الهند ترى قمة «العشرين» تعزيزاً لمكانتها العالمية

200 ساعة من المفاوضات المتواصلة و300 اجتماع ثنائي و15 مسودة اتفاق

مودي يتكلم في قمة "مجموعة العشرين" بنيودلهي (آ ف ب)
مودي يتكلم في قمة "مجموعة العشرين" بنيودلهي (آ ف ب)
TT

الهند ترى قمة «العشرين» تعزيزاً لمكانتها العالمية

مودي يتكلم في قمة "مجموعة العشرين" بنيودلهي (آ ف ب)
مودي يتكلم في قمة "مجموعة العشرين" بنيودلهي (آ ف ب)

مع إسدال الستار على قمة «مجموعة العشرين» التي عقدت أخيراً في العاصمة الهندية نيودلهي، بحضور كوكبة من زعماء العالم ورؤساء منظمات دولية بارزة على مدار ثلاثة أيام، تفاوضت الهند من أجل التوصل إلى توافق في الآراء بين الدول الكبرى، وأظهرت مهارة دبلوماسية تمخّضت عن «إعلان نيودلهي» المشترك للمجموعة. يشكل هذا تحولاً كبيراً بعيداً عن القمة السابقة في بالي عام 2022، التي هزّتها انقسامات حادة بين الأعضاء بخصوص الحرب في أوكرانيا. وأما هذه المرة فاعتمد قادة المجموعة بالإجماع «الإعلان» بوصفه وثيقة شاملة تغطي مواضيع مثل التغييرات المناخية والصحة والتجارة والاقتصاد الرقمي والإرهاب وتمكين المرأة. أيضاً، من المهم التذكير بأن «مجموعة العشرين» المنعقدة في بالي خلال العام الماضي تزامنت مع فوضى عالمية كبيرة عميقة، فاقمها اصطفاف القوى الكبرى بعضها ضد بعض بعد الحرب الأوكرانية، أما هذه المرة فقد كان غياب الزعيم الصيني شي جينبينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين سبباً في خفض سقف التوقعات.

منذ بداية قمة نيودلهي لـ«مجموعة العشرين» كان واضحاً وجود خطوط صدع جيوسياسية بين الاقتصادات الكبرى في العالم المشاركة، كما كانت ظلال الحرب في أوكرانيا تخيم على القمة، مع احتدام الخلاف بين روسيا والولايات المتحدة حول مصير الصراع. وحول الجو العام للقمة، علّق غوتام تشيكرمان، نائب رئيس مؤسسة «أوبزرفر ريسرتش» الفكرية، قائلا: «قبل ساعات قليلة من إعلان رئيس الوزراء ناريندرا مودي التوصل إلى إجماع بشأن إعلان مجموعة العشرين، كان مجتمع المؤسسات الفكرية العالمية المعني بالشؤون الجيوسياسية، على ثقة من غياب مساحة تسمح بإعلان مشترك في نيودلهي، وهنا يتبين أهمية الإنجاز الكبير الذي حققته رئاسة الهند للقمة». وتابع: «لطالما نظر إلى مهمة التوصل لإجماع بعدّها مهمة مستحيلة، ولذلك، جاء الإجماع بمثابة مفاجأة». وعن دور الهند قال تشيكرمان «الهند اضطلعت فعلاً بدور حاسم في سد الفجوة بين الغرب وروسيا، وتيسير الحوار البناء الذي أثمر بياناً مشتركاً دعا جميع الدول إلى الامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها سعياً للاستيلاء على أراض». ومع ذلك: «لم تدن نيودلهي موسكو على عدوانها، بحجة أن هناك آراء وتقييمات مختلفة للوضع»، ومن ثم نبهت إلى أن المجموعة «ليست منصة لحل القضايا الجيوسياسية والأمنية».

جدير بالذكر أن الدبلوماسيين الهنود قادوا أكثر من 200 ساعة من المفاوضات المتواصلة، و300 اجتماع ثنائي، وناقشوا 15 مسودة للتوصل إلى توافق في الآراء بخصوص إعلان زعماء «مجموعة العشرين». وكان الجزء الأكثر تعقيداً في القمة التوصل إلى توافق في الآراء بشأن الفقرات الجيوسياسية. ومن جهة ثانية، نجحت الهند في التوصل إلى إجماع مفاجئ بين دول المجموعة حيال هذه الفقرات من خلال سلسلة من المفاوضات المحمومة مع دول الاقتصادات الناشئة، مثل البرازيل وجنوب أفريقيا، وإندونيسيا التي لعبت دوراً بارزاً في تحقيق هذا الإنجاز.

وفي قراءة تحليلية أخرى لما جرى، يقول المحلل هارش في. بانت «مع اقتراب انتهاء رئاسة الهند لمجموعة العشرين، تركزت الأضواء العالمية على السياسة الخارجية الهندية وتواصلاتها الخارجية. وفي حقبة تتسم بالاستقطاب الشديد بين القوى الكبرى وتآكل المؤسسات متعددة الأطراف، نجحت نيودلهي في بث روح جديدة في مجموعة العشرين. والواقع أن أحداً ما كان يتوقع هذا الاهتمام العالمي المتزايد بالمجموعة بينما كانت غالبية المؤسسات المتعددة الأطراف الأخرى بدأت تفقد أهميتها». وأعرب هارش عن اعتقاده أن المفاوضين الهنود أثبتوا من جديد براعتهم في إيجاد الحجج المناسبة لدفع الجميع نحو خط النهاية، بمعنى إقناع الولايات المتحدة بأن فوز الهند يساعد الغرب، وإقناع روسيا بالموافقة على اللغة التي تشير بوضوح إلى مسؤولية موسكو في الحرب، لكن من دون تسميتها بوضوح، وإجبار الصين على قبول النتائج أو التعرض لعزلة.

سيرة «مجموعة العشرين»

أسست «مجموعة العشرين» عام 1999 في أعقاب سلسلة من الأزمات الاقتصادية التي اجتاحت العالم. أما الهدف، فكان أن تعمل المجموعة بوصفها تكتلا اقتصاديا مؤثرا لتناول القضايا المتعلقة بالاقتصاد العالمي. والواقع أنها عبارة عن منتدى «بين الحكومات» يضم 19 دولة ذات سيادة، بجانب الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، بما في ذلك دول صناعية ونامية. وفي السنوات اللاحقة، تجاوزت المجموعة دائرة اهتماماتها الاقتصادية والمالية، سعياً لتناول قضايا جيوسياسية كذلك. ومع ذلك، على مر السنوات، لم تظهر خلافات على السطح فحسب، بل تعمّقت خطوط الصدع، ما أدى إلى ظهور انقسام حاد حالياً بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من ناحية، وروسيا والصين من ناحية أخرى. أما أهمية المجموعة اليوم فتنعكس في حقيقة أن لأعضاء «مجموعة العشرين» نحو 80 في المائة من إجمالي الناتج العالمي، و75 في المائة من التجارة الدولية، وثلثي سكان العالم، و60 في المائة من مساحة اليابسة على مستوى العالم.

تحديات الغائبين

على صعيد متصل، لئن كانت الهند تأمل في حضور جميع رؤساء دول مجموعة العشرين، فإنها بالتأكيد شعرت بشيء من خيبة الأمل. إذ تصدر الغائبين الرئيس الصيني شي جينبينغ ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وكان لكل منهما أسباب جيوسياسية مختلفة.

غياب الرئيس الصيني شخصياً أو افتراضياً، كان بسبب تضارب المواعيد، وبعث رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ بدلاً من ذلك. وبالمثل، تغيب بوتين، المطلوب بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة في أوكرانيا، عن الحدث وأرسل وزير الخارجية سيرغي لافروف. ومع ذلك، رأى عدد من المراقبين في التغيب المزدوج ازدراء للهند، ومؤشراً لاستياء بكين من علاقات نيودلهي المتنامية بالولايات المتحدة وغيرها من الديمقراطيات.

وحقاً، ويأتي غياب شي جينبينغ بمثابة تذكير بمدى السرعة التي يتطوّر بها النظام العالمي، و«الموقف الصعب الذي تجد الصين نفسها فيه الآن»، وفق المنظور الهندي. ويستشهد الجانب الهندي على ذلك بقول الرئيس الأميركي جو بايدن «رغم غياب شي، فإن قمة مجموعة العشرين تسير على ما يرام». بل ويذهب أبعد ليقول إن تغيب الزعيم الصيني أدى إلى نتائج عكسية، بينها بروز الهند بوصفها القائد المستحق في الجنوب العالمي ومجموعة «بريكس». فاليوم: «تبدو نيودلهي بمثابة جسر حيوي مع الغرب، وبدأت تبرز بوصفها قوة على صعيد التفوق الاقتصادي والعسكري الإقليمي، مع تمتعها بخيارات أكبر في تعاملها مع الولايات المتحدة وروسيا»، الأمر الذي تفتقر إليه الصين. وحول الصين أيضاً، يعلق راجيش غوبالان، أستاذ السياسة الدولية بجامعة جواهر لال نهرو في نيودلهي، قائلا: «يبدو أن الصين اتبعت نهج عدم التدخل في القمة بعد اجتماع مجموعة البريكس المؤلفة من خمس دول أعضاء، الشهر الماضي». وأردف أن بكين، على ما يبدو، لم تعد تنظر إلى مجموعة العشرين بوصفها تجمعاً دولياً رئيسياً. ويعني ذلك أنها ربما تعطي الأولوية فقط لتلك المؤسسات الدولية التي يمكنها السيطرة عليها، مثل مجموعة البريكس الموسعة، بينما تسعى إلى تقويض الأطر المتعددة القائمة. وأضاف غوبالان: «إن إمداد الهند بمنصة تستطيع من خلالها الاضطلاع بدور قيادي عالمي، كان خطوة ذكية من جانب بايدن وقادة مجموعة السبع الآخرين».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

زيلينسكي... لم يُدع

وحول أبرز المتغيّبين، لم يجر توجيه دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لحضور القمة، مع قرار الهند قصر الدعوات على أعضاء «مجموعة العشرين» وتسع دول غير أعضاء. وكان زيلينسكي قد خاطب زعماء المجموعة عبر رابط فيديو خلال قمة بالي السابقة في إندونيسيا عام 2022. أما نيودلهي، فقد وقفت إلى جانب حليفتها القديمة موسكو في مواجهة كييف. ورأى مراقبون أن قرار الهند ألا تدعو الرئيس الأوكراني جاء بوصفه خطوة تتعمد تجنب إزعاج روسيا التي تتقاسم «شراكة استراتيجية خاصة ومتميزة» مع الهند. إلا أن زيلينسكي، في أي حال، أعرب عن خيبة أمله إزاء إعلان القمة، وقال إن الإعلان لا يعكس حقيقة العدوان الروسي ضد أوكرانيا، ولم يقدم أي دعم ملموس لأوكرانيا، ولم يفرض عقوبات ضد موسكو.

ولكن في سياق موازٍ، في خطوة غير مسبوقة أحدثت هزة في المجتمع الدبلوماسي الدولي، رحبت الهند بحرارة بالاتحاد الأفريقي خلال القمة، وعد المراقبون التحول إلى دور «بطل الجنوب» العالمي، هو أكبر مساهمة للهند. ويتضمن ذلك تحويل «مجموعة العشرين» إلى «مجموعة الـ21» مستقبلاً، من خلال ضم الاتحاد الأفريقي. وما يستحق الذكر، أن مصادر مطلعة أكدت أن هذه الفكرة جرى طرحها في يونيو (حزيران) من هذا العام، عندما كتب مودي إلى قادة «مجموعة العشرين» مقترحاً منح الاتحاد الأفريقي «العضوية الكاملة» في قمة نيودلهي.

وأضافت المصادر أن الفكرة نشأت بعد قمة «صوت الجنوب العالمي» في يناير (كانون الثاني) من هذا العام، التي شاركت فيها معظم دول القارة الأفريقية البالغ عددها 55 دولة. وجرت المناقشات في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، مقر الاتحاد الأفريقي. وحتى ذلك الوقت، لم يكن هناك سوى دولة واحدة من القارة الأفريقية بأكملها في «مجموعة العشرين» هي جنوب أفريقيا.

من ناحيتهم، شكا عدد من الزعماء الأفارقة من أن أوروبا ممثلة بخمس دول، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، في حين يستحق الاتحاد الأفريقي بدوره تمثيلاً مماثلاً. ومعلوم أن ناريندرا مودي، الذي أجرى زيارات لـ10 دول على الأقل في أفريقيا خلال السنوات التسع الماضية، أطلق حوارات مع قادة العالم، بما في ذلك الرئيس الأميركي بايدن والرئيس الروسي بوتين، بالإضافة إلى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، ونال دعمهم لضم الاتحاد الأفريقي. وكانت حجة الزعيم الهندي في ذلك واضحة، ومفادها أن المستقبل المستدام لكوكبنا يتطلب الاعتراف بجميع الأصوات وتمثيلها، خاصة الأصوات الآتية من العالم النامي.

وهنا، أعرب الكاتب شوباجيت روي، عن اعتقاده أن هذه الخطوة «رسخت مكانة الهند بقوة بوصفها قوة جيوسياسية صاعدة عالمياً. كما يعد ذلك انعكاسا لقوة روابط نيودلهي بأفريقيا، ويتزامن كذلك مع تطلع الهند للحصول على العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، ما يعد سبباً وراء حرص نيودلهي على حشد دعم أفريقيا التي تمتلك 55 صوتاً».

وفي هذا الإطار، نشير إلى أن تواصل الهند المنظم مع أفريقيا كان قد بدأ عام 2008، ولكن مع ذلك نجحت الصين في «سرقة» المسيرة، بعدما كانت قد بدأت تواصلها مع القارة الأفريقية لأول مرة عام 2000، عندما كان جيانغ زيمين رئيساً. ولقد بدأ عمل «منتدى التعاون الصيني - الأفريقي» (فوكاك) عندما انعقد الاجتماع الوزاري الأول في بكين ذلك العام، وقد قطعت الصين شوطاً طويلاً منذ ذلك الحين، ما يعد دليلاً على تطور المصالح الصينية داخل القارة الأفريقية.

رحبت الهند بحرارة بالاتحاد الأفريقي خلال قمة «مجموعة العشرين»

الرئيس الصيني شي جينبينغ (آ ب)

 

الهند والولايات المتحدة في «متابعة مشتركة» للحالة الصينية

وفق جملة من التحليلات والتوقعات، تظل الهند من أكثر الحلفاء أهمية للولايات المتحدة، في حين تبقى الصين في خلفية الصورة الأكبر هنا.

وما يمكن ملاحظته في هذا الإطار، أن الرئيس الأميركي جو بايدن تعمد تجنب إحراج القيادة الهندية، وذلك من خلال امتناعه عن الإعلان عن سلبية توجهات واشنطن إزاء بكين. لكن، مع ذلك، ما تلمسه الأوساط السياسية الهندية أن الأولوية الكبرى عند واشنطن إشراك نيودلهي في اللعبة الطويلة ضد الصين. وعلاوة على ذلك، وفي مسار مواز ومقابل، فإن الموافقة على الإعلان لا تنطوي على تهديد لموقف الولايات المتحدة تجاه روسيا، وليس ثمة رسالة من واشنطن إلى موسكو بأنها ستخفف من قوة سياستها تجاه دعم أوكرانيا أو انتقاد «عدوان» موسكو.

في مطلق الأحوال، استغلت الولايات المتحدة فراغ السلطة في غياب الرئيس الصيني لاتخاذ خطوة مهمة لتعزيز جهودها من أجل توقيع اتفاقات دفاعية جديدة مع الهند.

ويأمل بايدن حاليا في الاعتماد على سلسلة مشروعات البنية التحتية والاستثمارات الجديدة بوصفها دليلا قويا وموثوقا على التزام واشنطن تجاه دول العالم النامي، وتقديم بديل أفضل وأكثر موثوقية من الصين.


مقالات ذات صلة

انتخابات تاريخية في جامو وكشمير أمام خلفية إلغاء حكومة مودي وضع «الولاية الاتحادية»

حصاد الأسبوع تجمع حزبي في إحدى المناطق رافض لإلغاء حكومة مودي المادة 370 (رويترز)

انتخابات تاريخية في جامو وكشمير أمام خلفية إلغاء حكومة مودي وضع «الولاية الاتحادية»

بعد عِقد من الزمن، توافد الناخبون بإقليم جامو وكشمير، ذي الغالبية المسلمة والخاضع للإدارة الهندية، بأعداد قياسية للتصويت للحكومة المحلية في إطار انتخابات...

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع طابور اقتراع في كشمير (رويترز)

القضايا الرئيسية في انتخابات 2024 الكشميرية

برز إلغاء المادة 370 وتأسيس دولة مستقلة في جامو وكشمير قضيتَين رئيسيتين في هذه الانتخابات، بينما تشكّل البطالة مصدر قلق مزمن كبير. الصحافي زاهور مالك قال: «ثمة…

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

يُجمِع خبراء المناظرات الرئاسية الأميركية على أن الانتصارات فيها لا تُترجم بالضرورة فوزاً في الانتخابات، والمرشحون الذين يتألقون في المناظرات لا يفوزون دائماً

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع يقدّم بارنييه نفسه على أنه رجل ينتمي إلى اليمين لكن ليس اليمين البورجوازي القومي المتعصّب بل اليمين الاجتماعي

ميشال بارنييه رئيس الحكومة الفرنسية الجديد... هل يكون الرجل المعجزة الذي ينقذ عهد ماكرون؟

بعد 25 سنة أمضاها ميشال بارنييه في بروكسل (1999 – 2021) مفوضاً أوروبياً متنقلاً في مناصب عديدة، منها مسؤول عن السوق الأوروبية الداخلية ونائب لرئيس المفوضية،

ميشال أبونجم (باريس)
حصاد الأسبوع الرئيس الموريتاني ولد الغزواني يستقبل رئيس الوزراء الإسباني سانتشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية فون در لاين في نواكشوط 
(آ فب)

إسبانيا تحاول التحكّم بهاجس التعامل مع المهاجرين

عندما فازت إسبانيا بكأس الأمم الأوروبية لكرة القدم، أواسط يوليو (تموز) الفائت، كان النجم الأبرز في الفريق الوطني الأمين جمال، وهو لاعب من أب مغربي وصل قبل 19

شوقي الريّس (مدريد)

«حرب لبنان» تظهر تغييراً كبيراً في نظرة أميركا تجاه إيران

القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)
القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)
TT

«حرب لبنان» تظهر تغييراً كبيراً في نظرة أميركا تجاه إيران

القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)
القصف وأعمدة الدخان في جنوب لبنان (رويترز)

منذ اندلاع «حرب مساندة» غزة التي أطلقها «حزب الله» قبل نحو سنة، كانت المؤشرات كلها توحي بأن حرب الإبادة التي شنّتها إسرائيل رداً على «هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)»، ستنتقل عاجلاً أو آجلاً إلى لبنان، في ظل إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يخوض «حرباً ستكون طويلة لتغيير خريطة الشرق الأوسط». ومع ذلك، كانت معظم التحليلات تتكلّم عن «مأزق» إسرائيل «المأزومة»، وعن خلافاتها في الداخل ومع الخارج، ولا سيما الولايات المتحدة، ما سمح للبعض بالترويج أن أهداف هذه الحرب لم تتحقق، وقد لا تتحقق، سواء في غزة والأراضي الفلسطينية، أو في لبنان. لكن على أرض الواقع، كان من الواضح أن ما حقّقته إسرائيل حتى الآن من حربها على غزة يتجاوز كثيراً الردّ على «هجوم أكتوبر».

بعدما نجحت إسرائيل في تعزيز «صورة» ربط حربها التهجيرية في غزة بأنها «صراع وجود» مع إيران وأذرعها الساعين إلى تدميرها، وفّرت تلك الحرب للإسرائيليين أيضاً غطاءً دولياً واسعاً، ليس لإطالة حرب الإبادة ضد الفلسطينيين فقط، بل الانتقال أيضاً إلى حرب إبادة أخرى ضد لبنان.

هذا الأمر طرح تساؤلات عن حقيقة الموقف الأميركي تجاه أهداف إسرائيل، وعمّا إذا كانت حربها لتغيير «المشهد الإقليمي» ممكنة من دون موافقة أميركية. بيد أن الوقوف على المتغيرات الدراماتيكية التي طرأت على سياسة واشنطن يظهر تغييراً كبيراً في مقاربتها ونظرتها تجاه إيران، مع التغييرات التي طرأت على المشهد الدولي منذ اندلاع الحرب الأوكرانية.

«فرصة استراتيجية» لأميركا

قبل الدخول في ما عدّه البعض «تجاهلاً» من تل أبيب للمساعي الأميركية لفرض وقف لإطلاق النار في حربها المتصاعدة ضد «حزب الله»، روّجت تحليلات العديد من الصحف الأميركية ولا تزال لـ«خلافات» بين واشنطن وتل أبيب. إلا أن دينيس روس، المبعوث الرئاسي السابق في المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، رأى أن ما جرى حتى الآن «يُعد فرصة استراتيجية لأميركا، ليس لتغيير المنطقة فقط، بل تغيير الوضع في لبنان أيضاً بعد اغتيال حسن نصر الله وإضعاف (حزب الله)». وخلال ندوة في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، حضرتها «الشرق الأوسط»، يوم الأربعاء، وشاركت فيها دانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع السابقة لشؤون الشرق الأوسط في إدارة بايدن، وديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى في إدارة ترمب، أضاف روس: «بات بمقدور أميركا اتخاذ إجراءات رادعة مباشرة، ليس ضد إيران فقط، بل المشاركة قبل ذلك في ضرب أذرعها مباشرة وملاحقتهم».

وبحسب روس، فإنه بعدما تمكّنت إسرائيل من ضرب و«تحييد» الخطر الذي يمثله «حزب الله» و«حماس»، يمكن لواشنطن الآن «ضرب وملاحقة الحوثيين، كإشارة إلى أننا قادرون على تعريض ما نعتقده نحن مصالح مهمة لها، وخصوصاً برنامجها النووي، وليس المصالح التي تعتقد إيران أنها مهمة بالنسبة لها فقط».

تغيير مسار المنطقة

من جهتها، قالت سترول، إن إرسال الأصول العسكرية الأميركية، منذ اندلاع الحرب قبل نحو سنة، وخصوصاً في الفترة الأخيرة «لا يُعبّر عن تصميم إدارة بايدن على مواجهة التهديدات الإقليمية، والدفاع عن إسرائيل، ومنع توسّع الحرب فقط، بل تغيير المسار في المنطقة أيضاً». وأضافت: «كل الأحداث التي وقعت منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) حتى الآن، بما فيها تصفية قوة (حماس) وضرب (حزب الله) وتوجيه ضربات لإيران، لم يكن بالضرورة مخطط لها. لكن اليوم، بعد كل الذي جرى، ينبغي أن نستغل ما حصل لنمضي في مسار مختلف، بما يعيد الاستقرار والسلام إلى المنطقة، وإعادة مسار العلاقات الإسرائيلية العربية إلى مسارها الذي انقطع بعد 7 أكتوبر».

من ناحيته، قال شينكر: «ثمة فهم خاطئ لتفسير ما تعنيه المطالبة بوقف إطلاق النار، سواء في غزة أو لبنان، وذلك لأن الأهداف التي وضعت لا يمكن تحقيقها من دون تغيير الديناميات السابقة». وأردف أنه بمعزل عن الإدارة الجديدة التي ستأتي بعد الانتخابات الأميركية، وسواء أكان الفائز فيها كامالا هاريس أم دونالد ترمب، لا شك أنه «سيكون من الصعب العودة إلى السياسات الأميركية السابقة تجاه إيران وأذرعها وبرنامجها النووي». وأكد أن أميركا «ستلعب دوراً رئيسياً في إعادة تشكيل وترتيب الأوضاع بعد حرب غزة، التي ستنتهي عاجلاً أم آجلاً، وكذلك في لبنان».

وهكذا، أمام هذه «الرؤية» التي تعكس حقيقة الموقف الأميركي للصراع الجاري، إن إصرار البعض على اعتباره إذعاناً وارتباكاً أميركياً أمام رغبات إسرائيل، قد يكون من الضروري قراءة «التحولات» التي طرأت على موقف إدارة الرئيس جو بايدن، منذ اندلاع الحرب.

تقديرات مختلفة للحرب في لبنان

كانت هناك تقديرات مختلفة داخل إدارة بايدن عن طبيعة الأخطار التي يمكن أن تواجهها «العملية» العسكرية التي أطلقتها إسرائيل ضد «حزب الله»، وعن قدراته العسكرية الحقيقية التي جرى تضخيمها. ولكن، بدلاً من تبيّن صحة تلك التقديرات، انتهى الأمر بتبنّي العديد من المسؤولين الأميركيين النجاح الذي حقّقته إسرائيل في سعيها - بزخم مذهل - إلى إضعاف «حزب الله». وهو ما بدا أنه يتناسب مع نمط إدارة بايدن، التي لطالما تدرّجت في التعبير عن مواقفها من الأحداث السياسية الخارجية.

إذ بعدما تحثّ إسرائيل على لجم اندفاعاتها، كانت لا تلبث أن تتراجع لاحقاً. وبعدما أوضح بايدن رغبته في «الوقف الفوري» للقتال في لبنان، وتحفّظه عن التوغّل البرّي، ظهر انقسام بين المسؤولين الأميركيين حول «الحكمة» من الحملة الإسرائيلية ضد «حزب الله»، خاصة منذ مقتل زعيمه حسن نصر الله، في 27 سبتمبر (أيلول) الماضي. ففي حين ركّز البعض كثيراً على المخاطر، قال آخرون إنه إذا أمكن توجيه ضربة قوية للحزب من دون إثارة صراع إقليمي أوسع يجذب إيران فإن ذلك قد يُعدّ نجاحاً.

واليوم، يذهب كثيرون إلى القول إن وجهة النظر الأخيرة هي التي تغلبت في النهاية، وعبّرت عنها تصريحات وزير الخارجية أنتوني بلينكن، «غير المعهودة» من كبير الدبلوماسيين، حين تكلّم عن «العدالة» التي نفّذت بحق نصر الله.

الضغط العسكري يدعم الدبلوماسية

يوم الاثنين الماضي، قال ماثيو ميللر، الناطق باسم الخارجية للصحافيين: «نحن بالطبع نواصل دعم وقف إطلاق النار، ولكن في الوقت نفسه، هناك أمران آخران صحيحان أيضاً: الضغط العسكري يمكن في بعض الأحيان أن يمكّن الدبلوماسية. وطبعاً، قد يؤدي أيضاً إلى سوء التقدير... يمكن أن يؤدي إلى عواقب غير مقصودة، ونحن نتحادث مع إسرائيل حول كل هذه العوامل الآن».

وحقاً، حتى الاتفاق الذي قيل إنه حصل بين أميركا وفرنسا وإسرائيل ودول عدة توصُّلاً إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، لمدة 3 أسابيع، بدا أن واشنطن قد تخلت عنه.

هذا ما بدا بعدما رأى مسؤولون في إدارة بايدن أن إسرائيل تحاول توجيه ضربة حاسمة لـ«حزب الله» عبر اغتيال زعيمه، بعد الضربات الساحقة التي نفّذتها على امتداد الأشهر الماضية، وتوجّت بما سُمي بهجوم «البيجر»، وبتصفية العديد من قياداته العليا والوسطى.

ورغم اتهام بنيامين نتنياهو بأنه هو الذي عاد عن الاتفاق الذي وافق عليه، فإن «الصمت» الأميركي الذي تلا اغتيال نصر الله، كاد يؤدي إلى تأجيل حتى إلغاء زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى لبنان، التي أصرّ قصر الإليزيه عليها في نهاية المطاف، تعبيراً عن «غضب» فرنسا، الذي قابلته إسرائيل بقصف هدف في العاصمة بيروت، للمرة الأولى يوم الأحد الماضي.

الحسم في تفكيك بنية «حزب الله»

بعدها، يوم الاثنين، في إشارة واضحة لحسم التردد ودعم العملية الإسرائيلية، قال «البنتاغون» إن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اتفق مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت «على ضرورة تفكيك البنية التحتية الهجومية على طول الحدود الشمالية لإسرائيل، لضمان عجز (حزب الله) عن شنّ هجمات على غرار هجمات 7 أكتوبر على المجتمعات الإسرائيلية في تلك المنطقة». وأردف «البنتاغون» أن أوستن «راجع التطورات الأمنية والعمليات الإسرائيلية» مع غالانت، وأكد مجدداً «دعم الولايات المتحدة لحقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إيران و(حزب الله) و(حماس) والحوثيين وغيرها من المنظمات الإرهابية المدعومة من إيران».

ورغم تأكيد أوستن على أهمية «التحول في نهاية المطاف من العمليات العسكرية إلى المسار الدبلوماسي لتوفير الأمن والاستقرار في أقرب وقت ممكن»، فإنه أوضح أن واشنطن في وضع جيد للدفاع عن أفرادها وشركائها وحلفائها في مواجهة تهديدات إيران والمنظمات الإرهابية المدعومة منها، وأنها عازمة على منع أي جهة فاعلة من استغلال التوترات أو توسيع الصراع. كذلك ناقش أوستن مع غالانت ما سمّاه «العواقب الوخيمة» التي ستتحمّلها إيران في حال اختارت شنّ هجوم عسكري مباشر ضد إسرائيل.

ومقابل تركيز إدارة بايدن كثيراً من مساعيها منذ ما يقرب من سنة على منع التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»، أعجب بعض المسؤولين بالإنجازات الإسرائيلية. ومع شلل الحزب وتراجع قدراته «الإقليمية»، بات هؤلاء يعتقدون أن الوضع بات الآن مختلفاً تماماً، مشيرين إلى أن إسرائيل في أقوى موقف لها منذ بدأ الجانبان تبادل إطلاق النار منذ 8 أكتوبر بعد فتح «جبهة الإسناد» لغزة.

ولكن، مع ذلك، قال مسؤولون كبار إنهم كانوا ينصحون إسرائيل بألّا تشنّ غزواً برّياً للبنان، ويحذرون من أن خطوة كهذه يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، تتمثّل ببناء الدعم السياسي لـ«حزب الله» داخل لبنان وإطلاق العنان لعواقب غير متوقعة على المدنيين والتدخل الإيراني.

لا كلام عن وقف التصعيد

من جهة ثانية، مع الهجمات الصاروخية الإيرانية «المحسوبة» ضد إسرائيل، رداً على قتل إسماعيل هنية وحسن نصر الله، بدا لافتاً أن الرئيس بايدن لم يتكلّم - للمرة الأولى - عن ضرورة «وقف التصعيد» و«ضبط النفس». بل العكس، أكّد أن واشنطن «تدعم بالكامل» إسرائيل بعد الهجوم الذي جرى صدّه بدعم أميركي و«أثبت انعدام فاعليته»، وأن المناقشات مستمرة مع إسرائيل بشأن الردّ، مضيفاً أن «العواقب على إيران لم تُحدد بعد».

موقف بايدن لم يكن وحيداً، إذ اندفع المشرّعون الأميركيون من الحزبين مؤيدين مواقف أكثر حزماً من إيران، وداعين إلى تبني سلسلة من التدابير المحددة والمصمّمة لشلّ القوى العسكرية لطهران ووكلائها، وإلى تمرير تمويل إضافي لإسرائيل في أعقاب هجوم إيران.

وبالفعل، يرى كثرة من المسؤولين الأميركيين اليوم، أن إدارة بايدن تحوّلت من محاولة منع اتساع حرب غزة إلى إدارة «الحرب الشاملة»، في ظل رؤية غدت موحّدة مع إسرائيل تجاه الأهداف المأمول تنفيذها. وتساءلت صحيفة «النيويورك تايمز» عن المدى الذي يمكن أن تبلغه الحرب، وما إذا كانت الولايات المتحدة ستنخرط فيها بشكل مباشر، في ظل مخاوف من احتمال أن ترد إسرائيل على صواريخ إيران باستهداف منشآتها النووية، ما قد يؤدي إلى خروج الحرب عن السيطرة.

لكن بايدن عاد وأوضح، يوم الأربعاء، أنه لا يدعم أي استهداف إسرائيلي للبرنامج النووي الإيراني، فاتحاً المجال أمام تكهنات عن بدء مفاوضات للتوصل إلى تسوية بين الطرفين. وهذا، بالتوازي مع تقديم مزيد من المساعدات لإسرائيل لإنهاء الحرب ضد «حماس» في غزة، والتصدّي للهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي في اليمن ضد إسرائيل والملاحة في البحر الأحمر والمضائق الدولية القريبة، ودعم غزوها البرّي للبنان «لتفكيك البنية التحتية» لـ«حزب الله».

تساؤلات مع تغيير أميركا نبرتها واستراتيجيتها

> وسط تحذيرات من أن يكون لبنان هو ساحة «الحرب الشاملة» بين إسرائيل وإيران، أشار مسؤول أميركي كبير إلى المشاورات الواسعة النطاق مع إسرائيل، بما في ذلك مع مكتب بنيامين نتنياهو لصوغ الاستجابة المناسبة، من دون أن يشير إلى «الخلافات» القديمة بين الرئيس جو بايدن ونتنياهو على طريقة تعامل إسرائيل مع حرب غزة، وانتقال المعركة إلى لبنان. وأضاف المسؤول: «لكن بعد دخول إيران المعركة بشكل مباشر، التي تشكل (تهديداً مدمراً) لإسرائيل، تغيّرت نبرة أميركا واستراتيجيتها». أما «النيويورك تايمز» فنقلت عن جوناثان بانيكوف، مدير «مبادرة سكوكروفت للأمن في الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي»، قوله إن «الحرب الشاملة حتى الحرب الأكثر محدودية، يمكن أن تكون مدمّرة للبنان وإسرائيل والمنطقة. ولكن من خلالها ستأتي فرص غير متوقعة أيضاً لتقويض النفوذ الإيراني الخبيث في المنطقة، من خلال عرقلة جهودها لإعادة تشكيل (حزب الله)، مثلاً. وبالتالي، ينبغي للإدارة الجديدة أن تكون جاهزة للاستفادة من هذه الفرص». لكن مع المفاجأة التي تعرّضت لها إسرائيل أخيراً خلال «توغّلاتها» البرّية، وسقوط العديد من جنودها بين قتيل وجريح من قبل مقاتلي (حزب الله)، طرح العديد من التساؤلات... منها عمّا إذا كانت ستعيد النظر بخططها العسكرية وبحساباتها فيما يتعلق بكيفية إقامتها «المنطقة العازلة» في جنوب لبنان، تطبيقاً للقرار 1701؟ وأيضاً، هل ستكثّف قصفها الوحشي والتدميري، بما يؤدي بتلك التوغّلات إلى احتلال جديد، أو تحويل المنطقة إلى «أرض محروقة»؟ وهل سيكون متاحاً مرة أخرى أمام الحزب واللبنانيين عموماً، إعادة تنظيم «مقاومة» ما، على قاعدة توافق سياسي ينهي سلطة «حزب الله» لمصلحة الدولة... أم أن المقوّمات مستعصية في ظل الانهيار السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه لبنان؟