بإصداره الأمر الرئاسي المتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية، وضبط عدد المقاعد المخصصة لها، اليوم (الجمعة) في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الصحيفة الرسمية)، وكذا الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات المحلية والجهوية في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يكون الرئيس التونسي قيس سعيد قد هيأ البلاد لإجراء الدور الأول من الانتخابات المحلية، المندرجة ضمن المسار السياسي، المعتمد على التمثيل القاعدي الذي اقترحه على التونسيين منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021، وإنهاء منظومة الحكم السابقة بزعامة حركة النهضة.
وبرر الرئيس التونسي اختياره تاريخ 24 ديسمبر المقبل لتنظيم الانتخابات المحلية والجهوية بسبب رمزيته، حيث يتزامن مع استشهاد شابين تونسيين سنة 2010، هما محمد العماري وشوقي الحيدري بمدينة منزل بوزيان بولاية (محافظة) سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية.
وكانت هيئة الانتخابات قد اشترطت إصدار الرئيس سعيد ثلاثة أوامر رئاسية لإجراء الانتخابات المحلية، أولها دعوة الناخبين إلى صناديق الاقتراع، وتقسيم الدوائر الانتخابية، وسد النقص في تركيبة الهيئة الانتخابية. وقد حسم الرئيس سعيد هذا الملف خلال إشرافه أمس (الخميس) على اجتماع مجلس الوزراء، حيث أكد أن الدور الأول للانتخابات سيكون في 24 من ديسمبر المقبل، وذلك بعد أن رجحت هيئة الانتخابات أن يكون في 17 من الشهر ذاته، وهو تاريخ انطلاق الاحتجاجات الاجتماعية نهاية 2010.
وفي حال عدم حصول أي مرشح على الأغلبية المطلقة في الدور الأول للانتخابات المحلية، سيتم اللجوء إلى دورة ثانية لا يتقدم إليها إلا المرشحان الأول والثاني اللذان حصلا على أغلبية الأصوات.
وفي هذا السياق، عقد فاروق بوعسكر، رئيس هيئة الانتخابات، مؤتمرا صحافيا اليوم (الجمعة)، خصص لعرض روزنامة الانتخابات المحلية المقبلة، مؤكدا استعداد الهيئة لإنجاح هذه المحطة الانتخابية.
وحدد العدد الإجمالي للمجالس المحلية المنتظرة بـ279 مجلسا، كما حدد العدد الإجمالي للدوائر الانتخابية لانتخابات هذه المجالس بـ2155 دائرة انتخابية. فيما حدد الأمر الرئاسي عدد الأقاليم بستة أقاليم، تجمع ولايات ساحلية بولايات من داخل البلاد، في محاولة لإيجاد توازن بين الجهات، في ظل التفاوت الاقتصادي والاجتماعي الذي تعرفه منذ عقود.
يذكر أن عدة أحزاب سياسية تزعمت المشهد السياسي بعد ثورة 2011 قررت مقاطعة الانتخابات البرلمانية، التي أجريت على دورتين وأفرزت البرلمان الحالي، ومن بين تلك الأحزاب حركة النهضة، وحزب التيار الديمقراطي والحزب الجمهوري. فيما وجهت عدة منظمات حقوقية محلية ودولية انتقادات عدة للنظام السياسي التونسي، نتيجة الاعتقالات المتتالية التي شملت معارضي المسار السياسي للرئيس سعيد، ووجود الكثير منهم في السجون بتهم مختلفة، من بينها «تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر»، و«التآمر على أمن الدولة»، و«تبييض الأموال»، و«الحصول على تمويلات مشبوهة».
وترى تلك المنظمات أن الرئيس التونسي حاد عن المسار الديمقراطي، وأخلى الساحة من معارضيه. مؤكدة أنه يتوجه لإرساء نظام يفتقر إلى آليات التداول السلمي على السلطة، في الوقت الذي سيطر فيه على مختلف السلطات.
على صعيد آخر، أصدر الرئيس سعيد أمرا رئاسيا يتعلق بإجراء تدقيق شامل لعمليات الانتداب والإدماج بالوظيفة العمومية، والهيئات والمؤسسات والمنشآت العمومية، وسائر الهياكل العمومية الأخرى المنجزة ما بين 14 يناير (كانون الثاني) 2011 و25 يوليو (تموز) 2021، ويأتي ذلك إثر اتهام منظومة الحكم السابقة، التي تزعمتها حركة النهضة، باستغلال السلطة لإدخال عدة عناصر موالية لها في الإدارات الحكومية، ومن ثم التحكم في القرار الإداري، وتعطيل الكثير من مشاريع التنمية وخلق فرص العمل.