الحوثيون والتهديد البحري... باحثون ينتقدون «التراخي» الدولي ويطالبون بعقوبات

دعوات لتحجيم القدرات العسكرية للجماعة

استعرضت الجماعة الحوثية ألغامها البحرية أمام وسائل الإعلام العالمية في عرض عسكري في صنعاء (إكس)
استعرضت الجماعة الحوثية ألغامها البحرية أمام وسائل الإعلام العالمية في عرض عسكري في صنعاء (إكس)
TT

الحوثيون والتهديد البحري... باحثون ينتقدون «التراخي» الدولي ويطالبون بعقوبات

استعرضت الجماعة الحوثية ألغامها البحرية أمام وسائل الإعلام العالمية في عرض عسكري في صنعاء (إكس)
استعرضت الجماعة الحوثية ألغامها البحرية أمام وسائل الإعلام العالمية في عرض عسكري في صنعاء (إكس)

لم يكن تهديد الحوثيين الملاحة البحرية وليد الأحداث والأسابيع الأخيرة. وظهرت ردود فعل دولية إزاء سلوك الجماعة لأمن الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب أقل من المستوى؛ وفقاً لباحثين تحدثت معهم «الشرق الأوسط» انتقدوا «التراخي الدولي» مع الحوثيين وطالبوا بعقوبات.

ورغم التحرك الأميركي الرامي إلى تقليص المخاطر ارتفعت أصوات يمنية من باحثين ومراكز تفكير ودراسات تدعو إلى تحرك أقوى يضمن إحلال السلام في اليمن وتحجيم القدرات العسكرية للجماعة الساعية للحصول على أكبر الفوائد من الحرب في غزة.

القطع البحرية الأميركية موجودة في المنطقة منذ سنوات لحماية أمن الملاحة من القرصنة وتهريب الأسلحة (البحرية الأميركية)

منذ انقلابها، أبدت الجماعة نواياها للسيطرة على الممرات المائية المجاورة لليمن، وأقدمت على ممارسات مثلت اعتداءات واضحة على طرق الملاحة الدولية؛ لكن ممارساتها الأخيرة بدت أكثر جرأة، وفي ظروف أكثر حساسية، ومغايرة لمساعي إنهاء الصراع في اليمن.

أكثر ما يفسر اهتمام الجماعة بالممرات المائية أنها وأثناء زحفها الانقلابي بعد صنعاء لم تتجه صوب مأرب أو شبوة، وهما محافظتان مليئتان بالنفط، بل توجه الحوثيون صوب الحديدة، وهو ما يشي بأهميتها الاستراتيجية لدى الجماعة، أو من يخطط لها.

وسبق للحوثيين استهداف سفن أجنبية وناقلات خليجية في البحر الأحمر وقرب مضيق باب المندب بالقرصنة وإطلاق القذائف وزراعة الألغام البحرية لفرض نفوذها ومشروعها في اليمن، وكانت عملية اختطاف السفينة الإماراتية «روابي» مطلع العام الماضي من أمام السواحل الغربية للبلاد عملاً مشهوداً أثار القلق الدولي على خطوط التجارة الدولية.

ممارسات مشهودة

من الممارسات الحوثية المشهودة استهداف البوارج الأميركية «يو إس ماسون» و«بونز» و«نيتز» بالصواريخ، والذي ردت عليه البحرية الأميركية بقصف مواقع رادار في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2016، كما استهدف زورق مفخخ ميناء المخا في العام التالي، وأطلقت الجماعة صواريخ على ناقلات نفط سعودية في عام 2018.

ومنذ يومين أعاد رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك التحذير الذي سبق وأطلقه قبل أسبوع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي؛ من تداعيات القرصنة الحوثية على الأمن الإقليمي والدولي، ومخاطر جر المنطقة إلى صراع أوسع بالوكالة عن إسرائيل والنظام الإيراني، تأكيداً لموقف اليمن الذي تعامل مع حادثة اختطاف سفينة الشحن «غلاكسي ليدر» بوصفه قرصنة موجهة من النظام الإيراني.

ويصف المرصد المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الممارسات الحوثية في البحر الأحمر بمرحلة جديدة من حرب الناقلات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، والتي تعود إلى ثمانينات القرن الماضي، حيث عادت أخيراً بإضافة عدة تكتيكات إليها مثل مصادرة الناقلات النفطية، واستخدام وسائل مستحدثة لاستهداف هذه الناقلات والقطع البحرية الموجودة في المنطقة، مثل الزوارق الانتحارية.

السفينة المدنية الإماراتية «روابي» التي اختطفتها الجماعة الحوثية مطلع العام الماضي (إكس)

وامتدت تأثيرات هذه العمليات البحرية المستترة إلى المواجهة بين تل أبيب وطهران، بدءاً من أكتوبر 2019 باستهداف ناقلة إيرانية بمقذوفات أو ألغام لاصقة، لتتكرر الهجمات على السفن الإيرانية خلال ذلك العام والعام الذي يليه، وردت إيران على تلك الهجمات في مارس (آذار) 2021، باستهداف سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر بألغام لاصقة.

استشعار الخطر

دخلت الجماعة المعادلة الميدانية متذرعة بالحرب في غزة، ما دفع البحرية الأميركية إلى استشعار التهديدات التي تمثلها الصواريخ المطلقة من اليمن، سواء في اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو في اتجاه الملاحة الأميركية والإسرائيلية في البحر الأحمر وخليج عدن.

في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 حركت البحرية الأميركية مجموعة قتالية من قطعها البحرية إلى شمال البحر الأحمر قادمة من البحر المتوسط، وانضمت إليها بعد يومين غواصة الصواريخ الموجهة «يو إس إس فلوريدا»، لتنتقل لاحقا إلى خليج عدن، وتقترب من السواحل الإيرانية، لتنفيذ عمليات مراقبة في نطاق الخليج العربي وخليج عدن والبحر الأحمر، بالتعاون مع مجموعة بحرية أخرى.

تبدو الأنشطة الحوثية الأخيرة، بحسب الباحث محمد منصور الذي أعد رؤية المرصد المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية حول هذه القضية، توسيعا لهامش المناورة العسكرية فيما يتعلق بأزمة غزة؛ لكنها سلطت الضوء على حجم التهديد الذي تتعرض له الملاحة الدولية في هذا النطاق البحري الحيوي، والذي فاقمه عدم التوصل إلى حل سياسي نهائي للأزمة اليمنية، مع ترجيح أن تكون هذه الأنشطة وسيلة لتقوية موقف الجماعة الحوثية في المفاوضات.

حوثيون يستعرضون الألغام البحرية قبل زراعتها قبالة السواحل الغربية لليمن (إعلام حوثي)

ويخلص الباحث إلى أن ثمة حالة توازن قائمة في المشهد البحري في البحر الأحمر وخليج عدن وما يرتبط به من عمليات صاروخية؛ فلا الجماعة الحوثية راغبة في توسع أعمالها إلى المدن الإسرائيلية، أو الدخول في مواجهة مباشرة مع القطع البحرية الأميركية، ولا الجانب الأميركي يملك نيات للرد على تلك الأنشطة كما حدث عام 2016، ويضع حماية الملاحة المدنية كأولوية لوحداته البحرية.

أما المعهد الإيطالي لدراسات السياسة الدولية (ISPI) فذهب إلى أن جهود الردع الدولية لا تخفف من المخاوف الأمنية العالمية في البحر الأحمر التي تمثلها القرصنة الحوثية، فقد تأثر الأمن البحري في البحر الأحمر ومنطقة باب المندب سلباً بسبب الحرب في اليمن، وبعد هجمات الحوثيين عدة مرات على أهداف عسكرية وتجارية خلال السنوات الماضية.

الجماعة الحوثية كثفت منذ مطلع العام الحالي وجودها العسكري على الساحل الغربي للبلاد وعلى الجزر اليمنية في البحر الأحمر لاتخاذها نقاطا محورية للهجمات البحرية، وهي الجزر التي شهدت عملية عسكرة تدريجية، منذ عام 2015، ما دفع إلى اتخاذ كثير من المبادرات لتعزيز أمن البحر الأحمر، وإطلاق فرقة عمل بقيادة الولايات المتحدة العام الماضي لتحسين الأمن البحري في المنطقة ومكافحة تهريب الأسلحة.

تستخدم الجماعة الحوثية موانئ الحديدة غرب البلاد لأعمال القرصنة واستهداف الملاحة في البحر الأحمر (أ.ف.ب)

إلا أن الردع لم يكن فعالاً، وفقاً للمركز، وبدلاً من ذلك، يبدو أن الجماعة اكتسبت مزيداً من الجرأة بسبب الحرب بين إسرائيل و«حماس» في غزة، فضلاً عن إمكانية التعامل مع البحرية الأميركية، في حين لا تمنع جهود السلام التي تدعمها السعودية الجماعة المسلحة من تنفيذ هجمات متعددة الأبعاد (جوية وبحرية) في البحر الأحمر، وعبره.

العودة إلى العقوبات الأميركية

ينتهي المعهد الإيطالي في تقريره إلى أن منطقة باب المندب تبدو أكثر أماناً الآن، لكن باحتفاظ الجماعة الحوثية بالمناطق الساحلية الغربية، فإن الجزر الغربية لليمن ستظل بمثابة نقاط توقف لا يمكن التنبؤ بها في البحر الأحمر.

يؤكد الباحث المصري في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بشير عبد الفتاح لـ«الشرق الأوسط» أن الممارسات الحوثية في البحر الأحمر قد تدفع الولايات المتحدة إلى إعادة التفكير في تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية وفرض عقوبات عليها، كوسيلة ردع يمكن أن تساعد في كبح جماح جماعة الحوثي ومواجهة القرصنة في البحر الأحمر.

ويرى عبد الفتاح، وهو رئيس تحرير «مجلة الديمقراطية»، أن أفضل وسيلة لمنع تصاعد الأوضاع في المنطقة وتوسيع الحرب تتمثل في وقف إطلاق النار والشروع في مفاوضات سلام تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي لسد الأبواب وإزالة الذرائع أمام الجماعات والحركات الإرهابية التي تتخذ القضية الفلسطينية مبرراً لأنشطتها المهددة للأمن والسلام.

تعرضت السفينة «سنترال بارك» للقرصنة في خليج عدن قبل تحريرها من قبل البحرية الأميركية (أ.ب)

الباحث السياسي اليمني فارس البيل رئيس «مركز يمن المستقبل للدراسات الاستراتيجية» يقرأ ردود الفعل الدولية إزاء القرصنة الحوثية في البحر الأحمر كما لو أنها تدرك مدى هذه الأعمال وتأثيرها، وأنها ليست أكثر من «بروباغندا» إيرانية شعبية معهودة، ولم تكن حدثاً مفاجئاً ومربكاً يستدعي المعالجة، ويظهر أيضاً كما لو أن هنالك سيناريوهات متوقعة لأذرع إيران في نطاقاتها.

يعتقد البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن عمليات الحوثيين العسكرية ليست ذات تأثير مباشر على مجريات الأحداث، باعتبارها أعمالا هامشية، وأن إيران تريد من ذلك أن تغطي سوأتها بافتعال هذه الأعمال لكن بعيداً عن المربع الساخن، ودونما تأثير، حيث تم اختيار الحوثي لهذه المهمة.

ويخلص البيل، إلى القول إن الأعمال الحوثية تصدر في لحظة مفاوضات متقدمة حول السلام للتأكيد أنها غير معنية بالسلام ولن تستجيب لمتطلباته، إلا أن هناك رغبة دولية لإنجاز هذه التسوية دونما تطمين لكيفية التزام الجماعة بالسلام وبالعمل الوطني داخليا وخارجيا وهي تمارس الانتهاكات داخليا وتهدد الأمن الإقليمي والدولي خارجياً.


مقالات ذات صلة

تشريع حوثي للتنصل من الالتزام برواتب الموظفين العموميين

العالم العربي عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تشريع حوثي للتنصل من الالتزام برواتب الموظفين العموميين

ترجح مصادر سياسية وقانونية لـ«الشرق الأوسط» أن تعمل الجماعة الحوثية خلال الأشهر المقبلة على إحالة الآلاف من الموظفين العموميين إلى التقاعد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

حملات حوثية تستهدف مُلاك المطاعم في صنعاء وإب

أطلقت الجماعة الحوثية حملات جباية جديدة تستهدف ملاك المطاعم في العاصمة المختطفة صنعاء ومحافظة إب بغية إجبارهم على دفع إتاوات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ثلثا سكان اليمن يعيشون في مناطق موبوءة بالملاريا (الأمم المتحدة)

«الصحة العالمية»: 21 مليون يمني معرّضون للإصابة بالملاريا

حذرت منظمة الصحة العالمية من أن 21 مليون يمني معرَّضون للإصابة بالملاريا. وقالت إن الأمطار الغزيرة والفيضانات ألحقت أضراراً بالغة بالبنية التحتية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بتنفيذ أجندة إيران لتهديد السلم المحلي والإقليمي (رويترز)

ترحيب يمني بتصنيف كندا الحوثيين «منظمة إرهابية»

رحبت الحكومة اليمنية بقرار الحكومة الكندية تصنيف الجماعة الحوثية المدعومة من إيران «منظمةً إرهابيةً»، داعية بقية دول العالم إلى اتخاذ خطوات مماثلة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحوثيون يسعون إلى الاستحواذ على كل أموال الصناديق والجهات الإيرادية (إعلام محلي)

الحوثيون يشرّعون للاستيلاء على موارد بقية المؤسسات

قدم الحوثيون ما وصفوه بـ«مشروع قانون استثنائي» لصرف نصف راتب لموظفي الدولة في مناطق سيطرتهم، في خطوة ممهِّدة لوضع يد الجماعة الانقلابية على بقية أموال المؤسسات.

محمد ناصر (تعز)

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».