«الشيوخ» الكولومبي يعتمد ملتمساً يدعم وحدة تراب المغرب

جرت المصادقة عليه بأغلبية ساحقة تشمل 65 عضواً من أصل 105

من إحدى جلسات مجلس الشيوخ الكولومبي (رويترز)
من إحدى جلسات مجلس الشيوخ الكولومبي (رويترز)
TT

«الشيوخ» الكولومبي يعتمد ملتمساً يدعم وحدة تراب المغرب

من إحدى جلسات مجلس الشيوخ الكولومبي (رويترز)
من إحدى جلسات مجلس الشيوخ الكولومبي (رويترز)

اعتمد مجلس الشيوخ الكولومبي، مساء الثلاثاء، ملتمساً جديداً يدعم بشكل لا لبس فيه الوحدة الترابية للمغرب وسيادته على صحرائه، مجدداً رفض «الممثلين الشرعيين للشعب الكولومبي» القاطع «للقرار غير الموفق» الذي اتخذته الحكومة الحالية بإقامة علاقات مع «الجمهورية الصحراوية».

وجاء في الملتمس، الذي جرت المصادقة عليه بأغلبية ساحقة (65 عضواً في مجلس الشيوخ من أصل 105 أعضاء) المشكّلين للغرفة العليا في الكونغرس الكولومبي: «باعتبارنا أعضاء في مجلس الشيوخ، وممثلين شرعيين للشعب الكولومبي، فإننا نرفض بشدة هذا القرار غير الموفق للحكومة الحالية، والذي لا يمثل بأي حال من الأحوال موقف الكولومبيين فيما يتعلق بالمغرب، ونؤكد من جديد موقفنا الثابت، المتمثل في احترام السيادة و(الوحدة الترابية للمملكة المغربية)».

وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة في لقاء سابق مع المبعوث الأممي إلى الصحراء دي ميستورا (الخارجية المغربية)

وحظي هذا الملتمس، الذي أقره أعضاء مجلس الشيوخ المنتمون لتسعة من أهم الأحزاب السياسية في كولومبيا، اثنان منهم داخل الائتلاف الحكومي، بدعم خاص من رئيس الكونغرس ومجلس الشيوخ الكولومبي، إيفان ليونيداس (تحالف الخضر)، وكذلك رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، ليديو غارسيا تورباي (الحزب الليبرالي)، وكلاهما أراد أن يبعث برسالة سياسية قوية للغاية إلى الرئيس غوستافو بيترو.

وفي هذا الملتمس الجديد، الذي جاء في أعقاب ملتمس آخر تم اعتماده في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، أكد الموقعون أنهم «يرفضون رفضاً قاطعاً إقامة (علاقات دبلوماسية) مع جبهة البوليساريو الانفصالية، و(الجمهورية الصحراوية)، كما يرفضون وجود (سفيرها) في كولومبيا».

عناصر من جماعة بوليساريو الانفصالية (الشرق الأوسط)

وسجلت الوثيقة: «نأسف لأن هذه الحكومة أصمت آذانها مرة أخرى، ليس فقط لملتمسنا المؤرخ في 19 أكتوبر 2022، الذي وقعه 63 عضواً في مجلس الشيوخ، يمثلون 9 أحزاب سياسية، ولكن أيضاً لدعواتنا العديدة لاحترام السيادة والوحدة الترابية للمملكة المغربية». وذكر الموقعون بأن كولومبيا تربطها بالمغرب «صداقة تمتد لنصف قرن من الزمن»، وأن المملكة «حليف استراتيجي ومفضل لكولومبيا في القارة الأفريقية وفي العالم العربي، نظرا لريادتها الكبيرة والمكانة التي تحظى بها على المستوى الإقليمي والقاري والعالمي».

وتساءل أعضاء مجلس الشيوخ: «كيف يمكن إقامة علاقات دبلوماسية مع جبهة البوليساريو الانفصالية إذا كانت اتفاقية فيينا لعام 1961، التي تنظم العلاقات الدبلوماسية، تنص بوضوح على أن مثل هذه العلاقات تقام بين دول ذات سيادة معترف بها بهذه الصفة، وأن الحركة الانفصالية لـ(جبهة البوليساريو)، كما نعلم جميعاً، لا تتمتع بالحد الأدنى من مقومات الدولة، وغير معترف بها من قبل الغالبية العظمى من الدول، ولا من قبل الأمم المتحدة، وليس لها أي شرعية قانونية، ولا شرعية دولية». ولاحظ الموقعون أن «الموقف الذي اتخذته هذه الحكومة ليس من شأنه أن يكون في صالح العملية السياسية الجارية في نيويورك، تحت رعاية الأمم المتحدة، وأمينها العام ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء، ستافان دي ميستورا»، معتبرين أيضاً أن العلاقات الصحية «لا يمكن بناؤها على أساس المواقف الآيديولوجية التي عفا عليها الزمن، والموروثة عن حقبة الحرب الباردة، وهذا النوع من المواقف يجعل من هذه الحكومة حاملة للواء الانفصال».

وأعرب الموقعون على القرار عن «أسفهم للأزمة العميقة التي تمر بها علاقاتنا الدبلوماسية، وكذا روابط التعاون والصداقة مع المملكة المغربية»، مشيرين إلى أنه في أعقاب موقف الحكومة الكولومبية فإن «الدينامية الإيجابية والاستباقية التي تربطنا بهذا البلد الصديق توقفت تماماً، حيث قام المغرب بتعليق التعاون بشكل كامل، وكذلك جميع الاتفاقيات المتعلقة بقطاعات ذات أهمية بالنسبة لكولومبيا، مثل الزراعة والطاقات المتجددة، وقطاع الموانئ والسكك الحديدية والسياحة، مع كل الأضرار التي ينطوي عليها ذلك». وشدد أعضاء مجلس الشيوخ الكولومبي على أنه «من واجب رئيس الجمهورية إدارة العلاقات الدولية بمسؤولية واحترام وانسجام، ولكن في هذه الحالة فإن الموقف الذي تتبناه هذه الحكومة لا يتوافق مع مصالحنا بوصفنا بلداً، ولا يفيد الكولومبيين بأي شكل من الأشكال»، وانتقد الموقعون الحكومة الحالية لسعيها إلى «خلق تحالفات مفترضة» مع حركة انفصالية «لا تمثل شيئاً على الإطلاق لكولومبيا ولا للعالم، والتي، علاوة على ذلك، تثير تساؤلات جدية حول صلاتها بالجماعات الإرهابية».

وهذا الملتمس الجديد، الذي يحظى بدعم الأغلبية الساحقة من أعضاء مجلس الشيوخ، الذي يعد أهم هيئة تشريعية في كولومبيا، يؤكد إذا لزم الأمر أن العلاقة مع المغرب ليست مسألة خاصة بأحزاب المعارضة السياسية، لكنها تشكل موضوع إجماع سياسي في كولومبيا. والأحزاب الموقعة على الاقتراح هي: الحزب الليبرالي، وحزب تحالف الخضر (ضمن الائتلاف الحكومي)، وحزب المحافظين، وحزب أوو، وحزب ميرا، وحزب التحالف الاجتماعي المستقل وحزب التقدم (المستقلون)، وأخيراً حزب الوسط الديمقراطي، وحزب التغيير الراديكالي (معارض). وستجري إحالة نص الملتمس إلى الرئيس غوستافو بيترو ووزير العلاقات الخارجية ألفارو ليفا.



مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

في سياق تكثيف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار، ناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي بهدف تقليل تأثيرات وخسائر الحرب السودانية، ودعم الأمن الغذائي بين البلدين.

واستضافت العاصمة المصرية القاهرة فعاليات «الملتقى المصري - السوداني الأول لرجال الأعمال»، اليوم السبت، بعد أيام من انعقاد «المؤتمر الاقتصادي الأول» في السودان، وناقش مسؤولون ورجال أعمال من البلدين فرص التوسع في الشراكات الاقتصادية.

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 13 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزير النقل والصناعة، كامل الوزير، في كلمته بالملتقى، أن التحديات التي تواجهها مصر والسودان «تفرض التعاون المشترك في مختلف المجالات»، لافتاً إلى حرص بلاده على «دعم السودان لتجاوز محنة الحرب وعودة الاستقرار».

وعدد الوزير المصري مجموعة من الفرص، التي يمكن استثمارها لدفع مجالات التجارة والصناعة والاستثمار في البلدين، منها «ثلاثة محاور للنقل البري، والمواني الجافة على الحدود المشتركة في معبري (قسطل وأرقين)»، إلى جانب ميناء للملاحة النهرية بين بحيرة ناصر (جنوب مصر) إلى وادي حلفا (شمال السودان)، معلناً عن مخطط مصري لمد مشروع خط القطار السريع «أبو سمبل - الإسكندرية» إلى السودان في منطقة «وادي حلفا»، ومؤكداً أن دراسات المشروع «باتت جاهزة للتنفيذ وتتبقى موافقة الجانب السوداني».

ويربط مصر والسودان منفذان بريان، هما معبرا «أرقين»، و«أشكيت» (ميناء قسطل) بوادي حلفا بالولاية الشمالية، ويعتمد البلدان على المعبرين في التبادل التجاري ونقل الأفراد.

وزير النقل المصري خلال كلمته بـ"الملتقى المصري-السوداني" (مجلس الوزراء المصري)

ودعا كامل الوزير المستثمرين السودانيين لتوسيع أعمالهم في السوق المصرية، مشيراً إلى أن حكومة بلاده «مستعدة لإزالة أي عقبات أمام الشركات السودانية للاستفادة من الفرص المتاحة في قطاعات التجارة والقطاعات الإنتاجية»، ومنوهاً بـ«إجراءات تحسين مناخ الاستثمار بمصر لتسهيل تأسيس الشركات، وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة».

وأضاف الوزير موضحاً أن «ملتقى رجال الأعمال المصري - السوداني» سيشكل «نواة للشراكة في المجال الصناعي بين البلدين، بما يعزز من التكامل الإقليمي، مع التعاون في مجال الأمن الغذائي».

وشارك في الملتقى وفد حكومي سوداني، ضم وزراء الصناعة والنقل والتموين والنفط والكهرباء، إلى جانب ممثلين من مجتمع الأعمال المصري - السوداني، وروابط الجالية السودانية بمصر.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب الداخلية، إلى جانب آلاف آخرين من الذين يعيشون في المدن المصرية منذ سنوات.

وعدّ السفير السوداني بمصر، عماد الدين عدوي، أن مبادرة انعقاد (ملتقى رجال الأعمال) بين البلدين «تستهدف تدشين شراكة لإعادة الإعمار في بلاده بعد الحرب»، مشيراً إلى أن الشركات المصرية (حكومية وخاصة) «هي الأجدر والأقدر على القيام بعملية الإعمار، وإعادة بناء ما دمرته الحرب».

كما أشار عدوي إلى أن الحرب «أثرت على النشاط الاقتصادي لبلاده، وحدّت من فرص التبادل التجاري»، غير أنه لفت إلى أن «نسب التجارة المصرية - السودانية لم تتأثر كثيراً، إذ حافظت على استقرارها عامي 2022 و2023»، وقال إن من أهداف الملتقى «دفع الشراكة لتحقيق الأمن الغذائي».

وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان نحو 1.4 مليار دولار خلال عام 2023، مقابل 1.5 مليار دولار عام 2022، بنسبة انخفاض قدرها 6.4 في المائة، وفق إفادة لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر، في مارس (آذار) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

مشاركات واسعة في "الملتقى المصري-السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة" (مجلس الوزراء المصري)

من جانبه، تحدث وزير التموين المصري، شريف فاروق، عما تنفذه بلاده من مشروعات بنية تحتية ولوجيستية، وقال إن تلك المشروعات «تمنح فرصاً للمستثمرين المصريين والسودانيين لتعزيز شراكتهم واستثماراتهم».

بينما أشار وزير التموين والتجارة السوداني، عمر محمد أحمد، إلى تأثير الحرب الداخلية على القطاعات الإنتاجية في بلاده، لافتاً في كلمته بالملتقى إلى «حاجة بلاده لمزيد من الاستثمارات في الأمن الغذائي»، ودعا إلى «تأسيس تحالف استراتيجي اقتصادي تجاري بين البلدين».

وناقش الملتقى ورقتي عمل حول عملية «إعادة الإعمار في السودان»، وفرص «تحقيق الأمن الغذائي بين البلدين»، وقدّر مدير «مركز التكامل المصري - السوداني»، عادل عبد العزيز، حجم خسائر القطاع الاقتصادي في السودان بسبب الحرب بنحو «89 مليار دولار»، من دون احتساب خسائر تدمير البنية التحتية والمنشآت، وقال في كلمته بالملتقى إن السودان «يواجه إشكالية مع المجتمع الدولي، ويعوّل على الشراكة مع الدول الصديقة مثل مصر لتجاوز أي تحديات».

وخلال فعاليات الملتقى، تحدث ممثلون عن المستثمرين ورجال الأعمال بالبلدين، وأشار ممثل مجتمع الأعمال السوداني، سعود مؤمن، إلى أن الملتقى «يروم تكامل جهود البلدين في إعادة الإعمار، وتوفير احتياجات السودان من السلع الضرورية»، منوهاً بـ«رغبة القطاع الخاص السوداني في تدشين تجمعات اقتصادية مع نظرائهم بمصر في مجال الصناعات الغذائية».

كما أشار رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، إلى أن «الزراعة تعد من أكثر المجالات جذباً للاستثمار بالسودان لتوافر المياه والأرض الصالحة»، فيما رأى ممثل مجتمع الأعمال المصري، أحمد السويدي، أن «التصنيع الزراعي أحد المجالات التي يمكن الاستثمار بها في السودان».