مصر «تضغط» لضمان «ممر آمن» لجرحى غزة

تعليق خروج الأجانب من «رفح»... وشكري ينتقد «المعوقات» الإسرائيلية

وزير الخارجية المصري يستقبل سيندي ماكين المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يستقبل سيندي ماكين المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي (الخارجية المصرية)
TT

مصر «تضغط» لضمان «ممر آمن» لجرحى غزة

وزير الخارجية المصري يستقبل سيندي ماكين المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يستقبل سيندي ماكين المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي (الخارجية المصرية)

لليوم الثاني على التوالي، تواصل إغلاق معبر رفح البري في وجه حملة جوازات السفر الأجنبية الراغبين في الخروج من قطاع غزة، بعد «ربط خروجهم بتوفير ضمانات لتأمين وصول الجرحى والمصابين الفلسطينيين من غزة لتلقي العلاج في الأراضي المصرية». وقال مصدران أمنيان مصريان وثالث طبي لـ«رويترز»، الأحد، إن عمليات إجلاء المصابين من سكان قطاع غزة وحاملي جوازات السفر الأجنبية من خلال معبر رفح إلى مصر معلقة منذ (السبت).

وأوضح أحد المصدرين الأمنيين والمصدر الطبي أن «تعليق عمليات الإجلاء جاء بعد ضربة إسرائيلية يوم الجمعة، لسيارات إسعاف في غزة كانت تستخدم لنقل المصابين».

وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي اعترفت، الجمعة، بقصف سيارة إسعاف خارج مستشفى الشفاء الأكبر في غزة، زاعمة أنها كانت تنقل عناصر من حركة «حماس»، وهو ما نفته الحركة لاحقا. وأدى القصف الإسرائيلي إلى مقتل 15 شخصاً وإصابة 60 آخرين، كانوا في طريقهم إلى معبر رفح المصري، لتلقي العلاج في مصر.

في السياق، ثمّن الكاتب والبرلماني المصري مصطفى بكري «القرار المصري برفض إجلاء الرعايا الأجانب من خلال معبر رفح بسبب رفض إسرائيل إجلاء جرحى غزة»، مشيراً في تدوينة له على منصة «إكس» أنه «قرار يستحق التقدير»، وأضاف «يجب أن يدرك العدو أن مصر ضاقت ذرعاً بهذه الممارسات الإجرامية. العدو الذي استباح دماء أهلنا وقتل أطفالنا، يجب أن يعرف أن الأمة كلها تغلي، وكفى صمتاً، وحسبنا الله ونعم الوكيل».

جريمة حرب جديدة

من جانبه، قال مدير مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة الدكتور محمد أبو سلمية: «لم يخرج منذ يومين أي مصاب من المجمع لتلقي العلاج في مصر»، مشيرا إلى أن بعض الحالات «توفيت وهي تنتظر دورها في الخروج من القطاع». وحمّل أبو سلمية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» سلطات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عن عدم خروج الآلاف من المصابين والجرحى من قطاع غزة باتجاه الأراضي المصرية لتلقي العلاج، مشيرا إلى عجز مجمع الشفاء، الذي يعد الأكبر في قطاع غزة، عن تقديم أكثر من 5 في المائة فقط من خدماته.

وأوضح مدير مجمع الشفاء الطبي أن قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي لسيارات الإسعاف التي كانت تُقل مصابين نحو معبر رفح المصري، جاء رغم إبلاغ السلطات الطبية لمؤسسة الصليب الأحمر بخروج قافلة سيارات الإسعاف في موعد ومسار محددين، عادّاً ذلك القصف «جريمة حرب جديدة تضاف إلى السجل الإجرامي لقوات الاحتلال».

كانت مصر استقبلت عشرات الجرحى والمصابين من قطاع غزة منذ بداية الشهر الحالي، حيث أعدت السلطات الصحية المصرية مستشفى ميدانياً بمدينة الشيخ زويد القريبة من معبر رفح، لتقديم الخدمات العاجلة للمصابين الفلسطينيين، إضافة إلى تخصيص مستشفيات العريش والإسماعيلية لاستقبال الحالات الحرجة.

وأعلن وزير الصحة المصري الدكتور خالد عبد الغفار، السبت، أن مستشفيات مصر جاهزة بكل إمكانياتها لاستقبال الجرحى الفلسطينيين، مؤكداً إجراء 50 جراحة متقدمة لجرحى من غزة.

وقال عبد الغفار، خلال مؤتمر صحافي بمدينة العريش المصرية استعرض فيه الأوضاع الصحية للجرحى الفلسطينيين والخدمات الطبية المقدمة لهم، إن مصر «لا تتقيد بعدد معين في استقبال الجرحى بل لديها الإمكانيات التي تجعلها قادرة على استيعاب المزيد منهم»، مشيراً إلى أن قلة الأعداد التي وصلت إلى مصر للعلاج يرجع إلى «الجانب الآخر وليس بسببنا» على حد تعبيره.

مشاورات سياسية

وعلى صعيد الاتصالات السياسية المصرية بشأن الوضع في غزة، تلقى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالاً هاتفياً، الأحد، من نظيره التركي هاكان فيدان، ركز خلاله الوزيران على الجهود والتحركات الهادفة لإنفاذ هدنة إنسانية فورية ووقف إطلاق النار لحماية المدنيين في غزة، وإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية اللازمة بشكل كامل لأهالي القطاع، بحسب بيان للخارجية المصرية.

كما استقبل شكري، نظيره الفنزويلي إيفان خيل بينتو، حيث تبادل الوزيران الرؤى والتقييمات حول التطورات والأوضاع الأمنية والإنسانية في غزة، وتداعياتها المحتملة على السلم والأمن الإقليمي والدولي، وبحسب الخارجية المصرية، اتفق الجانبان على ضرورة التوصل لوقف لإطلاق النار حفاظاً على أرواح الفلسطينيين، وتوفير الحماية اللازمة والمساعدات الإنسانية للمدنيين، ورفض الانتهاكات وسياسات العقاب الجماعي التي تضطلع بها إسرائيل في قطاع غزة.

جلسة مباحثات بين وزيري الخارجية المصري والفنزويلي في القاهرة (الخارجية المصرية)

الاحتياجات الإنسانية

في السياق ذاته، استقبل وزير الخارجية المصري، سيندي ماكين المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي، وأوضح بيان للخارجية المصرية أن اللقاء تطرق إلى الأوضاع المتردية في قطاع غزة والاحتياجات الإنسانية المتزايدة لأهالي القطاع في ظل استمرار وطأة الحرب، مما يستوجب توفير تلك الاحتياجات بصورة عاجلة لتتناسب مع حجم ونطاق الأزمة الإنسانية التي يشهدها القطاع في الوقت الحالي.

ونوه شكري إلى الصعوبات اللوجيستية التي يفرضها الجانب الإسرائيلي مما يعوق نفاذ المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بما في ذلك القصف المتكرر للجانب الفلسطيني من المعبر، وبما يضع أعباء إضافية على مصر تعوق وصول المساعدات إلى حد كبير، وفق البيان.

فيما أفاد «التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي»، وهو أكبر تجمع مصري للمنظمات الخيرية، بأنه سيرسل 200 شاحنة من المساعدات الإنسانية إلى غزة هذا الأسبوع ضمن القافلة الثانية للمساعدات، مشيراً في بيان أنه تم تجهيز 50 شاحنة من المساعدات الإنسانية بأشكالها كافة يوم الأحد.

الضغط على إسرائيل

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري السابق، السفير حسين هريدي، أن الموقف المصري يركز منذ بداية الأزمة على تسخير معبر رفح ليكون وسيلة لخدمة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مشيراً إلى أن السلطات المصرية ترفض اعتبار المعبر مجرد مخرج للرعايا الأجانب من قطاع غزة، ما دام لا يترافق ذلك مع تسهيل دخول المساعدات وخروج الجرحى والمصابين لتلقي العلاج.

وأضاف هريدي لـ«الشرق الأوسط» أن الضغط على إسرائيل لتقديم ضمانات بشأن عدم استهداف خروج الجرحى والمصابين يجب أن يكون على عاتق الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن تأمين المساعدات والممرات الإنسانية وزيادة كميات المساعدات كان على أجندة اجتماع وزراء الخارجية العرب مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في عمّان.

وشدد الدبلوماسي السابق على أن حديث الوزير الأميركي الذي وصفه بـ«الإيجابي» عن أهمية الدعم الإنساني للمدنيين في غزة، لا يجب أن يبقى مجرد حديث دون إجراءات حقيقية على الأرض، مؤكداً أن وقف إطلاق النار سيكون هو الضمانة المستدامة لحماية المدنيين في غزة.


مقالات ذات صلة

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

تقف يومياً ولساعات طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة خبز» واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية جنود في مقبرة بالقدس خلال تشييع رقيب قُتل في غزة يوم 20 نوفمبر (أ.ب)

صرخة جندي عائد من غزة: متى سيستيقظ الإسرائيليون؟

نشرت صحيفة «هآرتس» مقالاً بقلم «مقاتل في جيش الاحتياط»، خدم في كل من لبنان وقطاع غزة. جاء المقال بمثابة صرخة مدوية تدعو إلى وقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.