي توفر الحماية من أمراض القلب، إذا كنت تتناولها بانتظام.

كما أكد زاهر علي، وهو طبيب أيورفيدي، أن تناول مربى الخيزران سوف يعالج مشكلات هضم المعدة. وبصرف النظر عن ذلك، فإنها تساعد أيضاً في الحد من السمنة. وتساعد على تنظيف الدم، وتقليل الكوليسترول، والسيطرة على ضغط الدم. كما أنها مفيدة أيضاً لمرضى السكري، والأشخاص الذين يعانون من مشكلات في القلب.

المربى المصنوعة من الخيزران قادرة على قتل ديدان المعدة وتعزيز المناعة. كما يُقلل استهلاك هذه المربى من التعب فضلاً عن الحساسية التي تسببها التمارين الرياضية الشاقة.

لذا، اجعل هذا الطعام الفائق جزءاً مُهماً من نمط حياتك الصحي.


مقالات ذات صلة

نسيج النكهات والخلطات العالمية في معرض «هوريكا» ببيروت

يوميات الشرق اللبنانية الأولى نعمت عون تفتتح معرض «هوريكا» (الشرق الأوسط)

نسيج النكهات والخلطات العالمية في معرض «هوريكا» ببيروت

في نسخته الـ29، يُجدّد «هوريكا» في مساره، ومحتواه، إذ يطلّ على خبراء في عالم التغذية والطبخ من مختلف دول العالم. ويخصّص مساحات لعروض مباشرة في هذا الفنّ.

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)

ثلث مطاعم لندن تعاني من ظاهرة «كل واهرب»

ظاهرة «Dine and Dash» أو الخروج من المطعم دون دفع الفاتورة تعدّ مشكلة متزايدة في كثير من المطاعم في بريطانيا، وبالأخص في لندن.

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات بيتزا مميزة في مطاعم في منطقة "كور جوليان" (نيويورك تايمز)

مرسيليا ملكة البيتزا الحلال... والأرمينية

في إحدى الليالي المعتدلة في مرسيليا، ثاني أكبر مدينة في فرنسا، تتحرك الحشود في شوارع حي «كور جوليان» المركزي الذي تتناثر فيه رسومات الغرافيتي.

ليلي رادزييمسكي (مرسيليا)
مذاقات «محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

«محشي ماما»... فكرة وليدة شغف 3 أمهات بالطبخ

في قلب القاهرة، وفي منطقة شبرا، انطلقت قبل 3 أشهر فكرة فريدة من نوعها بتدشين مطعم «محشي ماما»، الذي يتخصص في تقديم أصناف المحشي الشهية

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات «الكوكيز»... حلوى من صنع منصات التواصل الاجتماعي

«الكوكيز»... حلوى من صنع منصات التواصل الاجتماعي

برقائق الشوكولاتة المتناثرة على سطحها، اكتسبت «الكوكيز» الأميركية شعبية كبيرة خلال السنوات الأخيرة في العديد من الدول العربية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ثلث مطاعم لندن تعاني من ظاهرة «كل واهرب»

تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)
تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)
TT
20

ثلث مطاعم لندن تعاني من ظاهرة «كل واهرب»

تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)
تكثر السرقات في الجلسات الخارجية بالمطاعم (الشرق الاوسط)

ظاهرة «Dine and Dash» أو الخروج من المطعم دون دفع الفاتورة تعدّ مشكلة متزايدة في كثير من المطاعم في بريطانيا، وبالأخص في لندن.

وفقاً لبعض التقارير والإحصائيات الحديثة، تشير بعض الدراسات إلى أن ثلث المطاعم في لندن ومناطق أخرى في المملكة المتحدة قد تأثرت بهذا النوع من السلوك. هذه الظاهرة ليست جديدة، لكنها في تزايد كبير، وتعود لأسباب عديدة، مثل الازدحام، حيث تعدّ لندن مدينة ذات كثافة سكانية عالية جداً، ومن بين أكثر عواصم العالم من حيث استقبال ملايين السياح سنوياً، وهذا الازدحام يخلق بيئة يسهل فيها على البعض الخروج من المطاعم دون أن يُلاحَظوا من قبل الموظفين، كما أن هناك من يعتقد أنه ليس هناك قانون صارم بما فيه الكفاية، ما يساهم في ازدياد هذه الحوادث.

القانون في بريطانيا قد يتغير قريباً، خاصة أنه تم إصدار حكم بالسجن لمدة عام لزوجين بريطانيين قاما برفقة أبنائهما الستة بالأكل في مطاعم كثيرة في بريطانيا من دون دفع الفاتورة، بالإضافة إلى سرقة منتجات من السوبرماركت، ويبدو أن الحكومة في بريطانيا أرادت أن تجعل من برنارد ماك دونا، وزوجته آن ماك دونا، عبرة لكل من يعتقد أنه سيتمكن من الفرار من دون عقوبة، بعدما ازدادت هذه الظاهرة بشكل كبير.

يتهرب بعض الزبائن من الدفع عند جلوسهم على الطاولات الخارجية (الشرق الاوسط)
يتهرب بعض الزبائن من الدفع عند جلوسهم على الطاولات الخارجية (الشرق الاوسط)

ومن بين الأسباب التي تساعد على حدوث هذا النوع من السرقات هو استخدام بعض المطاعم أنظمة دفع عبر الهواتف المحمولة أو الأجهزة اللوحية أو «كيو آر كود»، ما يجعل من السهل على الشخص مغادرة المكان دون التفاعل المباشر مع الموظفين، وفي بعض الأحيان قد تكون الأنظمة في بعض المطاعم غير كافية لتوثيق المدفوعات بشكل صحيح، ما يمنح الأشخاص فرصة للهروب من دفع الفاتورة.

وفي مقابلة مع الشيف الإيطالي ألدو زيلي، قال: «الحوادث تزداد بشكل كبير، ولا سيما المطاعم التي لديها جلسات خارجية، فمن الصعب على فريق العمل في المطبخ أن يراقبوا الجالسين في الخارج طيلة الوقت. وبالتالي من السهل على النصابين ترك الطاولة دون أن يدفعوا فلساً واحداً».

وأكثر المطاعم التي تتعرض للسرقة في لندن وخارجها هي المطاعم الفاخرة أو التي تقدم المأكولات الراقية، فقد يجد البعض أن الفاتورة مرتفعة للغاية ولا يستطيعون دفعها، وبالتالي يلجأون إلى الهروب دون دفع. وعن الخسائر المادية التي تتكبدها المطاعم، يقول زيلي: «هذا النوع من السلوك يؤدي إلى خسائر مالية للمطاعم، ويؤثر على أرباحها، خاصة إذا كانت الظاهرة منتشرة في مناطق مثل لندن، حيث يزداد عدد الزبائن بشكل مستمر. وفي حال لم تتدخل الحكومة فستضطر عدة مطاعم لإقفال أبوابها أو سيكون مصيرها الإفلاس».

وتابع الشيف زيلي أنه بدأ يطلب من زبائنه ترك بطاقة الائتمان الخاصة بهم مع النادل قبل طلب الطعام لضمان دفع الفاتورة. في حين يرى البعض الآخر من الطهاة وأصحاب المطاعم أن هذه الطريقة قد تؤثر على علاقة المطعم بزبائنه، ومن الصعب تطبيق هذا الأسلوب.

يعاني الطهاة من الهروب من دفع الفاتورة في بريطانيا (رويترز)
يعاني الطهاة من الهروب من دفع الفاتورة في بريطانيا (رويترز)

مكافحة مثل تلك السرقات مكلفة جداً بالنسبة للمطاعم، فهي تخسر عندما تأتي مجموعات من الأشخاص لتناول الطعام، وغالباً ما يختارون أغلى الأطباق المتوفرة على لائحة الطعام، وبعدها يتركون المطعم والعاملين فيه لتحمل العبء المادي، فبعض المطاعم تحمل الموظفين والندل هذه المسؤولية، وتقوم بخصم المبالغ المسروقة من رواتبهم، كما أن التكلفة الأخرى التي تعاني منها المطاعم تكمن في طرق مكافحة الاحتيال من خلال استخدام تقنيات وأدوات مكلفة، مثل كاميرات المراقبة أو أنظمة الدفع المعززة، لتقليل حدوث هذا النوع من السلوك.

على الرغم من أن ثلث المطاعم في لندن يعاني من هذه الظاهرة، فإن الأمر يعدّ أقل من الظواهر الأخرى مثل الاحتيال أو السرقة في الأسواق الكبرى، لكنه لا يزال يمثل تحدياً لصناعة المطاعم في المدينة.

ومن بين المطاعم التي تعرضت للنصب بهذه الطريقة، مطعم «ذا لادبيري» في منطقة نوتينغ هيل، ومطعم «غوردون رامسي» في مايفير وكينزينغتون، بالإضافة إلى مطعم «هاكاسان» الآسيوي في منطقة مايفير، ويتعرض أيضاً كثير من المطاعم السياحية، مثل كوفنت غاردن وسوهو ونوتينغ هيل وبوند ستريت وأكسفورد ستريت، التي تعدّ من بين أكثر الشوارع التجارية ازدحاماً في لندن، حيث يكثر فيها التسوق وتناول الطعام. ومع وجود حركة مرور دائمة، قد يعتقد البعض أنه بإمكانهم مغادرة المطاعم دون أن يُلاحظ أحد.

ولم تسلم مطاعم الوجبات السريعة من هذه الظاهرة، فيتعرض يومياً كل من «فايف غايز» و«شيك شاك» للسرقة، بالإضافة إلى مطاعم للوجبات السريعة من مناطق مكتظة بالسياح مثل «شورديتش» و«هاكني».

ويقول ألدو زيلي إن عدم دفع الفاتورة لا يقتصر على الهرب فقط من المطعم، إنما على استخدام الأزواج لأطفالهم. ويروي: «الأطفال يتدربون على السرقة أيضاً، فيكونون على دراية بالسيناريو الذي يرسمه الأهل، وهذا الأمر مؤسف للغاية».

ويتابع زيلي: «من أساليب عدم دفع الفاتورة أيضاً هو وضع قطعة من البلاستيك في الأطباق للتهرب من الدفع، والوقاحة تتعدى هذا الشيء لدرجة أن بعضهم يأكلون أغلى الأطباق، وبعد الانتهاء من أكلها يرفضون الدفع لأن الأكل لم يرق لهم».

«الزبون هو دائماً على حق»، لكن هل يحقّ له أن يأكل ويهرب؟ وهل يحقّ له أن يتسبب في إفلاس مطعم وإقفاله؟!