تحالف «قيم المدني» يعقد مؤتمره الأول في بغداد

هدفه تغيير النهج الذي اعتمدته الحكومات المتعاقبة منذ 2003

تحالف «قيم المدني» للقوى الديمقراطية يعقد مؤتمره الأول في بغداد اليوم الأحد (شبكات التواصل)
تحالف «قيم المدني» للقوى الديمقراطية يعقد مؤتمره الأول في بغداد اليوم الأحد (شبكات التواصل)
TT

تحالف «قيم المدني» يعقد مؤتمره الأول في بغداد

تحالف «قيم المدني» للقوى الديمقراطية يعقد مؤتمره الأول في بغداد اليوم الأحد (شبكات التواصل)
تحالف «قيم المدني» للقوى الديمقراطية يعقد مؤتمره الأول في بغداد اليوم الأحد (شبكات التواصل)

عقد تحالف «قيم المدني»، مؤتمره الأول، (الأحد)، في بغداد؛ تحضيراً لخوض غمار جولة الانتخابات المحلية التي تقام في ديسمبر (كانون الأول) المقبل. والتحالف، بحسب القائمين عليه، هو «المظلة الانتخابية لقوى التغيير الديمقراطية». ويتألف التحالف الجديد من 10 قوى وأحزاب قديمة وناشئة، وضمنها «الحزب الشيوعي العراقي»، و«التيار الاجتماعي الديمقراطي»، وحزب «البيت الوطني»، و«الحركة المدنية العراقية»، وحركة «نازل آخذ حقي». ويشترك في رئاسة التحالف الدكتور علي الرفيعي رئيس التحالف المدني، والنائب المستقل سجاد سالم.

وغالبية هذه الحركات والأحزاب الجديدة انبثقت من «حراك تشرين الاحتجاجي» عام 2019، الذي أدى إلى إسقاط حكومة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، واستمر لأكثر من عام، وأسفر عن مصرع ما لا يقل عن 700 متظاهر وإصابة نحو 20 ألفاً.

وباستثناء نواب كتلة «وطن»، الذين اشتركوا في التحالف الجديد، تفتقر الأحزاب والقوى المشاركة فيه جميعها إلى التمثيل النيابي، ولم يكن لها أيضاً تمثيل سابق في المجالس المحلية، باستثناء تمثيل متواضع لـ«الحزب الشيوعي العراقي».

ويقول القيادي في «الحزب الشيوعي»، ياسر السالم، عن التحالف الجديد لـ«الشرق الأوسط» إنه «سيخوض الانتخابات المحلية في المحافظات العراقية جميعها، عدا إقليم كردستان، ما يؤكد التوجه الوطني العام للتحالف في ظل الاصطفافات الطائفية والقومية والإثنية التي هيمنت على البلاد خلال العقدين الأخيرين».

ويضيف أن «حظوظ التحالف الانتخابية ستكون جيدة، ففي نهاية المطاف التحالف نجح في استقطاب عدد كبير من شباب الاحتجاجات من المدنيين الذين يطمحون للتغيير، وهذا كان أمراً مهماً في بناء التحالف، إذ كنا نركز على القوى والشخصيات القادرة على صنع نتيجة وازنة في الانتخابات، لذلك نتوقع أن تكون حظوظ هذا التحالف ممتازة في الانتخابات المقبلة».

وقال سكرتير اللجنة المركزية في «الحزب الشيوعي»، رائد فهمي، في تصريحات صحافية على هامش المؤتمر: «أعتقد بأنه تحالف نوعي، ولأول مرة تقريباً ينبثق خلال السنوات الأخيرة تحالف متماسك لقوى مدنية اعتادت أن تتشظى وتتصارع فيما بينها سابقاً».

وأضاف أن «التغيير هو مشروع التحالف، ويقصد به تغيير النهج الذي اعتمدته الحكومات المتعاقبة منذ 2003، القائم على المحاصصة وتقاسم المصالح والنفوذ، والتعامل مع الدولة بوصفها غنيمة، وكل ما ترتب على هذا النهج من فساد وتردٍ في الخدمات العامة، وانتهاك للسيادة الوطنية».

كانت غالبية قوى التحالف الجديد رفضت قانون الانتخابات الجديد، بوصفه مصمماً لخدمة مصالح الأحزاب والقوى النافذة في السلطة، لكنها أخفقت في عرقلة تمريره في البرلمان، ثم قررت التعامل بواقعية وخوض الانتخابات المحلية وفقاً لبنوده.


مقالات ذات صلة

غوتيريش يختار العراقي برهم صالح مفوضاً سامياً للاجئين

المشرق العربي الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)

غوتيريش يختار العراقي برهم صالح مفوضاً سامياً للاجئين

اقترح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الرئيس العراقي السابق برهم صالح لتولي منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي برهم صالح (الشرق الأوسط)

الرئيس العراقي السابق برهم صالح رئيساً جديداً لمفوضية اللاجئين

عُيّن الرئيس العراقي السابق والسياسي الكردي برهم صالح رئيساً جديداً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي المبعوث الأميركي للعراق مارك سافايا (وسائل إعلام عراقية)

مبعوث ترمب: العراق أمام لحظة حاسمة ولا يمكن أن ينجح في وجود جماعات مسلحة

قال مبعوث الرئيس الأميركي للعراق مارك سافايا يوم الخميس إن العراق أمام لحظة حاسمة ولا يمكن لأي أمة أن تنجح في وجود جماعات مسلحة تنافس الدولة وتقوض دورها.

المشرق العربي رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)

سوء فهم قضائي يتسبب بجدل حول حرية الرأي في العراق

قررت هيئة الإشراف القضائي في العراق توجيه توبيخ للقائم بمهام مدير مكتب رئيس مجلس القضاء الأعلى، لتنظيمه كتاباً يتضمن إجراءات ضد من يدعو إلى إسقاط النظام السياسي

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك في إقليم كردستان (رويترز)

«دي إن أو» النرويجية تستأنف عمليات الحفر في إقليم كردستان العراق

أعلنت شركة «دي إن أو» النرويجية للنفط والغاز، يوم الخميس، أن عمليات الحفر في امتياز طاوكي الرئيسي في إقليم كردستان العراق، ستُستأنف الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

غوتيريش يختار العراقي برهم صالح مفوضاً سامياً للاجئين

الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)
الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)
TT

غوتيريش يختار العراقي برهم صالح مفوضاً سامياً للاجئين

الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)
الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)

أظهرت رسالة، الجمعة، أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اقترح الرئيس العراقي السابق برهم صالح لتولي منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في خطوة تمثل خروجاً واضحاً عن التقليد المتبع منذ عقود والذي يميل إلى إسناد المنصب لشخصيات من الدول المانحة الكبرى.

وذكر غوتيريش، في الرسالة المؤرخة بـ11 ديسمبر (كانون الأول) أنه يعتزم اقتراح تعيين صالح لولاية مدتها 5 سنوات تبدأ في الأول من يناير (كانون الثاني) 2026، خلفاً للإيطالي فيليبو غراندي الذي يشغل المنصب منذ عام 2016 وتنتهي ولايته في 31 ديسمبر 2025.

ويتطلب التعيين موافقة اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.

مقر الأمم المتحدة في منطقة مانهاتن بمدينة نيويورك في 9 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

10 مرشحين

وأشار الأمين العام إلى أن عملية الاختيار شملت دعوة الدول الأعضاء لتقديم ترشيحات، إلى جانب إعلان عام استقطب طلبات من شخصيات سياسية ومسؤولين تنفيذيين وأكاديميين.

ووفق الرسالة، راجع فريق من كبار مستشاري الأمم المتحدة الترشيحات وأجرى مقابلات مع المرشحين المدرجين في القائمة القصيرة قبل رفع توصياته النهائية.

وتقدم للمنصب نحو 10 مرشحين، من بينهم مسؤول تنفيذي في شركة «إيكيا» وطبيب طوارئ وشخصية تلفزيونية، إضافة إلى عدد من الشخصيات السياسية. وكان أكثر من نصف المرشحين من أوروبا، بما يتوافق مع ما اعتبر طويلاً «عرفاً غير مكتوب» يقضي بأن يأتي المفوض السامي من إحدى الدول المانحة الرئيسية التي تموّل عمليات الوكالة، ومقرها جنيف.

وفي حال الموافقة على اقتراح غوتيريش، سيقود صالح، وهو مهندس تلقى تعليمه العالي في بريطانيا وينحدر من إقليم كردستان العراق، المفوضية في مرحلة شديدة التعقيد، إذ وصل عدد النازحين واللاجئين عالمياً إلى مستويات قياسية تُقدّر بنحو ضعف ما كانت عليه عند تولي غراندي المنصب قبل نحو 9 أعوام.

في المقابل، تراجعت مستويات التمويل هذا العام بعدما قلّصت الولايات المتحدة مساهماتها وحوّلت جهات مانحة غربية أخرى جزءاً من مواردها نحو الإنفاق الدفاعي، ما فاقم التحديات التشغيلية التي تواجهها المفوضية في مناطق النزاع والهشاشة.

صالح مستقبلاً البابا الراحل فرنسيس في القصر الرئاسي ببغداد في مارس 2021 (رويترز)

مَن هو صالح؟

وقد وُلد برهم أحمد صالح في السليمانية عام 1960، وتخرج في الهندسة المدنية قبل أن يحصل على درجات عليا في الإحصاء والهندسة من جامعات بريطانية من بينها كارديف وليفربول. ويعرف صالح بخلفيته الأكاديمية واهتمامه بقضايا الحكم الرشيد والإصلاح المؤسسي.

وشغل صالح منصب رئيس العراق بين 2018 و2022، بعد فوزه بأغلبية أصوات البرلمان، ليخلف فؤاد معصوم في إطار نظام تقاسم السلطة بين المكونات الرئيسية في البلاد. وقبل ذلك، تولى مناصب رفيعة في حكومة إقليم كردستان، بينها رئاسة الحكومة لولايتين، كما تقلد مناصب اتحادية بارزة بعد عام 2003 من بينها نائب رئيس الوزراء ووزير التخطيط، ولعب دوراً في ملفات إعادة الإعمار والسياسات الاقتصادية.

كما أسس صالح الجامعة الأميركية في السليمانية، وشارك في برامج بحثية دولية وزمالات أكاديمية ركزت على التنمية والحكم الرشيد.

ويرى كثيرون أن اختيار شخصية من دولة في الشرق الأوسط لمنصب تقليدياً ما كان يخرج عن دائرة الدول المانحة قد يعكس محاولة من غوتيريش لإعادة تشكيل بعض التوازنات داخل المنظومة الإنسانية للأمم المتحدة، في وقت تتعرض فيه وكالات الإغاثة لانتقادات متزايدة بشأن فاعلية الإنفاق وتوزيع الموارد.

ومن المتوقع أن تراجع اللجنة التنفيذية للمفوضية السامية ترشيح صالح خلال الأسابيع المقبلة، قبل أن تصدر قرارها النهائي، ما يمهد الطريق أمامه لبدء مهامه مطلع 2026 في وقت تتوسع فيه رقعة النزاعات ويزداد فيه الضغط على منظومات الحماية الدولية.


الرئيس العراقي السابق برهم صالح رئيساً جديداً لمفوضية اللاجئين

برهم صالح (الشرق الأوسط)
برهم صالح (الشرق الأوسط)
TT

الرئيس العراقي السابق برهم صالح رئيساً جديداً لمفوضية اللاجئين

برهم صالح (الشرق الأوسط)
برهم صالح (الشرق الأوسط)

عُيّن الرئيس العراقي السابق والسياسي الكردي برهم صالح رئيساً جديداً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حسبما أفاد مصدر «وكالة الصحافة الفرنسية»، الجمعة، طالباً عدم كشف هويته.

وسيتولى صالح مهامه في يناير (كانون الثاني) خلفاً للإيطالي فيليبو غراندي، الذي أمضى 10 سنوات على رأس المفوضية.

ورُشحت شخصيات أخرى للمنصب، من بينها رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، وكذلك المدير العام المنتهية ولايته للشركة القابضة التي تُدير معظم متاجر «إيكيا» يسبر برودين.

الرئيس العراقي السابق برهم صالح (غيتي)

وسيتولّى صالح، البالغ 65 عاماً، مهامه في وقت تواجه فيه المفوضية أزمة هائلة بعد أن تضاعف تقريباً عدد الأشخاص المجبَرين على النزوح خلال 10 سنوات، فيما انخفض تمويل المساعدات الدولية بشكل حاد، ولا سيما مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

كما اضطرت المنظمة إلى تسريح أكثر من ربع موظفيها منذ بداية العام، أي نحو 5 آلاف موظف.

ويُنظر إلى برهم صالح، الذي تلقّى تعليمه في بريطانيا، بوصفه سياسياً معتدلاً. وقد كان من أعضاء السلطات المؤقتة التي شكّلتها القيادة العسكرية الأميركية بعد إسقاط نظام صدام حسين إثر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003.

وتولّى لاحقاً منصب وزير التخطيط في الحكومة الاتحادية التي انبثقت عن أول انتخابات تعددية في العراق عام 2005. وبعد عام، أصبح نائباً لرئيس الوزراء نوري المالكي، وبعد انتهاء ولايته عاد في عام 2009 إلى أربيل ليتولّى حتى 2011 رئاسة حكومة إقليم كردستان.

هذا السياسي، وهو ابن قاضٍ وناشطة في مجال حقوق المرأة، تولّى رئاسة العراق بين عامي 2018 و2022، وهو منصب فخري إلى حد كبير تُرك تقليدياً للأكراد منذ أول انتخابات تعددية في 2005؛ حيث يكون رئيس الوزراء شيعياً، ورئيس البرلمان سنياً.

الرئيس العراقي السابق برهم صالح (أرشيفية - د.ب.أ)

وفي عام 2014، توقّع البعض عودته إلى بغداد لتولّي المنصب الفخري لرئيس الجمهورية، لكنه انسحب في اللحظة الأخيرة لصالح فؤاد معصوم، وهو أيضاً عضو في حزبه، «الاتحاد الوطني الكردستاني».

وينحدر صالح من السليمانية، معقل «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وقد دفع بمشروعات رئيسية في هذه المدينة، ولا سيما سعيه إلى إنشاء الجامعة الأميركية في السليمانية.


بناء الجيش أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة السورية

جانب من عملية تسليم جنود النظام السابق أسلحتهم لقوات الحكومة الجديدة في اللاذقية يوم 16 ديسمبر 2024 (نيويورك تايمز)
جانب من عملية تسليم جنود النظام السابق أسلحتهم لقوات الحكومة الجديدة في اللاذقية يوم 16 ديسمبر 2024 (نيويورك تايمز)
TT

بناء الجيش أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة السورية

جانب من عملية تسليم جنود النظام السابق أسلحتهم لقوات الحكومة الجديدة في اللاذقية يوم 16 ديسمبر 2024 (نيويورك تايمز)
جانب من عملية تسليم جنود النظام السابق أسلحتهم لقوات الحكومة الجديدة في اللاذقية يوم 16 ديسمبر 2024 (نيويورك تايمز)

عندما وصلت فصائل المعارضة السابقة في سوريا إلى السلطة قبل عام، كان من أولى خطواتها عزل جميع القوات العسكرية في البلاد، التي استُخدمت أدواتٍ للقمع والوحشية لمدة خمسة عقود تحت حكم بشار الأسد وعائلته.

والآن، يتمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الناشئة في إعادة بناء تلك القوات، وهو جهد سيكون حاسماً في توحيد هذا البلد الذي لا يزال منقسماً.

لكن لتحقيق ذلك، يتبع القادة الجدد في سوريا النهج نفسه الذي استخدموه لتأسيس حكومتهم.

فالهيكل القيادي الجديد للجيش يفضّل المقاتلين السابقين من فصيل هيئة تحرير الشام الذي كان يقوده الرئيس أحمد الشرع. وتُدخل وزارة الدفاع السورية بعض أساليب التدريب نفسها، بما في ذلك التعليم الديني، التي كان يعتمدها هذا الفصيل الذي أصبح أقوى فصائل المعارضة التي قاتلت نظام الأسد خلال النزاع في سوريا.

وقد أجرت «نيويورك تايمز» مقابلات مع نحو 20 جندياً وقائداً ومجنداً جديداً في سوريا تحدثوا عن التدريب العسكري وشاركوا مخاوفهم. وتحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لأن وزارة الدفاع تمنع الجنود من التحدث إلى وسائل الإعلام.

وقال عدد من الجنود والقادة، وكذلك محللون، إن القادة الجدد للقوات المسلحة كانوا شديدي التدقيق في نقاط معينة، مثل حظر التدخين على الجنود أثناء الخدمة. لكن في نواحٍ أخرى، قال الجنود إن التدريب بدا منفصلاً عن احتياجات قوات عسكرية حديثة.

في الربيع الماضي، عندما وصل أحد أفراد المعارضة السابقة، الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، إلى التدريب العسكري في محافظة حلب شمال سوريا، أبلغ المدربون نحو 1400 مجند جديد بأن التدخين غير مسموح. وقال هذا المتمرد السابق إن أحد المدربين قام بتفتيشه وصادر عدة علب سجائر أخفاها في سترته.

وقد دفع الحظر عشرات المجندين إلى الإقلاع فوراً، وطُرد الكثيرون بسبب تجاهله، وفقاً للمتمرد السابق، وهو رجل نحيل كان يدخن بشراهة أثناء حديثه في مارع، وهي بلدة في ريف حلب. وبعد ثلاثة أسابيع، لم يُكمل التدريب سوى 600 مجند، كما قال.

واستمر هو في التدريب.

قال إنه فوجئ بنواحٍ أخرى من التدريب. فقد خُصِّص الأسبوع الأول بالكامل للتعليم الديني الإسلامي.

وقال جنود وقادة إن التدريب الديني يعكس الآيديولوجيا التي يتبعها فصيل «هيئة تحرير الشام» عندما كان في السلطة بإدلب، وهي محافظة في شمال غربي سوريا. وقال مسؤول في وزارة الدفاع السورية، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لعدم تخويله الحديث علناً، إن الحكومة لم تقرر بعدُ ما إذا كانت ستسمح للأقليات بالانضمام.

عناصر من قوات الأمن السورية الجديدة خلال احتفال بتخرجهم في دمشق يوم 20 فبراير 2025 (نيويورك تايمز)

ويعتمد قادة سوريا الآن على دائرة من الموثوق بهم من فصيل «هيئة تحرير الشام» لقيادة الجيش الجديد وصياغته، حسب ما ذكره عدة جنود وقادة ومجندين.

ولم ترد وزارة الدفاع السورية على قائمة تفصيلية من الأسئلة أو طلبات التعليق المتكررة.

وبعد إلغاء التجنيد الإجباري، المكروه بشدة في عهد النظام السابق، بدأ الجيش الجديد في تجنيد المتطوعين ووضع شروطاً تشمل شهادة الصف التاسع، واللياقة البدنية، والقدرة على القراءة.

لكن الجنود الذين قاتلوا مع فصائل المعارضة في الحرب ضد نظام الأسد أُدرجوا تلقائياً في صفوف الجيش، حتى لو لم يستوفوا الشروط، وفقاً لعدة جنود وقادة.

وقال عصام الريس، المستشار العسكري البارز في مؤسسة «إيتانا» البحثية السورية، الذي تحدث إلى العديد من الأفراد السابقين في فصائل المعارضة والعاملين حالياً في الجيش، إن قادة من «هيئة تحرير الشام» يُمنحون مناصب عسكرية لأنهم مخلصون لقيادتهم حتى ولو كانوا يفتقرون لمؤهلات علمية ولتعليم عسكري رسمي.

ومعروف أن المقاتلين السابقين من فصيل «تحرير الشام»، مثل العديد من الفصائل الأخرى، لديهم سنوات من خبرة القتال غير النظامي ضد نظام الأسد. لكن معظمهم لم يخدم كضباط في جيش نظامي ذي فروع مختلفة مثل البحرية، والقوات الجوية، والمشاة، وذي هياكل قيادة صارمة، وهي معرفة تُعد مفيدة عند إعادة بناء جيش.

وأضاف الريس: «قوة الجيش تكمن في انضباطه».

ويبدأ معظم الجنود والقادة الآن بتدريب أساسي لمدة ثلاثة أسابيع، باستثناء أولئك الذين قاتلوا سابقاً إلى جانب هيئة تحرير الشام.

ووقعت الحكومة السورية اتفاقاً أولياً مع تركيا لتدريب وتطوير الجيش، حسب قتيبة إدلبي، مدير الشؤون الأميركية في وزارة الخارجية السورية. لكن الاتفاق لا يشمل توريد أسلحة أو معدات عسكرية، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.

العقيد علي عبد الباقي، قائد أركان الكتيبة 70 في دمشق، هو من بين قلّة من القادة الكبار (في قوات الأمن الجديدة) الذين لم يكونوا من «هيئة تحرير الشام». قال من مكتبه في دمشق إنه لو كان مكان الرئيس الشرع لبنى الجيش الجديد بالطريقة نفسها التي يبنيها الرئيس السوري. وقال العقيد، الذي قاد فصيلاً متمرداً خلال الحرب: «لن يخاطروا بأشخاص لا يعرفونهم».

وقال بعض كبار القادة العسكريين إن التعليم الديني هو محاولة لبناء الانسجام عبر الإيمان المشترك، وليس لفرض آيديولوجيا محددة على المجندين.

وقال عمر الخطيب، خريج قانون ومتمرد سابق وقائد عسكري حالياً في محافظة حلب: «في جيشنا، يجب أن تكون هناك وحدة مخصصة للتوعية السياسية ومنع الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. هذا أهم من تدريبنا على عقيدة دينية نعرفها أصلاً».

* خدمة «نيويورك تايمز»