الصحافة الأميركية: «النيران الصديقة» تقتل المدنيين في قندوز الأفغانية

الصحف الأوروبية: التركيز على التدخل الروسي في الأزمة السورية.. وترشيح ميركل لجائزة نوبل بسبب موقفها من طالبي اللجوء

الصحافة الأميركية: «النيران الصديقة» تقتل المدنيين في قندوز الأفغانية
TT

الصحافة الأميركية: «النيران الصديقة» تقتل المدنيين في قندوز الأفغانية

الصحافة الأميركية: «النيران الصديقة» تقتل المدنيين في قندوز الأفغانية

نبدأ بالصحافة البريطانية وبالتحديد من صحيفة «الغارديان» التي نشرت تقريرًا من سوريا عن المناطق التي تتعرض للغارات الجوية الروسية. ويصف التقرير مشاعر الناس في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، وهم يتعرضون للغارات الجوية الروسية، فيقول إن «الذين كانت ترعبهم البراميل المتفجرة لطائرات النظام السوري، أصبحوا اليوم هدفًا لقنابل روسية أكثر دقة وأكثر فتكًا». وتذكر الصحيفة أن «الغارات الروسية على إدلب وحماة استهدفت مواقع تابعة للتحالف، ولمقاتلين من المعارضة المعتدلة».
ونشرت «الغارديان» مقالاً تشرح فيه تبعات التدخل العسكري الروسي في سوريا، وحسابات الربح والخسارة فيه. وتقول «الغارديان» إن «إرسال قوات عسكرية إلى بلد في حرب أهلية من أجل دعم الحاكم الديكتاتور فيها، غالبًا من ينقلب وبالاً على صاحبه». وتتوقع الصحيفة أن بوتين سيناله هذا الوبال، ومعه أطراف أخرى ستخسر في هذه الحرب، التي ستطول، ما لم تتحرك الدبلوماسية بسرعة لإيجاد حل سياسي. وترى «الغارديان» أن المستفيد الوحيد من هذا كله ربما سيكون تنظيم داعش، الذي لا بد أنه يشكر الكنيسة الأرثوذوكسية التي وصفت حملة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأنها «حرب مقدسة».
ونشرت صحيفة «ديلي تلغراف» مقالاً تتحدث فيه عن ترشيح المستشار الألمانية، أنجيلا ميركل، لجائزة نوبل، لتعاملها مع أزمة اللاجئين إلى أوروبا. تقول الصحيفة: «ميركل تتلقى خطابات المدح والتنويه على مواقفها الإنسانية، بينما تتراجع شعبيتها في بلدها. فشعبية المستشارة الألمانية في بلدها تهاوت إلى أدنى مستوياتها منذ أربعة أعوام، بسبب سياستها في التعامل مع تدفق اللاجئين على أوروبا، ولكن التسريبات تتحدث عن ترشيحها لجائزة نوبل للسلام، هذا العام». وذكرت «ديلي تلغراف» توقعات خبراء في مراكز بحث يؤكدون ترجيح فوز ميركل بالجائزة نظير استقبالها نحو مليون لاجئ، وكذلك جهودها لإنهاء النزاع في أوكرانيا، ولكن الرأي العام الألماني انقلب عليها بنسبة 54 في المائة، حسب تلفزيون «أي أردي»، وتراجعت شعبية حكومتها كذلك بسبب أزمة اللاجئين.
كما شكلت الضربات الجوية الروسية في سوريا أبرز اهتمامات الصحف البلجيكية، وأوردت «لو سوار» أنه في الوقت الذي تقول فيه موسكو إنها استهدفت في أول هجوم لها مجموعة ما يسمى بـ«داعش»، فإنه الروس، بالنسبة للأميركيين، استهدفوا المجموعات المعارضة لنظام بشار الأسد، وليس «داعش».
أما «لا ليبر بلجيك»، فترى أن لا أحد بمقدوره التنبؤ بعواقب التدخل الروسي لأنه ينطوي على مخاطر، منها الاصطدام بالطائرات الأميركية أو العربية أو الفرنسية، التي تقصف «داعش». وتابعت «اليومية» أن ما هو مؤكد هو أن الأمور تتحرك في سوريا بعد ما يقرب من خمس سنوات من الحرب الدائرة في هذا البلد.
وكان الملف في محور اهتمامات الصحف الفرنسية وتزامنت الغارات الروسية الأولى مع فتح تحقيق جزائي في فرنسا في «جرائم ضد الإنسانية» يستهدف نظام الرئيس السوري بشار الأسد. الصحف خصصت حيزًا مهمًا للملف. «فرنسا تريد أن تجر بشار أمام العدالة» عنونت «لوباريزيان».
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، الأميركية، أن غارة جوية أميركية أصابت مستشفى تابعا لمنظمة أطباء بلا حدود في شمال أفغانستان، عن طريق الخطأ، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 3 من موظفي المنظمة.
وقالت الصحيفة إن الحادث الذي وقع في الساعات الأولى من صباح السبت، حيث تشن القوات الأميركية غاراتها ضد حركة طالبان المتطرفة التي سيطرت الأسبوع الماضي على مدينة قندوز، يثير تساؤلات حول نطاق التدخل العسكري الأميركي في حرب استمرت 14 عاما.
وتضيف أنه على مدى العقد الماضي كانت الغارات الجوية الأميركية في أفغانستان محلا للجدل بسبب الأضرار الناتجة في صفوف المدنيين، وكذلك ما يسمى بحوادث «النيران الصديقة».
وقالت منظمة «أطباء بلا حدود»، أمس السبت، إن المستشفى التابع لها في مدينة قندوز الأفغانية دُمر جزئيا، وإن ثلاثة من موظفيها قُتلوا كما فُقد 30 آخرون بعد قصف وقع خلال الليل. واحتدم القتال حول عاصمة إقليم قندوز الواقع في شمال أفغانستان خلال الأيام الستة الماضية بعد استيلاء مقاتلي طالبان على المدينة في أكبر انتصار لهم منذ تمردهم الذي بدأ قبل نحو 14 عاما. وقالت «أطباء بلا حدود» في بيان: «صُدمنا بشدة بسبب الهجوم وقتل موظفينا والمرضى والخسارة الفادحة التي لحقت بالرعاية الصحية في قندوز».
وأقرت قيادة الجيش الأميركي في أفغانستان بالخطأ قائلة في بيان: «الضربة الجوية ربما أسفرت عن ضرر مباشر بمنشأة طبية قريبة، ويجري التحقيق في الحادث».
من جهتها، نشرت صحيفة الـ«نيوزويك» الأميركية تقريرًا يتوقع فشل مساعي القوى الدولية لضم الرئيس السوري «بشار الأسد» ضمن إطار حل سياسي لإنهاء الحرب الأهلية بسوريا المستمرة منذ ما يربو على أربع سنوات.



إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي
TT

إعلاميو فرنسا أمام معضلة البقاء مع «إكس» أو الابتعاد عنها

الصحف الفرنسية أمام التحدي
الصحف الفرنسية أمام التحدي

يرى البعض في فرنسا أن موسم رحيل «العصافير الزرقاء» يلوح في الأفق بقوة، وذلك بعدما أعلنت مجموعة كبيرة من الشخصيات والمؤسسات الإعلامية انسحابها من منصّة التواصل الاجتماعي «إكس» (تويتر سابقاً).

الظاهرة بدأت تدريجياً بسبب ما وصف بـ«الأجواء السامة» التي اتسّمت بها المنصّة. إذ نقلت صحيفة «كابيتال» الفرنسية أن منصة «إكس» فقدت منذ وصول مالكها الحالي إيلون ماسك أكثر من مليون مشترك، إلا أن الوتيرة أخذت تتسارع في الآونة الأخيرة بعد النشاط الفعّال الذي لعبه ماسك في الحملة الانتخابية الأميركية، ومنها تحويله المنصّة إلى أداة دعاية قوية للمرشح الجمهوري والرئيس العائد دونالد ترمب، وكذلك إلى منبر لترويج أفكار اليمين المتطرف، ناهيك من تفاقم إشكالية «الأخبار الزائفة» أو «المضللة» (الفايك نيوز).

نقاش إعلامي محتدم

ومهما يكن من أمر، فإن السؤال الذي صار مطروحاً بإلحاح على وسائل الإعلام: هل نبقى في منصّة «إكس»... أم ننسحب منها؟ حقاً، النقاش محتدم اليوم في فرنسا لدرجة أنه تحّول إلى معضلة حقيقية بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، التي انقسمت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض.

للتذكير بعض وسائل الإعلام الغربية خارج فرنسا كانت قد حسمت أمرها باكراً بالانسحاب، وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية الأولى التي رحلت عن المنصّة تاركة وراءها ما يناهز الـ11 مليون متابع، تلتها صحيفة «فون غوارديا» الإسبانية، ثم السويدية «داكنز نيهتر».

أما في فرنسا فكانت أولى وسائل الإعلام المنسحبة أسبوعية «ويست فرنس»، وهي صحيفة جهوية تصدر في غرب البلاد، لكنها تتمتع بشعبية كبيرة، إذ تُعد من أكثر الصحف الفرنسية قراءة بأكثر من 630 ألف نسخة تباع يومياً ونحو 5 ملايين زيارة على موقعها عام 2023. ولقد برّر نيكولا ستارك، المدير العام لـ«ويست فرنس»، موقف الصحيفة بـ«غياب التنظيم والمراقبة»، موضحاً «ما عاد صوتنا مسموعاً وسط فوضى كبيرة، وكأننا نقاوم تسونامي من الأخبار الزائفة... تحوّلت (إكس) إلى فضاء لا يحترم القانون بسبب غياب المشرفين». ثم تابع أن هذا القرار لم يكن صعباً على الأسبوعية الفرنسية على أساس أن منصّة التواصل الاجتماعي هي مصدر لأقل من واحد في المائة من الزيارات التي تستهدف موقعها على الشبكة.

بصمات ماسك غيّرت «إكس» (تويتر سابقاً)

«سلبيات» كثيرة بينها بصمات إيلون ماسك

من جهتها، قررت مجموعة «سود ويست» - التي تضم 4 منشورات تصدر في جنوب فرنسا هي «سود ويست»، و«لاروبوبليك دي بيريني»، و«شارانت ليبر» و«دوردون ليبر» - هي الأخرى الانسحاب من منصّة «إكس»، ملخصّة الدوافع في بيان وزع على وسائل الإعلام، جاء فيه أن «غياب الإشراف والمراقبة، وتحديد عدد المنشورات التابعة لحسابات وسائل الإعلام، وإبدال سياسة التوثيق القديمة بواسطة أخرى مدفوعة الثمن، كانت العوامل وراء هذا القرار».

أيضاً الموقع الإخباري المهتم بشؤون البيئة «فير» - أي «أخضر» - انسحب بدوره من «إكس»، تاركاً وراءه عشرين ألف متابع لدوافع وصفها بـ«الأخلاقية»، قائلا إن مضامين المنصّة تتعارض مع قيمه التحريرية. وشرحت جولييت كيف، مديرة الموقع الإخباري، أنه لن يكون لهذا القرار تأثير كبير بما أن الحضور الأهم الذي يسجّله الموقع ليس في «إكس»، وإنما في منصّة «إنستغرام»، حيث لديه فيها أكثر من 200 ألف متابع. ولكن قبل كل هؤلاء، كان قرار انسحاب برنامج «لوكوتيديان» الإخباري الناجح احتجاجاً على التغييرات التي أحدثها إيلون ماسك منذ امتلاكه «إكس» قد أطلق ردود فعل كثيرة وقويّة، لا سيما أن حساب البرنامج كان يجمع أكثر من 900 ألف متابع.

سالومي ساكي

... الفريق المتريّث

في المقابل، وسائل إعلام فرنسية أخرى فضّلت التريّث قبل اتخاذ قرار الانسحاب، وفي خطوة أولى اختارت فتح باب النقاش لدراسة الموضوع بكل حيثياته. وبالفعل، عقدت صحيفة «ليبيراسيون»، ذات التوجّه اليساري، جلسة «تشاور» جمعت الإدارة بالصحافيين والعمال يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي للبحث في مسألة «البقاء مع منصّة (إكس) أو الانسحاب منها؟». وفي هذا الإطار، قال دون ألفون، مدير الصحيفة، في موضوع نشر بصحيفة «لوموند»، ما يلي: «نحن ما زلنا في مرحلة التشاور والنقاش، لكننا حدّدنا لأنفسنا تاريخ 20 يناير (كانون الثاني) (وهو اليوم الذي يصادف تنصيب دونالد ترمب رئيساً للمرة الثانية) لاتخاذ قرار نهائي».

الوضع ذاته ينطبق على الأسبوعية «لاكروا» التي أعلنت في بيان أن الإدارة والصحافيين بصّدد التشاور بشأن الانسحاب أو البقاء، وكذلك «لوموند» التي ذكرت أنها «تدرس» الموضوع، مع الإشارة إلى أن صحافييها كانوا قد احتفظوا بحضور أدنى في المنصّة على الرغم من عدد كبير من المتابعين يصل إلى 11 مليوناً.

من جانب آخر، إذا كان القرار صعب الاتخاذ بالنسبة لوسائل الإعلام لاعتبارات إعلانية واقتصادية، فإن بعض الصحافيين بنوا المسألة من دون أي انتظار، فقد قررت سالومي ساكي، الصحافية المعروفة بتوجهاتها اليسارية والتي تعمل في موقع «بلاست» الإخباري، إغلاق حسابها على «إكس»، ونشرت آخر تغريدة لها يوم 19 نوفمبر الماضي. وفي التغريدة دعت ساكي متابعيها - يصل عددهم إلى أكثر من 200 ألف - إلى اللّحاق بها في منصّة أخرى هي «بلو سكاي»، من دون أن تنسى القول إنها انسحبت من «إكس» بسبب إيلون ماسك وتسييره «الكارثي» للمنّصة.

وفي الاتجاه عينه، قال غيوم إرنر، الإعلامي والمنتج في إذاعة «فرنس كولتو»، بعدما انسحب إنه يفضل «تناول طبق مليء بالعقارب على العودة إلى (إكس)». ثم ذهب أبعد من ذلك ليضيف أنه «لا ينبغي علينا ترك (إكس) فحسب، بل يجب أن نطالب المنصّة بتعويضات بسبب مسؤوليتها في انتشار الأخبار الكاذبة والنظريات التآمرية وتدّني مستوى النقاش البنّاء».

«لوفيغارو»... باقية

هذا، وبين الذين قرّروا الانسحاب وأولئك الذين يفكّرون به جدياً، يوجد رأي ثالث لوسائل الإعلام التي تتذرّع بأنها تريد أن تحافظ على حضورها في المنصّة «لإسماع صوتها» على غرار صحيفة «لوفيغارو» اليمينية. مارك فويي، مدير الصحيفة اليمينية التوجه، صرح بأنها لن تغيّر شيئاً في تعاملها مع «إكس»، فهي ستبقى لتحارب «الأخبار الكاذبة»، وتطالب بتطبيق المراقبة والإشراف بحزم وانتظام.

ولقد تبنّت مواقف مشابهة لـ«لوفيغارو» كل من صحيفة «لي زيكو» الاقتصادية، ويومية «لوباريزيان»، وقناة «تي إف1» و«إم 6»، والقنوات الإخبارية الكبرى مثل «بي إف إم تي في»، و«سي نيوز». وفي حين تتّفق كل المؤسّسات المذكورة على أن المنّصة «أصبحت عبارة عن فضاء سام»، فهي تعترف في الوقت نفسه باستحالة الاستغناء عنها، لأن السؤال الأهم ليس ترك «إكس»، بل أين البديل؟ وهنا أقرّ الصحافي المعروف نيكولا دوموران، خلال حوار على أمواج إذاعة «فرنس إنتير»، بأنه جرّب الاستعاضة عن «إكس» بواسطة «بلو سكاي»، لكنه وجد الأجواء مملة وكان النقاش ضعيفا، الأمر الذي جعله يعود إلى «إكس»، حيث «الأحداث أكثر سخونة» حسب رأيه.

أما الصحافي المخضرم جان ميشال أباتي، فعلى الرغم من انتقاده الشديد للمنصّة وانسحاب برنامج «لوكوتيديان» - الذي يشارك فيه - من «إكس» - فإنه لم يفكر في إغلاق حسابه لكونه الإعلامي الفرنسي الأكثر متابعة؛ إذ يسجل حسابه أكثر من 600 ألف متابع.

في هذه الأثناء، وصفت كارين فوتو، رئيسة موقع «ميديا بارت» الإخباري المستقّل الوضع «بالفخ الذي انغلق على وسائل الإعلام»، حيث «إما البقاء وتعزيز أدوات الدعاية لليمين المتطرّف وإما الانسحاب والتخلّي عن مواجهة النقاش». وللعلم، من الملاحظ أن المنصّة غدت حاجة شبه ماسة لأصحاب القرار والساسة، حيث إن بعضهم يتوجه إليها قبل أن يفكّر في عقد مؤتمر صحافي، وهذا ما حدا بالباحث دومينيك بوليي، من معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، إلى القول في حوار لصحيفة «لوتان» إن منصّة «إكس» بمثابة «الشّر الذي لا بد منه»، إذ تبقى المفضّلة لدى رجال السياسة للإعلان عن القرارات المهمة، وللصحافيين لتداولها والتعليق عليها، مذكّراً بأن الرئيس الأميركي جو بايدن اختار «إكس» للإعلان عن انسحابه من السباق الرئاسي الأخير.