مصر والسعودية لتعزيز التعاون بشأن خطط البرامج السياحية التكاملية

وزير التجارة السعودي ووزير السياحة المصري خلال لقاء بالقاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
وزير التجارة السعودي ووزير السياحة المصري خلال لقاء بالقاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر والسعودية لتعزيز التعاون بشأن خطط البرامج السياحية التكاملية

وزير التجارة السعودي ووزير السياحة المصري خلال لقاء بالقاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
وزير التجارة السعودي ووزير السياحة المصري خلال لقاء بالقاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ناقش مسؤولون مصريون وسعوديون أهمية وضع برامج سياحية تكاملية بين مصر والمملكة، بالإضافة إلى الاهتمام بالترويج المشترك للمنتج السياحي الإقليمي العربي. وذلك خلال اللقاء الذي جمع أحمد عيسى وزير السياحة والآثار المصري بالدكتور ماجد القصبي وزير التجارة السعودي، ووفد من المستثمرين ورجال الأعمال السعوديين، في القاهرة، بحضور سفير المملكة لدى مصر أسامة بن أحمد نقلي.

جانب من اجتماع مسؤولي مصر والسعودية بالقاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق بيان صحافي نشرته وزارة السياحة والآثار المصرية أمس الثلاثاء، فقد ناقش الجانبان التحديات التي قد تواجه المستثمرين السعوديين في مصر، ومعرفة آرائهم ومقترحاتهم لتعزيز التعاون السياحي بين البلدين، وسبل دفع مزيد من الحركة السياحية الوافدة لمصر من السعودية.

وقال وزير التجارة السعودي: إن «الكثير من السائحين السعوديين بصفة خاصة، والخليجيين عامة يحرصون على زيارة مصر، لا سيما خلال إجازاتهم للاستمتاع بمقوماتها السياحية المتميزة»، لافتاً إلى أن «صناعة السياحة في مصر واعدة ومهمة»؛ وأشار إلى حرص الجانب السعودي على العمل على زيادة الاستثمارات السعودية في السوق المصرية، لا سيما في مجال الاستثمار السياحي والفندقي.

وقد تم خلال لقاء الجانبين التعرف على إمكانية الاستفادة من فرص الاستثمار السياحي الموجودة في مصر، لا سيما في ظل أحد محاور الاستراتيجية الوطنية، الذي يرتكز على تحسين مناخ الاستثمار السياحي بها وزيادة عدد الغرف الفندقية الموجودة بما يحقق مستهدفات الدولة المصرية من هذه الصناعة.

مصر تمتلك مقومات تاريخية مميزة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وثمّن الخبير السياحي المصري محمد كارم تفكير الجانب السعودي والمصري في تعزيز «السياحة التكاملية» والترويج المشترك للمقومات السياحية للبلدين. وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تمتلك كل من مصر والسعودية مقاصد سياحية مميزة، بإمكانها جذب آلاف السائحين من كل أنحاء العالم».

وقال إن المحادثات المقبلة بين الجانبين لا بدّ أن تتضمن وضع آليات وضوابط محددة للبرامج المتكاملة بين البلدين بجانب توحيد حوافز وتسهيلات التأشيرة والإقامة والطيران.

وتتميز بلاد الحرمين الشريفين بتاريخ إسلامي عريق ومقدسات دينية لا توجد في دولة أخرى، كما تتمتع بمقومات سياحة تاريخية فريدة، على غرار مدائن صالح والصخور المنحوتة بحائل، ومدينة الدرعية، بجانب القصور والمعابد المتنوعة ومدافن الصحابة. بالإضافة إلى امتلاك المملكة مقومات سياحية عصرية تتمثل في المنتجعات السياحية والمدن الترفيهية وسياحة الطبيعة.

السعودية لديها معالم تاريخية وثقافية مهمة (وزارة السياحة السعودية)

وعلى الرغم من تأثر مدن سياحية مصرية بشكل مباشر بالحرب على غرار طابا المتاخمة لمدينة إيلات الإسرائيلية، فإن مدناً أخرى مثل الأقصر وأسوان والغردقة لم تتأثر بنفس الدرجة، وفق تصريحات مسؤولين مصريين.

وكانت القاهرة تتوقع أن يصل عدد السياح خلال العام الحالي إلى 15 مليون سائح، وفق تصريحات سابقة لوزير السياحة والآثار المصري أحمد عيسى، لكن يرى البعض أنه يصعب الوصول إلى هذا الرقم في ظل حرب غزة الجارية.

وتطرق اللقاء لأهمية التوسع أيضاً في الاستثمار في مجال الشقق الفندقية في مصر التي تشهد نمواً عالمياً، وهو ما علق عليه عيسى قائلاً: إن «العمل على هذا الملف يجري لوضع ضوابط ومعايير ذكية وعادلة لتنظيم عمل هذه الشقق الفندقية».

وحرص عيسى، خلال اللقاء على الاستماع إلى التحديات التي قد تواجه هؤلاء المستثمرين في مصر، ومعرفة آرائهم ومقترحاتهم لتعزيز التعاون السياحي بين البلدين، وسبل دفع مزيد من الحركة السياحية الوافدة لمصر من السعودية.

متحدثاً عن ارتفاع متوسط حجم الإشغالات الفندقية في مصر، حيث تشهد الآن أعلى مستوياتها، وهو ما انعكس أيضاً على ارتفاع متوسط سعر الإقامة بالغرفة الفندقية العام الحالي، الذي يعد الأعلى في تاريخ مصر.

وقال عيسى: إن «أبرز محاور الاستراتيجية الوطنية المصرية السياحية ترتكز على إتاحة الوصول للمقصد السياحي المصري بصورة أكبر ومضاعفة عدد مقاعد الطيران القادمة لمصر بالتعاون مع وزارة الطيران المدني، وكذلك زيادة أعداد الغرف الفندقية بها»، مشيراً إلى أن «مصر كان بها 212 ألف غرفة فندقية فقط حتى العام الماضي، وأنه بنهاية عام 2024 من المتوقع أن تصل أعداد الغرف الفندقية إلى 250 ألف غرفة، إذ إن هناك 25 ألف غرفة من المتوقع افتتاحها خلال الأشهر القليلة المقبلة».

ونوّه عيسى بأنه من المقرر أن يُعلن خلال الأسابيع المقبلة بالتعاون والتنسيق مع وزير المالية عن حزمة من الحوافز والتسهيلات الخاصة بالاستثمار في مصر.

ويخشى مسؤولون مصريون من تأثر قطاع السياحة بحرب غزة الجارية، وقالت وكالة «ستاندرد أند بورز» للتصنيف، في تقرير نشرته أخيراً، إن «مصر ولبنان والأردن قد تخسر ما بين 10 و70 في المائة من عائدات السياحة إذا استمرت الحرب في غزة أو اتسعت رقعتها».


مقالات ذات صلة

مقتل مصري وإصابة سياح إسرائيليين إثر شجار داخل فندق في طابا

شمال افريقيا مرافق منتجع هيلتون طابا على الساحل الشرقي لشبه جزيرة سيناء في مصر (أرشيفية/أ.ف.ب)

مقتل مصري وإصابة سياح إسرائيليين إثر شجار داخل فندق في طابا

قُتل عامل مصري، الجمعة، خلال شجار في فندق أدى أيضاً إلى إصابة ثلاثة سياح من عرب إسرائيل وعمال آخرين في مدينة طابا الساحلية المصرية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق مصر تستهدف تنشيط الحركة السياحية الوافدة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر تستعين بمشاهير «بوليوود» للترويج لمقاصدها السياحية

بهدف تنشيط السياحة، والترويج لمقاصدها المتنوعة، أعلنت مصر عزمها الاستعانة بمشاهير «بوليوود»، لزيادة عدد الزيارات الوافدة من الهند.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
الاقتصاد مدينة جدة غرب السعودية (واس)

وزير السياحة السعودي يطلق حملة عالمية لتعزيز القطاع

أطلق وزير السياحة رئيس مجلس إدارة «الهيئة السعودية للسياحة»، أحمد الخطيب، الحملة العالمية «روح السعودية»، تحت شعار «هذه الأرض تنادي».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا الحجاج المصريون النظاميون يؤدون مناسك الحج (أرشيفية - وزارة التضامن الاجتماعي)

مصر تلغي تراخيص شركات سياحية «متورطة» في تسفير حجاج «غير نظاميين»

ألغت وزارة السياحة والآثار المصرية تراخيص 36 شركة سياحة، على خلفية تورطها في تسفير حجاج «غير نظاميين» إلى السعودية.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق الاستمتاع بالأجواء الماطرة على الساحل البحري (واس)

​السعودية تشهد كثافة مطرية بأعلى مستوياتها منذ 10 سنوات

تشهد السعودية موسماً صيفياً استثنائياً باستمرار تساقط الأمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بزخات من البرد ورياح نشطة على عدد من المناطق تشكلت معها لوحات جمالية

«الشرق الأوسط» (جدة)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».