وزير الداخلية الفرنسي بالجزائر لتسوية ملف الهجرة

زيارة كشفت عنها وسائل إعلام ولم تعلن رسمياً

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الداخلية الفرنسي ورئيسة الوزراء الفرنسية بالجزائر نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الداخلية الفرنسي ورئيسة الوزراء الفرنسية بالجزائر نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

وزير الداخلية الفرنسي بالجزائر لتسوية ملف الهجرة

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الداخلية الفرنسي ورئيسة الوزراء الفرنسية بالجزائر نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الداخلية الفرنسي ورئيسة الوزراء الفرنسية بالجزائر نهاية 2022 (الرئاسة الجزائرية)

قالت الصحيفتان الإلكترونيتان الجزائريتان «كل شيء عن الجزائر» و«أنترلينيي»، أن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان زار الجزائر، يومي السبت والأحد؛ لبحث تفعيل مئات الأوامر الحكومية بإبعاد المهاجرين غير النظاميين بفرنسا.

وفي حين لم يعلن البلدان عن الزيارة، كتبت «إنترلينيي»، وفق «مصدر موثوق»، أن «ملف ترحيل المهاجرين الجزائريين يشهد انسداداً». وأشارت «كل شيء عن الجزائر»، من جهتها، إلى أن الزيارة «مفاجئة وتأتي عشية تمرير مشروع قانون بالبرلمان الفرنسي يخص الحدّ من الهجرة».

وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان (من حسابه بالإعلام الاجتماعي)

ويقول مراقبون في الجزائر إن دارمانان مكلَّف بالتعاون مع السلطات الجزائرية، لحل مشكلة المهاجرين غير النظاميين بفرنسا، الذين صدرت بحقِّهم أوامر بالطرد، وذلك في إطار مساعي إنجاح الزيارة المرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا، قبل نهاية العام. وكانت مقررة في مايو (أيار) الماضي، لكن عدم تفاهم الطرفين حول بعض الملفات، ومنها قضية الهجرة السرّية، دفعهما إلى تأجيلها.

ويصل عدد الجزائريين المعنيين بالترحيل إلى 8 آلاف، وفق وزارة الداخلية الفرنسية، في حين لا يتعدّون «العشرات»، وفق تقدير الجزائريين. واللافت أن الجزائر رفضت طلب فرنسا إصدار التصاريح القنصلية التي تتيح ترحيل مهاجريها، ما دفعها إلى اتخاذ قرار بتخفيض حصة الجزائريين من التأشيرات إلى النصف منذ عام 2021. وكان الهدف فرض ضغط عليها لتليين موقفها من القضية، لكن ذلك لم يتحقق، وظلت أزمة المهاجرين تُراوح مكانها، مع الإشارة إلى أن تقليص عدد التأشيرات طال تونس والمغرب أيضاً.

ووفق هؤلاء المراقبين، فإن الجانب الفرنسي «يرغب في تفعيل اتفاق ثنائي مع الجزائر يسمح للسلطات الفرنسية بترحيل أي جزائري يوجد على أرضها بطريقة غير قانونية»؛ بشرط أن تثبت المصالح القنصلية الجزائرية بفرنسا جنسيته الجزائرية، وهو ما لم يُتَح لفرنسا في السنين الأخيرة؛ لأن الجزائر «لم تتأكد من الهوية الحقيقية لآلاف المهاجرين الذين تزعم وزارة الداخلية الفرنسية أنهم جزائريون»، وفقاً للموقف الرسمي الذي جرى تبليغه إلى فرنسا.

لقاء سابق بين وزيري داخلية الجزائر وفرنسا (الداخلية الجزائرية)

وسبق لدارمانان أن سعى إلى إيجاد مَخرج من هذه الأزمة، عندما زار الجزائر نهاية 2022 مع زوجته. وحاول الجانبان إضفاء أجواء لطيفة بالتعامل مع الزيارة على أنها «عائلية»، وذلك بترتيب لقاء لدارمانان مع أقارب جدّه لأمه، وهو جزائري محارب سابق في صفوف الجيش الفرنسي، عاش في صحراء الجزائر. وعاد دارمانان إلى بلاده، بعد اتفاق ثنائي مبدئي على إيجاد مساحة يلتقي عندها البلدان تحقق لكليهما المصلحة في الملف الشائك المرتبط بالهجرة.

لكن بعد شهرين انفجرت أزمة خطيرة أثّرت على جودة العلاقات التي لاحت في الأفق حديثاً. ففي فبراير (شباط) 2023، اتهمت الجزائر المخابرات الفرنسية بـ«إجلاء سراً» معارِضة فرنكو جزائرية تُدعى أميرة بوراوي، إلى تونس ومنها إلى فرنسا، بينما كانت تحت طائلة المنع من السفر. وقالت السلطات الفرنسية يومها إنها «منحت الحماية القنصلية لأحد رعاياها بطلب منها»، على أساس أن ذلك من حقها، ما دامت بوراوي وُجدت في بلد لم تكن ملاحَقة به قضائياً؛ وهو تونس. وكانت العلاقات الثنائية قد مرّت بفترات مدّ وجزر، لسنين طويلة، لكنها لم تصل إلى التوتر الذي شهدته في «قضية تهريب بوراوي».

الرئيسان الجزائري والفرنسي بالجزائر في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

ولاحقاً، وقعت أحداث وتبادل تصريحات ومواقف نسفت كل محاولات التقارب في قضية الهجرة ومسائل أخرى ذات صلة بـ«الذاكرة المشتركة ومخلّفات الاستعمار»، منها مناوشات بين كبار المسؤولين في البلدين، بسبب مرسوم أصدرته الرئاسة الجزائرية، يعيد جزءاً محذوفاً من النشيد الوطني يتضمن هجوماً حادّاً على فرنسا الاستعمارية. فقد أثار ذلك حفيظة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، التي انتقدت «تصرفاً خارج سياق التاريخ». وردّ عليها نظيرها الجزائري أحمد عطاف قائلاً: «ربما كان يمكنها أن تنتقد أيضاً موسيقى النشيد الوطني... فربما الموسيقى لا تناسبها!».


مقالات ذات صلة

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

شمال افريقيا مشاركون في ندوة جامعة أسيوط عن «الهجرة غير المشروعة» تحدثوا عن «البدائل الآمنة» (المحافظة)

مصر لمكافحة «الهجرة غير المشروعة» عبر جولات في المحافظات

تشير الحكومة المصرية بشكل متكرر إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ تعيينات دونالد ترمب في إدارته الجديدة تثير قلق تركيا (رويترز)

ترمب يؤكد عزمه على استخدام الجيش لتطبيق خطة ترحيل جماعي للمهاجرين

أكد الرئيس المنتخب دونالد ترمب أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود واستخدام الجيش الأميركي لتنفيذ عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير الشرعيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا مهاجرون عبر الصحراء الكبرى باتجاه أوروبا عبر ليبيا وتونس (رويترز)

السلطات التونسية توقف ناشطاً بارزاً في دعم المهاجرين

إحالة القضية إلى قطب مكافحة الإرهاب «مؤشر خطير لأنها المرة الأولى التي تعْرض فيها السلطات على هذا القطب القضائي جمعيات متخصصة في قضية الهجرة».

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار بالبشر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية أحد اليهود الأرثوذكس في القدس القديمة يوم 5 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

الهجرة إلى إسرائيل ترتفع في عام الحرب

أظهرت أرقام جديدة أن 11700 يهودي أميركي قدموا طلبات من أجل الهجرة إلى إسرائيل بعد بداية الحرب في قطاع غزة يوم السابع من أكتوبر العام الماضي.

كفاح زبون (رام الله)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

في سياق تكثيف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار، ناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي بهدف تقليل تأثيرات وخسائر الحرب السودانية، ودعم الأمن الغذائي بين البلدين.

واستضافت العاصمة المصرية القاهرة فعاليات «الملتقى المصري - السوداني الأول لرجال الأعمال»، اليوم السبت، بعد أيام من انعقاد «المؤتمر الاقتصادي الأول» في السودان، وناقش مسؤولون ورجال أعمال من البلدين فرص التوسع في الشراكات الاقتصادية.

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 13 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزير النقل والصناعة، كامل الوزير، في كلمته بالملتقى، أن التحديات التي تواجهها مصر والسودان «تفرض التعاون المشترك في مختلف المجالات»، لافتاً إلى حرص بلاده على «دعم السودان لتجاوز محنة الحرب وعودة الاستقرار».

وعدد الوزير المصري مجموعة من الفرص، التي يمكن استثمارها لدفع مجالات التجارة والصناعة والاستثمار في البلدين، منها «ثلاثة محاور للنقل البري، والمواني الجافة على الحدود المشتركة في معبري (قسطل وأرقين)»، إلى جانب ميناء للملاحة النهرية بين بحيرة ناصر (جنوب مصر) إلى وادي حلفا (شمال السودان)، معلناً عن مخطط مصري لمد مشروع خط القطار السريع «أبو سمبل - الإسكندرية» إلى السودان في منطقة «وادي حلفا»، ومؤكداً أن دراسات المشروع «باتت جاهزة للتنفيذ وتتبقى موافقة الجانب السوداني».

ويربط مصر والسودان منفذان بريان، هما معبرا «أرقين»، و«أشكيت» (ميناء قسطل) بوادي حلفا بالولاية الشمالية، ويعتمد البلدان على المعبرين في التبادل التجاري ونقل الأفراد.

وزير النقل المصري خلال كلمته بـ"الملتقى المصري-السوداني" (مجلس الوزراء المصري)

ودعا كامل الوزير المستثمرين السودانيين لتوسيع أعمالهم في السوق المصرية، مشيراً إلى أن حكومة بلاده «مستعدة لإزالة أي عقبات أمام الشركات السودانية للاستفادة من الفرص المتاحة في قطاعات التجارة والقطاعات الإنتاجية»، ومنوهاً بـ«إجراءات تحسين مناخ الاستثمار بمصر لتسهيل تأسيس الشركات، وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة».

وأضاف الوزير موضحاً أن «ملتقى رجال الأعمال المصري - السوداني» سيشكل «نواة للشراكة في المجال الصناعي بين البلدين، بما يعزز من التكامل الإقليمي، مع التعاون في مجال الأمن الغذائي».

وشارك في الملتقى وفد حكومي سوداني، ضم وزراء الصناعة والنقل والتموين والنفط والكهرباء، إلى جانب ممثلين من مجتمع الأعمال المصري - السوداني، وروابط الجالية السودانية بمصر.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب الداخلية، إلى جانب آلاف آخرين من الذين يعيشون في المدن المصرية منذ سنوات.

وعدّ السفير السوداني بمصر، عماد الدين عدوي، أن مبادرة انعقاد (ملتقى رجال الأعمال) بين البلدين «تستهدف تدشين شراكة لإعادة الإعمار في بلاده بعد الحرب»، مشيراً إلى أن الشركات المصرية (حكومية وخاصة) «هي الأجدر والأقدر على القيام بعملية الإعمار، وإعادة بناء ما دمرته الحرب».

كما أشار عدوي إلى أن الحرب «أثرت على النشاط الاقتصادي لبلاده، وحدّت من فرص التبادل التجاري»، غير أنه لفت إلى أن «نسب التجارة المصرية - السودانية لم تتأثر كثيراً، إذ حافظت على استقرارها عامي 2022 و2023»، وقال إن من أهداف الملتقى «دفع الشراكة لتحقيق الأمن الغذائي».

وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان نحو 1.4 مليار دولار خلال عام 2023، مقابل 1.5 مليار دولار عام 2022، بنسبة انخفاض قدرها 6.4 في المائة، وفق إفادة لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر، في مارس (آذار) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

مشاركات واسعة في "الملتقى المصري-السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة" (مجلس الوزراء المصري)

من جانبه، تحدث وزير التموين المصري، شريف فاروق، عما تنفذه بلاده من مشروعات بنية تحتية ولوجيستية، وقال إن تلك المشروعات «تمنح فرصاً للمستثمرين المصريين والسودانيين لتعزيز شراكتهم واستثماراتهم».

بينما أشار وزير التموين والتجارة السوداني، عمر محمد أحمد، إلى تأثير الحرب الداخلية على القطاعات الإنتاجية في بلاده، لافتاً في كلمته بالملتقى إلى «حاجة بلاده لمزيد من الاستثمارات في الأمن الغذائي»، ودعا إلى «تأسيس تحالف استراتيجي اقتصادي تجاري بين البلدين».

وناقش الملتقى ورقتي عمل حول عملية «إعادة الإعمار في السودان»، وفرص «تحقيق الأمن الغذائي بين البلدين»، وقدّر مدير «مركز التكامل المصري - السوداني»، عادل عبد العزيز، حجم خسائر القطاع الاقتصادي في السودان بسبب الحرب بنحو «89 مليار دولار»، من دون احتساب خسائر تدمير البنية التحتية والمنشآت، وقال في كلمته بالملتقى إن السودان «يواجه إشكالية مع المجتمع الدولي، ويعوّل على الشراكة مع الدول الصديقة مثل مصر لتجاوز أي تحديات».

وخلال فعاليات الملتقى، تحدث ممثلون عن المستثمرين ورجال الأعمال بالبلدين، وأشار ممثل مجتمع الأعمال السوداني، سعود مؤمن، إلى أن الملتقى «يروم تكامل جهود البلدين في إعادة الإعمار، وتوفير احتياجات السودان من السلع الضرورية»، منوهاً بـ«رغبة القطاع الخاص السوداني في تدشين تجمعات اقتصادية مع نظرائهم بمصر في مجال الصناعات الغذائية».

كما أشار رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، إلى أن «الزراعة تعد من أكثر المجالات جذباً للاستثمار بالسودان لتوافر المياه والأرض الصالحة»، فيما رأى ممثل مجتمع الأعمال المصري، أحمد السويدي، أن «التصنيع الزراعي أحد المجالات التي يمكن الاستثمار بها في السودان».