كيف يُضعف الحرمان من النوم أدمغتنا؟

قلة النوم يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر (Public Domain)
قلة النوم يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر (Public Domain)
TT

كيف يُضعف الحرمان من النوم أدمغتنا؟

قلة النوم يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر (Public Domain)
قلة النوم يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر (Public Domain)

دائماً ما تجعلنا قلة النوم نشعر بالسوء، لكن الأمر لا يقتصر على ذلك وحسب، بل أظهرت الأبحاث أن قلة النوم تُضعف أدمغتنا أيضاً.

إضافة إلى ذلك، فإن قلة النوم على مدى فترات طويلة يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر والأمراض العصبية الأخرى.

وكان قد عكف فريق بحثي بمركز شاندونغ للابتكار التكنولوجي بجامعة بينتشو الطبية في الصين، على فهم الآلية التي تجعل الحرمان من النوم يسبب هذا الضرر.

وفي الدراسة التي نُشرت، الأربعاء، في مجلة «أبحاث البروتيوم»، حدد الفريق بروتيناً وقائياً ينخفض مستواه مع الحرمان من النوم، مما يؤدي إلى موت الخلايا العصبية، وذلك في أبحاث أُجريت على الفئران.

وتشير الدراسات إلى أن قلة النوم تؤدي إلى تلف عصبي في منطقة الحصين، وهي جزء من الدماغ يشارك في التعلُّم والذاكرة.

ولفهم التغيرات المسؤولة عن هذا التأثير بشكل أفضل، بدأ العلماء في فحص التحولات في وفرة البروتينات والحمض النووي الريبي (RNA)، الذي يحتوي على تعليمات مشفرة وراثياً مستمدة من الحمض النووي.

وبهذه الطريقة، حددت الدراسات السابقة بعض العوامل التي تربط بين فقدان النوم والضرر. ومع ذلك، لم يؤكد الباحثون بشكل عام أنها تلعب دوراً في الوظيفة الإدراكية ضمن مجموعات الحيوانات الكبيرة.

لذلك، شرع فريق البحث في استكشاف المزيد حول كيفية إضرار فقدان النوم بالدماغ، واستخدموا في درسه نماذج من الفئران المُصابة بالأرق، وقاموا بتقييم مدى نجاحها في التنقل عبر متاهة بسيطة، وتعلمها التعرف على الأشياء الجديدة، بعد حرمانها من النوم لمدة يومين.

ثم استخرجوا البروتينات الموجودة في منطقة الحصين لدى الفئران، وحددوا البروتينات التي تغيرت وفرتها.

كما نظروا في البيانات التي تربط هذه البروتينات بأداء المتاهة في سلالات الفئران ذات الصلة التي لم تعانِ الحرمان من النوم.

وقاد هذا النهج الباحثين لاستخدام دراسة التعبير الجيني عن مادة «البليوتروفين» في الدماغ، التي انخفضت في الفئران المحرومة من النوم.

ووجد الفريق أن انخفاض إفراز مادة «البليوتروفين» الناجم عن الأرق يؤدي إلى الموت المُبرمج للخلايا العصبية والإضرار بالدماغ.

وترتبط مادة «البليوتروفين» بشكل كبير بالوظائف المعرفية، ويمكن أن يكون انخفاضها بمثابة مؤشر على الضعف الإدراكي الناتج عن الأرق.

ومن خلال تحليل الحمض النووي الريبوزي (RNA)، حدَّد الفريق المسار الجزيئي الذي يؤدي من خلاله فقدان مادة «البليوتروفين» لموت الخلايا بمنطقة الحصين.

وعندما نظروا في الدراسات الوراثية على البشر، وجدوا أن تراجع إفراز مادة «البليوتروفين» متورط أيضاً في ألزهايمر وغيره من أمراض التنكس العصبي.

وقال الباحثون إن نتائجهم تكشف عن آلية جديدة يحمي النوم من خلالها وظائف المخ، مضيفين أن دراستهم توفر علامة حيوية جديدة للضعف الإدراكي الناجم عن الأرق.


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أشارت دراسة أميركية جديدة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة (متداولة)

دراسة: بطانة الرحم المهاجرة والأورام الليفية قد تزيد خطر الوفاة المبكرة

تشير دراسة أميركية موسعة إلى أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أو بأورام ليفية في الرحم ربما أكثر عرضة للوفاة المبكرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك دماغ (أ.ف.ب)

ما أفضل مكملات غذائية لدعم صحة الدماغ؟

أكد موقع «هيلث» على أهمية الحفاظ على عقل سليم لأنه يساعد على تعلُّم المعلومات والاحتفاظ بها واتخاذ القرارات وحل المشكلات والتركيز والتواصل عاطفياً مع الآخرين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)

تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

كشفت دراسة جديدة عن أن تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك اكتساب الوزن سريعاً بعد خسارته من المشكلات التي تؤرّق الكثير من الأشخاص (د.ب.أ)

لماذا يكتسب الكثيرون الوزن سريعاً بعد فقدانه؟

بحثت دراسة جديدة في السبب المحتمل وراء اكتساب الوزن سريعاً بعد خسارته، ووجدت أنه قد يرجع إلى ما أطلقوا عليه «ذاكرة الخلايا الدهنية».

«الشرق الأوسط» (برن)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».