ليبرالي من خارج الطبقة السياسية... مَنْ هو خافيير ميلي رئيس الأرجنتين المُنتَخَب؟

الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي يحيي أنصاره قبل خطابه بعد فوزه بانتخابات الإعادة في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)
الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي يحيي أنصاره قبل خطابه بعد فوزه بانتخابات الإعادة في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)
TT

ليبرالي من خارج الطبقة السياسية... مَنْ هو خافيير ميلي رئيس الأرجنتين المُنتَخَب؟

الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي يحيي أنصاره قبل خطابه بعد فوزه بانتخابات الإعادة في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)
الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي يحيي أنصاره قبل خطابه بعد فوزه بانتخابات الإعادة في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)

إنه خافيير ميلي (Javier Milei)، الوافد الجديد إلى الحياة السياسية الأرجنتينية، الذي سيتولى رئاسة البلاد في 10 ديسمبر (كانون الأول)، بعد فوزه، الأحد، بالانتخابات الرئاسية.

يوصف بأنه اقتصادي ليبرالي متشدد، ومثير للجدل، يقدِّم اليميني المتطرّف خافيير ميلي نفسه على أنه «مناهض للنظام»، وقد فاز بنسبة 55.6 في المائة من الأصوات، حسب نتائج جزئية رسمية، مقابل 44.3 في المائة لسيرخيو ماسا، وزير الاقتصاد الذي اعترف بهزيمته في نهاية حملة متوترة، وغير حاسمة، لم يسبق لها مثيل خلال أربعين عاماً من الديمقراطية، حسبما أفاد تقرير صدر، الاثنين، لصحيفة «لوموند» الفرنسية.

المرشح الرئاسي الأرجنتيني خافيير ميلي يحتفل مع أنصاره بعد فوزه في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية خارج مقر حزبه في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

سيخلف خافيير ميلي الرئيس الحالي ألبيرتو فرناندز المنتمي إلى التيار البيروني، وهو تيار عمالي يساري محسوب على يسار الوسط، نسبة إلى الرئيس الأسبق خوان بيرون.

يَعِدُ ميلي بالعلاج بالصدمة الاقتصادية. دخل السياسة قبل عامين عندما انتُخِبَ نائباً عن بوينس آيرس. وقد أنشأ حزبه الخاص La Libertad avanza (الحرية تتقدم)، ويصرّح بأنه يريد السير بنهج منفصل تماماً عن الأحزاب التقليدية.

أنصار المرشح الرئاسي الأرجنتيني عن تحالف «لا ليبرتاد أفانزا» (الحرية تتقدم) خافيير ميلي يحتفلون بفوزه في جولة الإعادة خارج مقر الحزب في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

مثير للجدل

أثار خافيير ميلي، الشعبوي الذي ينكر تغير المناخ، والمعروف باسم إل لوكو (أي المجنون)، غضب ملايين الأرجنتينيين من خلال التشكيك في الإجماع الذي دام أربعة عقود، حول الجرائم التي ارتكبتها الدكتاتورية التي حكمت البلاد في الفترة من عام 1976 إلى 1983 والتي قُتل خلالها ما يقدر بنحو 30 ألف شخص على يد النظام العسكري آنذاك، وفق تقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية صدر الاثنين. أما نائبة ميلي، فيكتوريا فيلارويل، التي ستتولى منصب نائبة رئيس الجمهورية، وهي عضو الكونغرس الأرجنتيني المحافظة المتشددة، تقلِّل بدورها من «خطايا» الدكتاتورية العسكرية، حسب التقرير.

خافيير ميلي الذي فاز الأحد بالانتخابات الرئاسية في الأرجنتين يتحدث في مقر حملة ترشحه بعد إغلاق صناديق الاقتراع للانتخابات العامة في بوينس آيرس 22 أكتوبر 2023 (أ.ب)

يعُد ميلي نفسه أنه يسير في خط الرئيسين السابقين: الأميركي دونالد ترمب، والبرازيلي جايير بولسونارو، ويبدي إعجابه بمارغريت ثاتشر التي تولت رئاسة وزراء بريطانيا ما بين عامي 1979 و1990، حتى لو كانت الأخيرة قد أعلنت الحرب على الأرجنتين عام 1982؛ للدفاع عن سيادة المملكة المتحدة على أرخبيل فوكلاند الواقع قبالة الساحل الأرجنتيني، وذلك بعد أن قررت الحكومة العسكرية في بوينس آيرس في ذاك العام إنزال بضع عشرات من الجنود على هذه الجزر، وقد سمح انتصار لندن في حرب فوكلاند -التي نتج عنها مئات القتلى من الطرفين؛ البريطاني والأرجنتيني- للأرجنتين بالتخلص من واحدة من أكثر الديكتاتوريات شراسة، كما سمح لرئيسة الوزراء البريطانية بالبقاء في السلطة، وفق تقرير الاثنين، لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. فقد رأى ميلي، خلال مناظرة رئاسية، أن مارغريت ثاتشر هي قائدة عظيمة بتاريخ الإنسانية، حسب قناة «فرنس 24» الفرنسية؛ حيث اعتبر أن ثاتشر لعبت دوراً مهماً في سقوط جدار برلين، وبالتالي هزيمة اليسار (الشيوعي). لكن تصريحات ميلي لقيت معارضة من جانب مخضرمي الجيش الأرجنتيني الذين شاركوا في حرب فوكلاند 1982.

صورة لصحف أرجنتينية في 20 نوفمبر 2023 بالعاصمة بوينس آيرس حيث تظهر الصفحة الأولى فوز مرشح تحالف «لا ليبرتاد أفانزا» (الحرية تتقدّم) خافيير ميلي في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)

تعديلات وزارية جذرية

طرح خافيير ميلي في برنامجه الانتخابي تعديلات جذرية في هيكلية الحكومة القادمة، منها إلغاء عدد من الوزارات، مثل وزارة التعليم وحقوق المرأة والعمل والتضامن والصحة والنقل.

«فويرا!» (أي «إلى الخارج»)، يصرخ ميلي خلال اجتماعاته، متوجهاً بكلامه إلى «الطبقة الفاسدة» التي تشمل سياسيين وموظفين حكوميين وصحافيين. ويَعِدُ بإلغاء جميع المزايا الاجتماعية التي «تشجع على الكسل»، وبإغلاق البنك المركزي الأرجنتيني، وجعل عملة البيزو الأرجنتينية تختفي من أجل دولرة الاقتصاد. ويرى ميلي وجوب «إضفاء الشرعية على بيع الأعضاء البشرية»، ليكون ذلك مصدراً محتملاً للدخل بالنسبة للفقراء.

الرئيس الأرجنتيني المنتخب خافيير ميلي يخاطب أنصاره بعد فوزه في انتخابات الإعادة الرئاسية في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (رويترز)

يروّج ميلي لمبدأ «الدفاع عن النفس»، ويرغب في تحرير بيع الأسلحة في الأرجنتين. وقد وعد بحظر الإجهاض الذي تم تسهيله قانونياً في البلاد في ديسمبر 2020 حسب موقع جامعة هارفارد. ويعارض كذلك أي سياسة للدفاع عن الأقليات الجنسية والعرقية. ويريد بكل هذه الخطوات -وفق «لوفيغارو»- أن «تصبح الأرجنتين القوة العالمية الرائدة كما كانت في بداية القرن العشرين»، حسب رؤية ميلي للتاريخ. كما أنه معارض بشدة لمواطنه (الأرجنتيني) البابا فرنسيس الذي يُمثل بالنسبة له «الشر على الأرض»، ويتهم البابا فرنسيس بأنه «يريد فرض الشيوعية».

أنصار الرئيس الأرجنتيني المُنتخب خافيير ميلي يحتفلون بفوزه بجولة الإعادة في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (رويترز)

نجم الشاشات

ظهر خافيير ميلي على الساحة الإعلامية عام 2015 بعد انتخاب ماوريسيو ماكري ممثل الائتلاف اليميني رئيساً. في ذلك الوقت، كان ميلي يعمل في شركة «Aeropuerto 2000» خبيراً اقتصادياً. أراد ماكري مراجعة عقود الدولة مع هذه الشركة المتخصصة في خدمات المطارات، لذا قرر مارتن يورنيكيان، رئيس شركة «Aeropuerto 2000»، توكيل ميلي للقيام بحملة تلفزيونية ضد الرئيس ماكري. وفجأة، كشف هذا الرجل -الذي كان حتى ذلك الحين متحفظاً تماماً وفقاً لمن عرفوه عن قرب- عن نفسه أمام الكاميرات. وسرعان ما أصبح ميلي «الزبون الجيد لوسائل الإعلام» بسبب جانبه المتمرد.

شيئاً فشيئاً، بنى خافيير ميلي صورته كمثير للمتاعب، بتصفيفة شعر نجوم «الروك»، وصوته العميق والخشن، وانفعاله على شاشات التلفزيون. وسرعان ما بدا أنه يستمتع بهذه الصورة.

انتخاب في ظروف صعبة

يأتي انتخاب خافيير ميلي لرئاسة الأرجنتين في ظروف اقتصادية صعبة يمر بها ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية (بعد البرازيل والمكسيك)، مع ارتفاع كبير في معدلات التضخم تصل اليوم إلى أرقام ثلاثية (143 في المائة خلال عام واحد)، حيث إن أربعة من كل عشرة أرجنتينيين يعيشون تحت خط الفقر، فضلاً عن الديون المثيرة للقلق، وتراجع كبير في قيمة العملة. فالأرجنتينيون مرهَقون بالأسعار التي ترتفع من شهر إلى شهر، لا بل من أسبوع إلى أسبوع، وقد بلغ الحد الأدنى للأجور 146 ألف بيزو (413 دولاراً).

أنصار الرئيس الأرجنتيني المُنتخب خافيير ميلي يحتفلون في الشوارع بعد أن علموا بفوزه في انتخابات الإعادة في بوينس آيرس 19 نوفمبر 2023 (إ.ب.أ)

فالإيجارات بعيدة عن متناول كثيرين، ويلجأ كثير من الأمهات إلى المقايضة، كما حدث بعد «الأزمة الكبرى» الاقتصادية الصادمة في الأرجنتين عام 2001.

ووفق دراسة أجرتها جامعة بوينس آيرس نُشرت في بداية العام، فإن 68 في المائة من الشباب الأرجنتيني من سن 18 إلى 29 سيهاجرون إذا استطاعوا.

وتتعرض البلاد لضغوط من صندوق النقد الدولي لإجراء تعديلات بالميزانية؛ حيث تسدد الأرجنتين للصندوق قرضاً ضخماً بقيمة 44 مليار دولار (40 مليار يورو) منحه الصندوق للبلاد في عام 2018.


مقالات ذات صلة

عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

شمال افريقيا مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)

عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

تلاحق عشرات الطعون نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري، لتضاف إلى سلسلة طعون رافقت المرحلة الأولى، وأدت إلى إعادة الانتخابات ببعض الدوائر.

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون أمام اللجان في انتخابات إعادة إحدى الدوائر الملغاة بالإسكندرية الأربعاء (تنسيقية شباب الأحزاب)

تراجع جديد للمعارضة المصرية في المرحلة الثانية لانتخابات «النواب»

تتسارع استعدادات المرشحين لخوض جولات الإعادة في انتخابات مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان) وسط ضغوط كبيرة تلاحق أحزاب المعارضة

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا على الرغم من قبول البعض بمبدأ إجراء الانتخابات الرئاسية فإنهم أبدوا مخاوفهم من عقبات كبيرة تعترض المسار الذي اقترحته المفوضية (مفوضية الانتخابات)

كيف يرى الليبيون إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في أبريل المقبل؟

رفض مجلس حكماء وأعيان طرابلس إجراء الانتخابات الرئاسية قبل وجود دستور، وذهب إلى ضرورة تجديد الشرعية التشريعية أولاً عبر الانتخابات البرلمانية.

علاء حموده (القاهرة )
المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني خلال صورة تذكارية على هامش «قمة شرم الشيخ» يوم 13 أكتوبر 2025 (إعلام حكومي)

ضغوط أميركية تواصل إرباك «التنسيقي» العراقي

نأت المرجعية الدينية في النجف عن أي حراك بشأن حسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء، في حين تحدثت مصادر عن ارتباك في خطط «الإطار التنسيقي».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي أعضاء مبادرة «عراقيون» بعد اجتماعهم في بغداد يوم 26 أبريل 2025 (الشرق الأوسط)

نخب عراقية تحذر من عودة «ظاهرة سجناء الرأي»

حذر العشرات من الناشطين والمثقفين العراقيين من تصاعد ظاهرة الدعاوى التي يقيمها في الآونة الأخيرة «مقربون من السلطة أو يحركها مخبرون سريون ضد أصحاب الرأي».

فاضل النشمي (بغداد)

مادورو يؤكد أنه أجرى محادثة «ودية» مع ترمب

TT

مادورو يؤكد أنه أجرى محادثة «ودية» مع ترمب

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)

أكد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الأربعاء أنه أجرى مكالمة هاتفية «ودية» مع نظيره الأميركي دونالد ترمب وسط أزمة بين البلدين.

وقال مادورو في تصريح للتلفزيون الرسمي «تحدثت مع رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترمب. أستطيع القول إن المحادثة جرت بنبرة محترمة، حتى أنني أستطيع القول إنها كانت ودية». وأضاف «سأذهب إلى أبعد من ذلك... إذا كانت هذه الدعوة تعني أننا نتخذ خطوات نحو حوار محترم، من دولة إلى دولة، ومن بلد إلى بلد، فأهلا بالحوار، وأهلا بالدبلوماسية، لأننا سنسعى دائما إلى السلام».

واعترف ترمب الأحد بإجراء هذه المكالمة التي تحدثت عنها الصحافة. وقال الرئيس الأميركي من الطائرة الرئاسية «لا أستطيع أن أقول إن الأمر سار بشكل جيد أو سيئ. لقد كانت مكالمة هاتفية».وتأتي هذه المحادثة فيما تكثف الولايات المتحدة الضغوط على فنزويلا بانتشار عسكري كبير في منطقة البحر الكاريبي، وشن ضربات جوية ضد قوارب يشتبه في تهريبها المخدرات، وتحذيرات من توجيه ضربات على الأراضي الفنزويلية.

وقال مادورو الأربعاء إنه «قبل حوالى عشرة أيام، اتصلوا من البيت الأبيض بقصر ميرافلوريس، وأجريت محادثة هاتفية مع الرئيس دونالد ترمب. تحدث العالم كله عن ذلك». وتابع «خلال سنواتي الست كوزير للخارجية، تعلمت الحذر الدبلوماسي. أحب الحذر، ولا أحب الدبلوماسية عبر الميكروفونات. عندما تكون هناك أمور مهمة، يجب إنجازها بصمت حتى إنجازها».

ويتّهم دونالد ترمب فنزويلا بإدارة عملية تهريب المخدرات التي تغمر السوق الأميركية. وتنفي كراكاس ذلك وتقول إن الهدف الحقيقي لواشنطن هو تغيير النظام والسيطرة على احتياطات النفط الفنزويلية.


تغيير مستمر لهواتفه ومكان نومه... مادورو يعزّز أمنه الشخصي وسط تهديدات واشنطن

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)
TT

تغيير مستمر لهواتفه ومكان نومه... مادورو يعزّز أمنه الشخصي وسط تهديدات واشنطن

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)
الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ب)

عزّز الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إجراءات أمنه الشخصي، بما في ذلك تغيير مكان نومه وهواتفه، والتقرب بشكل أكبر من كوبا، حليفته الرئيسية، وسط تهديد متزايد بتدخل عسكري أميركي في البلاد، وفقاً لما أكدته عدة مصادر مطلعة.

وقالت المصادر المقربة من الحكومة الفنزويلية لصحيفة «نيويورك تايمز»، إن هناك حالة من التوتر والقلق تُسيطر على الدائرة المقربة من مادورو، مُضيفة أن الرئيس الفنزويلي يعتقد أنه لا يزال مُسيطراً على الأمور، وأنه قادر على تجاوز أحدث وأخطر تهديد لحكمه المُستمر منذ 12 عاماً.

ولفتت المصادر إلى أن مادورو يغيّر بانتظام أماكن نومه وهواتفه الجوالة لحماية نفسه من أي ضربة دقيقة محتملة أو عملية مداهمة من قوات خاصة.

وأضافوا أن هذه الاحتياطات زادت منذ سبتمبر (أيلول)، عندما بدأت الولايات المتحدة حشد السفن الحربية وضرب القوارب التي تزعم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنها تُهرب المخدرات من فنزويلا.

وللحد من خطر الخيانة، وسّع مادورو أيضاً دور الحراس الشخصيين الكوبيين في فريق أمنه الشخصي، وألحق المزيد من ضباط مكافحة التجسس الكوبيين بالجيش الفنزويلي، وفقاً لأحد المصادر.

لكن في العلن، سعى مادورو إلى التقليل من تهديدات واشنطن من خلال التظاهر باللامبالاة والهدوء، حيث أصبح يظهر في المناسبات العامة دون إعلان مسبق، ويرقص أمام الحضور، وينشر مقاطع فيديو دعائية على «تيك توك».

وتكثّف الولايات المتحدة ضغوطها على فنزويلا بأشكال عدة، منها توجيه ضربات أميركية على قوارب قيل إنها تهرب مخدرات في البحر الكاريبي، وتهديدات ترمب المتكررة بتوسيع نطاق العمليات العسكرية لتشمل البر، وتصنيف جماعة «دي لوس سوليس» التي تقول إدارة ترمب إنها تضم مادورو، منظمة إرهابية أجنبية.

وينفى مادورو والحكومة الفنزويلية جميع هذه الاتهامات، ويقولان إن الولايات المتحدة تسعى إلى تغيير النظام للسيطرة على الموارد الطبيعية الهائلة لفنزويلا، ومنها النفط.

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مادورو ومبعوثي ترمب ناقشوا في وقت سابق من هذا العام الظروف التي قد تدفع الزعيم الفنزويلي الذي خسر الانتخابات الرئاسية العام الماضي، لكنه تجاهل النتائج؛ إلى ترك منصبه. ولم تسفر تلك المحادثات عن اتفاق، مما دفع إدارة ترمب إلى تكثيف ضغطها العسكري على فنزويلا.

ومع تفاقم الأزمة، يتحدث مادورو إلى الشعب الفنزويلي تقريباً يومياً، محافظاً على حملة علاقات عامة اتسم بها حكمه في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فقد قلل من مشاركته في الفعاليات المجدولة والبث المباشر، مستبدلاً الظهور المفاجئ في المناسبات العامة والرسائل المسجلة مسبقاً بها.

وأمس الثلاثاء، قالت أربعة مصادر مطلعة لوكالة «رويترز» للأنباء، إن ترمب أجرى مكالمة هاتفية قصيرة مع نظيره الفنزويلي الشهر الماضي، قال خلالها مادورو إنه على استعداد لمغادرة فنزويلا شريطة أن يحصل هو وأفراد أسرته على عفو كامل، بما في ذلك رفع جميع العقوبات الأميركية وإنهاء قضية رئيسية يواجهها أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وأضافت المصادر أن مادورو طلب أيضاً رفع العقوبات عن أكثر من 100 مسؤول في الحكومة الفنزويلية، كثيرون منهم تتهمهم الولايات المتحدة بانتهاك حقوق الإنسان أو الاتجار بالمخدرات أو الفساد.

وقال مصدران إن مادورو طلب كذلك أن تدير نائبته ديلسي رودريغيز حكومة مؤقتة قبل إجراء انتخابات جديدة.

ورفض ترمب معظم طلباته في المكالمة التي استمرت أقل من 15 دقيقة، لكنه أخبر مادورو بأن لديه أسبوعاً لمغادرة فنزويلا إلى الوجهة التي يختارها مع أفراد أسرته.

وقال اثنان من المصادر إن هذا الممر الآمن انتهى يوم الجمعة، مما دفع ترمب يوم السبت إلى إعلان إغلاق المجال الجوي الفنزويلي.


رئيس كولومبيا محذرا ترمب: لا توقظ النمر... مهاجمتنا إعلان للحرب

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ب)
الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ب)
TT

رئيس كولومبيا محذرا ترمب: لا توقظ النمر... مهاجمتنا إعلان للحرب

الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ب)
الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو (أ.ب)

حذر الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو نظيره الأميركي دونالد ترمب يوم الثلاثاء من تهديد سيادة بلاده، في ظل تصعيد حرب التصريحات بين بوغوتا وواشنطن.

وفي اجتماع للحكومة الأميركية يوم الثلاثاء في واشنطن، ألمح ترمب إلى إمكانية توجيه ضربات إلى كولومبيا في إطار محاربة الجريمة المرتبطة بالمخدرات. وقال ترمب: «أسمع أن كولومبيا تصنع الكوكايين. لديهم مصانع للكوكايين، حسنا؟ ثم يبيعون لنا كوكايينهم... أي شخص يفعل ذلك ويبيعه في بلادنا سيكون هدفا للهجوم... وليس فنزويلا فقط».

ورد بيترو على تصريحات ترمب بدعوته لزيارة كولومبيا ليشهد «تدمير تسعة مختبرات مخدرات يوميا لمنع وصول الكوكايين إلى الولايات المتحدة». وأشار بيترو في منشور على منصة التواصل الاجتماعي إكس إلى أنه منذ توليه الرئاسة عام 2022 دمر 18 ألفا و400 مختبر «دون صواريخ».

وأضاف: «تعال معي، وسأعلمك كيف ندمرها، مختبر كل 40 دقيقة، لكن لا تهدد سيادتنا، لأنك ستوقظ النمر. مهاجمة سيادتنا يعني إعلان الحرب. لا تضر بعلاقات دبلوماسية استمرت قرنين». وتابع بيترو: «لقد شوهت سمعتي بالفعل. لا تواصل السير في هذا الطريق. وإذا كانت هناك أي دولة ساهمت في منع آلاف الأطنان من الكوكايين من الوصول إلى المستهلكين في أمريكا الشمالية، فهي كولومبيا».

وتدهورت العلاقات بين بوغوتا وواشنطن بشكل كبير في الآونة الأخيرة، حيث تتهم الحكومة الأميركية بيترو بعدم الحزم في مواجهة عصابات المخدرات وفرضت عليه عقوبات.