الإليزيه يعلن عن صفقة دفاعية جديدة بين فرنسا ومصر

القاهرة تشتري فرقاطتي ميسترال لم تحصل عليهما روسيا وتفاوض على قطعتين إضافيتين من طراز «كورفيت»

فرقاطة سبق لفرنسا أن صنعتها لصالح روسيا تقف في ميناء فلاديفستوك الروس على البحر الأسود (أ.ب)
فرقاطة سبق لفرنسا أن صنعتها لصالح روسيا تقف في ميناء فلاديفستوك الروس على البحر الأسود (أ.ب)
TT

الإليزيه يعلن عن صفقة دفاعية جديدة بين فرنسا ومصر

فرقاطة سبق لفرنسا أن صنعتها لصالح روسيا تقف في ميناء فلاديفستوك الروس على البحر الأسود (أ.ب)
فرقاطة سبق لفرنسا أن صنعتها لصالح روسيا تقف في ميناء فلاديفستوك الروس على البحر الأسود (أ.ب)

من بين عشر دول كانت مهتمة بالحصول على الفرقاطتين من طراز ميسترال اللتين صنعتا لصالح روسيا لكن فرنسا ألغت العقد بسبب دور موسكو في أوكرانيا، رسا العقد أمس على مصر وفق البيان المقتضب الصادر عن قصر الإليزيه.
جاء في البيان أن «رئيس الجمهورية تحادث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وتوافقا على مبدأ سبل شراء مصر للقطعتين الحربيتين للإنزال والقيادة من طراز ميسترال». بهذا البيان ينتهي المسلسل الذي رافق مسار هاتين القطعتين الحربيتين منذ توقيع عقد شرائهما أيام الرئيس السابق نيكولا ساركوزي إلى لحظة الإعلان عن التفاهم لبيعهما لمصر. أما لماذا اختيار البحرية المصرية وليس إحدى بحريات الدول التسع الأخرى ومنها الهند وكندا وسنغافورة وماليزيا والإمارات العربية المتحدة وجنوب أفريقيا، فلها قصة جديرة بأن تروى.
تعود أولى فصولها للزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى باريس أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، استضاف في مقر إقامته مجموعة من رؤساء الشركات الفاعلة في القطاع الدفاعي لمناقشة المشتريات التي تريد القاهرة الحصول عليها من فرنسا والتي أبرمت العقود بشأنها والبالغة 5.3 في فبراير (شباط) الماضي. وخلال المناقشات، أبلغ السيسي الحاضرين أنه «جاهز» لشراء الفرقاطتين إذا ما تراجعت باريس عن تسليمهما إلى موسكو. وأضاف الرئيس المصري، وفق ما نقلت مصادر حضرت الاجتماع: «أريد أن أضع واحدة على مدخل قناة السويس لجهة المتوسط والأخرى على مدخلها لجهة البحر الأحمر». وعندما زار هولاند مصر في السادس من أغسطس (آب) الماضي للمشاركة في تدشين المسرى الجديد لقناة السويس، فاتح نظيره المصري بالموضوع وكان اتخذ وقتها قرار إلغاء العقد مع موسكو. وقال هولاند لدى سؤاله عن مصير الفرقاطتين وعن الأعباء المالية التي ستتحملها فرنسا نتيجة الإلغاء، إن «تسويق الفرقاطتين ليس مسألة عويصة» مما يعني أنه توصل إلى تفاهم مبدئي مع الرئيس السيسي. وبعدها استمرت المداولات بين الجانبين وآخر جولاتها مجيء وفد عسكري مصري عالي المستوى إلى باريس الأسبوع الماضي لوضع اللمسات الأخيرة على الصفقة التي لم تعرف بعد قيمتها المالية.
تؤكد الحكومة الفرنسية أن إلغاء الصفقة مع موسكو لن يكلف الخزينة سوى ما سبق للجانب الروسي أن دفعه مقدما من قيمة الصفقة التي بلغت ما يزيد على 1.2 مليار يورو. لكن أوساطا دفاعية وشخصيات من المعارضة اليمينية التي امتنعت عن تأييد قرار الإلغاء رأت أن التكلفة ستكون أعلى بكثير بسبب الحاجة إلى إعادة برمجة كاملة لكل المعدات والبرامج الإلكترونية التي صيغت وفق المعايير الروسية ناهيك بالتعويضات المفترض دفعها للشركات الفرنسية الضالعة في التصنيع وتعويض موسكو عما تكلفته بخصوص قطعتين حربيتين لم تحصل عليهما.
انطلاقًا من هذا الوضع، كانت مصلحة الحكومة الفرنسية التي عادت إليها ملكية الفرقاطتين بعد عملية التعويض أن تسرع في بيعهما لزبون جديد والأفضل أن تكون له علاقات دفاعية مع روسيا ومعتادا على استخدام معاييرها العسكرية وهو حال مصر والهند وغيرهما. لكن اختيار البحرية المصرية لم يحصل فقط لدواعٍ تجارية، علمًا أن تقارير صحافية فرنسية أفادت أن القاهرة رأت في مرحلة أولى أن الأسعار التي تطلبها شركة DCN المولجة بيع الفرقاطتين كانت مرتفعة وأن هامش المناورة للشركة الفرنسية كان ضيقا لأن وزارة المال هي التي حددت الأسعار. وأفيد أن الوفد المصري كاد أن يقطع المفاوضات. لكن يبدو أن الاتصالات على المستوى السياسي الرفيع تجاوزت العقبات المالية وأفضت إلى التفاهم الذي أعلن عنه بالأمس.
وفي أي حال، فإن وزير الزراعة والناطق باسم الحكومة ستيفان لو فول أعلن أمس عقب اجتماع مجلس الوزراء، أن باريس «لن تتحمل خسائر مالية» فيما خص قيمة الصفقة مما يرجح أن القاهرة ستدفع قيمة الصفقة كما كان متفقا عليها مع الطرف الروسي. خلال تقديمها لزيارة هولاند إلى مصر، شددت مصادر الإليزيه على «البعد الاستراتيجي» للعلاقة الثنائية مع القاهرة التي اعتبرت أنها «استعادت دورا محوريا لا يمكن الالتفاف عليه في المنطقة الشرق أوسطية» وأنها عادت «شريكا لا بد من التعاون معه». وأشارت هذه المصادر الرئاسية إلى وقوف باريس إلى جانب مصر في موضوع الإرهاب واعتبرت أن من مسؤوليات فرنسا أن تساهم في مساعدة مصر في الجوانب الأمنية.
يبدو أن القاهرة عازمة على دفع التعاون العسكري والدفاعي مع فرنسا إلى أبعد الحدود رغبة من جهة في تنويع مصادر سلاحها وإفهام الولايات المتحدة، من جهة أخرى، أن لديها «بدائل» عن السلاح الأميركي وهو ما يفسر العقود التي أبرمتها القاهرة، بالإضافة إلى فرنسا، مع روسيا والصين. وفيما خص باريس، علم أن الوفد العسكري المصري جاء إلى باريس ليفاوض كذلك على شراء قطعتي «كورفيت» إضافيتين من طراز «غويند» كانا قد جاءا من ضمن «الخيارات» التي وردت في عقود بداية العام الحالي. وتقول مصادر فرنسية إن تركيز القاهرة على تعزيز سلاحها البحري «مرتبط بحال الأوضاع الأمنية في المنطقة» كما في ليبيا واليمن وأن الفرقاطتين وهما من الجيل الجديد لهذا النوع من القطع البحرية قادر على حمل أعداد وافية من الجنود والمعدات، فضلا عن أنه يستخدم كسفن قيادة وتحكم. وتبلغ قيمة كل قطعة من هذا النوع من السفن الحربية 250 مليون يورو.
وكانت مصر قد وقعت في شهر فبراير الماضي على عقود لشراء 24 طائرة رافال «3 مليارات يورو» وفرقاطة متعددة المهام من طراز FREMM «900 مليون يورو» وأربع قطع كورفيت من طراز «غويند» بقيمة «مليار يورو» وأسلحة وصواريخ متنوعة بقيمة 1.1 مليار يورو.
يذكر أن شراء القاهرة للرافال فتح الباب أمام شركة داسو للصناعات الجوية (المصنعة للرافال) لإبرام عقود مع الهند وقطر فيما المفاوضات متواصلة مع الإمارات العربية المتحدة التي زارها وزير الدفاع جان إيف لو دريان نهاية الأسبوع الماضي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.