ميلانين اصطناعي يسرّع من علاج حروق الشمس

تطبيق الميلانين الاصطناعي على الجلد الملتهب (جامعة نورث وسترن)
تطبيق الميلانين الاصطناعي على الجلد الملتهب (جامعة نورث وسترن)
TT

ميلانين اصطناعي يسرّع من علاج حروق الشمس

تطبيق الميلانين الاصطناعي على الجلد الملتهب (جامعة نورث وسترن)
تطبيق الميلانين الاصطناعي على الجلد الملتهب (جامعة نورث وسترن)

تخيل كِريماً للبشرة يعالج، بشكل دائم، الأضرار التي تحدث على مدار اليوم، عندما تتعرض بشرتك لأشعة الشمس، أو حتى للسموم الكيميائية التي تنتشر في البيئة. هذه هي بعض الإمكانات التي يتمتع بها «ميلانين اصطناعي» طوَّره فريق من العلماء في جامعة «نورث وسترن» الأميركية.

وفي دراستهم، المنشورة الخميس بدورية «ريجينيريتيف ميديسين» التي تُعنَى بأبحاث الطب التجديدي، أظهرت النتائج أن الميلانين الاصطناعي يحاكي الميلانين الطبيعي في جِلد الإنسان، ويمكن تطبيقه موضعياً على الجلد المُصاب.

وأفاد فريق الدراسة بأنه عند وضعه في كِريم، يمكن للميلانين الاصطناعي أن يحمي البشرة عند التعرض لأشعة الشمس، كما يشفي الجِلد المصاب بسبب أضرار أشعة الشمس أو الحروق الكيميائية.

وتعمل التقنية الجديدة على التخلص من الجذور الحرة «الشاردة» التي ينتجها الجلد المصاب نتيجة حروق الشمس، حيث ابتكر باحثو الدراسة جسيمات نانوية مصممة هندسياً للميلانين، وقاموا بتعديل بنيته ليكتسب قدرة أعلى على التخلص من الجذور الحرة.

ويؤدي ترك نشاط الجذور الحرة دون علاج إلى إتلاف خلايا الجسم، كما قد يؤدي في النهاية إلى شيخوخة الجلد أو الإصابة بسرطان الجلد.

وقال الباحث المشارك بالدراسة، ناثان جيانيشي، أستاذ الكيمياء والهندسة الطبية الحيوية وعلم الصيدلة بجامعة «نورث وسترن»، في بيان صحافي صادر الخميس: «إن الميلانين الاصطناعي قادر على التخلص من مزيد من الجذور الحرة لكل جرام، مقارنة بالميلانين البشري». وأضاف: «يمكن وصفه بالميلانين الفائق، إنه متوافق حيوياً مع الجسم وقابل للتحلل وغير سامّ، فهو بمثابة إسفنجة فعالة، حيث يزيل العوامل الضارّة ويحمي البشرة».

تظهر الجذور الحرة خضراء اللون داخل الجلد الملتهب (جامعة نورث وسترن)

ووفق نتائج الدراسة، فبمجرد وضعه على الجلد، يبقى الميلانين على السطح، ولا يتم امتصاصه في الطبقات الموجودة أسفله. ويوفر الميلانين الطبيعي في البشر والحيوانات تصبغاً للجلد والعينين والشعر، إذ تحمي هذه المادة خلايانا من أضرار أشعة الشمس، عبر زيادة التصبغ؛ استجابة لأشعتها التي تسقط على الجلد. ويتخلص الصباغ الموجود في جلد الإنسان بشكل طبيعي من الجذور الحرة عند التعرض للملوثات البيئية الضارة الناتجة عن الأنشطة الصناعية، وأبخرة عوادم السيارات.

من جانبه، أوضح الدكتور هيثم شعبان، أستاذ الفيزياء الحيوية المشارك، ومدير مشروع بحثي بـ«مركز أجورا لأبحاث السرطانات الانتقالية» بلوزان، وكلية الطب بجامعة جنيف في سويسرا، «أن التعرض المفرط لأشعة الشمس فوق البنفسجية أو المهيّجات الكيميائية يؤدي إلى التهاب الجلد، وزيادة الالتهاب تؤدي إلى التورم».

وقال إنه «نتيجة الاستجابة المناعية، تتجه الخلايا المناعية المضادة للالتهابات إلى المنطقة الجلدية الملتهبة لتهدئة الالتهاب. لكن يؤدي تراكم العوامل الالتهابية على المدى الطويل في أنسجة الجلد، في النهاية، إلى بيئة دقيقة مثبطة للمناعة تفضل تكوين الأورام. وقد يؤدي الالتهاب الناتج عن إصابات الجلد المزمنة أيضاً إلى طفرات جينية مسببة للسرطان».

وأضاف: «يعمل الميلانين الطبيعي؛ وهو أحد مضادّات الأكسدة، على إزالة تأثير الالتهابات الجلدية، لكن في حالات الالتهاب الزائد والتورم فإن كمية الميلانين الطبيعي لا تكون كافية».

وهو ما شدّد عليه الباحث المشارك بالدراسة، الدكتور كورت لو، أستاذ طب الأمراض الجلدية في جامعة «نورث وسترن» فاينبرج: «إذا مشيت تحت أشعة الشمس، فإنك تعاني من قصف مستمر منخفض الدرجة للأشعة فوق البنفسجية. ويتفاقم هذا خلال ساعات الذروة في منتصف النهار وموسم الصيف. نحن نعلم أن البشرة المعرَّضة للشمس تتقدم في العمر، مقابل البشرة المحمية بالملابس، والتي لا تظهر تقدم السن بالقدر نفسه تقريباً».

ويشيخ الجلد أيضاً بسبب التقدم في العمر بوصفه أحد أعراض الشيخوخة، وكذلك بسبب العوامل البيئية الخارجية، بما في ذلك التلوث البيئي. قال لو: «كل هذه الأضرار التي يتعرض لها الجلد تؤدي إلى ظهور الجذور الحرة التي تسبب الالتهابات وتكسر مادة الكولاجين»، مشدداً على أن هذا أحد الأسباب التي تجعل البشرة المتقدمة في السن تبدو مختلفة تماماً عن البشرة الأصغر سناً.

وأوضح شعبان: «قدّمت الدراسة نوعين من جسيمات الميلانين الاصطناعية النانوية التي تعمل على تقليل التورم بشكل كبير، وتقليل التعبير الجيني لأحد الجينات المسبب لسرطان الجلد، وكبح البروتينات المحفزة لعوامل نمو وتكاثر الخلايا، والسيتوكينات، لذلك تُعدّ جسيمات الميلانين الاصطناعية هذه مرشحاً واعداً وفعالاً بوصفه علاجاً موضعياً لتسريع التئام الجروح وتقليل خطر الإصابة بسرطانات الجلد».


مقالات ذات صلة

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
TT

افتتاح «مركز الدرعية» الوجهة الأولى لفنون الوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)
المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

نحو إثراء المشهد العالمي لفنون الوسائط الجديدة عبر تقديم وجوه إبداعية من المنطقة، تجمع بين الفن، والتكنولوجيا، والابتكار، افتتح مركز الدرعية لفنون المستقبل أبوابه رسمياً، اليوم (الثلاثاء)، بوصفه أول مركز مخصص لفنون الوسائط الجديدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، متخذاً من منطقة الدرعية التاريخية المسجّلة في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي موقعاً له.

ويأتي المركز في مبادرة تجمع بين وزارة الثقافة، وهيئة المتاحف، وشركة الدرعية في السعودية، في الوقت الذي انطلق ببرنامج متنوع يشمل أنشطة ومعارض فريدة ومبادرات تفاعلية مع الجمهور، مع التركيز على تمكين الفنانين والباحثين ومتخصصي التكنولوجيا من داخل المنطقة وخارجها، في بيئة إبداعية مجهزة بأحدث المختبرات والاستوديوهات الرقمية ومساحات العرض المبتكرة.

وقالت منى خزندار المستشارة في وزارة الثقافة السعودية إن «مركز الدرعية لفنون المستقبل يجسّد التزامنا بتطوير الإنتاج الفني المبتكر واحتضان أشكال جديدة من التعبير الإبداعي، فمن خلاله نسعى إلى تمكين الفنانين والباحثين ودعمهم لإنتاج أعمال بارزة والخروج بأصواتهم الإبداعية إلى الساحة العالمية».

وأشارت إلى أن المركز سيُوظّف مساحاته للتعاون والإبداع لترسيخ مكانة المملكة في ريادة المشهد الثقافي والتأكيد على رؤيتها في احتضان أشكال التعبير الفني محلياً وعالمياً.

من جانبه، بين الدكتور هيثم نوار مدير مركز الدرعية لفنون المستقبل أن افتتاح المركز يمثّل منعطفاً في السردية القائمة حول فنون الوسائط الجديدة، لكونه يخرج بالمرئيات والتصوّرات الإقليمية إلى منابر الحوار العالمية.

المركز يقدم وجوهاً إبداعية تجمع بين الفن التكنولوجيا والابتكار (واس)

وقال: «إن المركز سيتجاوز حدود الإبداع المتعارف عليها نحو آفاق جديدة، وسيقدّم للعالم مساحة للابتكار والنقد الفني البنّاء عند تقاطع الفن والعلوم والتكنولوجيا».

وتتزامن انطلاقة مركز الدرعية لفنون المستقبل مع افتتاح معرضه الأول بعنوان «ينبغي للفنّ أن يكون اصطناعياً... آفاق الذكاء الاصطناعي في الفنون البصرية» خلال الفترة من 26 نوفمبر (تشرين ثاني) إلى 15 فبراير (شباط) المقبل، حيث يستكشف المعرض، الذي أشرف عليه القيّم الفني جيروم نوتر، تاريخ فن الحاسوب منذ نشأته في ستينات القرن الماضي وحتى يومنا الحاضر، من خلال أعمال فنية متنوعة تحمل توقيع أكثر من 30 فناناً إقليمياً وعالمياً.

وسيحظى الزوار بفرصة استكشاف أعمال من صنع قامات في الفن أمثال فريدر نايك (ألمانيا) وفيرا مولنار (هنغاريا/فرنسا) وغيرهما من المُبدعين في ميادين الابتكار المعاصر مثل رفيق أناضول (تركيا) وريوجي إيكيدا (اليابان).

وسيكون للفنانين السعوديين لولوة الحمود ومهند شونو وناصر بصمتهم الفريدة في المعرض، حيث يعرّفون الزوّار على إسهامات المملكة المتنامية في فنون الوسائط الجديدة والرقمية.

وبالتزامن مع الافتتاح، يُطلق المركز «برنامج الفنانين الناشئين في مجال فنون الوسائط الجديدة»، بالتعاون مع الاستوديو الوطني للفن المعاصر - لوفرينوا في فرنسا. ويهدف البرنامج، الذي يمتد لعام كامل، إلى دعم الفنانين الناشئين بالمعدات المتطورة والتوجيه والتمويل اللازمين لإبداع أعمال متعددة التخصصات.

وأعلن المركز عن برنامج «مزرعة» للإقامة الفنية، المخصص لفناني الوسائط الرقمية، في الفترة من فبراير (شباط) حتى أبريل (نيسان) 2025، ويهدف إلى استكشاف العلاقة بين الطبيعة والتكنولوجيا والمجتمع من خلال موارد المركز.

ويجسد مركز الدرعية لفنون المستقبل «رؤية السعودية 2030»، التي تسعى إلى تعزيز الابتكار، والتعاون العالمي، وترسيخ مكانة المملكة بوصفها وجهة رائدة في الاقتصاد الإبداعي العالمي.