سؤال حيّر أجيالاً من ربات المنازل عبر الزمن؛ استحوذ على اهتمامهن وشكّل أحد همومهن اليومية. «شو بطبخ بكرا؟»... كان ولا يزال السؤال الذي تطرحه ربة المنزل على أفراد عائلتها. بذلك ربما يساعدونها في عملية البحث هذه، التي ترافقها على مدار أيام السنة.
وعادة ما تطرح الأم هذا السؤال على أولادها، وهم أول من تتنبه إلى إرضاء أذواقهم، فتحاول عبر طرح السؤال عليهم التقليل من إمكانية ممارسة عادتهم المشهورة بطلب الطعام «الديلفري».
الرزنامة السنوية وجدت الحل
في الماضي القريب اتبعت دور نشر الرزنامات السنوية قاعدة تفيد النساء في هذا الموضوع، فكانت أوراقها على مدى أيام السنة تطبع على ناحيتين («القفا» والوجه). تحمل كل ورقة تاريخ اليوم والشهر والسنة من ناحية؛ ومن الجهة الثانية أسماء أطباق لكل يوم. فكان يحضر فيها الطبق الأساسي والسلطة وطبق الحلويات، فتكتمل مكونات المائدة العائلية يومياً، وتوفر على سيدة البيت إضاعة الوقت في البحث عن الأطعمة المناسبة.
وفي الأحياء الشعبية وبين جيران الحي الواحد الذين يزور بعضهم بعضاً في الصبحيات والعصريات كانت النساء يتبادلن هذا السؤال... فمع فكرة من هنا، وطبق من هناك، تأخذ في التجهيز لمائدة كل يوم، فتستعير السيدة أفكار جارتها أو والدتها أو حماتها.
وبعض ربات المنازل، وتوفيراً للوقت ولخيبات الأمل من قبل الزوج والأولاد في عدم استساغتهم هذا الطبق أو ذاك، يركنّ إلى وضع لائحة طعام لأيام الأسبوع بأكمله. وبعد مناقشات مع أفراد العائلة يلغين بعضها أو يضفن عليها، فيكون الجميع مسروراً، ويعرفون سلفاً ما ينتظرهم من طعام.
الـ«سوشيال ميديا» والأفكار الكثيفة
راهناً؛ يَركَنُ بعض ربات المنازل من الأجيال الشابة إلى وسائل التواصل الاجتماعي لإيجاد جواب عن سؤالهن الأزلي هذا. فتفلفش الصفحات الإلكترونية الخاصة بالطبخ والطهاة المعروفين، تدون وصفة الشيف أو «بلوغر الطعام» بحذافيرها وتنقلها إلى صحون مائدتها. أحياناً تكون هذه الوصفات كلاسيكية نابعة من الطعام المحلي المعروف، وأحياناً أخرى تذهب بعيداً معها إلى مطابخ غربية إيطالية أو فرنسية... وغيرها، فتجد الوصفات التي توفر لها تحضير أطباق خارجة عن المألوف تستكشف طعمها مع أفراد عائلتها.
شاشات التلفزة والفضائيات العربية تسهم، هي الأخرى، في حل مشكلة الأمهات، فتخصص يومياً برامج طبخ يقدمها طاهٍ معروف على الهواء مباشرة.
وعادة ما تقدم هذه الفقرة صباحاً أو ظهراً، كي يتوفر لربة المنزل الوقت الكافي لشراء مكونات الطعام الخاصة بالطبق النجم.
لانا ياسين... ديزاينر وجدت الحل
الصفحات الإلكترونية الخاصة بالطعام وأنواع الأكل تعدّ ولا تحصى على مواقع إلكترونية مثل «إنستغرام» و«فيسبوك». فهي صارت «ترينداً» معتمداً من قبل ربات منازل أو رجال مختصين في فن الطهي.
ولكن لانا ياسين دخلت هذا المجال من باب آخر لترد على سؤال لطالما سمعته من والدتها: «شو بطبخ بكرا؟»، فابتكرت 49 بطاقة تشبه ورق اللعب، وكتبت على كل منها الطبق المنتظر.
وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «تركت بين هذه الأوراق اثنتين منها (جوكر)، بحيث يمكن لربة المنزل الاستعانة بطعام الديلفري. وهناك 5 أخرى خصصتها للأطباق الخاصة، من ابتكارها أو المفضلة لدى أفراد عائلتها». وتقول لانا إن هذه الفكرة ابتكرتها من سؤال يومي تطرحه عليها والدتها وهما يرتشفان فنجان القهوة الصباحي... «لقد حفظت هذا السؤال: (شو بطبخ اليوم؟) أو (شو بطبخ بكرا؟) منذ نعومة أظافري. فكان بمثابة التقليد اليومي الذي لا تنسى أمي طرحه علينا».
ولأنها تعمل في مجال التصميم الغرافيكي، فقد أرفقت لانا هذا الابتكار برسوم تزين اسم الطبخة. «رحت أضيف الألوان والرسوم على كل ورقة كي أزيدها وهجاً. وتلاقي هذه الفكرة رواجاً كبيراً في لبنان وخارجه. فيختارها الناس هديةً يحملونها معهم لشقيقة أو صديقة أو والدة مهاجرة. وأحد أصدقائي أرسل لي صورة فوتوغرافية عن مدى فرحة والدته بهذه الأوراق. فهو قدمها لها هدية في مناسبة عيد الأم اشتراها (أون لاين)».
ومن أسماء الأطباق التي توردها لانا على هذه الأوراق الـ49 «اللوبية بالزيت» و«الملوخية» و«الصيادية» و«كبة بالصينية». كما أدرجت أكلات أخرى مشهورة في لبنان والعالمين العربي والغربي... «كان عليّ أن ألون هذه الأطباق بتلك المشهورة في بلادنا وقد استقدمناها من بلاد الغرب، مثل (الباستا) والـ(لازانيا) والـ(اسكالوب)... وغيرها. وقريباً أفكر في إطلاق مجموعة أوراق أخرى تحت عنوان (شو طابخين اليوم؟) تعلق على باب الثلاجة وتمد ربة المنزل بأفكار منوعة».