غوتيريش يحذر من «حافة الهاوية»... وامتداد حرب غزة إلى المنطقة

مجلس الأمن يسابق الزمن لإثبات جدواه أمام أخطر أزمات الشرق الأوسط منذ عقود

سكان غزة يسعون إلى المياه (إ.ب.أ)
سكان غزة يسعون إلى المياه (إ.ب.أ)
TT

غوتيريش يحذر من «حافة الهاوية»... وامتداد حرب غزة إلى المنطقة

سكان غزة يسعون إلى المياه (إ.ب.أ)
سكان غزة يسعون إلى المياه (إ.ب.أ)

بالتزامن مع سباق مع الزمن بين أعضاء مجلس الأمن بهدف إيجاد أرضية مشتركة للتغلب على خلافاتهم والتحرك بشكل فاعل بعد مضي عشرة أيام على حرب غزة بين إسرائيل و«حماس»، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الشرق الأوسط بات «على شفير الهاوية» في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة على المدنيين الفلسطينيين المحاصرين والغموض حول مصير الأسرى والرهائن الإسرائيليين في القطاع، فضلاً عن الأخطار المتزايدة والمخاوف من امتداد النزاع إلى مناطق ودول أخرى.

سحب الدخان تتصاعد من بلدة بيت لاهيا نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية (إ.ب.أ)

وواصل أعضاء مجلس الأمن مشاوراتهم الثنائية للتعامل مع مشروعي قرارين، الأول قدمته روسيا والآخر البرازيل، في محاولة لتمكين مجلس الأمن من مواجهة الأزمة الحادة على رغم الخلافات العميقة حول المقاربة التي ينبغي اتباعها في وقت يعاني فيه أكثر من مليون فلسطيني من المدنيين في غزة تشريداً جديداً داخل القطاع، بعدما حذر الجيش الإسرائيلي من اجتياح وشيك في أعقاب هجمات «حماس» على المستوطنات والكيبوتزات المحيطة بغزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وبدت الولايات المتحدة والدول الغربية أكثر تركيزاً على التنديد بـ«حماس» وما قامت به، وأكثر استجابة للتحذيرات الأممية والعربية من خطورة الأزمة الإنسانية. لكنها حاولت عدم ممارسة أي ضغط على إسرائيل عبر الأمم المتحدة وأدواتها، بما في ذلك خصوصاً مجلس الأمن.

ترقب لحركة بلينكن

وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن في طريقه إلى إسرائيل (أ.ف.ب)

وإذ يترقب الدبلوماسيون في الأمم المتحدة ما يمكن أن ينجم عن الدبلوماسية المكوكية التي يجريها وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن في المنطقة، قال غوتيريش إنه «في هذه اللحظة الصعبة، وفيما نقف على حافة الهاوية في الشرق الأوسط، واجبي بصفتي أميناً عاماً للأمم المتحدة أن أوجه نداءين إنسانيين قويين»، مضيفاً أنه «بالنسبة لـ(حماس)، يجب إطلاق الرهائن فوراً من دون شروط. وبالنسبة لإسرائيل، يجب السماح بشكل عاجل ودون عوائق بوصول الإمدادات الإنسانية وعاملي الإغاثة من أجل المدنيين في غزة». وإذ ذكر بأن المياه والوقود، وغير ذلك من الإمدادات الأساسية تنفد من غزة، أشار إلى أن لدى الأمم المتحدة مخزوناً من الغذاء والماء والمواد غير الغذائية والإمدادات الطبية والوقود في كل مصر والأردن والضفة الغربية وإسرائيل، ويمكن إرسالها في غضون ساعات. وقال إنه «لضمان توصيلها يجب أن يتمكن زملاؤنا المتفانون على الأرض وشركاؤنا من المنظمات غير الحكومية، من جلب هذه الإمدادات إلى غزة وأنحائها دون عوائق لتوصيلها إلى المحتاجين».

عامل دفاع مدني فلسطيني يرش المياه فوق أنقاض مبنى دمر في أعقاب هجوم إسرائيلي على بلدة دير البلح في قطاع غزة (أ.ف.ب)

قلق إنساني... وأمل

وكذلك عبّر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث عن «قلقه البالغ» من الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة ومصير الرهائن الإسرائيليين، متوقعاً في الوقت ذاته «أنباء طيبة» فيما يتعلق بوصول المساعدات إلى جنوب غزة من مصر، منبهاً أن التاريخ «شاهد» على ما يحصل.

فلسطينيون ينتظرون العبور إلى مصر عند معبر رفح (أ.ب)

وقال: «نحن نعيش في أسوأ الأوقات. أول شيء أود التأكيد عليه هو العمل غير المقبول وغير القانوني المتمثل في أخذ هؤلاء الرهائن من إسرائيل، والكثير منهم، بحق الله، أطفال ونساء وشيوخ ومرضى، مع إبقائهم مختبئين في غزة ضد بعض الاحتمالات المستقبلية. يجب أن يتم السماح لهم بالخروج على الفور». واستدرك أن «الرد على هذا العمل الفظيع يشمل أيضاً القواعد الإنسانية للحرب. لا يمكنك أن تطلب من الناس الابتعاد عن طريق الأذى من دون مساعدتهم على القيام بذلك، والذهاب إلى الأماكن التي يختارونها، حيث يريدون أن يكونوا آمنين ومع المساعدات الإنسانية التي يحتاجون إليها للقيام بهذه الرحلة بأمان». وأكد أن «مناقشات عميقة تجري مع الإسرائيليين، ومع المصريين، ومع آخرين»، شاكراً للوزير بلينكن جهوده حول المنطقة. وأمل في أن «أسمع بعض الأخبار الجيدة (...) حول إدخال المساعدات عبر رفح (...) إلى غزة لمساعدة هؤلاء الملايين من الأشخاص الذين انتقلوا إلى الجنوب». وأعلن أنه سيتوجه إلى المنطقة الثلاثاء لـ«محاولة المساعدة في المفاوضات، ومحاولة الإدلاء بشهادة والتعبير عن التضامن مع الشجاعة غير العادية التي تحلى بها آلاف من عمال الإغاثة الذين واصلوا المسيرة والذين ما زالوا هناك لمساعدة الناس. في غزة والضفة الغربية».

القرار الروسي

المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا يتحدث إلى وسائل الإعلام في نيويورك (رويترز)

في غضون ذلك، لم يكن من الواضح ما إذا كان مجلس الأمن يمكن أن ينجح في اتخاذ موقف للتعامل مع الأزمة التي تهدد الأمن والسلم الدوليين، في ظل تزايد التساؤلات عن جدواه كأقوى أداة في ظل الأزمة العاصفة، علماً أن روسيا طلبت من مجلس الأمن التصويت على مشروع قرار مقتضب يدعو إلى «وقف إنساني لإطلاق النار»، ويندد بـ«العنف ضد المدنيين وكل أعمال الإرهاب».

وفيما توقع نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي التصويت الاثنين على المشروع الروسي، الذي لا يشير بالاسم إلى إسرائيل أو «حماس»، لكنه يدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار لأسباب إنسانية ويحظى بالاحترام الكامل، بالإضافة إلى إطلاق الرهائن، وإيصال المساعدات الإنسانية، والإجلاء الآمن للمدنيين المحتاجين.

ويحتاج أي قرار في مجلس الأمن إلى موافقة ما لا يقل عن تسعة من الأصوات الـ15 في المجلس وعدم استخدام حق النقض، الفيتو، من أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا.

مشروع البرازيل

وفي مقابل المشروع الروسي، قدمت البرازيل نصاً مختلفاً يستند إلى القرارات السابقة، وهي: و242 و338 و446 و452 و465 و476 و478 و1397 و1515 و1850 و2334. وهو يندد «بشدة كل أعمال العنف والاعتداءات ضد المدنيين وكل الأعمال الإرهابية». ويرفض «بشكل قاطع» ويندد بـ«الهجمات الإرهابية الشائنة التي نفذتها (حماس) في إسرائيل ابتداء من 7 أكتوبر 2023 واحتجازها رهائن مدنيين». ويدعو إلى «الإطلاق الفوري وغير المشروط لجميع الرهائن المدنيين»، ويطالب جميع الأطراف المعنية بـ«ضمان سلامتهم ورفاهيتهم ومعاملتهم الكريمة بما يتوافق مع القانون الدولي». ويحض كل الأطراف على «الامتثال التام للواجبات بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، وتلك المتعلقة بممارسة الأعمال العدائية، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، بالإضافة إلى العاملين الإنسانيين والأصول التابعة لهم والسماح بتيسير الإيصال الإنساني للموارد والخدمات الأساسية إلى المحتاجين». ويحض «بقوة على إيصال متواصل وكاف للسلع والخدمات الأساسية بلا عوائق للمدنيين، بما في ذلك الكهرباء والمياه والوقود والغذاء والموارد الطبية». ويحض أيضاً على «التراجع الفوري للأوامر التي تلقاها المدنيون وموظفو الأمم المتحدة للإدلاء عن كل المناطق في غزة، وشمال وادي غزة والتوجه إلى جنوب غزة».

وزير الخارجية البرازيلي ماورو بعد جلسة لمجلس الأمن في نيويورك (رويترز)

تلافي امتداد الحرب

ويدعو المشروع البرازيلي إلى «وقف إطلاق نار إنساني للسماح بوصول إنساني كامل وسريع وآمن وغير معرقل لوكالات الأمم المتحدة وشركائهم التنفيذيين، واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من المنظمات الإنسانية المحايدة، ويشجع على إنشاء ممرات إنسانية وغيره من المبادرات لإيصال المعونة الإنسانية للمدنيين». ويشدد على «أهمية آلية الإبلاغ الإنساني لحماية منشآت الأمم المتحدة وكل المواقع الإنسانية، وضمان حركة القوافل الإنسانية». ويدعو إلى «الاحترام والحماية للقانون الإنساني الدولي، وكل العاملين الطبيين والعاملين الإنسانيين المنخرطين حصراً في مهمات طبية، ووسائل وأدوات تنقلهم، بالإضافة إلى المستشفيات وغيرها من المنشآت الطبية». ويشدد كذلك على أهمية تلافي امتداد الحرب في المنطقة، وفي هذا الشأن يدعو كل الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وإلى أن يمارس الذين لديهم نفوذ عليها للعمل في هذا الاتجاه.


مقالات ذات صلة

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

المشرق العربي جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

في غضون 3 أيام، قُتل ضابطان و3 جنود؛ جميعهم من لواء «ناحال» الإسرائيلي، الذي انتقل من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، إلى بلدة بيت حانون أقصى شمال القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جثامين القتلى نتيجة غارات إسرائيلية على غزة في مستشفى الأهلي المعمداني بالقطاع (رويترز)

غارات إسرائيلية تقتل العشرات في غزة وسط مساعٍ أميركية لوقف إطلاق النار

أعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الأربعاء، أن 51 فلسطينياً قتلوا خلال الـ24 ساعة الماضية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي أنقاض مبان دمرتها غارات إسرائيلية سابقة وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» في خان يونس جنوب قطاع غزة... 7 يناير 2025 (رويترز)

مقتل 18 فلسطينياً في قصف إسرائيلي على خان يونس

قُتل 18 فلسطينياً، اليوم (الثلاثاء)، بينهم تسعة أطفال، في سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت خياما ومنازل ومركبة في مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

2025... عام ملء الفراغات؟

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم... فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات أو خلق بعضها؟

المحلل العسكري (لندن)
المشرق العربي عائلات المحتجزين الإسرائيليين يشاركون في احتجاج بتل أبيب يدعو إلى وقف الحرب (إ.ب.أ)

إسرائيل تؤكد استئناف المفاوضات في قطر بشأن هدنة غزة

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم السبت، استئناف المفاوضات غير المباشرة مع «حماس» في قطر من أجل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)
TT

«حماس» تكثف «حرب العبوات» وتخوض معارك «كرّ وفرّ» شمال غزة

جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يحملون نعش زميل لهم قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (إ.ب.أ)

على الرغم من مرور 3 أشهر على العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال قطاع غزة المتضمَّنة في العملية الكبرى، فإن تلك القوات ما زالت تتكبد كثيراً من الخسائر البشرية والمادية، في ظل معارك عنيفة مع مسلحين من الفصائل الفلسطينية، اعتمدوا على تكتيكات أكثر قوة باستخدام حرب «العبوات الناسفة».

وفي غضون 3 أيام، قتل ضابطان و3 جنود؛ جميعهم من لواء «ناحال»، الذي انتقل منذ نحو أسبوعين من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة، إلى بلدة بيت حانون أقصى شمال القطاع، لاستكمال مهمة جزء من فريق لواء «كفير» القتالي، وقوات أخرى.

فتاة فلسطينية تتفقد منزل عائلتها الذي دمرته غارة جوية إسرائيلية بمخيم اللاجئين في دير البلح وسط غزة الخميس (إ.ب.أ)

«حرب العبوات»

ووفق تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، فإن الضابطين والجنود الثلاثة قتلوا نتيجة تفجير عبوات ناسفة، وأُعلن مقتل الجنود الثلاثة، الأربعاء، جراء انفجار عبوة كبيرة جداً زُرعت على عمق أمتار قليلة في الأرض، وحين داست دبابة عليها انفجرت وانقلبت واحترق جزء منها، ما أدى لمقتل الجنود الثلاثة وإصابة 3 آخرين أحدهم في حالة خطرة.

ووصفت الصحيفة ما يجري في بيت حانون بـ«حرب العبوات»، فقد اعترف ضابط إسرائيلي بأن «خطر العبوات الناسفة هو محور القتال» في البلدة الواقعة بمحاذاة السياج الأمني شمال قطاع غزة.

وذكرت الصحيفة أنه منذ بداية العملية في بيت حانون نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قتل 10 ضباط وجنود إسرائيليين، مشيرةً إلى أن قوات الجيش تعمل هناك ضد كتيبة «حماس» المحلية، في جزء من العملية المتواصلة شمال قطاع غزة منذ 3 أشهر.

دخان فوق قطاع غزة جراء انفجارات الخميس (أ.ب)

وتحدثت عن اكتشاف مستودعات أسلحة وصواريخ وأنفاق قتالية لا تزال تستخدم من قبل المسلحين الفلسطينيين.

«كرّ وفرّ»

وتقول مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إن المقاومين في شمال قطاع غزة يخوضون عمليات «كرّ وفرّ»، وإن هذا التكتيك اعتُمد منذ بدء العمليات في جباليا بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومن ثم في بيت لاهيا، وحتى بلدة بيت حانون، مؤكدةً أن المعارك ما زالت متواصلة في جميع تلك المناطق على الرغم من محاولات الاحتلال الإسرائيلي السيطرة عليها.

ووفق المصادر، فإن المقاومين يتنقلون بين تلك المناطق الثلاث، ويخوضون اشتباكات عنيفة، وفق ما لديهم من إمكانات عسكرية، مشيرةً إلى أنهم يستخدمون الأنفاق، التي لا يزال بعضها سليماً، لاستهداف القوات الإسرائيلية والوصول إلى أماكن تمركز الجنود وإطلاق النيران عليهم من مسافات قريبة، أو إطلاق قذائف مضادة للدروع.

زملاء وأقارب جندي قُتل قبل يوم بشمال غزة... خلال تشييعه بالمقبرة العسكرية في القدس الخميس (أ.ب)

ولفتت المصادر إلى أن كثيراً من العبوات الناسفة ومنها «البرميلية (الكبيرة جداً)» كانت مزروعة قبل دخول القوات الإسرائيلية إلى مناطق شمال قطاع غزة، وزِيد عدد العبوات الناسفة التي جُهزت للتفجير عن بعد في بلدة بيت حانون بعد دخول تلك القوات مخيم جباليا.

وتقول المصادر إن العبوات الناسفة الأربع التي انفجرت في بيت حانون، خلال الأيام الماضية وأدت لمقتل الضباط والجنود، هي من نوع «برميلية»، التي استُخدمت في بعضها صواريخ إسرائيلية لم تنفجر وأعيد تأهيلها وتفعيلها لتكون تفجيرية بشكل أكبر.

ووفقاً لـ«القناة 12» العبرية، فإن الجيش الإسرائيلي يحقق فيما إذا كانت العبوة التي انفجرت الأربعاء وأدت لمقتل الجنود الثلاثة، هي عبوة تحتوي مواد من مخلفات الجيش لم تنفجر سابقاً.

فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارة إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة الخميس (رويترز)

إجراءات إسرائيلية

ووفق القناة، فإنه يجري اتخاذ كثير من الإجراءات لاستخلاص الدروس بعد تكرار انفجار العبوات؛ منها استخدام جرافات «دي9 (D9)»، التي تجرّف الشوارع للكشف عن أي عبوات زُرعت، مؤكدةً أنه لم يكن لدى الجيش الإسرائيلي أي معلومات استخباراتية عن العبوة التي انفجرت في الدبابة، وأن انفجارها كان كبيراً وغير عادي.

وتقول القناة إنه لو ثبت استخدام عناصر «حماس» أسلحة من مخلفات الجيش، فإن هذا سيكون التفسير الوحيد لتضرر الدبابة بشكل كبير جداً، واحتراق جزء منها، مشيرةً إلى أن المواد المتفجرة في قنابل وصواريخ الجيش الإسرائيلي قياسية، وإن انفجارها يسبب أضراراً أكبر بكثير.

ووفق المصادر الميدانية التي تحدثت لمراسل «الشرق الأوسط»، فإن «استخدام عبوات ناسفة من مخلفات جيش الاحتلال الإسرائيلي، ليس بالأمر الجديد، وإنما استُخدمت مرات عدة في سلسلة من العمليات التي نُفذت ضده في مناطق متفرقة من القطاع، وليس فقط شماله».

وتنفي المصادر الميدانية ما تدعيه مصادر عسكرية إسرائيلية من أن كثيراً من المسلحين يفرون من شمال قطاع غزة إلى الجنوب (إشارة إلى مدينة غزة)، ومن أن «حماس» تخلت عن تلك المناطق، بعد هروب قياداتها وعناصرها، ومن أنه قد يهرب مزيد منهم باستغلال الأمطار في الأيام المقبلة.

وتؤكد المصادر الميدانية أن هؤلاء «يتنقلون في إطار عمليات (الكر والفر)، التي تهدف بشكل أساسي لتوجيه ضربات للقوات الإسرائيلية باستخدام مجموعات بديلة تتنقل بين المناطق؛ للاستراحة والاستعداد للقتال من جديد، فتدخل بدلاً منها مجموعات تقاتل، وعند انسحابها تعود مجموعات كانت سابقاً في الميدان لتقاتل».

وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى أنه خلال ما بين 3 و4 أسابيع «من الممكن استكمال العملية برمتها في شمال قطاع غزة؛ سواء في جباليا وفي بيت حانون»، كما ذكرت «القناة 12».