العراق... الحلبوسي يستوعب صدمة الإقالة وخلافته تفجّر أزمة صامتة داخل البيت السني

الحلبوسي في لقاء سابق مع عدد من أعضاء كتلة «دولة القانون» بحضور عدد من نواب حزب «تقدُّم» (البرلمان العراقي)
الحلبوسي في لقاء سابق مع عدد من أعضاء كتلة «دولة القانون» بحضور عدد من نواب حزب «تقدُّم» (البرلمان العراقي)
TT

العراق... الحلبوسي يستوعب صدمة الإقالة وخلافته تفجّر أزمة صامتة داخل البيت السني

الحلبوسي في لقاء سابق مع عدد من أعضاء كتلة «دولة القانون» بحضور عدد من نواب حزب «تقدُّم» (البرلمان العراقي)
الحلبوسي في لقاء سابق مع عدد من أعضاء كتلة «دولة القانون» بحضور عدد من نواب حزب «تقدُّم» (البرلمان العراقي)

عاد محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان العراقي، المقال قضائياً، إلى مدينة الفلوجة، إحدى أهم معاقله والقريبة من مسقط رأسه (الصقلاوية) محمولاً على الأكتاف.

وتجمع أكثر من 15 ألف شخص على متن مئات السيارات وراجلين عند مدخل الفلوجة القريبة من العاصمة العراقية بغداد (50 كم غرباً) بانتظار وصول موكب الحلبوسي.

وفيما كان الجميع ينتظر ما الذي يمكن أن يقوله بعد يومين من صدور واحد من أقسى الأحكام القضائية ضد أحد أضلاع المثلث الرئاسي، فوجئ الجميع باللغة الهادئة التي خاطب فيها جمهوره الغاضب على ما عدّه ظلماً ليس بحق رئيس أعلى سلطة تشريعية في البلاد (البرلمان) فقط، بل بحق مكون كامل هو المكون السني. الحلبوسي الذي عدَّ خلال الكلمة التي وجهها للآلاف من المستقبلين أن ما حصل له ظلم وغير مقبول، دعا الجميع إلى الهدوء، قائلاً: «نحن لا نعصي الدولة، ولن نسمح لـ(الغربان السود) باستغلال المناسبة»، في إشارة إلى التنظيمات المتطرفة التي استغلت حراك الأنبار عام 2013 لتحدث أكبر حراك جماهيري آنذاك تخللته شعارات طائفية مثل «قادمون يا بغداد»، الأمر الذي مهد بعد عام إلى احتلال تنظيم «داعش» المحافظات الغربية ذات الغالبية السنية.

وفي الوقت الذي لا تزال المواقف والآراء تتباين داخل الأوساط السياسية والقانونية في العراق بشأن ما حصل للحلبوسي، وفيما إذا كان استهدافاً سياسياً أم قراراً قضائياً مستقلاً بعد ثبوت واقعة التزوير، فإن الآراء داخل الأوساط ذاتها اختلفت بشأن صلاحية المحكمة الاتحادية التي لم تنظر المادة 93 من الدستور في القضايا التي استندت عليها المحكمة الاتحادية العليا في الحكم على الحلبوسي من منطلق أن قضايا التزوير هي من اختصاص محاكم الجزاء لا المحكمة الاتحادية العليا التي تختص في تفسير الدستور. وحيث إن منصب رئاسة البرلمان هو من حصة المكون السني، فإن الخلاف الذي باتت تتضح بعض معالمه بعد مرور أربعة أيام على صدوره هو الآن داخل المكون السني.

ففي الوقت الذي يحتفظ حزب «تقدم» الذي يتزعمه الحلبوسي بأغلبية مقاعد البرلمان العراقي من بين القوى السنية، فإن الخلافات داخل البيت السني بدأت تتفاقم لا بشأن من يخلف الحلبوسي فقط، بل في الآلية التي تتم من خلالها عملية اختيار رئيس جديد للبرلمان.

وفي هذا السياق، وطبقاً لنائب سني، فإن هناك رغبة لدى العديد من الأطراف السنية في أن يتم تأجيل اختيار بديل الحلبوسي إلى ما بعد انتخابات مجالس المحافظات نهاية الشهر المقبل.

وتحدث نائب سني إلى «الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه أو الكتلة التي ينتمي إليها، قائلاً إن «هناك عدة شخصيات من كتل سنية مختلفة باتت تتنافس على منصب رئيس البرلمان حتى من داخل الكتلة التي يتزعمها الحلبوسي وهي (تقدم)».

وأضاف أن «هناك رأياً داخل الأوساط السنية يقول بعدم الاستعجال في اختيار بديل الحلبوسي الآن، في وقت يستعد الجميع للانتخابات المحلية، لا سيما بعدما اتفقت الكتل الرئيسية مؤخراً، وهي (الإطار التنسيقي) و(إدارة الدولة) على إجرائها في موعدها برغم قرار المحكمة الاتحادية وقرار الصدر بمقاطعة أنصاره لها حتى لا يرتبك المشهد أكثر خصوصاً داخل البيت السني»، مبيناً أن «الحل الأنسب الآن هو أن يتولى النائب الأول لرئيس البرلمان إدارة جلساته إلى ما بعد الانتخابات المحلية، لا سيما أنه لا توجد الآن الكثير من الجلسات». لكن في مقابل هذا الرأي هناك من يضغط مستنداً إلى النظام الداخلي للبرلمان الذي يقضي بعد خلو منصب رئيس البرلمان بفتح باب الترشيح لكل من يرغب في شغل هذا المنصب، وهو إجراء، وإن كان صحيحاً من الناحية الشكلية، لكنه من الناحية العملية غير ممكن كون المنصب من حصة السنة حصراً، وبالتالي لا بد من توافق داخل البيت السني أولاً قبل تقديم المرشح البديل. لكنه وبصرف النظر عن الآليات والشكليات التي تتعلق باختيار البديل فقد بدأت تتبلور أزمة، وإن كانت لا تزال صامتة بشأن خلافة الحلبوسي، لكن بدأت تظهر على السطح وجهات نظر بشأن ما إذا كان المرشح لخلافة الحلبوسي هو من حزب «تقدم» نفسه، أم من أي حزب أو تكتل سني آخر.

وحيث إنه حتى لو تم الاتفاق على أي بديل للحلبوسي من داخل البيت السني، فلا بد أن يحظى البديل الجديد بتوافق سياسي من بقية الأطراف، لا سيما الشيعة والكرد.

وبينما لا تبدو لدى الكرد مشكلة فيمن يخلف الحلبوسي من البيت السني، فإن لدى العديد من القوى والأحزاب الشيعية اشتراطات على المرشح الجديد لرئاسة البرلمان، الأمر الذي يعني بروز اصطفافات جديدة من شأنها تغيير قواعد اللعبة السياسية في العراق تجعل أمام المرشح الجديد استحقاقات سياسية وربما شروط عليه الالتزام بها، وهو ما يجعل البيت السني في أضعف حالاته، إن لم يتمكن من الدفاع عن أهم استحقاق سيادي له وهو رئاسة البرلمان.



القوات الإسرائيلية تنتشر في عدة قرى وتفتش المارة بجنوب سوريا

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
TT

القوات الإسرائيلية تنتشر في عدة قرى وتفتش المارة بجنوب سوريا

توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)
توغل للقوات الإسرائيلية في بلدة صيدا بريف القنيطرة جنوب سوريا (أرشيفية - سانا)

توغلت القوات الإسرائيلية صباح اليوم (الخميس) في قرى عدة بريف القنيطرة الجنوبي في جنوب سوريا.

وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن «قوة للاحتلال مؤلفة من سيارتي (همر) توغلت في عدد من قرى ريف القنيطرة الجنوبي، انطلاقاً من تل أحمر غربي، وسلكت الطريق المؤدي إلى قرية كودنة وصولاً إلى قرية عين زيوان، ومنها إلى قرية سويسة وانتشرت داخل القرية، وقامت بتفتيش المارة وعرقلت الحركة».

وأشارت إلى أن «قوات الاحتلال الإسرائيلي توغلت مساء أمس في قرى عدة بريف القنيطرة الشمالي، وفي بلدة الجلمة بريف درعا الغربي، واعتقلت شابين».

ووفق الوكالة، «تواصل إسرائيل سياساتها العدوانية وخرقها اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، عبر التوغل في الجنوب السوري، والاعتداء على المواطنين».

وتطالب سوريا باستمرار بخروج القوات الإسرائيلية من أراضيها، مؤكدة أن جميع الإجراءات التي تتخذها في الجنوب السوري باطلة ولاغية، ولا ترتب أي أثر قانوني وفقاً للقانون الدولي، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع ممارسات إسرائيل وإلزامها بالانسحاب الكامل من الجنوب السوري والعودة إلى اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974.


إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز)
مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز)
TT

إسرائيل تعتبر إدانة قرارها إنشاء مستوطنات جديدة في الضفة «خطأ أخلاقياً»

مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز)
مستوطنة إسرائيلية بالضفة الغربية (رويترز)

رفضت إسرائيل إدانة صادرة عن 14 دولة لقرارها إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ووصفت الانتقادات بأنها تنطوي على «تمييز ضد اليهود».

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن «الحكومات الأجنبية لن تقيّد حق اليهود في العيش في أرض إسرائيل، وإن أي دعوة من هذا القبيل خاطئة أخلاقياً وتمييز بحق اليهود»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

ووافق المجلس الأمني في إسرائيل، الأحد، على إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، في خطوة قال وزير المال اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش إنها تهدف إلى «منع إقامة دولة فلسطينية».

ووفق بيان صادر عن مكتب سموتريتش، فإنه وبموجب هذا الإعلان يرتفع عدد المستوطنات التي تمت الموافقة عليها خلال السنوات الثلاث الأخيرة إلى 69 مستوطنة.

وتأتي الموافقة الإسرائيلية بعد أيام على إعلان الأمم المتحدة تسارع وتيرة الاستيطان بالضفة الغربية بحيث بلغت أعلى مستوياتها منذ عام 2017 على الأقل، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأدانت 14 دولة، من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا واليابان، الأربعاء، موافقة إسرائيل الأخيرة على إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية، داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عن القرار، وإلى الكفّ عن توسيع المستوطنات.

وجاء في بيان مشترك، نشرته وزارة الخارجية الفرنسية: «نحن ممثلي ألمانيا وبلجيكا وكندا والدنمارك وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وآيرلندا وآيسلندا واليابان ومالطا وهولندا والنرويج وبريطانيا، نندد بإقرار المجلس الوزاري الأمني للحكومة الإسرائيلية إنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة».

وأضاف ​البيان: «نذكر أن مثل هذه التحركات أحادية الجانب، في إطار تكثيف أشمل لسياسات الاستيطان في الضفة الغربية، لا تنتهك القانون الدولي فحسب، بل تؤجّج أيضاً انعدام الاستقرار».

ويعيش في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل وضمتها منذ عام 1967، نحو ثلاثة ملايين فلسطيني إلى جانب نحو 500 ألف إسرائيلي يقطنون في مستوطنات تعتبرها الأمم المتحدة غير قانونية بموجب القانون الدولي.

وتواصل الاستيطان في الضفة الغربية في ظل مختلف حكومات إسرائيل سواء يمينية أو يسارية.

واشتد هذا الاستيطان بشكل ملحوظ خلال فترة تولي الحكومة الحالية السلطة، لا سيما منذ اندلاع الحرب في غزة عقب هجوم غير مسبوق شنته حركة «حماس» في جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.


ما مصير «اتفاق 10 آذار» والعام يسير إلى نهايته؟

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
TT

ما مصير «اتفاق 10 آذار» والعام يسير إلى نهايته؟

مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)
مسلحون من «قسد» خلال عرض عسكري في مدينة القامشلي (أرشيفية - رويترز)

وضعت مصادر في دمشق التصعيد العسكري الأخير في مدينة حلب شمال سوريا في إطار «الضغوط» المتزامنة مع اقتراب استحقاق «اتفاق 10 آذار» بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية»، وقرب انتهاء مهلة تنفيذ الاتفاق، مع استبعاد الذهاب إلى مواجهة واسعة وتوقع تمديد المهلة لأشهر أخرى سيزداد فيها «الضغط» على «قسد» للاندماج في المؤسسات السورية، خصوصاً الأمنية والعسكرية.

ويقول الباحث في «مركز الحوار السوري» مكارم فتحي إن تركيا تريد استكمال مسار الإنجازات الكبيرة التي حققتها في الملف الكردي في الداخل التركي.

واعتبر، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المباحثات التركية الأخيرة في دمشق «جزء من مسار الضغط وتعزيز موقف الحكومة السورية وإظهار المزيد من الحزم»، مع الإشارة إلى أن «التفاوض مع (قسد) يتزامن مع سخونة الأحداث على الأرض». ولفت إلى أن أحد المخارج المحتملة لمأزق اقتراب الاستحقاق هو «الإعلان عن إنجاز جزئي لاتفاق آذار»، وبدء التفاوض الفعلي وكسب المزيد من الوقت خلال عام 2026.

وأشار مكارم إلى أن هذا المخرج «يحفظ ماء الوجه للجميع» خاصة لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، التي تتعرض لـ«ضغوط غير مسبوقة»، لحسم الملف، دون استبعاد ظهور حل مفاجئ، وهو احتمال ضئيل.

وفد من «الإدارة الذاتية» في اجتماع مع مسؤولين في الحكومة السورية عُقد بدمشق يونيو الماضي (مواقع التواصل)

أما الباحث والمدير التنفيذي في مركز الدراسات «جسور» وائل علوان فيرى أن تمديد مهلة الاتفاق 6 أشهر أخرى احتمال ممكن، لأن جميع الأطراف المحلية والخارجية «حريصة على ألا ينهار الاتفاق»، مشدداً على أنه «يجب أن يحافظ على الاتفاق ليكون مستنداً لحل هذه الأزمة»، مرجحاً تزايد الضغوط على «قسد» من قبل الأطراف الدولية، مثل واشنطن ذات التأثير الأكبر في هذا الملف، وفرنسا أيضاً، لمنع «قسد» من فرصة الإخلال بالاتفاق المؤدي إلى انهياره.

ولفت علوان إلى احتمال ممارسة الحكومة السورية ضغوطاً «ميدانية» من خلال التواصل مع المكونات الاجتماعية في الجزيرة السورية. وفي حال تمديد المهلة، توقع علوان «زيادة الضغوطات، نسبياً»، ورأى أن «قسد» ليست في «طور الذهاب إلى اندماج حقيقي مع الحكومة السورية، وعلى الأرجح ستقدم بعض التنازلات والاستجابة المحدودة». لكن بعد 6 أشهر ستكون هناك «ضغوط أكبر من الأطراف المؤثرة، مع تجنب الوصول إلى حرب عسكرية مفتوحة».

الشرع مصافحاً عبدي عقب توقيع اتفاق دمج «قسد» في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

ورغم خطورة التصعيد الأخير في مدينة حلب، يعتبر الباحث المتخصص بالشؤون الكردية خورشيد دلي أنها عمليات «محدودة» وستكون في النهاية محكومة بتفاهمات والعودة من جديد إلى اتفاق 10 مارس (آذار)، الذي «بات ممراً إجبارياً لتحقيق تفاهمات على شكل الحكم في سوريا»، مشيراً إلى «المغالطة الجارية بخصوص موعد تنفيذ الاتفاق؛ إذ إن البند الثامن يشير إلى أن «اللجان ستسعى إلى تنفيذ بنود الاتفاق بحلول نهاية العام»، وليست هناك أي إشارة إلى أنه موعد نهائي ومن بعده ينتهي الاتفاق».

واستبعد دلي حصول مواجهة كبرى بين الطرفين، في ظل وجود قوات التحالف الدولي شرقي الفرات؛ حيث القواعد والمقار الأميركية، ومن جانب آخر، ستكون الحرب مدمرة للطرفين ولما تبقى من سوريا. لكن ذلك لا يعني عدم حصول مواجهات محدودة في مناطق التماس في حلب وريفها الشرقي ودير الزور.

وفي ضوء تبادل «قسد» ووزارة الدفاع السورية الخطط بشأن كيفية دمج قوات «قسد» والأسايش (قوات الأمن الداخلي) وكذلك المفاوضات غير المعلنة بين الجانبين، اعتبر الباحث دلي أن الأمور تبدو متجهة نحو «انفراجة»، أولاً لأن فيها مصلحة للطرفين ولسوريا عموماً، وثانياً لوجود «تفاهم عام» بين الطرفين على تجنب الصدام العسكري. وثالثاً لأن الدور الأميركي يقوم بتدوير الزوايا والخلافات. ورأى أن هذه الانفراجة «ستشكل مدخلاً لتعزيز الثقة بين الطرفين، بعد أن تأثرت بأحداث السويداء ومن قبل الساحل، دون أن يعني ما سبق التقليل من حجم الخلافات والاختلافات».

صورة نشرتها وزارة الداخلية للنزوح في حلب بعد الاشتباكات الأخيرة بين «قسد» والقوات السورية

احتمال توسع المواجهات بين «قسد» والحكومة السورية يستند، بحسب الكاتب والباحث السياسي ماهر التمران، إلى أن «المعطيات على الأرض لا توحي بوجود حشود عسكرية واسعة أو استعدادات ميدانية جدية من الطرفين، ويشدد على أن البيئة الإقليمية والدولية، وهي العامل الأكثر تأثيراً، لا تشجع على فتح جبهة جديدة في شمال سوريا وشرقها، خاصة في ظل حادثة تدمر وعودة نشاط تنظيم «داعش» في البادية، «ما يرفع منسوب القلق الأمني ويزيد الحاجة إلى تجنب أي فراغ أو انفلات قد يخلّ بتوازن هش قائم».

ورأى أن «خيار تمديد المهلة وإدارة الأزمة السيناريو الأكثر ترجيحاً». فمنذ توقيع الاتفاق، بقي إطاراً عاماً يفتقر إلى آليات تنفيذ واضحة وجداول زمنية ملزمة، ما جعل التعثر شبه حتمي.

وحسب المعطيات المتوفرة، يقول التمران إن المباحثات الجارية تتركز حصرياً على الجوانب العسكرية والأمنية كأولوية لدى الطرفين، باعتبارها مدخلاً لبناء الثقة وضبط التوازن الميداني قبل الانتقال إلى القضايا السياسية والإدارية الأكثر تعقيداً.

كما يشير مقترح الفرق العسكرية الثلاث إلى محاولة حكومية للبحث عن «صيغة وسطية تُبقي لـ(قسد) حضوراً عسكرياً منظماً في منطقة الجزيرة، مقابل تثبيت وجود رسمي للدولة ضمن الهيكل العسكري، بما قد يمهّد لاحقاً لإعادة ترتيب العلاقة بين الطرفين».

واعتبر ماهر التمران أن المرحلة المقبلة تبدو أقرب إلى مرحلة «إدارة وقت» منها إلى مرحلة حسم، ويُرجّح اللجوء إلى تمديد غير معلن أو إعادة صياغة للجدول الزمني للمفاوضات، بانتظار ظروف سياسية أكثر ملاءمة.

غير أن استمرار هذا النهج دون معالجة جذور الخلاف، بحسب رأيه، يحمل في طياته مخاطر تراكم الإحباط الشعبي، خاصة في المناطق المتأثرة مباشرة بغياب الحل، ما قد يمهّد لاحقاً لسيناريوهات أكثر تعقيداً إذا لم تُتخذ خطوات سياسية حقيقية تتجاوز المقاربة الأمنية وحدها.