الجزائر تتشدد في محاربة التزوير والاحتيال

عقوبات مقترحة تصل إلى السجن مدى الحياة لمن يدان بـ«التزوير»

جلسة عامة خاصة بمشروع قانون محاربة التزوير (البرلمان)
جلسة عامة خاصة بمشروع قانون محاربة التزوير (البرلمان)
TT

الجزائر تتشدد في محاربة التزوير والاحتيال

جلسة عامة خاصة بمشروع قانون محاربة التزوير (البرلمان)
جلسة عامة خاصة بمشروع قانون محاربة التزوير (البرلمان)

تتجه الحكومة الجزائرية إلى تشديد التدابير القانونية الخاصة بمحاربة التزوير، عبر تقديمها للبرلمان مشروع قانون ينص على عقوبة السجن تصل إلى المؤبد.

وجاء هذا الإجراء في سياق استمرار محاكمة عشرات المسؤولين النافذين في البلاد، الذين ينتمون لفترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019)، وتابعهم القضاء بتهم عديدة ذات صلة بالفساد، على رأسها «تزوير المستندات والوثائق بغرض تحقيق منافع».

وعرض وزير العدل حافظ الأختام عبد الرشيد طبي، الثلاثاء، «مشروع قانون مكافحة التزوير واستعمال المزور»، على أعضاء «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)، بغرض المصادقة، حيث أكد أنه «يهدف إلى أخلقة الحياة العامة، والقضاء على مظاهر الاحتيال التي الغرض منها الحصول على خدمات ومزايا».

وأوضح طبي أن ظاهرة التزوير «طالت العديد من المجالات، واتخذت أشكالاً عدة منها حصول البعض، دون وجه حق، على امتيازات، ومنح أو مساعدات اجتماعية أو إعفاءات جبائية، وحتى سكن أو عقار وغيره، وهو ما كلف الخزينة العمومية أموالاً طائلة خلال السنوات الماضية».

وأشار إلى أن النص الذي يقترحه على البرلمانيين «يهدف إلى تحديد قواعد المعاملات في المجتمع، ومعالجة عميقة للاختلالات الناتجة عن هذه الظاهرة، وإقرار المنافسة النزيهة في كل المجالات، وضمان المساواة أمام الجميع، والحفاظ على سلامة المحررات والوثائق، وضمان وصول مساعدات الدولة لمستحقيها، وتحديد الجرائم المعنية والعقوبات المطبقة عليها».

وزير العدل أثناء عرض مشروع قانون محاربة التزوير (وزارة العدل)

وأبرز أنه سيتم إدراج كل جرائم التزوير واستعمال المزور، التي يتضمنها قانون العقوبات، في هذا القانون الجديد، الذي يشمل مجال تطبيقه «تزوير الوثائق والمحررات، والتزوير للحصول دون وجه حق على الإعانات الحكومية أو الإعفاءات أو التزوير للتهرب من الالتزامات، وتزوير النقود والسندات المالية، الذي قد يشمل المعاملات الرقمية، وتقليد الأختام والطوابع والدمغات والعلامات، وشهادة الزور واليمين الكاذبة وانتحال الوظائف والألقاب والأسماء».

ومما جاء في النص، حسب وزير العدل، إطلاق «قاعدة بيانات وطنية» حول جرائم التزوير واستعمال المزور، والطرق والتقنيات المستعملة في ارتكابها واستغلالها في تحديد التدابير الواجب اتخاذها في مجال الوقاية منها ومكافحتها، إلى جانب تطوير الخبرة الوطنية في مجال تحديد مقاييس وطرق مكافحة جرائم التزوير واستعمال المزور، وفق الشرح الذي قدمه في البرلمان، مشيراً إلى أن الأحكام الجزائية التي يتضمنها، مشروع القانون، تتناول عقوبات تصل إلى 30 سنة والمؤبد أيضاً. وتزداد شدة العقوبة، حسب الوزير، كلما كانت مسؤولية المتورط كبيرة. وفي ذلك إشارة، غير مباشرة، إلى عدد كبير من المسؤولين المدنيين والعسكريين (من بينهم ثلاثة رؤساء حكومات، إضافة إلى مديري مخابرات ومدير الشرطة وقائدين لسلاح الدرك)، تم سجنهم بعد تنحي بوتفليقة في 2019، وأدانتهم المحاكم بتهمة الفساد، كثير منهم واجهوا تهمة التزوير في إطار أعمال تسيير الشأن الحكومي.

ولفت وزير العدل إلى أن «الصرامة» التي وردت في مشروع القانون، «جاءت في إطار التعهدات الرئاسية الخاصة بأخلقة الحياة العامة»، وكان يشير إلى وعود قطعها الرئيس عبد المجيد تبون، في حملة انتخابات الرئاسة التي جرت في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019.

وقال نواب، تعقيباً على النص الحكومي، إن ظاهرة التزوير «باتت تؤثر سلباً على السير الحسن للإدارة، وتشكل تهديداً لأمن واستقرار الدولة والمجتمع»، وطالبوا بـ«توسيع استخدام الرقمنة في كل المجالات، لتحقيق الشفافية والمساهمة في مكافحة التزوير واستعمال المزور».


مقالات ذات صلة

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

شمال افريقيا الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة (أ.ف.ب)

خلاف الجزائر وفرنسا الجديد حول الصحراء يعقّد أكثر حلّ قضايا الذاكرة

الخلاف الجديد بين الجزائر وفرنسا حول الصحراء المغربية، الذي يأتي مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الجزائرية، يعقّد مرة أخرى حلّ قضايا الذاكرة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا علي بن حاج نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ (حسابات ناشطين إسلاميين بالإعلام الاجتماعي)

سلطات الجزائر تضع بن حاج في الإقامة الجبرية بتهمة «الإرهاب»

محكمة في الجزائر العاصمة تضع الرجل الثاني بـ«الجبهة الإسلامية للإنقاذ» علي بن حاج في الإقامة الجبرية بعد توجيه تهم له، تتعلق بموقفه الرافض لانتخابات الرئاسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا طوارق مع عناصر في الجيش الجزائري أثناء نقل جرحى إلى المستشفى (خبير عسكري جزائري)

الجزائر تطالب بعقوبات ضد مالي بعد هجوم شنته فوق أراضيها

طالبت الجزائر بإنزال عقوبات دولية على الحكومة المالية، بعد الهجوم الذي شنّه الجيش المالي على مواقع للطوارق المعارضين في بلدة تقع على الحدود مع الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا فتحي غراس رئيس حزب الحركة الديمقراطية رفقة زوجته (حسابه الشخصي على «فيسبوك»)

وضع المعارض الجزائري فتحي غراس تحت الرقابة القضائية

أمر قاضي تحقيق، الخميس، بوضع المعارض الجزائري فتحي غراس وزوجته تحت الرقابة القضائية.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا أشخاص اعتقلهم الجيش بشبهة التهريب (وزارة الدفاع الجزائرية)

اعتقال 5 جزائريين بشبهة «دعم الإرهاب»

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان، عن اعتقال خمسة أشخاص بشبهة «دعم الجماعات الإرهابية»، وذلك خلال عمليات متفرقة عبر التراب الوطني نفذتها قوات الجيش.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
TT

مطالب أممية بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في ترهونة الليبية

عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)
عناصر من هيئة البحث عن المفقودين يتفقدون موقعاً لمقابر جماعية تم العثور عليها في ترهونة (الهيئة)

حذّر تقرير للأمم المتحدة من أن غياب المساءلة، والسنوات الطويلة من إفلات المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، والتجاوزات المرتكبة في مدينة ترهونة الليبية بين عامي 2013 و2022 من العقاب، تهدد بالمزيد من حالة عدم الاستقرار والانقسام في البلاد.

واتهم التقرير، الذي وزعته بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، مساء الجمعة، فصيل الكانيات، وهو مجموعة مسلّحة نشأت في 2011، مارَس سيطرة وحشية على ترهونة، المدينة التي يقطنها 150.000 نسمة تقريباً وتقع على بعد 90 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس، مشيراً إلى أن إدماج الكانيات في حكومة الوفاق السابقة، ثم لاحقاً في الجيش الوطني، وشكّل حاجزاً كبيراً أعاق تحقيق المساءلة والعدالة. ونتيجة لذلك، تردّد بعض السكان في المشاركة في التحقيقات والإبلاغ عن الجرائم خوفاً من الانتقام.

ونقل التقرير عن ستيفاني خوري، القائمة بأعمال بعثة الأمم المتحدة، عدّها عدم معالجة الأسباب الجذرية الكامنة وراء النزاع ودوافعه لن يؤدّي سوى إلى تأجيج دوامات العنف والانتقام السامة بين المجتمعات.

اجتماع عميد بلدية ترهونة مع المسؤولة الأممية (بلدية ترهونة)

وأوصى التقرير بتنفيذ عملية شاملة للعدالة الانتقالية والمصالحة، مع اتخاذ تدابير مجدية لتقصّي الحقائق، وتقديم تعويضات فعالة إلى الضحايا، بما في ذلك المساعدة القانونية ودعم الصحة النفسية، وضمانات عدم التكرار، التي ينبغي وضعها بالتشاور مع المتضررين مباشرة. كما دعا لاتخاذ تدابير صارمة لتحقيق المساءلة، من خلال التحقيقات ومحاسبة الجناة المزعومين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.

وكان عميد بلدية ترهونة، محمد الكشر، وعدد من أعضاء رابطة ضحايا ترهونة، قد زاروا مع المسؤولة الأممية جورجيت غانيون، عدداً من مواقع المقابر الجماعية والسجون في ترهونة، بمناسبة اليوم العالمي للإخفاء القسري، ومتابعة ملف ضحايا العنف والقتل والمقابر التي ارتكبت بحق أهالي ترهونة وبعض المدن المجاورة.

في سياق غير متصل، تحدثت وسائل إعلام محلية عن نجاة ليبيين بأعجوبة، بعد أن جرفت مياه الفيضانات سيارتهم في ترهونة، بينما تعرضت مدينة الكفرة لإطفاء تام بسبب فصل محطة كهربائية، للحفاظ على معدات الشبكة العامة بتأثير الرياح والأمطار.

حكومة الوحدة خلال اجتماع متابعة تقلبات الطقس (حكومة الوحدة)

وأعلن الهلال الأحمر، مساء الجمعة، في ترهونة فتح الطريق الرابط بين بني وليد وترهونة، عقب إغلاقه لعدة ساعات، بسبب تزايد ارتفاع منسوب المياه في الطريق، فيما أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ في بني وليد، خروج السيل في وادي وشتاتة إلى الطريق، مع وجود ارتفاع في المياه في الوادي.

وكانت حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، قد طمأنت المواطنين بما وصفته بالجاهزية العالية للوزارات والأجهزة والمراكز في جميع مناطق ليبيا العالية لمواجهة أي ظروف جوية، أو تقلبات مناخية، وتوفير الإمكانيات اللازمة، مشيرة إلى أن اجتماعاً عُقد، مساء الجمعة بطرابلس، ضم كل الجهات المعنية، استهدف توحيد الجهود لضمان نجاح العمل وحماية المواطنين والممتلكات، في إطار تحديث الخطة الوطنية لمواجهة الطوارئ والكوارث الطبيعية.