هل حان الوقت لكي تُثبت العملات الرقمية للمصارف المركزية قيمتها؟

البنوك التجارية قلقة على أرباحها ومن سحب حجم كبير من ودائعها

منظر يظهر شعار البنك المركزي الأوروبي خارج مقره الرئيسي في فرانكفورت، ألمانيا (رويترز)
منظر يظهر شعار البنك المركزي الأوروبي خارج مقره الرئيسي في فرانكفورت، ألمانيا (رويترز)
TT

هل حان الوقت لكي تُثبت العملات الرقمية للمصارف المركزية قيمتها؟

منظر يظهر شعار البنك المركزي الأوروبي خارج مقره الرئيسي في فرانكفورت، ألمانيا (رويترز)
منظر يظهر شعار البنك المركزي الأوروبي خارج مقره الرئيسي في فرانكفورت، ألمانيا (رويترز)

تُعد الخطوة المهمة التي اتخذها المصرف المركزي الأوروبي نحو بدء التحضير لإطلاق اليورو الرقمي في غضون بضع سنوات، إعلاناً صريحاً بأن الوقت حان لكي يُثبت هذا النوع من الأموال قيمته.

عدد قليل من البلدان أدخل العملات الرقمية التي أصدرتها مصارفها المركزية والمعروفة بـ«CBDC». فعلى سبيل المثال، تجري الصين تجارب مع نموذج أولي لليوان الرقمي، الذي يستخدمه أكثر من 200 مليون شخص. كما تستعد الهند لخوض هذه التجربة، في حين تقوم حوالي 130 دولة تمثل 98 في المائة من الاقتصاد العالمي باستكشاف النقد الرقمي، حسب ما ذكرت وكالة «رويترز» للأنباء.

ويوم الأربعاء، أعلن المصرف المركزي الأوروبي إنشاء نموذج تجريبي يمكن أن يؤدي إلى عملة رقمية للدول العشرين التي تستخدم اليورو. ويعد هذا التحرك بمثابة خطوة مهمة، حيث يجعل المصرف المركزي الأوروبي أول مصرف مركزي غربي ذي وزن ثقيل يمضي قدماً رسمياً في تطوير العملة الرقمية.

وكان المصرف قد ذكر بأن مجلس الإدارة منح الضوء الأخضر للانتقال إلى مرحلة التحضير المقرر أن تستمر لعامين بشكل مبدئي تبدأ في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وفي غضون هذه الفترة، من المقرر أن يستكمل المصرف المركزي الأوروبي كتاب الإرشادات الخاص به، ويختار الجهات المزوّدة للخدمة حيث ستتولى تطوير منصة وبنية تحتية للمشروع. وفي هذا الإطار، يروج المؤيدون للعملات الرقمية للمصارف المركزية باعتبارها وسيلة لتحديث المدفوعات بوظائف جديدة، وتوفير بديل للنقود المادية التي تتراجع تدريجياً. ومع ذلك، تظل هناك تساؤلات حول السبب وراء كون العملات الرقمية للمصارف المركزية تمثل تقدماً. ومع ذلك، فإن الجدوى الفعلية للعملات الرقمية للمصارف المركزية لا تزال محل شك، حيث لاقت هذه العملات استقبالاً ضعيفاً في نيجيريا. كما واجهت خطط المركزي الأوروبي لإطلاق اليورو الرقمي العديد من الاحتجاجات.

ويشعر المصرفيون التجاريون بالقلق من التكاليف والنزيف المحتمل للودائع، حيث يمكن للعملاء تحويل الأموال إلى حسابات المصارف المركزية، في حين تشعر الدول النامية بالقلق من أن الدولار الرقمي أو اليورو أو اليوان الذي يمكن الوصول إليه بسهولة قد يلحق الضرر بأنظمتها.

وفي هذا الإطار، ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» أن محافظي المصارف المركزية يقترحون حداً أقصى لحجم حساب العملة الرقمية للمصرف المركزي الأوروبي، الذي من المحتمل أن يكون حوالي 3000 دولار. ومع ذلك، فإن الامتصاص الكامل لا يزال يعني ألماً كبيراً. إذ يمكن لليورو الرقمي سحب ما يقرب من تريليون دولار من الودائع من النظام الأوروبي أو ما يعادل 10 في المائة من ودائع التجزئة. كما ستنخفض الرسوم أيضاً. قد تضطر المصارف لتعويض أي عجز عن طريق سحب الاحتياطيات الزائدة. هذا السيناريو الأسوأ من شأنه تبديل صافي دخل الفوائد ويحلق 9 في المائة أخرى من ربحية المصرف.

وقال جوش ليبسكي، الذي يدير أداة تعقب عالمية للعملات الرقمية للمصارف المركزية في المجلس الأطلسي، إن خطة المصرف المركزي الأوروبي هي صفقة كبيرة للغاية، والعالم يراقب ذلك عن كثب، لافتاً إلى أن المصرف المركزي الأوروبي يعد من أكبر المصارف المركزية، وإذا توصل إلى إجابات لقضايا الخصوصية والأمن السيبراني والقدرة على استخدامها خارج الإنترنت، فسيكون له تأثير كبير. وأضاف: «شعرت المصارف المركزية بالفزع قبل خمس سنوات عندما طرحت شركة (فيسبوك) خططاً لعملة منفصلة. ومع ذلك، لا يزال يتعين على صانعي السياسات إقناع الكثيرين بشكل كامل بسبب الحاجة إلى العملات الرقمية للمصارف المركزية».

من جانبه، عدَّ عضو المجلس التنفيذي للمركزي الأوروبي الذي يشرف على ملف اليورو الرقمي في المصرف، فابيو بانيتا، أن هذه الخطوة ستساعد في حماية العملة مستقبلاً وتقليل ما سمّاه الاعتماد المفرط على أنظمة الدفع ببطاقات الائتمان الموجودة في الولايات المتحدة الأميركية.

أما المدير الإداري للتقنيات المتقدمة في مصرف «باركليز» والمشارك في بعض العمليات، لي برين، فقال إنه ليس من الواضح بعد ما يمكن القيام به من خلال العملات الرقمية للمصارف المركزية بالتجزئة، التي لا يمكن تكرارها أيضاً بأموال المصارف التجارية. وقال: «من المرجح أن يؤدي ذلك إلى كسر بعض وحدة المال، مما يشير إلى خطر وجود نظام من مستويين إذا سمح للعملات الرقمية للمصارف المركزية بأن يكون لها وظائف أو قواعد إفصاح مختلفة عن الحسابات المصرفية».

ويبقى المجهول الرئيسي هو ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أو بنك اليابان سيطلقان عملات رقمية للبيع بالتجزئة. ويمكن أن تكون الهند بيئة اختبار أكثر فاعلية من الصين، لأنه على الرغم من أن كل عملاق آسيوي يضم أكثر من مليار نسمة، إلا أن الهند تتمتع باقتصاد أكثر انفتاحاً. في المقابل، يبدو أن كندا وبعض الدول الأخرى تضغط على المكابح، في حين أن معظم أولئك الذين يستخدمون العملات الرقمية للمصارف المركزية لا يبدون سوى القليل من الاهتمام.

وأظهرت بيانات هذا الشهر من جزر البهاما، التي أطلقت أول عملة رقمية في العالم في عام 2020، أن المعاملات الشخصية لـ«ساند دولار» انخفضت بنسبة 11 في المائة في الأشهر السبعة الأولى من العام، بينما انخفضت عمليات زيادة المحفظة أربعة أضعاف.

ووصفت ورقة بحثية لصندوق النقد الدولي في شهر مايو (أيار) الماضي التبني العام لعملة «إي نيرا» النيجيرية بأنها منخفضة بشكل مخيب للآمال، في حين عدَّ المصرف المركزي النيجيري أن المستوى الحالي لاعتماد «إي نيرا» يعكس المرحلة المبكرة من الوعي بالعملات الرقمية للمصارف المركزية، مضيفاً أنها جاءت متوافقة مع التوقعات.

وحسب أحد أعضاء المجلس الأطلسي، فإن السؤال الشامل حول تطوير العملات الرقمية للمصارف المركزية هو: كيف يؤدي ذلك إلى تحسين النظام المالي؟ وهذا هو جوهر الأمر حقاً.


مقالات ذات صلة

«البتكوين» تواصل صعودها التاريخي... هل تتجاوز حاجز الـ100 ألف دولار؟

الاقتصاد تمثيل لعملة البتكوين يظهر أمام مخطط للأسهم (رويترز)

«البتكوين» تواصل صعودها التاريخي... هل تتجاوز حاجز الـ100 ألف دولار؟

تسارعت وتيرة ارتفاع سعر «البتكوين» نحو الـ100 ألف دولار يوم الخميس؛ حيث يراهن المستثمرون على نهج أكثر دعماً للعملات الرقمية في عهد دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد العملة المشفرة بتكوين في صورة توضيحية (رويترز)

البتكوين تحلق فوق 94 ألف دولار مع تفاؤل بدعم ترمب العملات المشفرة

ارتفع سعر البتكوين؛ العملة المشفرة الأكبر والأكثر شعبية في العالم، بأكثر من الضِّعف، هذا العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

قطاع العملات المشفرة ينتظر العوائد بعد أن «أنفق الكثير» لإعادة انتخاب ترمب

ضخت لجان العمل السياسي الرائدة بصناعة العملات المشفرة 131 مليون دولار بسباق الانتخابات الأميركية الأخيرة للمساعدة في انتخاب مشرّعين مؤيدين للعملات المشفرة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد التمثيلات المادية للعملة المشفرة البتكوين (رويترز)

ثورة «البتكوين» مستمرة... وسعر قياسي يقترب من 90 ألف دولار

تواصل «البتكوين»، العملة الرقمية الأشهر، تحقيق ارتفاعات مذهلة، حيث لامست مستويات قياسية جديدة اقتربت من 90.000 دولار.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد تمثيلات «البتكوين» في هذا الرسم التوضيحي الملتقط في باريس (رويترز)

«بتكوين» تُكبد المضاربين خسائر بمليارات الدولارات بعد فوز ترمب

تكبّد المستثمرون الذين راهنوا على تراجع أسعار العملات الرقمية والأسهم المرتبطة بتقنيات سلسلة الكتل (بلوكتشين) خسائر كبيرة منذ 6 نوفمبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (لندن)

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

أتت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بفوائد ضخمة على الملياردير إيلون ماسك، بحسب تقرير لشبكة «سي إن إن».

وأصبح أغنى شخص في العالم أكثر ثراءً يوم الجمعة؛ إذ بلغ صافي ثروة ماسك رقماً قياسياً وصل إلى 347.8 مليار دولار. وهذا يتفوق على رقمه القياسي السابق الذي سجله في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2021، عندما تجاوز صافي ثروة مؤسس شركة «تسلا» 340 مليار دولار، وفقاً لمؤشر «بلومبرغ» للمليارديرات.

وانتعشت أسهم «تسلا» منذ انتخابات 5 نوفمبر، وارتفعت بنسبة 3.8 في المائة يوم الجمعة. ومنذ الانتخابات، ارتفع السهم بنحو 40 في المائة على اعتقاد المستثمرين أن نفوذ ماسك في إدارة دونالد ترمب سيبشر بعصر من إلغاء القيود التنظيمية الذي سيفيد الشركة.

وماسك، أكبر مساهم فردي في «تسلا»، أصبح أغنى بنحو 83 مليار دولار منذ يوم الانتخابات، بحسب «بلومبرغ».

وقد دفع التحالف مع الرئيس المنتخب دونالد ترمب ماسك ومشاريعه إلى الصدارة. والملياردير الأميركي هو الرئيس التنفيذي لشركتَي «تسلا» و«سبيس إكس»، بالإضافة إلى كونه مالك منصة «إكس» والرئيس التنفيذي لمشاريع أخرى، بما في ذلك «نيورالينك». الآن، جنباً إلى جنب مع فيفيك راماسوامي، سيشرف على وزارة كفاءة الحكومة (DOGE) الجديدة.

كما تضاعفت قيمة شركة ماسك الناشئة للذكاء الاصطناعي «إكس إيه آي»، هذا الأسبوع في جولة تمويل جديدة، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال».

وازدادت ثروة ماسك بشكل كبير؛ مما دفعه إلى تجاوز أقرانه في تصنيفات المليارديرات، والتي غالباً ما تشهد تبادل المتنافسين الأوائل للأماكن. واعتباراً من يوم الثلاثاء، كان ماسك أغنى بمقدار 100 مليار دولار من ثاني أغنى شخص بالعالم؛ مؤسس «أمازون» جيف بيزوس.