الواقع المختلط أصبح حقيقة مع نظارات «كويست 3» من «ميتا»

مزج المحتوى الرقمي بالعالم الحقيقي

الواقع المختلط أصبح حقيقة مع نظارات «كويست 3» من «ميتا»
TT

الواقع المختلط أصبح حقيقة مع نظارات «كويست 3» من «ميتا»

الواقع المختلط أصبح حقيقة مع نظارات «كويست 3» من «ميتا»

أمضيتُ حديثاً عدّة ساعات في تجربة «كويست3 (Quest3)»، أحدث نظّارات «ميتا» التي يبدأ شحنها الشهر المقبل. وتشغّل النظارات (الخوذة الجديدة) ألعاباً إلكترونية في الواقع الافتراضي مع إضافة مبتكرة، إذ يستطيع اللاعب رؤية العالم الحقيقي بواسطة كاميرات مدمجة في حين يطلق النّار من بندقية ناسفة، ويصطاد الخفافيش من الجوّ، ويتحكّم في رجلٍ آلي.

هذا ما تسمّيه «ميتا» و«أبل» - منافستها الجديدة في هذا المجال التي أطلقت أخيراً خوذة «فيجن برو (Vision Pro)» (3500 دولار) - «الواقع المختلط» أو «الحوسبة المكانية»، لوصف الكومبيوترات التي تمزج البيانات الرقمية مع العالم الحقيقي.

الواقع المختلط

تقول الشركات إنّ هذه الكومبيوترات الغامرة قد تتحوّل أخيراً إلى أدوات لا غنىً عنها تغيّر طريقة حياتنا. تخيّلوا مثلاً أنّكم تقرأون وصفة هولوغرافية (على شكل صورة مجسّمة) ضمن زاوية عينكم في أثناء الطهي، أو أنّكم تحدّقون بأجزاء قطع الأثاث مع تعليمات التجميع ظاهرة فوقها بنسخة رقمية.

ولكنّ هذه الأدوات لا تزال حتّى اليوم تُستخدم في مجال الألعاب الإلكترونية حصراً، وما زلنا بانتظار ظهور التطبيقات المبتكرة.

تتميّز خوذة «كويست3» (500 دولار)، التي وصلت إلى المتاجر في شهر أكتوبر (تشرين الأوّل) الحالي، برسومات أكثر حدّة ووضوحاً مقارنة بنظيرتها «كويست2» (200 دولار)، بالإضافة إلى ميزة جديدة خارقة تتمثّل في كاميرات عالية الدقّة تتيح للمستخدم رؤية العالم الخارجي بالألوان. تُعد هذه الكاميرات تطوّراً ملحوظاً عن نظام الكاميرات الضعيف، الذي كان متوفراً في «كويست2»، والذي كان ينتج صوراً مغبشة بالأبيض والأسود.

وبعد ساعتين من استخدام خوذة «ميتا» الجديدة للعب، طرحتُ على موظّفي الشركة السؤال الأهمّ والأبرز عن الواقع المختلط: ما الغاية منه؟

أتت إجابة «ميتا» فضفاضة ومبهمة: «امتلاك القدرة على التفاعل مع الفضاءين الافتراضي والحقيقي في وقت واحد سيسهّل على النّاس الشعور بالاتصال بعضهم ببعض في أثناء ارتداء النظارات. قد يساعد هذا الأمر أخيراً في التعاون بالمهام العملية». وعند السؤال عن نوع هذه المهام، أفاد المتحدّث باسم «ميتا» بأنّ هذه التطبيقات لا تزال قيد التطوير.

ألعاب الخيال والواقع

ركّزت «ميتا» على ألعاب الواقع المختلط لتسويق «كويست3». في لعبة «فيرست إنكاونتر» الفضائية، استخدمتُ بندقية ناسفة للتصويب على جدار افتراضي، وأزلتُ الطوب منه واحدةً تلو الأخرى، لأتمكّن من رؤية العالم الحقيقي.

وفي «سترينجر ثينغز في آر»، اللعبة المستوحاة من سلسلة «نتفليكس» الشهيرة، لعبتُ دور البطل الذي يملك قوىً تخاطرية. خلال اللعب، استطعت رؤية تصدّعات افتراضية في الغرفة الحقيقية التي تحيط بي، وعندما مددت أصابعي إلى الخارج لفتحها، خرجت الخفافيش منها، فأمسكتها وسحقتها حتّى الموت.

وفي لعبة «بام!» استطعتُ رؤية أشخاص آخرين يرتدون «كويست3» في الغرفة، في حين كنّا جميعاً نتحكّم في روبوتات تتقاتل في ما بينها داخل حلبة افتراضية. كان كلّ لاعبٍ يرى منصّة افتراضية تتضمّن الحلبة التي يستطيع تعديلها، لتصبح بمستوى الطاولة الموجودة أمامه في العالم الحقيقي. شعرتُ بالمتعة في أثناء اللعب، إلّا إنّ رؤية آخرين يضربون بأداة التحكّم وهم يرتدون النظارات الغريبة لم تحسّن اللعبة (ولو أنّه جعلني أشعر بوجودي أكثر).

أعادتني تجربة التخالط الاجتماعي مع الآخرين خلال الألعاب الإلكترونية بالذاكرة إلى أطراف شبكة المنطقة المحلية في التسعينات، عندما كان اللاعبون يحملون كومبيوترات كبيرة وثقيلة إلى منازلهم؛ ليلعبوا معاً في نوع من التخالط الاجتماعي الذي يبدو اليوم قديماً جدّاً في ظلّ سرعات الإنترنت الخارقة التي تسمح لنا باللعب بعضنا مع بعض، وكلّ واحدٍ منّا داخل منزله.

استخدامات عملية

لاحقاً، قابلتُ مطوّري تطبيقات مختصين في الواقع المختلط، شرحوا لي فوائد هذه التقنية باستفاضة أكثر من «ميتا». تعمل شركة «ناير» الناشئة حالياً على تطوير تطبيق لموظفي المكاتب يتيح لهم إجراء شحذ ذهني باستخدام ألواح بيضاء وملاحظات لاصقة افتراضية. قال المطوّرون في الشركة إنّ القدرة على رؤية العالم الحقيقي في أثناء أداء المهام الافتراضية المتنوّعة ستقلّل انزعاج الموظفين من ارتداء خوذات في أثناء العمل مع زملائهم بالمكتب.

وقال سوندري كفام، مؤسس «ناير» في النرويج: «عندما تكونون منسجمين بالكامل في عملكم ويربّت أحدهم على كتفكم، فستشعرون بانزعاج شديد. ولكن عند استخدام الواقع المختلط، فسيبقى جزءٌ كبيرٌ منكم في العالم الحقيقي، ولن تشعروا بالمفاجأة من أيّ شيء».

وعلاوة على ذلك، من المتوقّع أن تعزّز إمكانية رؤية العالم الحقيقي الشعور بالراحة في ألعاب الواقع الافتراضي. وقال تومي بالم، الرئيس التنفيذي لشركة «ريزوليوشن غيمز»، إنّ لاعبي الواقع المختلط سيشعرون بثقة أكبر في الألعاب التي تتضمّن حركة سريعة.

في لعبة «بلاستون»، إذ يطلق اللاعبون النار بعضهم على بعض في حلبة افتراضية، يستطيع النّاس الجثم لتجنّب المقذوفات الرقمية. وأوضح بالم أنّ القدرة على رؤية المحيط ستساعد اللاعب على تجنّب الارتطام بالأشياء الموجودة في الغرفة مثل الأثاث.

وتبدو هذه الأمثلة على الواقع المختلط مقنعة، ولكن بعد إمضاء بضع ساعات مع «كويست3»، شعرتُ كأنّ الكاميرا المواجهة للعالم الخارجي لن تحلّ التحدّي الأكثر إلحاحاً في الواقع الافتراضي وهو الراحة، مما يعني أنّ هذا النوع من الخوذ لن يصبح منتجاً شائعاً.

تزن خوذة «ميتا» الجديدة نحو 0.4 كيلوغرام، وشعرتُ بأنّها ثقيلة على رأسي بعد 15 دقيقة فقط من ارتدائها؛ مما تسبّب في الضغط على عنقي، فضلاً عن أنّ رسوماتها كانت شديدة السطوع والقوّة على العينين. وبعد كلّ الانحناء والدوران والتمايل شعرتُ أخيراً بالإرهاق.

إذن، قد تكون «كويست3» مرحة لتسلية ضيوف المنزل، ولكنّ معظم اللاعبين الذين يبحثون عن تجربة اجتماعية سيفضّلون الإعداد القديم الذي يتمثّل بالجلوس على الأريكة مع أداة تحكّم.

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا  الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

طلبت الحكومة الأميركية، الأربعاء، من القضاء إجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»، في إجراء يهدف لمكافحة الممارسات الاحتكارية المتّهم بارتكابها عملاق التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».