عبقرية ميوتشا برادا تضرب أوساط الموضة مرة أخرى

فستان واحد يتصدر أغلفة 4 مجلات عالمية في سابقة غير معهودة

عبقرية ميوتشا برادا تضرب أوساط الموضة مرة أخرى
TT

عبقرية ميوتشا برادا تضرب أوساط الموضة مرة أخرى

عبقرية ميوتشا برادا تضرب أوساط الموضة مرة أخرى

أكثر من خمس مجلات عالمية استعملت نفس الفستان في أغلفتها الأخيرة، فيما يعتبر خبطة إعلامية لا تقدر بثمن. مصممة الفستان هي ميوتشا برادا، والفستان ظهر في عرضها لخريف وشتاء 2015 باللونين الوردي والأزرق السماوي، واستطاع من النظرة الأولى أن يخطف الأنظار والقلوب على حد سواء، خصوصا وأنه يؤذن بولادة موجة جديدة في عالم الموضة ألا وهي «الماكسيمليزم» أي الكثير قليل عوض «المينسماليزم» الذي ساد الموضة لأكثر من عقد من الزمن وكان يرفع شعار أن القليل كثير. في البداية كان هذا التوجه مضادا لموضة الثمانينات المبالغ فيها، لهذا عانقته أوساط الموضة بحرارة، لكنه استهلك مع الوقت وأصاب البعض ببعض التبلد، لأنه كان سهلا لا يحتاج إلى الكثير من الابتكار بقدر ما كان يحتاج إلى بنطلون أو تنورة بلون داكن وكنزة أو قميص بلون أحادي. سحر الفستان الذي ظهر على منصة عرض «برادا» يكمن في لونه وفي تطريزاته الغنية وتصميمه الرومانسي الذي يحن إلى فترة الستينات. وتجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي تشعل فيها المصممة فتيل المنافسة بين مجلات الموضة وتسابق مديرات تصوير فيها على فساتينها لكي تتصدر أغلفتهن، ففي عام 2010، وعلى غلافهما لشهر أغسطس (آب) استخدمت مجلتا «إيل» و«فوغ» نفس الفستان من تشكيلة «ميو ميو» الخط الأصغر والشبابي لميوتشا برادا، في بادرة أثارت ضجة كبيرة، خصوصا وأن المجلتين متنافستان. وكأن هذا لا يكفي، ظهر نفس الفستان، وفي الشهر نفسه من عام 2010، على غلاف مجلتي «دبليو» الأميركية و«إيل» السويدية.
هذه المرة أيضا حققت المصممة «خبطة» إعلامية بعد أن تصدر الفستان ما لا يقل عن أربعة أغلفة وظهر في صفحات داخلية لا تحصى.
ولا شك أن ميوتشا برادا المتعودة على الخبطات الإعلامية نفسها لم تكن تتوقع هذا الحجم من الإقبال، عندما فكرت في تقديم مجموعة من الفساتين في عرضها لخريف وشتاء 2015، باللون الوردي السكري، ومن قماش النيوبرين المطرز بسخاء، زادت من جاذبيته بتنسيقه مع قفازات تغطي الكوع في مزج ذكي بين الكلاسيكي المبهر والأنثوي المثير. قدمت 41 قطعة في عرضها هذا، وكان القاسم المشترك بينها الألوان الباستيلية، التي على الرغم من هدوئها كانت في غاية الجرأة. فلو طرحها غيرها لأصابت الأنيقات بالهلع لأنها تأخذهن إلى مكان لم يفكرن بالعودة إليه بعد أن تعدينه بسنوات، إن لم نقل عقودا، لكن بما أنها بتوقيع برادا، فإن النظرة إليها تختلف تماما. عوض الريبة والخوف، غلب الإعجاب ورغبة في معانقتها بأي ثمن، وإن كان هذا الثمن العودة بصاحبتها إلى مرحلة الطفولة أو إلى الستينات. ولم لا ما دام المظهر سيكون مفعما بالأناقة ولافتا بشكل إيجابي. إلى جانب الوردي، بدرجة غزل البنات، كان هناك أيضًا الأزرق السماوي، وكأن هذه الألوان غير كافية لكي ترسل رجفة في قلوب الحضور، زرعت المصممة على الكثير من جوانبها بروشات أو ورودا مصنوعة من الساتان، أو قطعا صغيرة من الفرو وما شابه، ليكتسب التصميم الكلاسيكي شقاوة عصرية. لهذا لم يكن غريبا أن تلتقط محررات الموضة ومديرات التصوير الرسالة، ويفهمن أن ميوتشا برادا تكتب مرة أخرى سيناريو لفصل جديد ومميز في كتاب الموضة العصرية بعنوان «الماكسيماليزم الجديد».
الألوان التي اختارتها محررات الموضة تباينت بين الوردي والأزرق السماوي، حيث تصدرت به المغنية ريتا أورا عدد «ماري كلير» لشهر يوليو (تموز)، والعارضة ليلي دونالدسون، مجلة «إيل» لشهر أغسطس، والمغنية كايتي بيري «فوغ» اليابانية للشهر الحالي، والعارضة روزي هانتينتون وايتلي غلاف مجلة «هاربز بازار» بينما ظهر الفستان، باللون الوردي تحديدا، في الكثير من التغطيات الداخلية سواء في «فوغ» البريطانية أو الأميركية، كما في مجلة «دبليو». وتقول الإشاعات إن هذه الأخيرة، أي مجلة «دبليو» كانت قد اختارت الفستان لكي تظهر به العارضة جيجي حديد في غلافها لشهر سبتمبر (أيلول)، إلا أنها غيرت رأيها في آخر لحظة، واستعملت فستانا من «ديور» بعد أن تناهت لها أخبار بأن مجلات أخرى ستستعمله، وهذا ما تنكره المجلة بشدة رغم أن طاحونة الإشاعات لا تتوقف، وتلوك الأمر على أنه حقيقة.
السؤال الملح هو كيف نجحت ميوتشا برادا في خطف قلوب معظم المسؤولات عن مجلات الموضة البراقة، رغم أن الموسم كان زاخرا بالعطاءات والإبداعات؟ والجواب الذي يتبادر إلى الذهن، إضافة إلى احترامهن لها، أنها كانت مختلفة. فبينما قدم أغلب المصممون أزياء مفصلة وأنيقة يمكن تسويقها بسهولة لكل نساء العالم، كانت هي أكثر جرأة وغاصت في جزء ترهبه المرأة العصرية وفي الوقت ذاته تحن إليه بكل جوارحها: ألا وهو الرومانسية التي تأخذها إلى طفولتها وإلى حقب زمنية كانت فيه الحياة أسهل وأجمل دون عقد أو تعقيدات. التعقيدات الوحيدة التي ظهرت في هذه الفساتين كانت التطريزات الغنية على شكل بروشاتو القفازات العالية التي تغطي الكوع، وكان لها مفعول السحر لأنها أضفت عليها أنوثة وترفا يستحضر أجواء سهرات حالمة في دور الأوبرا مقابل سهرات في الديسكو، مثلا. همسة أخيرة: سعر الفستان 2.580 جنيهًا استرلينيًا. إن كنت تتساءلين..



نهاية عام وصلت فيه الموضة إلى القمر وتوهجت فيه المنطقة العربية

لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)
لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)
TT

نهاية عام وصلت فيه الموضة إلى القمر وتوهجت فيه المنطقة العربية

لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)
لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

اليوم وعلى الساعة الثانية ليلاً، سيودع عالم الموضة عاماً كان حافلاً بالأحداث والتحديات. عام تراجعت فيه أرباح المجموعات الضخمة بشكل لم تشهده منذ عقود، واهتزت كراسي أدت إلى استقالات، بعضها طوعي كما هو الحال بالنسبة للبلجيكي دريس فان نوتن، وأخرى مفروضة كما هو الحال بالنسبة لبييرباولو بيكيولي، مصمم دار «فالنتينو» السابق وغيره. كل هذه التغييرات ترافقت بتعيينات جريئة من شأنها أن تُغيّر مشهد الموضة بشكل أو بآخر، وإن كانت الدراسات التي قام بها هذا القطاع تفيد بأن 2025 لن يكون أفضل حالاً.

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي عانوا منها في السنوات الأخيرة، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئنهم بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات جذرية وسريعة تحسُّباً للآتي. والمقصود هنا الضرائب الجمركية التي يهدد ترمب بفرضها على الصين تحديداً، التي تعتبر إلى حد الآن من أهم الأسواق التي يعتمدون عليها، صناعة وتجارة، إضافة إلى قوانين الهجرة التي ستؤثر على اليد العاملة في هذا المجال.

استراتيجيات مبتكرة... مطلوبة

حتى الآن لا تزال «هيرميس» تحتفظ بالصدارة فيما يتعلق بالحرفية و«صنع باليد» (هيرميس)

وكأن هذا لا يكفي، فإن أحد أهم التحديات التي يواجهونها حالياً سلوكيات المستهلك التي تغيّرت وزعزعت الكثير من المفاهيم التقليدية. فهذا المستهلك لم يعد يُقبل على الصرعات الموسمية، ويفضل عليها منتجات مصنوعة بحرفية تدوم أطول مدة من دون أن تفقد جاذبيتها وعمليتها، وهو ما يتناقض إلى حد كبير مع فلسفة الموضة القائمة أساساً على التغيير كل بضعة أشهر حتى تبقى حركة البيع منتعشة. المحك الآن أمام أغلب الرؤساء التنفيذيين هو كيف يمكنهم تحقيق المعادلة بين الحرفي والتجاري، والمستدام والاستهلاكي.

العمل على هذه المعادلة بدأ بعد جائحة كورونا بافتتاح محلات تتعدى عرض الأزياء والإكسسوارات إلى توفير مطاعم وفضاءات استراحة وتدليل، لاستقطاب الزبائن. لكن رغم ذلك وشعارات «صنع باليد»، يبقى الأكسجين الذي تتنفس منه الموضة كينونتها هو الإبداع الذي من شأنه أن يُحرك المشاعر ومن ثم الرغبة في الشراء. وهذا الإبداع يحتاج إلى مدير فني له القدرة على قراءة نبض الشارع، ثم استدراجه لهذه المحلات، أو الأصح إلى هذه الفضاءات المليئة بالمغريات.

ليس كل ما هو أسود يدعو للتشاؤم

من آخر تشكيلة قدمها بييرباولو بيكيولي لدار «فالنتينو» (فالنتينو)

لم يكن هذا العام سيئاً بالمطلق. فبينما تعاني دار «بيربري» من تراجع مبيعاتها بشكل مخيف وخفوت نجم دار «غوتشي» وطرح «فيرساتشي» للبيع، وصلت «برادا» إلى القمر. فقد ساهمت في التحضيرات لرحلة «أرتميس 3» التابعة لـ«ناسا» المرتقبة في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2026. وتعتبر هذه أول مرة يتم فيها التعامل بين دار أزياء و«ناسا» بشكل مباشر. الهدف منها إلهام أكبر شريحة من الناس لاستكشاف الفضاء، وفي أن تتحول هذه الرحلات إلى مغامرات عادية لمن لهم القدرات المادية العالية والرغبة في اختراق الآفاق.

أولمبياد الرياضة

سيلين ديون في أولمبياد باريس تظهر بفستان من دار «ديور» (غيتي)

كان من البديهي أن يكون لدورة الألعاب الأوروبية الأخيرة، وبطولة ويمبلدون للتنس، وأخيراً وليس آخراً ألعاب الأولمبياد التي استضافتها باريس تأثيراتها على منصات عروض الأزياء، التي غلبت عليها تصاميم تجمع «السبور» بالأناقة. أما في حفل الأولمبياد، فاحتفظت الموضة بشخصيتها من خلال فساتين مفصلة على مقاس النجمات اللواتي ظهرن بها. كان لدار «ديور» نصيب الأسد، كونها تنضوي تحت راية مجموعة «إل في آم آش» الراعية للفعالية. ولم تُقصر في استعراض إمكانيات ورشاتها الخاصة ومهارات أناملها الناعمة.

لا بأس من التنويه هنا بأن العلاقة بين الموضة والأولمبياد بدأت فعلياً في عام 1992 في دورة برشلونة، عندما تبرّع الياباني إيسي مياكي، لتصميم أزياء فريق ليتوانيا. كان هذا الأخير يشارك كبلد مستقل بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، وبالتالي يحتاج إلى دعم. حازت التصاميم الكثير من الإعجاب، ليتحول ما أراده مياكي تبرعاً مجانياً إلى تقليد تجاري.

الموضة العربية تتوهج

في الوقت الذي تعاني منه صناعة الموضة والترف بتذبذبات وتحديات، تشهد الساحة العربية انتعاشاً يتمثل في تألق مصممين عرب وفعاليات مهمة، أهمها:

أول نسخة من عروض «الريزورت» في جدة

لقطة لأسبوع البحر الأحمر في نسخته الأولى (من الأرشيف)

في شهر مايو (أيار) تم إطلاق النسخة الأولى من معروض خط الـ«كروز» أو الـ«ريزورت» في مدينة جدة. كما يشير الاسم، فإن الأزياء التي شارك بها مصممون سعوديون من أمثال تيما عابد وتالة أبو خالد، فضلاً عن علامات مثل «أباديا» و«لومار» وغيرها، تتوجه إلى البحر وأجواء الصيف. لم يكن الهدف من هذه الفعالية منافسة أسبوع الرياض الرسمي، الذي شهد دورته الثانية هذا العام، بل تنويع المجالات الاقتصادية وتطوير القطاعات الثقافية. وطبعاً الاندماج في السوق العالمية والدخول في منافسة مبنية على الندّية، تماشياً مع «رؤية 2030».

ليلة إيلي صعب في موسم الرياض

من عرض إيلي صعب في الرياض صب فيها كل رومانسيته (رويترز)

في منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) وفي الرياض، كان العالم على موعد مع عرض ضخم التقى فيه الجمال والأناقة بالترفيه والموسيقى. ليلة أحياها نجوم من أمثال سيلين ديون، وجينفر لوبيز، وعمرو دياب ونانسي عجرم، اعترافاً بإيلي صعب كمصمم مبدع وكإنسان. الممثلة هالي بيري حضرت هي الأخرى، وهي تختال على منصة العرض بالفستان الأيقوني ذاته، الذي ارتدته في عام 2002 وهي تتسلم الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء تحصل على هذه الجائزة. صدى هذه الفعالية وصل إلى العالم، ليؤكد أن المصمم الذي وضع الموضة العربية على الخريطة العالمية لا تزال له القدرة على أن يُرسّخها للمرة الألف.

في مراكش... تألقت النجوم

الأخوات سبنسر بنات أخ الأميرة ديانا في حفل «فاشن تراست أرابيا» بمراكش (فاشن تراست أرابيا)

لأول مرة منذ 6 سنوات، انتقلت فعالية «فاشن تراست أرابيا» من مسقط رأسها الدوحة بقطر إلى مدينة مراكش المغربية، تزامناً مع العام الثقافي «قطر - المغرب 2024». هذه الفعالية التي اختارت لها كل من الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فارس، الشهر العاشر من كل عام للاحتفال بالمصممين الناشئين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أصبحت من المبادرات المهمة في عالم الموضة العربية. فإلى جانب مبالغ مالية مهمة تتراوح بين 100 ألف و200 ألف دولار، يتلقى الفائزون تدريبات في بيوت أزياء عالمية، وتُعرض إبداعاتهم في منصات ومحال عالمية مثل «هارودز». هذا العام كانت الجوائز من نصيب 7 مشاركين، هم نادين مسلم من مصر في جانب الأزياء الجاهزة، وياسمين منصور، أيضاً من مصر عن جانب أزياء السهرة، في حين كانت جائزة المجوهرات من نصيب سارة نايف آل سعود ونورا عبد العزيز آل سعود ومشاعل خالد آل سعود، مؤسسات علامة «APOA) «A Piece of Art) من المملكة العربية السعودية.