الصين: أميركا هي «إمبراطورية الأكاذيب» الحقيقية

رداً على اتهامها بإنفاق مليارات الدولارات سنوياً للتلاعب بالمعلومات

حرس الشرف خلال إحياء الذكرى العاشرة ليوم الشهداء في الصين في بكين السبت (أ.ف.ب)
حرس الشرف خلال إحياء الذكرى العاشرة ليوم الشهداء في الصين في بكين السبت (أ.ف.ب)
TT

الصين: أميركا هي «إمبراطورية الأكاذيب» الحقيقية

حرس الشرف خلال إحياء الذكرى العاشرة ليوم الشهداء في الصين في بكين السبت (أ.ف.ب)
حرس الشرف خلال إحياء الذكرى العاشرة ليوم الشهداء في الصين في بكين السبت (أ.ف.ب)

وصفت الصين، السبت، الولايات المتحدة بأنها «إمبراطورية الأكاذيب» الحقيقية، وذلك في انتقاد لتقرير أميركي اتهمها باستثمار مليارات الدولارات سنويا في جهود التلاعب بالمعلومات.

وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان، إن التقرير الأميركي تجاهل حقائق وإنه في حد ذاته معلومات زائفة. وأضافت الوزارة أن هيئات وزارة الخارجية الأميركية التي عملت على التقرير «مصدر لمعلومات زائفة ومركز قيادة (لحرب معرفية)». وتابعت: «أثبتت الحقائق مرارا أن الولايات المتحدة هي (إمبراطورية الأكاذيب) الحقيقية». ويأتي تقرير الولايات المتحدة في خضم جدل حول محاولات بكين في الأعوام القليلة الماضية زيادة التأثير العالمي لوسائل الإعلام التي تسيطر عليها الحكومة الصينية. وتسعى بكين إلى مكافحة صورها السلبية التي تشعر أن وسائل الإعلام الدولية تروجها.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في واشنطن الجمعة (رويترز)

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في تقرير، الخميس، إن الصين تنفق مليارات الدولارات بغرض «التضليل الإعلامي» على الصعيد الدولي، محذّرة من أن ذلك قد يتسبب في التضييق على حرية التعبير في أماكن مختلفة حول العالم. وعدّ التقرير أن «تلاعب الصين بالمعلومات عالميا ليس فقط مسألة دبلوماسية عمومية (تنتهجها بكين)، بل تحدّ لصدقية مجال المعلومات». وحذّر التقرير من أنه في حال عدم مواجهة هذا الأمر «يمكن لجهود بكين أن تنتج مستقبلا تتسبّب فيه التكنولوجيا التي تصدّرها جمهورية الصين الشعبية، والحكومات المحلية المنصّبة، والخوف من رد فعل مباشر من قبل بكين، إلى تقليص حاد لحرية التعبير العالمية». واتهم التقرير بكين بإنفاق المليارات سنويا لـ«التلاعب بالمعلومات» من خلال الدعاية (البروباغندا) والتضليل الإعلامي والرقابة، في مقابل الترويج لأنباء إيجابية عن الصين والحزب الشيوعي الحاكم.

الرئيس شي جينبينغ خلال مشاركته في الذكرى العاشرة ليوم الشهداء في الصين في بكين السبت (أ.ب)

وأشار إلى أن الصين تقوم في المقابل بكبت المعلومات التي تناقض نظرتها بشأن قضايا شائكة مثل تايوان وحقوق الإنسان واقتصادها المحلي المتباطئ. ورأى أن مقاربة الصين في مجال المعلومات المغلوطة تشمل الترويج لـ«الاستبداد الرقمي» واستغلال المنظمات الدولية وفرض السيطرة على وسائل الإعلام الناطقة بالصينية. وذكرت وزارة الخارجية الأميركية في التقرير الصادر يوم الخميس أن الصين تتلاعب بوسائل الإعلام العالمية من خلال الرقابة وحصاد البيانات وشراء منافذ إعلامية أجنبية بشكل خفي. وورد في التقرير أنه على الرغم من تكريس موارد غير مسبوقة للحملة، فإن بكين مُنيت «بانتكاسات كبرى» خلال استهدافها دولا ديمقراطية، وذلك بسبب تصدي وسائل الإعلام المحلية والمجتمع المدني لها. وصدر التقرير بموجب تكليف من الكونغرس لتفصيل مسألة التلاعب بالمعلومات. وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اتهم الصين، الخميس، بأنها تسعى إلى أن تصبح «القوة المهيمنة» في العالم على حساب الولايات المتحدة، مكررا تحذير بكين من إثارة توتر بشأن تايوان.

المشاركون في إحياء الذكرى العاشرة ليوم الشهداء في الصين في بكين السبت (أ.ب)

وفي حين سبق لعدد من الرؤساء الأميركيين أن عدّوا الصين التحدي الاستراتيجي الأبرز للولايات المتحدة على المدى الطويل، يرى محللون أميركيون أن بكين تسعى للحد من نفوذ واشنطن في آسيا أكثر مما تسعى للحلول بدلا منها على الساحة الدولية. وردا على سؤال بشأن نوايا الصين خلال منتدى أقامته مجلة «ذا أتلانتيك»، قال بلينكن: «أعتقد أن ما تريده هو أن تصبح القوة المهيمنة في العالم، عسكريا، واقتصاديا، ودبلوماسيا... هذا ما يسعى إليه (الرئيس الصيني) شي جينبينغ» الذي يقود البلاد منذ أكثر من عشرة أعوام. ورأى بلينكن أن ذلك «ليس أمرا مفاجئا. للصين تاريخ مذهل... أعتقد انه إذا رأيت واستمعت للقادة الصينيين، فهم يسعون لاستعادة ما يعتقدون أنه مكانتهم المستحقة في العالم». وسبق لبلينكن أن تحدث عن رغبة صينية في «إعادة صياغة النظام العالمي». واعتمدت إدارة الرئيس جو بايدن مقاربة بوجهين حيال الصين، إذ تؤكد أنها تمثّل تحديا استراتيجيا لها وتراقب تصرفاتها بدقة، لكنها عزّزت الحوار معها في قضايا عدة بهدف إدارة التوتر بينهما بشكل أفضل.

وعقد مسؤولون من البلدين لقاءات على مستوى رفيع لدى طرف ثالث خلال الأشهر الماضية، بينما قام بلينكن بزيارة نادرة إلى بكين في يونيو (حزيران). وتتنوع الملفات الخلافية بين البلدين، ومن أبرزها تايوان، الجزيرة ذات الحكم الذاتي التي تعدّها الصين جزءا لا يتجزأ من أراضيها وتتعهد إعادتها بالقوة إن لزم الأمر. وزادت بكين من وتيرة ضغوطها بشأن الجزيرة في الأشهر الماضية، لا سيما من خلال تكثيف المناورات العسكرية في محيطها. وقال بلينكن إن المحاذير بشأن تايوان «مرتفعة بشكل استثنائي» بسبب مساهمتها في الاقتصاد العالمي بما يشمل إنتاج أشباه الموصلات. أضاف: «إذا حصلت أزمة بشأن تايوان جراء الخطوات الصينية، سنكون أمام أزمة اقتصادية عالمية... أعتقد أن الرسالة التي تسمعها الصين بشكل متزايد من دول مختلفة حول العالم هي لا تثيروا المشكلات».

وشدد على «أننا نريد، الجميع يريدون، السلام والاستقرار، والجميع يريدون الإبقاء على الوضع القائم».

من جهة أخرى، حضر شي جينبينغ وقادة آخرون من الحزب الشيوعي الصيني والدولة، صباح السبت، مراسم في بكين، لتقديم أكاليل الزهور تكريماً للأبطال الوطنيين الراحلين.

وأقيم الحدث بمناسبة الذكرى العاشرة ليوم الشهداء في الصين، الذي يحل قبل يوم واحد من العيد الوطني الصيني.


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
آسيا نيلا إبراهيمي ناشطة في مجال حقوق الفتيات الأفغانيات تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال (أ.ف.ب)

فرت وعائلتها هرباً من «طالبان»... أفغانية تفوز بجائزة السلام الدولية للأطفال

فازت فتاة مراهقة فرت مع عائلتها من أفغانستان بعد عودة «طالبان» إلى السلطة قبل ثلاث سنوات، بجائزة «كيدز رايتس» المرموقة لنضالها من أجل حقوق المرأة.

«الشرق الأوسط» (كابل - أمستردام)
شمال افريقيا أوزرا زييا (الثانية على اليسار) بجانب السفير الجزائري في واشنطن (السفارة الأميركية في الجزائر)

مسؤولة أميركية تبحث بالجزائر الحرية الدينية وإدارة الهجرة

عطاف اتصل هاتفياً بنظيره الأميركي، وأبلغه بأن «معلوماته بشأن الحرية الدينية في الجزائر، خاطئة وغير دقيقة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
المشرق العربي البروفسور نظام محمود

جرّاح بريطاني يصف استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال في غزة

روى جراح متقاعد من لندن ما شاهده خلال عمله التطوعي في مستشفى بغزة، وتحدث عن استهداف الطائرات المُسيّرة للأطفال بعد القصف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اليابان وأميركا تعدان خطة عسكرية تحسباً لحالة طوارئ في تايوان

زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

اليابان وأميركا تعدان خطة عسكرية تحسباً لحالة طوارئ في تايوان

زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

ذكرت وكالة «كيودو» للأنباء اليابانية، الأحد، أن اليابان والولايات المتحدة تهدفان إلى إعداد خطة عسكرية تشمل نشر صواريخ تحسباً لحالة طوارئ محتملة في تايوان.

ونقلت الوكالة عن مصادر أميركية ويابانية لم تسمها أن الخطة التي من المتوقع الانتهاء منها الشهر المقبل تنص على نشر الولايات المتحدة وحدات صاروخية في جزر نانسي في مقاطعتي كاجوشيما وأوكيناوا بجنوب غربي اليابان، إلى جانب الفلبين، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقالت كيودو إن الخطة تتضمن أيضاً نشر كتيبة في جزر نانسي من مشاة البحرية الأمريكية، مزودة بمنظومة «هيمارس» الصاروخية المدفعية الخفيفة فضلاً عن أسلحة أخرى.

وجاء في التقرير أن وحدة أميركية متخصصة في شؤون الفضاء والفضاء الإلكتروني والموجات الكهرومغناطيسية ستتمركز في الفلبين.

ولم ترد وزارة الدفاع اليابانية وسفارتا الولايات المتحدة والفلبين في طوكيو على اتصالات للتعليق على ما ورد في التقرير، الأحد.