السيستاني محذرًا السياسيين من الاستخفاف بالمظاهرات: قد تعود بحالة أقوى

حمّل الرئاسات العراقية الثلاث مسؤولية تنفيذ الإصلاحات

السيستاني محذرًا السياسيين من الاستخفاف بالمظاهرات: قد تعود بحالة أقوى
TT

السيستاني محذرًا السياسيين من الاستخفاف بالمظاهرات: قد تعود بحالة أقوى

السيستاني محذرًا السياسيين من الاستخفاف بالمظاهرات: قد تعود بحالة أقوى

حذر المرجع الديني الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني الطبقة السياسية العراقية من مغبة الاستخفاف بالمظاهرات ومطالب الإصلاح، عادًا أن أي تهاون بشأن ذلك سيجعل الجميع يندمون وقد تعود المظاهرات بحالة أقوى، في إشارة إلى إمكانية اندلاع انتفاضة جماهيرية كبرى يصعب السيطرة عليها.
وقال ممثل المرجعية الشيعية عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء أمس، إن «المرجعية الدينية تحدثت بما فيه الكفاية عن الحاجة الملحة إلى الإصلاح ومدى أهمية الإسراع بمكافحة الفساد في مختلف مؤسسات الدولة وهي من مسؤولية السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية». وأضاف الكربلائي: «نشير اليوم إلى أن الحاجة إلى الإصلاح الاقتصادي والإداري قد أصبحت أكثر وضوحًا وأشد إلحاحًا في ضوء الانخفاض الشديد لأسعار النفط وتوقع الكثير من الخبراء عدم ارتفاعها بشكل ملحوظ خلال الأعوام المقبلة مما يؤدي إلى زيادة الضغوطات على الاقتصاد العراقي وينذر بعواقب غير محمودة على البلد». وشدد على «تجديد النظر في السياسات المالية للحكومة وأن يضع الخبراء الاقتصاديون حلولا مناسبة تقي الشعب العراقي أوضاعا أكثر صعوبة من الوضع الراهن ولكن من المؤكد أنه لن تنفع أي حلول قبل أن يتم إصلاح المؤسسات الحكومية بشكل ملحوظ وأن تتم مكافحة الفساد فيها بصورة جدية».
وأكد ممثل المرجعية الشيعية العليا أن «الإصلاح بعضه يرتبط ببعض ولا يمكن التفريق بين مؤسسات الدولة في العملية الإصلاحية ولا بد من القيام بها في جميعها قضائيا وتشريعيا وإداريا». وحذر قائلا: «ليعلم البعض الذين يمانعون الإصلاح ويراهنون على أن تخف المطالبات بها بأن الإصلاح ضرورة لا محيص منها وإذا خفت مظاهر المطالبة بها هذه الأيام فإنها ستعود في وقت آخر بأقوى وأوسع من ذلك بكثير».
وفيما يأتي تحذير السيستاني للمعترضين على الإصلاحات بسبب التراجع النسبي في أعداد المتظاهرين بعد سلسلة مضايقات ضد الناشطين المدنيين تراوحت بين عمليات اعتقال وتعذيب، كما هي في حالة الناشط المدني علي هاشم، أو اختطاف، مثلما هي حالة الناشط المدني في تنسيقيات بغداد، جلال الشحماني، فإنه حمل الرئاسات الثلاث مسؤولية المضي في تنفيذ الإصلاحات التي أصدر رئيس الوزراء حيدر العبادي عدة حزم منها.
وفي هذا السياق أكد عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي وأحد أبرز قادة التظاهرات في بغداد، جاسم الحلفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المراهنة على خفوت صوت المظاهرات أو تراجعها رهان خاطئ رغم كل العراقيل التي باتت تواجهها المظاهرات في بغداد والمحافظات»، مبينا أن «هناك نوعين من العراقيل هي موقف البرلمان غير المساند لإرادة الشعب رغم أنه يفترض أن يكون ممثلا للشعب بوصفه برلمانا منتخبا من قبل الشعب لكنه حين ربط الإصلاحات بالدستور والقانون رغم مطاطية ذلك يعني أنه وضع نفسه حجر عثرة في مقابل الإصلاحات التي كان ينوي ولا يزال رئيس الوزراء حيدر العبادي بتنفيذها والتي بدأت تلقى معارضة من أطراف من الحزب الذي ينتمي إليه (الدعوة) ومن الائتلاف الذي هو عضو فيه (دولة القانون)». وأضاف: «النوع الثاني من العراقيل يتمثل بعمليات التخويف للناشطين عبر عمليات اعتقال واختطاف وممارسات أخرى يراد بها تخويف المتظاهرين مثل فض الاعتصامات بالقوة وغيرها من الأساليب».
من جهته، أكد القيادي في كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي سامي الجيزاني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك جهات لا تريد للإصلاحات أن تمضي لأنها متورطة بالفساد لكننا نرى أن ما تدعو إليه المرجعية أمر لا بد من أخذه بعين الاعتبار لأن ما تنطلق منه المرجعية من تشخيص ينطلق من وقائع وحيثيات، بالإضافة إلى حرصها على أن تثبيت موقفها حيال ما يجري». وأضاف أن «المجلس الأعلى يقوم بدور في هذا المجال يتمثل في العمل على تنقية الأجواء السياسية بين الجميع من أجل أن تكون للجميع وقفة واحدة على صعيد محاربة الفساد بوصفه الآفة الكبرى التي نخرت جسد الدولة وأدت إلى كل ما نعاني منه الآن».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.