في الساعة الخامسة عصر يوم الثلاثاء، سيعلن المكتب العالمي للمعارض على موقعه بمنصة «إكس» (تويتر سابقاً)، اسم المدينة الفائزة بتنظيم المعرض العالمي لعام 2030، وذلك من بين ثلاث مدن متنافسة هي الرياض وروما وبوزان (كوريا الجنوبية).
وقبل ذلك، وبدءاً من الساعة الواحدة والنصف، ستتاح الفرصة للبعثات السعودية والإيطالية والكورية الجنوبية أن تعرض، للمرة الأخيرة، أمام الجمعية العامة الملتئمة في دورتها الـ173، مشروعها وطموحاتها وتفاصيل خطتها والفائدة المرجوة منها، وبكلام آخر: كافة الحجج التي من شأنها تفضيلها على الآخرين. بعد ذلك، سيتم اختيار الجهة الفائزة من خلال الاقتراع الإلكتروني للدول الأعضاء الـ180 وفق مبدأ «صوت واحد لكل بلد». وإذا كانت الكلمات التي ستلقى والتي تسبق عملية الاقتراع ستكون علنية وسيتم نقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالمكتب، فإن الاقتراع سيكون بعيداً عن أعين الصحافة.
ينص القانون الداخلي المعمول به في المكتب الدولي للمعارض، على أن الفوز منذ دورة الاقتراع الأولى يفترض الحصول على ثلثي الأصوات. وبما أن أمراً كهذا يبدو بعيد الحصول هذه المرة، فإن المدينة التي تحل في المرتبة الثالثة (الأخيرة) في الجولة الأولى، تخرج من السباق. وفي الجولة الثانية، تفوز المدينة التي تحصل على العدد الأكبر من الأصوات. ومع إتمام هذه العملية، ينتهي مسلسل التشويق المتواصل منذ أشهر طويلة بالنظر لأهمية الحدث العالمي ولتبعاته السياسية والاقتصادية والثقافية، وخصوصاً للشهرة التي يوفرها للبلد الفائز، الأمر الذي يفسر التنافس الحاد والإمكانات الإعلامية والجهود السياسية والدبلوماسية التي يبذلها كل طرف ليكون الجهة الفائزة.
وإذا كان أول معرض عالمي في التاريخ المعاصر حصل في لندن في عام 1851 وتبعه معرض مماثل في باريس في عام 1855، ثم كرت السبحة، فإن الأمر الثابت أن الدول الغربية، نظراً لتقدمها الصناعي على بقية أنحاء العالم، هي التي احتكرت الأكثرية الساحقة من المعارض قبل أن تتقاسم القليل منها لاحقاً مع عدد محدود من البلدان في آسيا وأميركا اللاتينية، في حين بقي العالم العربي وأفريقيا بعيدين كل البعد عن تنظيم هذا النوع من المعارض. وفي القرن الحالي، فازت مدينة هانوفر الألمانية بمعرض عام 2000، ولحقتها مدينة آيشي اليابانية لعام 2005 لينتقل بعدها إلى مدينة شنغهاي الصينية في عام 2010. وبعد خمس سنوات (2015)، عاد المعرض إلى أوروبا ليحط في مدينة ميلان الإيطالية، لينتقل في عام 2020 إلى إمارة دبي. أما معرض عام 2025، فإنه سيحصل في اليابان مجدداً، وتحديداً في مدينة أوزاكا.
وبما أن صورة العالم قد تبدلت جذرياً، فإن المنطق السليم والتوزيع العادل يفرضان أن تنكفئ البلدان الغربية، وأن تعطى الدول الأخرى الفرصة لاستضافة هذا النوع من المعارض الرئيسية، خصوصاً أنها، كما هو حال المملكة السعودية، تقدم خطة طموحة بكل المعايير.
الرسالة السعودية
في الرسالة الرسمية للمكتب الدولي للمعارض التي قدمت بموجبها المملكة السعودية ترشيح الرياض لاستضافة «إكسبو 2030»، كتب ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، ما يلي: «إننا واثقون بقدرتنا على تقديم تجربة غير مسبوقة للمعرض الدولي. ونطلب منكم اعتبار ما سبق بمثابة إعلان من المملكة السعودية بالتزامها التام بترشيح الرياض وبعزمها على استضافة معرض (إكسبو 2030)».
وخلال الأشهر الأخيرة، أقامت السعودية مناسبات متعددة لشرح مشروعها وعرض حججها وتبيان أهمية استضافتها للمعرض، ليس فقط على المستوى السعودي والإقليمي، بل على المستوى الدولي.
وليس سراً أن السعودية خصصت ما قيمته 7.2 مليار دولار للمعرض الذي تريده تحت شعار «معاً نستشرف المستقبل»، ويتمحور حول «التقنية والابتكار والاستدامة والتعاون الدولي».
وبمناسبة التئام الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض في «مقر المؤتمرات» في مدينة إيسي ليه مولينو، القريبة من باريس، قال وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، ما حرفيته: «(إكسبو 2030) يمثل فرصة لتعزيز العمل في المشاريع ذات التأثير العالمي، وللتعاون في إيجاد حلول عالمية لتحدياتنا المشتركة، من خلال الابتكار والاستدامة والشمولية، وكلها تكمن في صميم عرض (إكسبو 2030 الرياض)، والتزام المملكة القوي والمستمر تجاه البلدان النامية، من خلال توفير برنامج مساعدة لضمان تمثيل أكبر مجموعة متنوعة من الدول والثقافات».
تبين الأرقام التي قدمها الوفد السعودي الأهمية الاستثنائية التي توليها المملكة للمعرض الذي تريده منخرطاً تماماً في إطار «رؤية 2030»، وهي تخصص له، إلى جانب الميزانية المرصودة الاستثنائية، مساحة ستة ملايين متر مربع، في منطقة تقع شمال العاصمة ولا تبعد أكثر من عشر دقائق عن مطار الملك خالد.
ونظراً لطبيعة الطقس، فإن السعودية تقترح إقامة المعرض لستة أشهر من الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2030 وحتى نهاية مارس (آذار) 2031 بحيث يتوقع أن يرتاد أجنحة المعرض ما لا يقل عن 40 مليون زائر، كما يتوقع أن يزور المعرض عن بعد نحو مليار زائر. كذلك يتوقع إقامة 226 جناحاً للدول وللمنظمات الدولية وأخرى غير الرسمية.
ويمثل الموقع الجغرافي للمملكة السعودية التي تتوسط ثلاث قارات (آسيا وأفريقيا وأوروبا) قطب جذب إضافياً مقارنة بإيطاليا أو كوريا الجنوبية. ولأن السعودية تعي أن العديد من الدول الفقيرة عاجزة عن المشاركة بسبب افتقارها للموارد اللازمة، فإنها تقترح توفير مساعدة مالية لتمكينها من المشاركة بأجنحة خاصة بها.
ولا شك أن «إكسبو 2030» سيكون فرصة لإبراز الدينامية الثقافية والتنمية الحضرية والتجدد التكنولوجي والإبداعي، خصوصاً فيما يتعلق بالبيئة ومحاربة الاحتباس الحراري. وفي هذا المجال، فإن العرض الذي تقدمه السعودية يبدو متقدماً على غيره. وسيكرس الملف السعودي حيزاً واسعاً لمحاربة التغيرات المناخية وكيفية ترجمة ذلك عملياً على صعيد هندسة الأجنحة، كما يبين جدية النتائج المترتبة على استضافة المعرض في الميادين البيئية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياحية، مع التركيز على الرغبة في إشراك أكبر عدد ممكن من الدول والمؤسسات في الاستفادة من التحضير للمعرض وإنجازه.