حذر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الجمعة، الرئيس الأميركي جو بايدن من مواصلة «الزحف» نحو الشرق الأوسط بهدف دعم إسرائيل، داعياً في الوقت نفسه العراقيين إلى جمع المساعدات من أجل إرسالها إلى قطاع غزة المحاصر عبر سوريا أو مصر.
وقال الصدر خلال خطبة صلاة الجمعة وسط بغداد تلاها نيابةً عنه رجل الدين مهند الموسوي وسط حشود من أنصار التيار الصدري، في مظاهرات شعبية حاشدة في ساحة التحرير وسط بغداد لدعم الشعب الفلسطيني.
وقال الصدر مخاطباً الرئيس بايدن إن «زحفك نحو الشرق الأوسط سيُسبب لك ما لا تتوقعه من ردّة فعل، لا من الخانعين بل من المجاهدين في فلسطين، ومن يؤازرهم، وكلُّ الشعوب العربية والإسلامية على أهبة الاستعداد للتضحية بالغالي والنفيس، وإنها لتنتظر إشارة واحدة من ذوي الإيمان والصلاح والعلم الجهاد لا من الفاسدين والمهادنين».
ودعا الصدر أيضاً المتظاهرين السلميين في العراق إلى تحضير «قافلة الطوفان» من الماء والطعام، وتجهيزها، قائلاً: «عسى أن نستطيع إيصالها لأهلنا في غزة بعد التنسيق مع سوريا أو مصر، وإن لم نستطع فتلك وصمة عار في جبين التاريخ الإسلامي والعربي»، على حد قوله.
وتجمع أتباع الصدر منذ الليلة الماضية، في ساحة «التحرير» وجميع الطرق المؤدية إليها وهم يرتدون الأكفان ويحملون أعلام العراق ودولة فلسطين، وصوراً لزعيمهم الصدر، يتقدمهم العشرات من رجال الدين وهم يهتفون بشعارات لدعم «طوفان الأقصى». وردد المتظاهرون شعار «كلا كلا أميركا» و«كلا كلا إسرائيل». واستنفرت القوات الأمنية العراقية جميع قواتها لتأمين الحماية لهذه الجموع الغفيرة.
ونشرت السلطات العراقية آلافاً من قواتها، كما أغلقت جسر الجمهورية وقُطعت الطرق قرب ساحة «التحرير» لتأمين الحماية لهذه المظاهرة الاحتجاجية التي تعد الأكبر لدعم الشعب الفلسطيني.
ومنذ شنّت «حماس» عمليتها على إسرائيل أعربت الطبقة السياسية في العراق عموماً عن دعمها القضية الفلسطينية التي تحظى كذلك بإجماع في العراق.
ورأت الحكومة العراقية التي تحظى بدعم غالبية برلمانية من أحزاب موالية لإيران، في بيان، أن الهجوم المباغت الذي شنته «حماس» هو «نتيجة طبيعية للقمع الممنهج» الذي يتعرض له «الشعب الفلسطيني» على يد «سلطة الاحتلال الصهيوني». وأعلن العراق كذلك عزمه «إرسال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة المحاصر من قبل قوات الاحتلال الصهيوني»، وفق بيان لمكتب رئيس الوزراء.
وتضاربت الآراء بين المراقبين والمتابعين للشأن العراقي والصدري حول ما إذا كانت عودة الصدر إلى الحياة السياسية مرة أخرى من بوابة المظاهرات وما ترتب عليها من التعبير عن مواقف سياسية كان يتجنبها طوال سنة كاملة من تشكيل الحكومة الحالية أم أنها حالة ظرفية فرضتها ظروف المواجهة الجارية الآن في غزة بين «حماس» وإسرائيل.
ويرى المؤيدون لعودة التيار الصدري الذي لا يزال رقماً صعباً في المعادلة السياسية في العراق، أن الدعوة لهذه المظاهرات يمكن أن تكون بوابة للتعبير عن مواقف أخرى مقبلة، لا سيما أن الصدر كان قد منح قوى الإطار التنسيقي التي شكلت الحكومة الحالية فرصة كافية لتقديم ما يمكن تقديمه من إنجازات.
ويعتقد المراقبون أن عدم نية الصدر للعودة تمثلت أولاً في عدم استجابته لكل الدعوات التي جاءته من مختلف القوى السياسية للمشاركة في الانتخابات، وكذلك عدم تضمين خطبته أي إشارة انتقاد للحكومة العراقية، وهو ما يعني رضاه عن الإجراءات التي اتخذها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن إرسال مساعدات إلى غزة أو سلسلة اتصالاته مع القادة العرب والأجانب من أجل حث المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف ما تقوم به من إبادة جماعية في قطاع غزة، فضلاً على تطبيق القانون الدولي.
وبموازاة الصلاة الموحدة التي أقامها أنصار الصدر في ساحة «التحرير» وسط بغداد، أقيمت صلاة موحدة أخرى في جامع أبو حنيفة النعمان في مدينة الأعظمية شمال بغداد بناءً على دعوة رجال الدين السُنة والوقف السُني. ورفع خلال هاتين الصلاتين، شعارات «طوفان الصدر مع طوفان الأقصى»، و«جمعة طوفان الأقصى»، وذلك لمساندة الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة، والحث على كف ما وصفوه بـ«العدوان الإسرائيلي» على قطاع غزة.