تصورات علمية حول انتشار الفيروسات التنفسية

دقائق الغبار الجوي تساهم في حملها لمسافات أبعد

 لينسي مار في محاضرة عن انتشار الفيروسات المحمولة جوا
لينسي مار في محاضرة عن انتشار الفيروسات المحمولة جوا
TT

تصورات علمية حول انتشار الفيروسات التنفسية

 لينسي مار في محاضرة عن انتشار الفيروسات المحمولة جوا
لينسي مار في محاضرة عن انتشار الفيروسات المحمولة جوا

في أوائل أيّام جائحة «كوفيد-19»، ركّزت توصيات السلامة على البقاء على مسافة مترين عن أي شخص، وغسل اليدين باستمرار. ولكنّ لينسي مار -وهي مهندسة بيئية تدرس انتشار الفيروسات في الهواء منذ 10 سنوات- علمت أنّ هذه النصائح تجاهلت عامل انتقال أساسياً.

طرق انتقال الفيروس

لم يقتصر انتقال الفيروس على الرذاذ الرطب والثقيل الذي يخرج من فم أحدهم عند العطس أو السعال (غالباً ما تكون هذه القطرات ثقيلة وتسقط على الأرض في غضون ثوانٍ). فقد كان الفيروس يخرج مع الأنفاس، ويبقى في آلاف دقائق الغبار الجوي التي تطوف في الهواء على مسافات أبعد بكثير من مترين.

عندما بدأت لينسي مار أبحاثها في كيفية انتشار فيروس الإنفلونزا في الهواء عام 2009: «لم يكن هناك كثير من الأشخاص الذين يعلمون عن هذا الموضوع»، على حدّ تعبيرها. وقالت إن «القلّة الذين كانوا يظنّون أنّهم يملكون فهماً جوهرياً وعملياً لعملية انتقال الفيروس، كانوا يفتقرون إلى تفسير طبي يفسر انتقال الفيروس من شخصٍ إلى آخر».

أما اليوم، فقد أصبح المجتمع الطبي والنّاس أكثر وعياً لكيفية انتشار بعض الفيروسات، والفضل يعود إلى لينسي مار التي أصبحت زميلة مؤسسة ماك آرثر، وفازت بمنحة العباقرة.

في بداية عملها، بدا مفهوم مهندسة البيئة للانتقال عبر الهواء معارضاً للنظريات السائدة بعض الشيء، حتّى أن بعض أوراقها البحثية رُفضت في وقتٍ سابق، فقد كان يُعتقد أنّ فيروس الإنفلونزا ينتقل عن طريق قطرات الرذاذ الكبيرة، إلا أنّ هذا المفهوم تغيّر بسبب عمل مار.

بعدها بدأت الجائحة، وعملت مار ضمن مجموعة من 36 باحثاً من حول العالم، بقيادة ليديا موراوسكا، وهي عالمة فيزياء بولندية- أسترالية، شاركت في أوراق بحثية عدّة عن انتقال الفيروسات عبر الهواء، وعمّا نحتاجه لإبطاء الانتقال خلال الجائحة.

فيروسات تحملها دقائق الهواء

حوّلت مار عمل فريقها البحثي في جامعة «فرجينيا تيك» من فيروس الإنفلونزا إلى «سارس-كوف-2»، ففحصوا الأقنعة وجمعوا العيّنات من مهجع للعزل في حرم المؤسسة. عملت الباحثة على أوراق بحثية، وتواصلت مع وكالات حكومية ومنظّمات علمية، وشاركت في أكثر من 500 مقابلة عن كيفية حدوث الانتقال، وما يجب أن يفعله الناس لحماية أنفسهم.

كان عملها مضنياً، فقد تحدّثت مراراً عن انتقال الغبار الجوي في الهواء، وعن سلامة الأماكن، والمدّة الموصى بها لارتداء قناع «N95»، حتّى أنّها ركّزت على أهميّة الانتباه لنوعية الهواء في الأماكن المقفلة بعد الجائحة.

ولكنّ جهودها نجحت أخيراً في إدارة الدفّة بالاتجاه الصحيح؛ حيث بدأت الأجهزة الصحية، ومنها منظّمة الصحة العالمية، في تحديث توصياتها للاعتراف بالانتقال عبر الهواء، وتعديل توصيفاتها لطرائق انتشار الفيروس.

علمت مار أنّ عملها عن انتقال الفيروسات مهمّ قبل سنوات من الجائحة، ولكنّها لم تتوقّع أبداً أن يصبح قريباً من الواقع بهذه الطريقة والسرعة.

وقالت المهندسة: «عندما بدأتُ عملي، علمتُ بوجود سوء فهم هائل في معرفتنا عن انتقال الفيروسات، واعتقدتُ أنّ ما أفعله سيكون على قدرٍ كبير من الأهمية في مرحلة ما». تعترف المهندسة بأنّ بعض تقديراتها كانت خاطئة؛ لأنّها لطالما اعتقدت بأنّ التركيز سيكون على الإنفلونزا وليس على فيروس «كورونا»، فضلاً عن أنّها ظنّت أنّ الأمر لن يحصل قبل 30 عاماً من يومنا هذا.

صحيحٌ أنّ الجائحة لم تنتهِ بعد، إلا أنّ مار أصبحت قادرة اليوم على العودة إلى ما كانت تعمل عليه قبل عصر «كوفيد-19»، وهو مشروعٌ كبير عن انتقال فيروس الإنفلونزا؛ خصوصاً بعد حصولها على زمالة ماك أرثر التي تمنحها جائزة بقيمة 800 ألف دولار على 5 سنوات دون قيود.

* «فاست كومباني»

خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

ترمب يُدشّن تعيينات فريقه الانتقالي

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومديرة حملته الانتخابية سوزي وايلز بعد إعلان انتصار ترمب بالانتخابات في فلوريدا (أ.ب)

ترمب يُدشّن تعيينات فريقه الانتقالي

بإعلانه تعيين مديرة حملته الانتخابية لنحو 4 سنوات، سوزي وايلز، في منصب كبيرة موظفي البيت الأبيض، أطلق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عملية اختيار.

إيلي يوسف (واشنطن) علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​  ABD'nin 2. kez seçilen başkanı Donald Trump (Reuters)

واشنطن تكشف تفاصيل خطة إيرانية لاغتيال ترمب

كشفت وزارة العدل الأميركية أمس، عن تفاصيل خطة إيرانية لاغتيال دونالد ترمب قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرسائل حثت المتلقين في عدد من الولايات على التوجه إلى الحقول لجمع القطن (رويترز)

البيت الأبيض ومنظمة حقوقية ينددان برسائل عنصرية استهدفت أميركيين من ذوي البشرة السمراء

نددت الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين والبيت الأبيض برسائل نصية عنصرية تشير إلى العبودية، وأُرسلت من مصدر مجهول إلى الأميركيين ذوي البشرة السمراء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وأميركا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، الجهود المبذولة بشأن تداعيات المستجدات الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية يحيئيل لايتر سفير إسرائيل الجديد لدى الولايات المتحدة (متداولة)

نتنياهو يعيّن يحيئيل لايتر سفيراً لدى الولايات المتحدة

عيّن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يحيئيل لايتر، وهو مسؤول كان يشغل سابقاً منصب كبير الموظفين بوزارة المالية، سفيراً لإسرائيل لدى الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

فكرة ألمانية «مجنونة» لعلاج أمراض المناعة الذاتية

قد يعاني أحد المرضى آفاتٍ في الوجه، تشبه لدغات الذئب
قد يعاني أحد المرضى آفاتٍ في الوجه، تشبه لدغات الذئب
TT

فكرة ألمانية «مجنونة» لعلاج أمراض المناعة الذاتية

قد يعاني أحد المرضى آفاتٍ في الوجه، تشبه لدغات الذئب
قد يعاني أحد المرضى آفاتٍ في الوجه، تشبه لدغات الذئب

يقول الأطباء إن مرض الذئبة لا يصيب اثنين من المرضى بالطريقة نفسها. ويتسبب المرض في اختلال الجهاز المناعي بطريقة يمكن أن تضرب أي عضو في الجسم تقريباً، ولكن من الصعب للغاية تحديد متى وأين.

قد يعاني أحد المرضى آفاتٍ في الوجه، تشبه لدغات الذئب... ومن هنا جاء اسم «مرض الذئبة» Lupus الذي أُطلق عليه في القرن الثالث عشر. بينما قد يعاني مريض آخر فشلاً كلوياً، وثالث تراكم سائل حول الرئتين. لكن ما يمكن للأطباء قوله لكل مريض هو أنه سيظل يعاني مرض الذئبة لبقية حياته.

 

أصول غامضة

غالباً ما تكون أصول أمراض المناعة الذاتية مثلها، غامضة؛ إذ وأثناء حدوثها يرى الجهاز المناعي الجسم البشري الذي يسكنه، عدواً ولا يسترخي في عمله تماماً أبداً.

لذا؛ لا يمكن علاج مرض الذئبة. ولا يمكن علاج أي مرض مناعي ذاتي.

علاج ألماني واعد

ولكن قبل عامين، صدرت دراسة من ألمانيا هزَّت كل هذه الافتراضات. فقد شفي خمسة مرضى مصابين بالذئبة غير المنضبطة تماماً بعد خضوعهم لعلاج للسرطان، يسمى العلاج CAR-T، الذي قضى إلى حد كبير على خلايا المناعة المارقة لديهم. ولم تظهر على المريض الأول الذي عولج أي أعراض منذ ما يقرب من أربع سنوات.

(CAR-T) مصطلح هو: «المستقبلات الخيمرية Chimeric antigen receptor للخلايا التائية»، وهي مستقبلات اصطناعية تم إنشاؤها خصيصاً في المختبر بهدف تمكين الخلايا التائية من التعرف على بروتينات معينة على سطح الخلايا (الخلايا السرطانية مثلاً - المحرر).

شفاء بلا أدوية

وتقول أنكا أسكاناس، اختصاصية أمراض الروماتيزم في المركز الطبي بجامعة كولومبيا والمتخصصة في الذئبة: «لم نجرؤ قط على التفكير في علاج لمرضنا». ولكن هذه النتائج المذهلة - الشفاء لدى كل مريض - غذت موجة جديدة من التفاؤل.

وقد خضع أكثر من أربعين شخصاً مصاباً بالذئبة في جميع أنحاء العالم الآن للعلاج بالخلايا التائية CAR-T، ودخل معظمهم في حالة شفاء دون أدوية.

ومن السابق لأوانه أن نعلن شفاء أي من هؤلاء المرضى مدى الحياة، ولكن هذا يبدو الآن ضمن نطاق الاحتمال.

اختراق ضد أمراض المناعة الذاتية

وبعيداً عن الذئبة، يأمل الأطباء أن ينبئ العلاج بالخلايا التائية CAR-T باختراق أكبر ضد الأمراض المناعية الذاتية، التي أضحى انتشارها المرتفع مثيراً للقلق.

وقد تم استخدام CAR-T بالفعل تجريبياً لعلاج مرضى يعانون أمراض المناعة الذاتية الأخرى، بما في ذلك التصلب المتعدد multiple sclerosis، والتهاب العضل myositis، والوهن العضلي الوبيل myasthenia gravis. وقد ألهم نجاح CAR-T الباحثين لاستعارة استراتيجيات أخرى أرخص وأبسط من علاج السرطان لقتل الخلايا المناعية التي فشلت في عملها.

لن تنجح كل هذه الأفكار، ولكن إذا نجحت أي منها، فقد تجلب السنوات القليلة المقبلة نقطة تحول في علاج بعض الأمراض الأكثر إحباطاً واستعصاءً في عصرنا الحديث.

علاج مضاد لخلايا سرطان الدم

تم تطوير علاج CAR-T في الأصل بصفته وسيلةً لقتل الخلايا الخبيثة في سرطان الدم. وقد استنتج العلماء لاحقاً أنه يمكن استخدامه أيضاً لقتل خلايا الدم البيضاء المحددة، التي تسمى الخلايا البائية B cells، التي تصاب بالجنون في بعض أمراض المناعة الذاتية.

وقد جربت إحدى المجموعات علاجاً يشبه CAR-T ضد مرض مناعي ذاتي يسمى الفقاع الشائع pemphigus vulgaris (مرض جلدي فقاعي مزمن)، وجربت مجموعة أخرى CAR-T ضد الذئبة. ونجحت في ذلك - لكن هذه التجارب كانت على الفئران فقط.

 

حالة مريضة مصابة بالذئبة

كان هذا هو مجموع الأدلة العلمية المتاحة عندما جاءت امرأة تبلغ من العمر 20 عاماً إلى أطبائها في إرلانغن بألمانيا، تطلب تجربة أي شيء لعلاج الذئبة الشديدة وغير المنضبطة.

لم تنجح أي من الأدوية طويلة الأمد المستخدمة عادةً لإدارة الذئبة. كان كليتاها وقلبها ورئتاها كلها تفشل، ولم تستطع المشي إلا لمسافة 30 قدماً بمفردها. ووافق طبيبها وأشار إلى أن العلاج بالخلايا التائية CAR-T محفوف بالمخاطر. لكن الذئبة كانت تقتلها، ويمكن أن يحول علاج الخلايا التائية CAR-T جهاز المناعة لديها ضد نفسه.

أولاً، استخرج الأطباء من دمها فئة من الخلايا المناعية، تسمى الخلايا التائية، التي قاموا بعد ذلك بهندستها إلى خلايا مستقبلات المستضدات الخيمرية (CAR-T) التي يمكنها التعرف على الخلايا البائية التي تسبب الذئبة، ثم تدميرها.

يمكن أن تسبب الخلايا التائية CAR-T استجابات التهابية خطيرة وساحقة لدى مرضى السرطان، وكان أطباء المريضة قلقين من أن تفعل الخلايا التائية CAR-T الشيء نفسه لشخص مصاب بمرض المناعة الذاتية، والذي يعمل جهازه المناعي بالفعل بشكل زائد.

يقول فابيان مولر، اختصاصي أمراض الدم والأورام في مستشفى جامعة إرلانغن وأحد الأطباء في الفريق الألماني الذي ابتكر العلاج: «نستخرج الخلايا التائية، وننشطها بشكل جنوني، ثم نطلق تلك الخلايا التائية المفرطة النشاط بشكل كبير (لمريض مصاب) بمرض مناعي ذاتي نشط. لذا؛ إذا فكرت في الأمر، فهذا أمر مجنون نوعاً ما، أليس كذلك؟».

لكن لحسن الحظ، لم تعانِ المرأة المصابة بالذئبة أي آثار جانبية خطيرة، ولم يعانِ أي من المرضى الآخرين الذين أعطاهم الفريق الألماني جرعات منذ ذلك الحين. إنهم جميعاً يعيشون حياتهم اليومية، خاليين من أعراض الذئبة والأدوية.

أخبرني مولر أن المرأة التي كانت تستطيع المشي لمسافة 30 قدماً فقط تجري الآن خمس مرات في الأسبوع. لقد عادت إلى المدرسة وتفكر في الدراسة للحصول على درجة الماجستير في علم المناعة.

«إعادة ضبط عميقة» للجهاز المناعي

يعتقد مولر وزملاؤه أن علاج الخلايا التائية CAR-T يعمل عن طريق القضاء على ما يكفي من الخلايا البائية لتحفيز «إعادة ضبط عميقة» للجهاز المناعي.

الخلايا التائية CAR-T مجموعة من «القتلة الصغار العنيدة»؛ فهي قادرة على العثور على الخلايا البائية المختبئة في أعماق أنسجة الجسم وتدميرها. يتعافى عدد الخلايا البائية لدى المريض في النهاية، لكن الخلايا الجديدة لها لم تعد تهاجم الجسم نفسه عن طريق الخطأ.

يعدّ مرضى السرطان في بعض الأحيان «مُشافين» بعد خمس سنوات من الهدوء. وكذلك، فإن أول مريض مصاب بالذئبة يتلقى CAR-T ليس بعيداً جداً عن هذا الإنجاز.

لكن العلاج لا يمكنه محو الاستعداد الوراثي لدى الكثير من المرضى لهذا المرض، كما يقول دونالد توماس، اختصاصي أمراض الروماتيزم في ماريلاند. ما إذا كان الهدوء دائماً بما يكفي ليكون «شفاءً» سيستغرق بعض الوقت لمعرفة ذلك.

اندفاعة «ذهبية» لشركات التكنولوجية الحيوية

ومع ذلك، أثارت هذه النتائج غير العادية اندفاعاً ذهبياً بين شركات التكنولوجيا الحيوية الحريصة على إيجاد حلول لأمراض المناعة الذاتية. وتحاول الشركات الناشئة CAR-T التي تأسست لعلاج السرطان استهداف أمراض المناعة الذاتية. كما أن شركات الأدوية الكبرى مثل «بريستول مايرز سكويب» و«أسترازينيكا» و«نوفارتس» تعمل على تطوير علاجاتها الخاصة. والآن تعمل شركة «أسكانيس» من كولومبيا على التحقيق في خمس تجارب منفصلة، ​​تستخدم جميعها CAR-T أو علاجاً خلوياً مشابهاً، وتسمع عن المزيد من الشركات طوال الوقت.

وقالت الباحثة أسكاناس إن هناك الكثير من الاهتمام، «لا أعرف حتى أن هناك عدداً كافياً من المرضى» لاختبار علاجات جديدة.

1.5 مليون أميركي مصاب بالذئبة

يعاني نحو 1.5 مليون أميركي مرض الذئبة، ولكن أقلية منهم فقط - أولئك الذين يعانون المرض بدرجة كافية لتبرير العلاج التجريبي ولكن ليسوا مرضى لدرجة أنهم عانوا الكثير من تلف الأعضاء غير القابل للإصلاح - مؤهلون للتجارب.

في الوقت الحالي، لا يمكن الوصول إلى CAR-T لمرض الذئبة وأمراض المناعة الذاتية الأخرى إلا في الولايات المتحدة من خلال التجارب السريرية - ما يعني في الواقع أنه غير متاح لجميع مرضى الذئبة تقريباً.

حتى لو تمت الموافقة على CAR-T من قِبل إدارة الغذاء والدواء للأمراض المناعية الذاتية، فإن العملية طويلة ومكلفة. نظراً لأن خلايا كل مريض تتم إعادة هندستها، فلا يمكن توسيع نطاقها بسهولة.

تبلغ تكلفة CAR-T للسرطان نحو 500 ألف دولار. يحتاج المرضى أيضاً إلى العلاج الكيميائي لقتل الخلايا التائية الموجودة لإفساح المجال لـCAR-T؛ ما يزيد من المخاطر، وفي الذئبة، يحتاجون عادةً إلى تقليل أي أدوية لإبقاء مرضهم تحت السيطرة؛ ما قد يتسبب في تفاقم المرض. كل هذه المضاعفات تجعل التكرار الحالي لـCAR-T مناسباً فقط لمرضى الذئبة المصابين بمرض شديد، والذين استنفدوا من الخيارات الأخرى.

لقد أزعجت الحدود العملية لـتوظيف CAR-T في مجال السرطان لفترة طويلة الآن، وقد توصل الباحثون بالفعل إلى أفكار للتغلب عليها. وهناك عدد من الاستراتيجيات الأكثر بساطة لقتل الخلايا البائية تشق طريقها الآن من سرطان الدم إلى مرض المناعة الذاتية. وتشمل هذه الحلول استخدام الخلايا التائية المانحة donor T cells، أو نوع مختلف من الخلايا المناعية تسمى الخلايا القاتلة الطب natural killer cells (الموجودة في الجهاز المناعي الفطري)، وغيرها.

وقد تتفوق سهولة استخدامها في النهاية على علاج CAR-T المخصص، الذي من غير المرجح أن يصل إلى ملايين الأشخاص المصابين بالذئبة في جميع أنحاء العالم. إنه ببساطة مكلف للغاية ومرهق للغاية. وحتى لو لم يتم اعتماد CAR-T على نطاق واسع لعلاج أمراض المناعة الذاتية، فإنه فتح الباب أمام أفكار جديدة قد تؤدي في يوم من الأيام إلى إحداث ثورة في علاجها.

 

* «ذي أتلانتيك أونلاين» - خدمات «تريبيون ميديا»