شهر على «غزة»: القتلى الفلسطينيون أكثر من قتلى «أوكرانيا»

وقتلى الإسرائيليين أكثر من «يونيو 1967»

TT

شهر على «غزة»: القتلى الفلسطينيون أكثر من قتلى «أوكرانيا»

امرأة تحمل راية بيضاء لمنع إطلاق النار أثناء فرار الفلسطينيين من مدينة غزة باتجاه جنوب القطاع الثلاثاء (إ.ب)
امرأة تحمل راية بيضاء لمنع إطلاق النار أثناء فرار الفلسطينيين من مدينة غزة باتجاه جنوب القطاع الثلاثاء (إ.ب)

بالإضافة إلى الآثار النفسية الرهيبة والدمار المهول، بلغ عدد القتلى في الحرب التي تشهدها منطقة قطاع غزة في الشهر الأول، أعدادا مخيفة، تزداد فظاعة مع التدهور الحاصل فيها والذي ينذر بمزيد من الضحايا والأخطار؛ خصوصاً مع الإصرار الإسرائيلي على أن تكون حربا طويلة لعدة شهور وربما سنة وأكثر.

وبحسب تقارير وزارة الصحة الفلسطينية، فقد حصدت هذه الحرب حتى الآن، الثلاثاء 7 نوفمبر (تشرين الثاني)، 10328 شخصا (إسرائيل تقدر عددهم بأكثر من 20 ألفا)، بينهم 4237 طفلا و2716 امرأة، بالإضافة إلى 25956 إصابة. وتم تدمير أكثر من 120 ألف بيت، وتهجير نحو 1.2 من بيوتهم. وفي الضفة الغربية والقدس الشرقية، قتل 220 شخصا واعتقل 2215 شخصا، وهدم 120 بيتا.

وتؤكد المصادر الفلسطينية، أن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في شهر واحد، جراء الغارات الإسرائيلية، يزيد على عدد القتلى في حرب أوكرانيا، الذي بلغ 9806 ضحايا طوال سنتين تقريبا. كما شلت الحياة الاقتصادية والتعليمية تماما في قطاع غزة وجزئيا في الضفة الغربية.

أسيرات إسرائيليات ظهرن في شريط فيديو وزعته حركة «حماس» في 30 أكتوبر الماضي («كتائب القسام» - رويترز)

وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن عدد القتلى يضاهي 1400 شخص، أي أكثر من قتلى حرب 1967 التي خاضتها إسرائيل مع جيوش ثلاث دول عربية (779 قتيلا)، بينهم 850 مدنيا، وعدد الجرحى 5500 شخص. ووقع في أسر حماس 240 إسرائيليا وأجنبيا. ودمرت مئات المباني، وتم إخلاء 115 ألف إسرائيلي من بيوتهم بقرار حكومي وإخلاء 109 آلاف برغبتهم، من 29 بلدة في غلاف قطاع غزة و22 بلدة على حدود لبنان.

وبحسب الإسرائيليين، بدأت هذه الحرب ردا على قيام مجموعات من 3000 فلسطيني من «حماس» وبقية الفصائل الفلسطينية، بينهم مدنيون، بهجوم على إسرائيل بغرض تدميرها، وذلك في الساعة 06:29 من صباح يوم السبت، 7 أكتوبر الماضي. وأن عددا من المهاجمين «قتلوا مئات المدنيين بينهم أطفال ونساء ومسنون، وأحرقت عائلات في بيوتها أحياء، وتم توثيق أحد المهاجمين وهو يقطع رأس جندي بأداة زراعية، وهاجموا حفلا للشباب اليهود وقتلوهم بشكل جماعي».

طريق متضرر بعد اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم جنين في الضفة الغربية الأحد (رويترز)

وأعلنت إسرائيل الحرب رسميا على حماس هدفها «إبادة هذه الحركة وتصفية قدراتها على الحكم وقدراتها العسكرية». واعترفت بأنها اتخذت شكلا جديدا من الحروب، تقصف فيه غزة من بعيد، بواسطة سلاح الجو وسلاح البحرية والمدافع والدبابات، لتدمير أي مكان يوجد فيه قادة حماس أو أي من عناصرها المسلحة، حتى لو كان مزدحما بالمدنيين، بلا رحمة، بذريعة أن قادة حماس يختبئون في أماكن قريبة من المدنيين وأنهم يتخذون منهم دروعا بشرية.

سيارة إسعاف تضررت جراء ضربة إسرائيلية عند مدخل مستشفى «الشفاء» في مدينة غزة (رويترز)

وبهذه الطريقة قصفوا حتى المستشفيات والمدارس. وبعد ثلاثة أسابيع كاملة من هذا القصف الرهيب، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية برية بحثا عن قادة حماس والمخطوفين الإسرائيليين.

وتصر إسرائيل على أن هجوم حماس ليس له علاقة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأن حماس تنتهج طريقا وحشية في حربها ضد المدنيين اليهود وحتى العرب المسلمين من مواطنيها. وتعيد التذكير بكيفية تنفيذ الحركة انقلابها على السلطة الفلسطينية، وقتلت 160 شخصا من حركة فتح، قسم منهم قتلوا بإلقائهم من عمارات شاهقة أو بالرصاص أو بالتعذيب داخل السجون، وقسم منهم بأدوات حادة مثل البلطات، بحسب الإسرائيليين.

فلسطينيون يفرون إلى البريج جنوب قطاع غزة الثلاثاء (إ.ب)

أما الرواية الفلسطينية، فتقول إن إسرائيل تصر على حصار قطاع غزة منذ 16 سنة، ومن آن لآخر تشن عملية حربية تدمر فيها قطاع غزة وتقتل الألوف من الفلسطينيين وتتسبب بحالة من الفقر المدقع والخنق الاقتصادي والاجتماعي وتشويش الحياة الطبيعية بكل تفاصيلها.

فلسطيني وسط سحابة من الغاز المسيل أطلقه الأمن الإسرائيلي خلال مظاهرة سبتمبر الماضي ضد المستوطنات قرب نابلس (أ.ب)

وإن إسرائيل تثبت احتلالها للضفة الغربية وتهويدها للقدس بمشروعات استيطان ضخمة. وتنتهك حرمة المسجد الأقصى. وتنفذ اعتقالات واسعة، وتسيء لشروط عيش الأسرى في سجونها. وتطلق العنان للمستوطنين بتنفيذ اعتداءات إجرامية دامية على الفلسطينيين الذين تنفذ عمليات ترحيل بحقهم. وفوق كل هذا تتنكر لحقوق الفلسطينيين وتضع القضية الفلسطينية على الرف.

 

«هستيريا الرد الإسرائيلي»

ويقول الفلسطينيون إن هجوم حماس جاء في إطار المقاومة لمشروعات الاحتلال، وإن الرد الإسرائيلي جاء بشكل هستيري، لأنهم بغطرستهم الجنونية، لم يتخيلوا أن هناك فلسطينيين يستطيعون اختراق دفاعاتهم الحصينة وتنفيذ هجوم عسكري ناجح. فقرروا تنفيذ مخططاتهم القديمة التي تتجدد من آن لآخر، لتدمير قطاع غزة وترحيل أهلها إلى مصر، مع الأمل في ترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن لاحقا.

ويقولون إنه يجري تنفيذ نكبة ثانية، ويشيرون إلى أن الجيش الإسرائيلي يلقي ألف طن من المتفجرات في كل يوم لتنفيذ تلك الأهداف، بدعم من الإدارة الأميركية والحكومات الغربية، التي لا تقوم بواجبها الأخلاقي والإنساني في ردع حرب الإبادة الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي من وقائع المؤتمر الصحافي لمستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان في تل أبيب (إ.ب.أ)

مستشار الأمن القومي الأميركي: أعتقد أننا قريبون من اتفاق لوقف النار في غزة

يعتقد مستشار الأمن القومي الأميركي أن التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن قد يكون قريباً بعد تحركات من جانب إسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال التصويت على مشاريع قرارات بشأن القضية الفلسطينية (إ.ب.أ)

غالبية أممية ساحقة تطالب بوقف فوري للنار في غزة

أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية ساحقة الوقف الفوري للنار في غزة مؤكدة على دعم وكالة «الأونروا» وسط اعتراضات أميركية وإسرائيلية.

علي بردى (واشنطن)
تحليل إخباري دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

تحليل إخباري «هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي مجلة «تايم» تختار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب «شخصية عام 2024»... (أ.ب)

ترمب: أدعم حل الدولتين لكن «هناك بدائل أخرى»

أجرى رئيس أميركا المنتخب، دونالد ترمب، حواراً مع مجلة «تايم» التي اختارته «شخصية عام 2024» وأكد أن «مشكلة الشرق الأوسط» أسهل في التعامل من «المشكلة الأوكرانية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الاتحاد الأوروبي: الإعادة القسرية للسوريين غير ممكنة حالياً

مركب يحمل مهاجرين من مصر والبنغال وسوريا وإثيوبيا والسودان انطلق من تونس ووصل إلى ميناء لامبيدوسا الإيطالي في 19 سبتمبر الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)
مركب يحمل مهاجرين من مصر والبنغال وسوريا وإثيوبيا والسودان انطلق من تونس ووصل إلى ميناء لامبيدوسا الإيطالي في 19 سبتمبر الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي: الإعادة القسرية للسوريين غير ممكنة حالياً

مركب يحمل مهاجرين من مصر والبنغال وسوريا وإثيوبيا والسودان انطلق من تونس ووصل إلى ميناء لامبيدوسا الإيطالي في 19 سبتمبر الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)
مركب يحمل مهاجرين من مصر والبنغال وسوريا وإثيوبيا والسودان انطلق من تونس ووصل إلى ميناء لامبيدوسا الإيطالي في 19 سبتمبر الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)

قال المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة، الخميس، إن الإعادة القسرية للسوريين إلى وطنهم «غير ممكنة» في الوقت الحالي، بعد إعلان النمسا أنها تخطط للقيام بذلك.

وأشارت فيينا، هذا الأسبوع، إلى أنها تنوي ترحيل اللاجئين السوريين بعد إطاحة فصائل المعارضة بالرئيس بشار الأسد.

لكن المفوض الأوروبي للشؤون الداخلية والهجرة واللجوء ماغنوس برونر، وهو نمساوي، أوضح بعد محادثات مع وزراء الداخلية في بروكسل أن خطوة كهذه ستكون سابقة لأوانها.

وقامت فصائل المعارضة السورية بقيادة «هيئة تحرير الشام» بتعيين رئيس وزراء لفترة موقتة تنتهي في مارس (آذار)، وتعهدت بتحقيق دولة القانون والمؤسسات في سوريا.

لقطة جوية تُظهر رجلاً سورياً يلوّح بعَلم الاستقلال السوري في ساحة الأمويين بوسط دمشق (أ.ف.ب)

ولكن ارتباط الهيئة السابق بـ«القاعدة» في سوريا جعل فرح الإطاحة بالأسد مصحوباً بحالة من عدم اليقين بشأن مستقبل الدولة المتعددة الأعراق والمذاهب.

وقال برونر في مؤتمر صحافي: «في الوقت الراهن، أود أن أقول إن العودة القسرية غير ممكنة»، مشيراً إلى أن العودة الطوعية قد تكون أكثر جاذبية للسوريين الذين يحتفلون بنهاية حكم الأسد القاسي.

أضاف برونر: «بما أن الوضع لا يزال متقلباً، علينا التركيز على العودة الطوعية»، داعياً الاتحاد الأوروبي إلى تقديم الدعم المادي للراغبين بالعودة.

وأشار برونر إلى أنه «عندما يتعلق الأمر بمسألة المال، نعم، أعتقد أنه علينا أن نفعل شيئاً».

سوريون يرفعون علامة النصر ويلوّحون بأعلام سوريا احتفالاً بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد في ساحة الأمويين بدمشق 11 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وتسببت الحرب في سوريا التي أشعل فتيلها الأسد بقمعه الدموي للاحتجاجات عام 2011، بأزمة المهاجرين، وخصوصاً في أوروبا التي شهدت وصول أكثر من مليون شخص عام 2015.

وفي أعقاب الإطاحة بالأسد، جمدت دول عدة في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا، درس طلبات اللجوء الجديدة التي قدمها مواطنون سوريون، مع وجود أكثر من 100 ألف حالة معلقة في جميع أنحاء دول التكتل حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.