حرب لبنان اقتربت... وتوقيتها رهن نتائج غزّة

على وقع التهديدات الإسرائيلية... ورغم تردّد إيران

جولة من القصف على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)
جولة من القصف على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)
TT

حرب لبنان اقتربت... وتوقيتها رهن نتائج غزّة

جولة من القصف على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)
جولة من القصف على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية (رويترز)

دخلت إسرائيل و«حزب الله» اللبناني في وضع اشتباك يومي مستمر، هو الأول من نوعه منذ انتهاء حرب يوليو (تموز) 2006. وعلى الرغم من هذا الوضع، لم تؤدِ الاختراقات التي تحصل - حتى الساعة - إلى مواجهة شاملة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. ويرى المتابعون والمحللون أن اشتعال الجبهة يبقى رهن تطوّرات معركة غزّة والنتائج التي ستخلص إليها. وحالياً، تتقاطع تقديرات على أن «سيناريو الحرب مع لبنان ما زال قائماً، بل ارتفعت حظوظه بعدما أعادت إسرائيل النظر في سياستها الدفاعية إثر عملية (طوفان الأقصى)، ورفضها العودة لإدارة الصراع وفق المعادلة التي كانت معتمدة قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».

تخطّت إسرائيل خلال الأيام الماضية «الخطوط الحمراء» التي رسمها الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، وحذّر من أن تجاوزها سيشعل الجبهة على نطاق واسع، وأهمها تنفيذ عمليات خارج «قواعد الاشتباك» واستهداف مدنيين لبنانيين، والتقدّم العسكري في غزّة.

غير أن نصر الله لم ينفّذ تهديداته رغم الأثمان الباهظة وخسارته 75 من مقاتليه في الجنوب. وفي هذا الإطار، ثمة مَن يرى وجود عوامل تضغط على «حزب الله» كي لا يذهب بعيداً، منها أن إيران – كما يبدو – لا تريد فتح جبهة جديدة، قبل أن تتوضّح صورة الحرب في غزّة.

وهنا يرى النائب السابق علي درويش، المقرّب من رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، أن «اللقاءات والاتصالات التي أجراها رئيس الحكومة ميقاتي قبل القمّة العربية وخلالها حصّنت لبنان نسبياً من الانزلاق إلى الحرب، لكن لا ضمانات ثابتة لتحاشي الوقوع في المحظور».

ويؤكد درويش لـ«الشرق الأوسط»، في لقاء معه، أن رئيس الحكومة «ناقش خلال اللقاءات التي عقدها أخيراً مع قادة عرب ومسؤولين دوليين موقف لبنان الرسمي والشعبي، وأبلغ الجميع أنه لا مصلحة لأحد بتوسيع رقعة الصراع، لأن نتائجه ستكون كارثية على المنطقة، لكن ذلك لن يمنع لبنان من الدفاع عن نفسه بوجه الاعتداءات الإسرائيلية». وأشار، من ثم، إلى أن «الدول المعنية بما يحصل بدت متفهمة للموقف اللبناني، ولمطالبة الرئيس ميقاتي بلجم التهور الإسرائيلي... لكنها لم تقدم ضمانات دائمة».

ضربة استباقية

من ناحية ثانية، صحيح أن الخطابين، اللذين ألقاهما الأمين العام لـ«حزب الله» خلال الأسبوعين الماضيين، اتسما بنبرة هادئة، غير أنّهما لم يبددا القلق من إمكانية استمرار التصعيد في الجنوب، بما ينذر بتدحرج الأمور. ولا يستبعد الدكتور سامي نادر، مدير «مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية» في بيروت، احتمال نشوب الحرب مع لبنان نتيجة الغليان العربي بسبب الكارثة الإنسانية التي تشهدها غزّة وارتفاع عدد الضحايا. ويوضح نادر لـ«الشرق الأوسط» أن «المقلق بالنسبة لنا يكمن في إعادة تقويم إسرائيل للموضوع الأمني والهلع الذي يعيشه سكان المستوطنات الشمالية والتأثيرات النفسية لعملية (طوفان الأقصى) عليهم، وكيف يتخيّل هؤلاء أن (حزب الله) سيدخل مناطقهم كما حصل في مستوطنات غلاف غزّة». وأردف نادر أن إسرائيل «دخلت مرحلة إعادة النظر بكل سياستها الدفاعية وعقيدتها الأمنية»، متوقفاً عند ما سرّب عن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من «احتمال توجيه ضربة استباقية للبنان، غير أن التدخل الأميركي ما زال يلجم هذا الاحتمال حتى الآن».

المواجهة الكبرى

في هذه الأثناء، لا يكتفي المسؤولون الإسرائيليون بالتهديدات العسكرية، بل إنهم يمارسون حرباً نفسيّة ضدّ الشعب اللبناني. وبالفعل، تكاد لا تخلو تصريحات بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه ورئيس الأركان من التلويح بضرب البنى التحتية اللبنانية وقصف العاصمة بيروت، إذا ما نفّذ «حزب الله» وعده بضرب تلّ أبيب ومواقع استراتيجية في العمق الإسرائيلي. وحول هذا الأمر، قال الدكتور رياض قهوجي، مدير «مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري» في حوار مع «الشرق الأوسط» شارحاً أن «فرضية اندلاع الحرب بين لبنان وإسرائيل ما زالت قوية جداً وقابلة للاشتعال بأي لحظة».

ويتابع قهوجي مشدداً على أنه «طالما هناك قصف يومي على الحدود بين لبنان وإسرائيل، فإن احتمال وقوع الخطأ الذي يؤدي إلى الانزلاق نحو الحرب ومواجهة كبرى يبقى قائماً». ثم يستطرد: «لا يمكن أن تكون هناك عمليات قصف يومية ونتوقع أن تبقى الأمور تحت السيطرة».

وفق رأي قهوجي، فإن «(حزب الله)، ومثله إسرائيل، خرقا قواعد الاشتباك التي كانت سائدة منذ انتهاء حرب يوليو (تموز) 2006... وهذا يحصل عندما يجد أحدهما نفسه متألماً من ضربات العدو». كذلك لفت إلى أن «(حزب الله) وجّه ضربات قاسية لإسرائيل باستهدافه مواقعها المكشوفة، من واقع قدرته على مراقبة تحركات الجنود الإسرائيليين، وقتل عدد منهم، وهذا أمر موجع للإسرائيلي».

تثبت موازين القوى

في أي حال، «لن تكون مرحلة ما بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 كما قبلها»، على حدّ تعبير بعض المتابعين لتطورات الحرب على جبهتي عزّة ولبنان. إذ إن الجيش الإسرائيلي، الذي تلقى الضربة الأقوى منذ تأسيسه، سيسعى إلى استعادة صورته التي تهشّمت أمام مجتمعه. وضمن هذا الإطار يشدد الدكتور سامي نادر على أن «ثمّة قناعة لدى القيادتين السياسية والعسكرية في تلّ أبيب، بأنه لا يمكن العودة لإدارة الصراع كما كان في السابق، وهذا يضع على الطاولة إعادة حسم الملفات الأمنية بالقوة... من هنا يأتي تحذير الداخلي والخارجي لـ(حزب الله) بعدم الوقوع في الفخّ الإسرائيلي».

ثم يلفت نادر إلى أن إيران «ليست لها مصلحة بالانخراط في الحرب، لأنها تجد نفسها الآن رابحة بالنقاط، وهي تسعى الآن لوقف إطلاق النار وتثبيت موازين القوى التي كانت سائدة قبل 7 أكتوبر الماضي».

وفي حين تكثر الأسئلة عمّا ستقدم عليه إيران في حال نجحت إسرائيل في القضاء على حركة «حماس» في غزّة، وما إذا كانت ستستخدم جبهة لبنان عبر تدخّل واسع من قبل «حزب الله»، يعتقد الدكتور نادر أن إيران «غير مستعدّة للتضحية بـ(حزب الله) حتى لو خسرت (حماس) الحرب». إلا أنه استدرك قائلاً: «قد تضحّي إيران بالحزب في حالة واحدة، هي إذا أضحت طهران نفسها تحت النيران، وذهب (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو بعيداً باتجاه توجيه ضربات عسكرية قوية داخل إيران... ولكن حتى الآن لا يزال الرئيس الأميركي جو بايدن يلجم هذه الاندفاعة الإسرائيلية».

القوّة المُفرطة

على صعيد موازٍ، تدرك إسرائيل أن الحرب على الجبهة الشمالية ليست نزهة، وكلفتها ستكون مضاعفة مقارنة مع معركتها في غزّة، إلّا أن الإسرائيليين ربما يتقبّلون دفع الأثمان بدل البقاء في قلقٍ دائم. وهذا بالذات ما تطرقت إليه تقارير ودراسات أعدّها صنّاع القرار في تلّ أبيب.

وفي هذا الصدد، يلاحظ الدكتور رياض قهوجي أن «الجيش الإسرائيلي يسعى لاستعادة هيبته بعد عملية (طوفان الأقصى)، ويلجأ إلى الإفراط باستخدام العنف والمبالغة بالردّ وارتكاب المجازر بحق المدنيين في غزّة، لكن مشكلته الكبرى تبقى على الحدود الشمالية، إذ إنه لم يستطع حتى الآن التعامل معها... وهذه المخاوف تتزايد لدى سكان المستوطنات الشمالية، الذين يرفضون العودة إليها طالما أن خطر (حزب الله) ما زال موجوداً». وهنا يشدّد قهوجي على أن «هذه المخاوف بدأت تدفع بالإسرائيليين إلى المطالبة بإنهاء وجود الحزب كشرط أساسي لعودتهم إلى هذه المستوطنات».

السيناريو الأسوأ

وما يستحق الإشارة هنا، أنه منذ بدء عملية «طوفان الأقصى»، أخلى الجيش الإسرائيلي أكثر من 10 آلاف إسرائيلي من المستوطنات الواقعة بالقرب من غلاف غزّة إلى مدينة إيلات المطلة على البحر الأحمر جنوب إسرائيل، وأيضاً أخلى 60 ألف مستوطن من المجمعات القريبة من الحدود مع لبنان إلى الداخل الإسرائيلي.

وحسب رأي قهوجي، فإن «قلق المستوطنين من العودة إلى مناطقهم في الشمال قد يدفع إسرائيل للقيام بعمل عسكري كبير مع (حزب الله)، فور انتهاء المعركة في غزة»، محذراً من أنه «قد نجد أنفسنا أمام هذا السيناريو عندما تشعر إسرائيل أنها باتت تسيطر على الوضع في غزة».

الحرب المدمّرة

أيضاً حول الوضع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، خلال جولته الأخيرة على الجبهة الشمالية مع لبنان، من أن «(حزب الله) يقترب من ارتكاب خطأ كبير، سيؤدي إلى تحويل بيروت إلى غزة ثانية». وتابع غالانت: «أقول لمواطني لبنان إن (حزب الله) يجرّ لبنان إلى حرب قد تندلع، وهو يرتكب الأخطاء... وإذا ارتكب هذه الأخطاء هنا فمن سيدفع الثمن، أولاً هم مواطنو لبنان، وما نقوم به في غزة نعرف كيف نكرره في بيروت». ثم تابع مهدّداً أن الطيارين الإسرائيليين «يجلسون داخل قمرات الطائرات المتأهبة للتوجه شمالاً، ولدينا كل ما يلزم لنفعل نفس ما نقوم به في الجنوب».

صحيح أن تهديدات غالانت هذه تأتي في سياق الحرب النفسية على الشعب اللبناني، بيد أنها قد تتحوّل إلى أمرٍ واقع، من هنا يجمع الخبراء العسكريون على أن الحرب المحتملة ستكون حرباً مدمّرة، بالنظر للسلاح المتطور الذي سيستخدمه الجانبان، أي إسرائيل و«حزب الله». ولذا ينبّه قهوجي إلى أن «(حزب الله) سيستخدم كل الأسلحة الاستراتيجية المتوافرة لديه من صواريخ دقيقة ومسيرات ومدافع، وربما سلاح دفاع جوّي». ويلفت إلى أن «إسرائيل ستلجأ إلى كثافة القصف الجوي والأحزمة النارية كالتي تستخدمها في غزة، بالإضافة إلى تدمير المجمعات السكنية والمباني وضرب البنى التحتية اللبنانية وارتكاب المجازر، واستخدام سياسة الأرض المحروقة».

عنصر المفاجأة

هذه الصورة السوداوية ترتسم في أذهان اللبنانيين الذين يشاهدون على مدار الساعة مجازر غزّة ومعاناة أبنائها وتدمير المستشفيات والمدارس ودور العبادة، ولذلك تعلو الأصوات التي تحذر «حزب الله» من الاستدراج إلى حرب كارثية.

ومجدداً، ينبّه قهوجي إلى أن إسرائيل «ستستفيد من الانقسامات اللبنانية حول الحرب، لتعزّز الانشقاق الداخلي وتزيد الضغط على الحزب، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من الشعب اللبناني سيحمّله مسؤولية الانخراط في الحرب، وبالطبع، إسرائيل ستستغلّ ذلك، وتفاقم معاناة الشعب اللبناني».

تدرك إسرائيل أن الحرب على الجبهة الشمالية ليست نزهة وكلفتها ستكون مضاعفة مقارنة مع معركتها في غزّة

من جهة أخرى، يفترض مراقبو التطورات العمليات العسكرية على الجانبين اللبناني والإسرائيلي أن الدولة العبرية باتت أكثر جاهزية من أي وقت مضى لاحتمالات الحرب. ذلك أنها ما عادت تخشى عنصر المفاجأة الذي أنهكها في عملية «طوفان الأقصى»، بل تراقب أي تحرّك، ليس عند الخطّ الفاصل بينها وبين لبنان فقط، بل في القرى والبلدات اللبنانية القريبة من فلسطين المحتلّة. ولذا يذكّر قهوجي بأن «الجيش الإسرائيلي حشد أكثر من 200 ألف جندي على الجبهة مع لبنان، بالإضافة إلى إعلان تأهب كبير في سلاح الجوّ والقوة الصاروخية، أما السيناريو الأسوأ وفق التقديرات، فهو التوغّل الإسرائيلي في اجتياح برّي للبنان».

... والهجرة

أخيراً، تواجه الدولة العبرية راهناً معضلة هجرة الآلاف من أرضها إلى دولٍ أخرى. وتشير معلومات إلى أن أكثر من 230 ألف يهودي غادروا إسرائيل منذ عملية «طوفان الأقصى»، ويتوقع ارتفاع أعداد المغادرين مع استمرار الحرب على قطاع غزة، وتصاعد التوتر على الجبهة الشمالية مع لبنان، والمواجهات المتواصلة في الضفة الغربية المحتلة.

وهنا يقول قهوجي: «إذا وقعت الحرب، لا سمح الله، فإن إسرائيل أعلنت استعدادها للدخول براً». ويتوقع أن «تلجأ إلى خلق واقع جديد في منطقة جنوب نهر الليطاني، لتكون هذه الحرب أكثر شراسة ودموية من حرب 2006، ولا سيما أن الإسرائيلي سيعمل على إعادة المستوطنين إلى مناطقهم في الشمال، ويثبت لهم أنه قادر على حمايتهم، كما أنه سيحاول استعادة الثقة بقدرة الجيش على الردع وحماية المجتمع الإسرائيلي وتشجيع الذين هاجروا من إسرائيل للعودة إليها مجدداً».

 

الرئيس نجيب ميقاتي (رويترز)

خطّة الدولة للمواجهة... «حبرٌ على ورق»

> في موازاة الجهود التي يبذلها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لتجنيب لبنان خطر حرب إسرائيلية وتداعياتها المدمّرة، وضعت الوزارات والإدارات المتخصصّة موظفيها بجاهزية كاملة تحسباً لأي طارئ. إلا أن هذه الاستعدادات لا ترقى إلى مستوى الخطر الداهم، وتبقى من دون جدوى بغياب التجهيزات اللازمة.

وفي هذا الشأن، رأى رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان الوزير السابق محمد شقير خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن هذه التحضيرات «ما زالت حبراً على ورق... وإذا وقعت الحرب فليست لدينا ركيزة أساسية للوقوف عليها».

وأردف شقير أن «الناس ليست لديها الأموال لتكون قادرة على الصمود، كما أن التجار لا يملكون رأس المال الكافي لاستيراد البضائع والتخزين لفترة طويلة، ثم إن المواد المخزّنة في المستودعات لا تكفي لأكثر من شهر أو شهرين بأفضل الأحول، لكن الطامة الكبرى تكمن في شح المحروقات التي لا تكفي لأكثر من أسبوعين. وأعتقد أنه إذا فرض حصار بحري على لبنان فسنقع في الكارثة الكبرى، وعندها كلّ المصانع التي تحتاج إلى الفيول ستتوقف عن العمل».

وحقاً، الأضرار المتأتية عن انقطاع الفيول والمحروقات لا تقتصر على توقف المعامل والمصانع، بل ستعيق أيضاً حركة انتقال المواطنين بين المناطق، وستؤدي حتماً إلى انقطاع التيار الكهربائي. ويرى شقير - الذي شغل منصب وزير الاتصالات بين عامي 2018 و2019 - أن «الطامة الكبرى ستكون في انقطاع الاتصالات والعجز عن تشغيل مولدات الكهرباء في السنترالات الرئيسية ولدى شبكتي الهاتف الخلوي، ما قد يؤدي إلى عزل لبنان عن العالم».

الوزير السابق محمد شقير (الشرق الاوسط)

هذا، وتعقد الهيئات الاقتصادية راهناً اجتماعات أسبوعية بشكل منتظم لمواكبة التطورات والبحث في الخيارات المطروحة في ظلّ استقالة الدولة من مهمتها، أو إعلان عجزها عن التعاطي مع المستجدات لنقص الإمكانات المادية واللوجستية. ووفق شقير، فإن «الخطة التي وضعتها الدولة غير كافية للتعاطي مع الكارثة إذا وقعت، ويصعب تطبيقها في غياب التمويل. ثم إن أكثر من نصف سيارات الإسعاف التابعة للدفاع المدني وسيارات إطفاء الحرائق معطلة، والحكومة تقول إنها سترصد مبلغ 700 ألف دولار للدفاع المدني إذا وقعت الحرب، لكن المؤسف أن هذه الآليات تحتاج إلى ما بين شهر وشهرين لإصلاحها... فهل يعقل أن يرصد المبلغ عند وقوع الحرب؟».

ومن ثم يلفت الوزير السابق إلى أن «كل الآليات والمعدات العائدة للبلديات موضوعة خارج الخدمة، بينها بلدية بيروت التي تعدّ الكبرى والأكثر مسؤولية بين كل بلديات لبنان».

وإذا كان لبنان عاجزاً عن مواكبة الحرب، فكيف له أن يتعاطى مع نتائجها؟

هنا يذكر شقير أن «وضع لبنان في عام 2023 يختلف كلياً عما كان عليه في عام 2006، وبالتالي سيكون في أزمة كبيرة وغير محسوبة بعد الحرب». ويضيف أنه «خلال الحرب، قد تغلّب الدول الشقيقة والصديقة العامل الإنساني وتحاول مساعدة المدنيين عبر مؤسسات صحية ميدانية وأدوية وعلاجات للمرضى والمصابين، لكن السؤال الصعب، من سيعيد إعمار لبنان بعد الحرب؟... نحن الآن في وضع وظروف مختلفة عما كنّا عليه سابقاً».

 


مقالات ذات صلة

رؤساء لبنان تفرضهم المتغيّرات الإقليمية

حصاد الأسبوع  جوزيف عون ... رئيساً (رويترز)

رؤساء لبنان تفرضهم المتغيّرات الإقليمية

لم يكن انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية في لبنان بعد أكثر من سنتين على الشغور ليحصل راهناً لولا المتغيرات الكبرى التي شهدتها المنطقة منذ سبتمبر (أيلول)

بولا إسطيح (بيروت)
حصاد الأسبوع خلال فترة رئاسة ماهاما الأولى بين 2012 و2017 شهدت غانا تحوّلات مهمة كان أهمها بناء ديمقراطية أكثر حيوية ونشاطاً

جون ماهاما... «العائد» إلى الحكم في غانا يراوغ التحديات

في أسرة سياسية بغرب أفريقيا، تفتحت عيناه للمرة الأولى، وخبر السياسة منذ نعومة أظافره، وتعلّمها إبّان دراسته وعمله أستاذاً للتاريخ، لكن مسيرته تعرّضت لهزة في

محمد الريس (القاهرة)
حصاد الأسبوع جون أتا ميلز (رويترز)

غانا... نموذج «ديمقراطي استثنائي» في قلب أفريقيا المضطربة

على امتداد 6 عقود منذ الاستقلال، استطاعت غانا - التي عُرفت قديماً باسم «ساحل الذهب» - تخطي تحديات عدة، والتحوُّل إلى دولة أفريقية استثنائية انتقلت من قيود

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
حصاد الأسبوع الرئيس إيمانويل ماكرون (رويترز)

عهدة ماكرون الثانية على المحكّ

> مع تفاقم الأزمة السياسية التي تتخبط فيها فرنسا، يشتدّ الضغط على الرئيس إيمانويل ماكرون لدفعه إلى الاستقالة باعتباره المسؤول الأول عن هذه الوضعية بعد قراره

حصاد الأسبوع Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)

رؤساء لبنان تفرضهم المتغيّرات الإقليمية

 جوزيف عون ... رئيساً (رويترز)
جوزيف عون ... رئيساً (رويترز)
TT

رؤساء لبنان تفرضهم المتغيّرات الإقليمية

 جوزيف عون ... رئيساً (رويترز)
جوزيف عون ... رئيساً (رويترز)

لم يكن انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية في لبنان بعد أكثر من سنتين على الشغور ليحصل راهناً لولا المتغيرات الكبرى التي شهدتها المنطقة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي. إذ إن «الثنائي الشيعي»، المتمثل في حركة «أمل» و«حزب الله»، تمسّك بمرشحه رئيس تيار «المرَدة»، سليمان فرنجية، طوال الفترة الماضية، بينما امتنع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، وزعيم «أمل»، عن الدعوة لأي جلسة انتخاب لعام كامل رابطاً أي جلسة جديدة بحوار وتفاهم مسبق. غير أن الوضع تغيّر، عندما ترك «الثنائي» تشدده الرئاسي جانباً بعد الحرب القاسية التي شنتها إسرائيل على «حزب الله»، وأدت لتقليص قدراته العسكرية إلى حد كبير، كما حيدّت قادته الأساسيين وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصر الله. ثم أتى سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، الحليف الأساسي لـ«حزب الله» وإيران ليقطع «طريق طهران - بيروت» التي كانت الطريق الوحيدة لإمداد الحزب برّاً بالسلاح والعتاد، ليؤكد أن النفوذ الإيراني في المنطقة اندحر... ما اضطر حلفاء طهران في بيروت إلى إعادة حساباتهم السياسية. ولعل أول ما خلُصت إليه حساباتهم الجديدة، التعاون لانتخاب قائد الجيش، المدعوم دولياً، رئيساً للبلاد.

لدى مراجعة تاريخ لبنان المستقل، يتبيّن أن التدخل الخارجي في الانتخابات الرئاسية اللبنانية ليس أمراً طارئاً على الحياة السياسية في البلاد، بل هو طبع كل المسار التاريخي للاستحقاقات الرئاسية اللبنانية.

ويشير جورج غانم، الكاتب السياسي الذي واكب عن كثب الأحداث اللبنانية، إلى أن «الخارج، منذ أيام بشارة الخوري، الرئيس الأول بعد استقلال لبنان عام 1943، كانت له الكلمة الأساسية في اختيار الرؤساء في لبنان وفرضهم. ويضيف: «الانتخابات لا تحصل بتوافقات داخلية... بل يبصم مجلس النواب على قرارات خارجية».

ويشرح أن الخوري انتُخب في مرحلة كان فيها التنافس البريطاني الفرنسي في أوجه، وكان البريطانيون يحاولون جاهدين وضع حد لنفوذ باريس في المشرق. ولذا، تعاونوا مع «الكتلة الوطنية» في سوريا والحكم الهاشمي في العراق والحكم في مصر ومع «الكتلة الدستورية» في لبنان، عندما كانت المنافسة على الرئاسة الأولى محتدمة بين إميل إده المدعوم فرنسياً، وبشارة الخوري المدعوم بريطانياً ومن حلفائهم العرب، وبما أن فرنسا كانت دولة محتلة وخسرت الحرب، نجح المرشح الرئاسي اللبناني الذي يريده البريطانيون الذين سيطروا يومذاك على منطقة الشرق الأوسط.

انتخاب كميل شمعون

ويلفت غانم، الذي حاورته «الشرق الأوسط»، إلى أنه بعد هزيمة الجيوش العربية في «حرب فلسطين» عام 1948، برز تنافس أميركي - بريطاني للسيطرة على المنطقة، فبدأت تسقط أنظمة سواء في مصر أو سوريا، وتبلور محور مصري - سعودي في وجه محور أردني - عراقي مدعوم بريطانياً. وفي ظل الاضطرابات التي كانت تشهدها المنطقة وإصرار الخوري على الحياد في التعامل مع سياسة الأحلاف، سقط الخوري، وانتُخب كميل شمعون بدعم بريطاني - عربي، وتحديداً أردني - عراقي. ومن ثَمَّ، إثر انكفاء بريطانيا بعد «حرب السويس» عام 1956، دخلت الولايات المتحدة في منافسة شرسة مع الاتحاد السوفياتي. وفي تلك الفترة كانت الموجة الناصرية كاسحة ما جعل شمعون يواجه بثورة كبيرة انتهت بتفاهم مصري - أميركي على انتخاب قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب رئيساً.

من فؤاد شهاب... إلى سليمان فرنجية

الواقع أن شهاب انتُخب عام 1958 بتوافق مصري - أميركي نشأ بعد انكفاء البريطانيين ونضوج التنافس الأميركي - السوفياتي وصولاً إلى عام 1964. عند هذه المحطة حين انتُخب شارل حلو، المحسوب أساساً على «الشهابيين»، رئيساً، في المناخ نفسه، ولكن هذه المرة برضىً فاتيكاني - فرنسي مع نفوذ مستمر أميركي - مصري.

ويضيف غانم: «بعد حرب 1967 انكفأت (الناصرية) وضعُفت (الشهابية) وانتشر العمل الفدائي الفلسطيني... وتلقائياً قوِيَ الحلف المسيحي في لبنان المدعوم غربياً، وفي ظل حضور فاقع لإسرائيل في المنطقة. وبعد اكتساح «الحلف الثلاثي» الماروني اليميني السواد الأعظم من المناطق المسيحية في الانتخابات، جاء انتخاب سليمان فرنجية عام 1970، بفارق صوت واحد، تعبيراً عن هذا المناخ وعن ميزان القوى الجديد في المنطقة».

الاجتياح الإسرائيلي و«اتفاق 71 أيار

ويتابع جورج غانم سرده ليقول: «انتخاب إلياس سركيس رئيساً عام 1976 جاء بتفاهم سوري - أميركي حين كان النفوذ والدور السوريين يومذاك في أوجه... وقد دخلت حينها قوات الردع السورية والعربية إلى لبنان». أما انتخاب بشير الجميل عام 1982 فأتى بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان وفي ظل دعم أميركي وأطلسي مطلق. وانسحب هذا المناخ على انتخاب أمين الجميل مع فارق وحيد هو أن المسلمين المعتدلين في لبنان الذين لم يؤيدوا بشير، أيدوا انتخاب شقيقه أمين.

لاحقاً، عام 1984، حصلت «انتفاضة 6 شباط» الإسلامية، فتراجعت إسرائيل وألغي «اتفاق 17 أيار» الذي فرضته تل أبيب بالقوة. وهكذا، بحلول عام 1988 لم يكن ميزان القوى المرتبك يسمح بانتخاب رئيس للبنان، فكانت النتيجة الشغور الرئاسي الذي استمر لمدة سنتين تخللتهما «حرب التحرير» والحرب بين الجيش و«القوات اللبنانية»... وانتهى بتوقيع «اتفاق الوفاق الوطني في الطائف» عام 1989، وهو اتفاق عربي - دولي أنتج انتخاب رينيه معوض، ثم مباشرة بعد اغتياله، انتخاب إلياس الهراوي. وظل لبنان يعيش في ظل هيمنة سورية، شهدت انتخاب العماد إميل لحود عام 1998 وتمديد ولايته حتى عام 2007.

ميشال سليمان وميشال عون

ويتابع جورج غانم السرد فيشير إلى أنه «في عام 2004، وبعد اجتياح العراق قامت معادلة جديدة في المنطقة، فتمدّدت إيران إلى العراق وازداد نفوذ (حزب الله) في لبنان، وخصوصاً بعد انسحاب الجيش السوري عام 2005»، في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. ومع انتهاء ولاية إميل لحود الثانية، لم يتمكن اللبنانيون من انتخاب رئيس حتى عام 2008 حين كان هناك صعود قطري - تركي في المنطقة. وهكذا، جاء «اتفاق الدوحة» الذي أوصل العماد ميشال سليمان إلى سدة الرئاسة بموافقة سعودية - مصرية بعد «أحداث 7 مايو/ أيار» التي كرّست نفوذ «حزب الله».

وأردف: «لكن اتفاق الدوحة سقط عام 2011 بعدما اندلعت الأزمة السورية، فضرب الشلل عهد الرئيس سليمان، وقد سلّم قصر بعبدا للفراغ عام 2014. وفي ظل التوازن السلبي الذي كان قائماً حينذاك، عاش لبنان فراغاً رئاسياً ثانياً طال لسنتين ونصف السنة في أعقاب تمسك (حزب الله) بمرشحه العماد ميشال عون. ولم تتغير التوازنات إلا بعد وصول الجيش الروسي إلى سوريا عام 2015، و(تفاهم معراب) بين عون ورئيس حزب (القوات اللبنانية) سمير جعجع، وأيضاً تفاهم عون مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. وكانت هذه التفاهمات قد تزامنت مع حياد أميركي بعد التوصل إلى الاتفاق النووي مع إيران وعشية انتهاء ولاية الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما... ما أدى إلى انتخاب عون رئيساً عام 2016».

غانم يلفت هنا إلى أنه «مع انطلاق عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بدأ التشدد تجاه إيران والتصعيد ضد (حزب الله)، ولذا بدأ عهد عون يخبو... حتى بدأ يحتضر مع أحداث 17 أكتوبر 2019». ثم يضيف: «ومع انتهاء ولاية عون ترسّخ توازن سلبي بين (حزب الله) وحلفائه من جهة، والقوى المناوئة له من جهة أخرى، الأمر الذي منع انتخاب رئيس خلال العامين الماضيين. لكن هذا التوازن انكسر بالأمس لصالح خصوم إيران السياسيين، وهكذا أمكن انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً جديداً للبلاد».

جوزيف عون

البرلمان اللبناني انتخب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً في التاسع من يناير (كانون الثاني) الحالي بـ99 صوتاً من أصل 128 بعد سنتين وشهرين وعشرة أيام من الفراغ الرئاسي. وحمل «خطاب القسم» الذي ألقاه الرئيس المنتخب عون مضامين لافتة، أبرزها: تأكيده «التزام لبنان الحياد الإيجابي»، وتجاهله عبارة «المقاومة»، خلافاً للخطابات التي طبعت العهود السابقة. كذلك كان لافتاً تأكيده العمل على «تثبيت حق الدولة في احتكار حمل السلاح». ولقد تعهد عون الذي لاقى انتخابه ترحيباً دولياً وعربياً، أن تبدأ مع انتخابه «مرحلة جديدة من تاريخ لبنان»، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للبنان.

خشّان: كل رؤساء لبنان يأتون بقرار خارجي ويكتفي البرلمان بالتصديق عليهم

دولة ناعمة

الدكتور هلال خشّان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، رأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه ليس خافياً على أحد أن «كل الرؤساء في لبنان يأتون بقرار خارجي، ويكتفي البرلمان اللبناني بالتصديق على هذا القرار بعملية انتخابهم»، ويضيف أن «لبنان عبارة عن دولة ناعمة تعتمد على الخارج، وهي مكوّنة من مجموعة طوائف تحتمي بدول عربية وغربية».

وتابع خشّان أن «مفهوم الدولة ركيك وضعيف في لبنان، والقسم الأكبر من اللبنانيين لا يشعرون بالانتماء للبلد. والمستغرب هنا انتخاب رئيس من دون تدخلات خارجية وليس العكس... لأنه واقع قائم منذ الاستقلال». ويشرح: «فرنسا كانت للموازنة الأم الحنون، والسُّنّة كانوا يرون مرجعيتهم جمال عبد الناصر ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومن ثم المملكة العربية السعودية. أما الشيعة فمرجعيتهم الأساسية إيران».

هزيمة «حزب الله»

وفق خشّان، «هزيمة (حزب الله) العسكرية نتج عنها هزيمة سياسية، وخصوصاً بعد سقوط نظام الأسد وفصل لبنان عن إيران جغرافياً، أضف إلى ذلك أن الحزب يتوق إلى إعادة إعمار مناطقه المدمّرة، ويدرك أنه لا يستطيع ذلك دون مساعدة خارجية... لقد استدارت البوصلة اللبنانية 180 درجة نحو أميركا ودول الخليج، كما سيكون هناك دور أساسي تلعبه سوريا، تحت قيادتها الجديدة، في المرحلة المقبلة».

وهنا تجدر الإشارة، إلى أن لبنان شهد منذ 17 سبتمبر (أيلول) الماضي تطوّرات وأحداثاً استثنائية قلبت المشهد فيه رأساً على عقب. وبدأ كل شيء حين فجّرت إسرائيل أجهزة «البيجر» بعناصر وقياديي «حزب الله» ما أدى إلى قتل وإصابة المئات منهم. ثم عادت وفجّرت أجهزة اللاسلكي في اليوم التالي ممهِّدة لحربها الواسعة. ويوم 23 سبتمبر باشرت إسرائيل حملة جوية واسعة على جنوب لبنان، تزامنت مع سلسلة عمليات اغتيال خلال الأيام التي تلت وطالت قياديي ومسؤولي «حزب الله» وتركزت في الضاحية الجنوبية لبيروت. وبدأت الاغتيالات الأكبر في 27 سبتمبر مع اغتيال حسن نصر الله، أمين عام «حزب الله»، وتلاه اغتيال رئيس المجلس التنفيذي للحزب، هاشم صفي الدين، في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. كما أنه في يوم 1 أكتوبر بدأت تل أبيب عملياتها العسكرية البرّية جنوباً قبل أن تطلق يوم 30 من الشهر نفسه حملة جوية مكثفة على منطقة البقاع (شرقي لبنان).

وتواصلت الحرب التدميرية على لبنان نحو 65 يوماً، وانتهت بالإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ولقد سمح هذا الاتفاق للجيش الإسرائيلي بمواصلة احتلال قرى وبلدات لبنانية حدودية على أن ينسحب منها مع انتهاء مهلة 60 يوماً.

ولكن، خارج لبنان، تواصلت الصفعات التي تلقاها المحور الذي تقوده إيران مع بدء فصائل المعارضة السورية هجوماً من إدلب فحلب في 28 أكتوبر انتهى في ديسمبر (كانون الأول) بإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وعلى الرغم من إعلان أمين عام «حزب الله» الحالي، الشيخ نعيم قاسم، أن حزبه سيساند النظام في سوريا، فإنه صُدم بسرعة انهيار دفاعات الجيش السوري، ما أدى إلى سحب عناصره مباشرة إلى الداخل اللبناني، وترك كل القواعد التي كانت له منذ انخراطه في الحرب السورية في عام 2012.

وأخيراً، في منتصف ديسمبر، أعلن قاسم صراحة أن «حزب الله» فقد طرق الإمداد الخاصة به في سوريا... أي آخر انقطاع طريق بيروت - دمشق.