الحوثيون يفرضون الجباية ويقيدون حركة السكان في إقليم تهامة

حقوقيون يرصدون 282 انتهاكًا للمتمردين في الحديدة في خلال شهر

سكان يتجمعون للحصول على مساعدات غذائية في قرية سقاية على الجبهة الأمامية من مضيق باب المندب (رويترز)
سكان يتجمعون للحصول على مساعدات غذائية في قرية سقاية على الجبهة الأمامية من مضيق باب المندب (رويترز)
TT

الحوثيون يفرضون الجباية ويقيدون حركة السكان في إقليم تهامة

سكان يتجمعون للحصول على مساعدات غذائية في قرية سقاية على الجبهة الأمامية من مضيق باب المندب (رويترز)
سكان يتجمعون للحصول على مساعدات غذائية في قرية سقاية على الجبهة الأمامية من مضيق باب المندب (رويترز)

رصدت مجموعة حقوقية تنشط في إقليم تهامة بغرب اليمن، أكثر من 282 انتهاكًا لحقوق الإنسان في محافظة الحديدة وحدها خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، نفذتها ميليشيات الحوثي وحليفهم علي صالح ضد المواطنين، ومنها فرض الجباية على سكان المدينة، وقتل وتشريد أكثر من 300 أسرة، إضافة إلى نشر نقاط التفتيش داخل الأحياء السكنية في محاولة لتقييد المواطنين وتضييق الخناق على المقاومة الشعبية.
وأوضحت مجموعة «رصد» في تقرير لها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن انتهاكات المتمردين ضد حقوق الإنسان في الحديدة شملت حالات قتل واختطاف واعتداء وتشريد بما فيها اعتداءات على الممتلكات.
وأوضحت المجموعة الحقوقية المستقلة أيضًا، أن ميليشيات الحوثي عمدت لتخزين المشتقات النفطية في مستودعات تحت سيطرتها، وبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة على عموم المواطنين الذين يعانون من انقطاع التيار الكهربائي بأسعار تصل إلى 600 في المائة. وأشار التقرير إلى أن الميليشيات تمارس عقابًا جماعيًا ضد سكان المدينة المعارضين لتوجهاتهم في السيطرة على المقرات الحكومية والممتلكات الخاصة.
ووضعت ميليشيات الحوثي بحسب التقرير، ثكناتها داخل الأحياء السكنية، للهروب من ضربات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، الذي يستهدف أبرز المواقع الرئيسية، خصوصا أن ميليشيات الحوثيين وحليفهم صالح تعتمد على المناطق الواقعة بين جنوب مدينة الحديدة وشمالها في تزويد مقاتليها بالسلاح.
ومن تلك الانتهاكات ما قامت به مجاميع من ميليشيات الحوثي وصالح بقيادة «أبو العز» من اقتحام لمنزل القيادي في التجمع اليمني للإصلاح «الشيخ سالم المعمري» في مديرية الجراحي بمحافظة الحديدة، وأطلقت النار بشكل عشوائي على العمري أثناء عملية الفرار من المنزل، وعندما لم تتمكن من إصابته شرعت في إرهاب أسرته بإطلاق الرصاص داخل المنزل، ونهبوا ما يمكن حمله من أموال وهواتف وجواهر، وهو ما اعتبره التجمع اليمني للإصلاح في مديرية الجراحي انتهاكًا للحريات، وحمّل ميليشيات الحوثي والمخلوع مسؤولية ما يحدث من اختطافات واقتحامات لقيادات الإصلاح وناشطيه، وهي جرائم - على حد وصفهم - لن تسقط بالتقادم، وإن ميليشيات القتل والإرهاب والخطف لن تفلت من العقاب على جرائمها وانتهاكاتها بحق أبناء تهامة.
من جهة أخرى، يعاني أهالي الحديدة من أوضاع مأساوية جراء انقطاع المياه والكهرباء منذ أكثر من 40 يومًا وانعدام المشتقات النفطية والغاز المنزلي وتفشي الأوبئة والأمراض، بسبب تكدس القمامة في الشوارع وتفجير مياه الصرف الصحي التي فاضت إلى شوارعها الرئيسية وأحيائها الفرعية، إلى جانب الملاحقات والاعتقالات من الميليشيات للمواطنين بتهمة انتمائهم للمقاومة الشعبية، وانتشار الميليشيات في جميع شوارع وأحياء الحديدة.
وقال غالب القديمي، المسؤول الإعلامي في تحالف رصد، لـ«الشرق الأوسط» إنه «منذ أكثر من 40 يوما ومحافظة الحديدة تعيش في ظلام دامس في ظل انقطاع التيار الكهربائي بالإضافة إلى كونها محافظة منكوبة بسبب انعدام المشتقات النفطية والغاز المنزلي مما أدى إلى تكدس القائم في الشوارع تفجر مياه الصرف الصحي مما زاد في انتشار الأمراض والأوبئة، كما زادت معاناة المواطنين الذين هم بالأساس من أفقر سكان اليمن»، وأضاف أن «محافظة الحديدة تعيش هذه الأيام على واقع مر، فمثلاً يفترش المئات من مرضى الفشل الكلوي الأرض ويلتحفون السماء أمام مركز الغسل الوحيد في المحافظة والذي أضرب موظفوه بسبب عدم صرف مرتباتهم منذ خمسة أشهر فأصبح المئات من مرضى الفشل الكلوي مهددين بالموت». وتابع أن الميليشيات الحوثية سيطرت على المستشفيات الحكومية واجتزأت أقسام فيها لمعالجة جرحاها الذين يصابون في معاركهم بينما بات المرضى الآخرون من المواطنين لا يجدون أسرة يرقدون عليها.
في سياق متصل، قصف طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية، مواقع عسكرية في مدينة المخا تراجعت على أثرها ميليشيات الحوثيين إلى قرى مجاورة، فيما نجحت المقاومة الشعبية في الحديدة من استهداف مركبات تقل مجاميع حوثية بقنبلة يدوية في شارع الخمسين جوار جولة الصدفة، كما تمكنت المقاومة في حجة من استهداف نقطة للميليشيات الحوثية في «بكيل المير» فجر أمس الأربعاء، بأسلحة آلية وقنابل اليدوية ووقوع قتلى وجرحى بين عناصر الميليشيات لم يتسن للمقاومة تحديد أعدادهم.
وقام عدد من المقاومة الشعبية في الزيدية بالحديدة، بمهاجمة نقطة تابعة لميليشيات الحوثي وصالح، في دير «القريطي» بمديرية الزيدية شمال مدينة الحديدة، من خلال دراجات نارية عليها مقاومون عمدوا إلى إطلاق الرصاص من أسلحة الكلاشنيكوف، وأسفر الهجوم عن إصابة وقتل أعداد كبيرة من ميليشيات الحوثي. ويرى مراقبون أن الحوثيين بدأوا يفقدون قدرتهم في السيطرة على المدينة، مع تكثيف عمليات طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية، وهو شبيه بسيناريو مدينة «عدن»، عندما أدركت الميليشيات أن قوات التحالف على وشك تحرير المدينة من قبضتها، فمارست كل الأعمال العدوانية ضد المواطنين، وهي الحالة ذاتها التي تمارس في تعز من عمليات تعذيب واختطاف وقتل من قبل الحوثيين.
وقالت مصادر يمينية لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات بدأت بوقف ضخ المياه للمنازل في كثير من أحياء ومديريات مدينة الحديدة، ويعد ذلك مؤشرًا للوصول إلى توقف الضخ نهائيًا خلال الأيام المقبلة، مما ينذر بمضاعفة معاناة المواطنين الذين يعانون في شهرهم الثاني من انقطاع التيار الكهربائي وتدهور الخدمات الأساسية.
وجاء إعلان مؤسسة المياه عدم توافر مادة الديزل لتشغيل المضخات وعجزها عن شرائه من السوق السوداء لارتفاع سعر التكلفة بالمخيب لسكان المدينة الذين لا يستطيعون أن يوفروا قوت يومهم لوقف صرف الأجور الشهرية، وشراء كميات المياه من السوق السوداء، الأمر الذي يدخل الحديدة ضمن عدد من مديريات المحافظة التي تعاني نقص المياه نتيجة عدم توافر مادة الديزل.
وتتنوع انتهاكات الحوثيين في الحديدة الواقعة على البحر الأحمر، بحسب الحالة والجهة التي تتعرض للانتهاك، ومن ذلك الاعتداء على أكثر من 250 أسرة يمنية في الحديدة، وتشريد نحو 30 أسرة داخل المدينة، فيما نزحت قرابة 130 أسرة للقرى المجاورة خوفًا من الملاحقة والقتل بسبب انتساب أبنائهم للمقاومة الشعبية، ولم تسلم المباني السكنية من عمليات التفجير المباشر لها انتقامًا من سكان الأحياء.
وسيطرت ميليشيات الحوثي على جميع المقرات الحكومية وحوّلتها إلى معسكرات عسكرية، في حين استخدمت القوة المفرطة ضد المتظاهرين والمعارضين على وجودهم في إقليم تهامة، وأسرت شخصيات بارزة في المدينة لطرح رؤاها حول الوجود العسكري للحوثيين، كما منعت المواطنين في المدينة من التواصل بالمجتمع الخارجي.
ويتوقع بحسب الجمعيات الحقوقية أن ترفع هذه الانتهاكات التي لا تندثر بالتقادم إلى المنظمات والجهات الرسمية العالمية للنظر فيها، بعد أن تمكنت من توثيقها، خصوصًا أن الانتهاكات تمارس على أبناء المحافظة تحت تهديد السلاح، والخطف والقتل، وهي تدخل ضمن الممارسات الشخصية، إضافة إلى العقوبات الجماعية التي تمارسها ميليشيات الحوثي بقطع التيار الكهربائي وعدم ضخ المياه، ودفعهم للمجاعة والفقر بسبب عدم وجود السيولة النقدية، ونقص الغذاء في المدينة التي تسيطر عليها الميليشيات.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.