مطعم الاسبوع : «بارافينا».. نجاح مستمر وأول مطعم في لندن لا يقبل الحجز المسبق

مفهوم جديد لأطباق «التاباس» الإسبانية

«بارافينا» يعتمد في جميع فروعه على الديكور نفسه  -  أطباق «التاباس» بطريقة عصرية  -  طبق الأخطبوط المقلي
«بارافينا» يعتمد في جميع فروعه على الديكور نفسه - أطباق «التاباس» بطريقة عصرية - طبق الأخطبوط المقلي
TT

مطعم الاسبوع : «بارافينا».. نجاح مستمر وأول مطعم في لندن لا يقبل الحجز المسبق

«بارافينا» يعتمد في جميع فروعه على الديكور نفسه  -  أطباق «التاباس» بطريقة عصرية  -  طبق الأخطبوط المقلي
«بارافينا» يعتمد في جميع فروعه على الديكور نفسه - أطباق «التاباس» بطريقة عصرية - طبق الأخطبوط المقلي

عندما افتتح أول فرع لمطعم «بارافينا» Barrafina (والتسمية تعني البار الراقي) عام 2007 في سوهو اللندنية، أحدث زوبعة في عالم الطعام والسبب هو أنه كان المطعم الأول الذي تجرأ بأن يقول للزبائن: «لا نقبل الحجز المسبق، فإذا أردتم الأكل لدينا، انتظروا في طابور لمدة ساعة تقريبا». نعم هذا ما أنجزه بارافينا لأن صاحبه كان يثق بما يقدمه وكان على يقين بأن الذواقة لن يتأففوا لأن الأكل عنده يستحق عناء الانتظار في طابور طويل.
«بارافينا» كتب قصة نجاح حقيقية منذ افتتاحه، وحصد الكثير من الجوائز وحاز على تغطية إعلامية ممتازة من قبل أهم نقاد الطعام في لندن، ولحسن حظ أنصار المطعم، فقد افتتح فرعين إضافيين لتخفيف الضغط عن الفرع الأول في سوهو.
الفرع الثاني كان في منطقة كوفنت غاردن والفرع الثالث الجديد افتتح في يوليو (تموز) الماضي في الجهة الثانية من نفس المنطقة وتحديدا في شارع «دروري لاين» القريب من المسارح.
الديكور هو نفسه، بار على شكل حرف «إل» بالإنجليزية، تصطف حوله الكراسي العالية المكسوة بالجلد الأحمر، الطهاة أشبه بالنحل يقومون بتحضير الأطباق أمامك وفي الخلفية مطبخ مخصص لتحضير الأطباق التي تتطلب جهدا أكبر.
جميع العاملين في «بارافينا» هم من إسبانيا، فلأول وهلة وأنت تتذوق أطباق التاباس وتسمعهم وهم يتكلمون الإسبانية مع بعضهم البعض يتخيل إليك أنك في إسبانيا أو في إحدى جزرها، خاصة وأن الأطباق بغالبيتها مستوحاة من مطبخ جزيرة مايوركا وإقليم سان سباستيان ومن المطبخ الكتالوني.
الطاهي الرئيسي في بارافينا هو الشيف نيفز بارأغان موهاتشو حائز على جائزة أفضل طاهي من مجلة «جي كيو» للطعام لعام 2015 وهو من يدير الفرع الجديد إلى جانب الشيف دييغو غارسيا فيرنانديز.
أطباق التاباس هي أشبه بالمزة الشرقية ومن الأفضل مشاركتها، ومن أشهر أطباق بارافينا «التورتيا» الإسبانية التقليدية وهي عبارة عن عجة بيض مع البطاطس ولكن تقدم في «بارافينا» بشكل مختلف بحيث يكون داخلها طري مع استخدام البصل المقلى، ومن الأطباق اللذيذة زهرة الكوسا المحشية بالجبن والسلطة الروسية وكعكة السلطعون Crab Bun إضافة إلى أطباق السمك من دون أن ننسى طبق «البطاطس برافاس» Patatas Bravas وهو عبارة عن قطع من البطاطس المقلية تضاف إليها صلصة الطماطم وصلصة الثوم.
الأسعار مقبولة ولكنها ليست رخيصة، فسرعان ما تجد بأن الأطباق تتكدس والفاتورة تكون نحو 30 جنيهًا إسترلينيًا (نحو 50 دولارًا) للشخص الواحد وسعر الطبق يبدأ من 7 جنيهات (نحو 10 دولارات).
الجيد في فرع «بارافينا» الجديد هو أنه لا يزال غير معروف من قبل الجميع، فالطابور يكون أقصر من ذلك خارج فرع سوهو، ويشار إلى أن المطعم يقفل أبوابه يوميا عند الساعة الثالثة بعد الظهر ويعيد فتحها في تمام الساعة الخامسة ليقفل بعدها في ساعة متأخرة.
المطعم يتميز بأجواء حيوية جدا، لأنك تشعر بالتفاعل مع العاملين، وتشاهد أطباقك وهي تحضر أمام عينيك، كما أنه مناسب لفترة الغداء أو العشاء ولكنه ليس مناسبا للمجموعات بأعداد كبيرة لأن مقاعده تنتشر حول البار وليست هناك طاولات مثل باقي المطاعم، ولكن توجد غرفة طعام خاصة في الطابق السفلي يمكن حجزها مسبقًا.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.