صعّد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، من مواجهته للمشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، معلناً تمسكه بضرورة التحقيق في الأحداث التي شهدتها بنغازي أخيراً، وأدت إلى «قطع الاتصالات» عن المدينة.
ولم يأتِ الدبيبة على ذكر اسم حفتر، لكنه أعاد الحديث عن مواجهات شهدتها بنغازي في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وكانت قوات تابعة لـ«الجيش الوطني» طرفاً فيها، على أثر اعتقال المهدي البرغثي، وزير الدفاع بحكومة «الوفاق الوطني» السابقة، الأمر الذي وصفه متابعون بأنه «تصعيد في مواجهة حفتر».
وأكد الدبيبة، خلال اجتماع حكومته بطرابلس (الخميس)، «رفضه ضلوع أي جهة عسكرية أو أمنية، أو أي اسم تحت أي شعار، بعزل مدن كاملة عن العالم وقطع الاتصالات عن أهلها، بحجة فرض الأمن، ونقلهم إلى العصور الوسطى».
وتصعيداً للموقف مع جبهة شرق البلاد، طالب الدبيبة النائب العام بـ«فتح تحقيق شامل» في المواجهات التي شهدتها بنغازي، وما أسفر عنها من قطع «متعمد للاتصالات والإنترنت»، وما سببه ذلك من «عزل للمدينة بشكل كامل عن العالم». وقال: «لا تزال الحقيقة غائبة بعد تسييس التحقيقات الأمنية، وإخراجها بشكل لا يقبله عقل ولا منطق».
وكان البرغثي قد انشق عن الجيش الوطني، ليتولى حقيبة الدفاع في حكومة فائز السراج السابقة بالعاصمة طرابلس، وأمضى سنوات بعيداً عن بنغازي، لكن فور عودته إليها مساء السادس من أكتوبر الحالي، محاطاً بمسلحين، اندلعت اشتباكات واسعة في المدينة، واعتقله الجيش على أثر ذلك، وقال حينها إن «الهدوء عاد سريعاً» إلى المدينة، وقضية البرغثي «أصبحت أمام القضاء الآن».
وبعد أن وصف الدبيبة ما شهدته بنغازي بـ«التطور الخطير في عزل المدن، واستخدام القوة ضد الشعب وسط أحياء سكنية مكتظة»، تحدث عن الأوضاع في درنة، مشيداً بفرق الإنقاذ والإغاثة محلياً وعربياً ودولياً، ومثمناً على «جهودهم المبذولة للحد من المعاناة» التي خلفها الإعصار «دانيال».
وقال إن جهود حكومته «لا تزال متواصلة في مجابهة تداعيات الكارثة، وفي خطوط متوازية ومراحل مختلفة، من إغاثة وخدمات وإعمار»، موضحاً أن إعادة إعمار درنة وفق رؤية حكومته «لا مجال ولا مكان فيها للتجاذبات السياسية والانتهازين».
كما جدد الدبيبة موقفه من الانتخابات، وقال إنه مع إجراء الاستحقاق بشكل «حر ونزيه، وتجديد الشرعية للسلطتين التشريعية والتنفيذية، وفق قوانين عادلة غير مفصَّلة لإقصاء أو إنجاح طرف أو فرد بعينه».
في غضون ذلك، تحدثت الحكومة في اجتماعها (الخميس) عن تدارس «قرار إنشاء منطقة بحرية جديدة تخضع لسلطة الدولة الليبية، وتمدّ الحدود البحرية من 12 إلى 24 ميلاً بحرياً، بما لا يخالف القوانين الدولية، أو يسبب اعتداء على الحدود البحرية للدول الأخرى». وتزامن ذلك مع دعوة عبد الله باتيلي، المبعوث الأممي إلى ليبيا، إلى إنهاء «دوامة الحكومات الانتقالية والموازية في شرق البلاد وغربها». وقال إن عقد الاستحقاق سيقود إلى «برلمان شرعي وحكومة شرعية، وأجهزة أمنية موحدة، إضافة إلى جيش موحد»، مشيراً في حوار مع فضائية «ليبيا الأحرار» إلى أن الأطراف السياسية الليبية «ترفض الجلوس على طاولة حوار واحدة، بينما تجدهم يغادرون البلاد للقاء القادة الأجانب». وأكد أن إجراء الانتخابات «لا يحتاج إلى سنتين للتحضير». كما أكد أن عقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية بشكل متزامن «ليس عليه اعتراض، لكنه سيطرح فرضية إلغاء الأولى في حال فشل الثانية».
ودفاعاً عن موقف البعثة في مواجهة موجة انتقادات تعرّضت لها عقب اعتراضها على بعض بنود قانونَي الانتخابات، قال باتيلي: «لسنا هنا لفرض أي أمر، وإنما من أجل الوساطة، ودعوة القادة لتحمل مسؤولياتهم، بعيداً عن الاعتبارات الجهوية والفئوية والمناطقية».
واتصالاً بالاعتراض على قانونَي الانتخابات، قال المجلس الأعلى للدولة، إن رئيسه محمد تكالة، التقى مساء (الأربعاء) شيوخ وأعيان الطوارق في ليبيا، وناقش معهم أزمات عدة، يواجهها أبناء الجنوب، مشيراً إلى أن الشيوخ والأعيان قدموا أسباب اعتراضهم على القوانين الانتخابية، «التي لم تنصفهم»، بحسب قولهم، بوصفهم «جزءاً من مكونات الشعب الليبي، وهم يطمحون إلى تحقيق العدالة».